الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نموذج لأثر المعضل في اختلاف الفقهاء: حكم من جامع زوجته وهي حائض
اتفق الفقهاء على حرمة جماع الرجل زوجته وهي حائض (1) .
واختلفوا في وجوب الكفارة:
فمنهم: من لم يوجب كفارة في ذلك.
وهو مذهب أكثر الفقهاء. واليه ذهب أبو حنيفة، ومالك، والشافعي في الجديد، وأحمد في رواية (2) .
ومنهم: من أوجب عليه الكفارة.
وهو مذهب بعض الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم، منهم ابن عباس، وقتادة، والأوزاعي. وهو قول الشافعي القديم، وأحمد في رواية (3) .
وقد قال الأوزاعي: عليه أن يتصدق بخمس دينار.
واحتج بما رواه هو عن يزيد بن أبي مالك، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: آمره أن يتصدق بخمس دينار قال أبو داود: ((هذا الحديث معضل)) (4) .
ووجه الاعضال هنا: هو سقوط راويين بين عبد الحميد بن عبد الرحمن وبين النبي صلى الله عليه وسلم فان عبد الحميد هذا هو ابن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ثقة من
(1) عمدة القاري 3/266، المجموع 2/359، المحلى 2/162، نيل الأوطار 1/241.
(2)
المجموع 2/360، المحلى 2/162، التمهيد 3/175.
(3)
معالم السنن 3/175، المجموع 2/360، الشرح الكبير 1/317، المحلى 2/187.
(4)
سنن أبي داود 1/69 رقم (266) .
الرابعة (1) وهو يروي، عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة اثنين (2) ، فهو مرسل من وجه ومعضل من وجه.
وذهب بقية من ذكرتهم الى أنه يتصدق بدينار أو نصف دينار.
وذلك لحديث الحكم، عن عبد الحميد، عن مقسم، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته، وهي حائض؛ قال:((يتصدق بدينار أو بنصف دينار)) (3)
وقد اختلفت اتجاهات العلماء في الحكم على هذا الحديث.
فقد صححه الحاكم، وابن القطان، ومال الى ذلك أحمد وابن دقيق العيد وابن حجر بينما أعله جماعة من الحفاظ وبالغوا في تضعيفه، منهم: البيهقي، وابن عبد البر، والمنذري، وقال النووي: اتفق الحفاظ على تضعيفه (4) .
ويبدوا أن الجمهور، مالوا الى تضعيف الأحاديث التي فيها الكفارة؛
لذلك قالوا
(1) تقريب التهذيب 1/468.
(2)
وأنظر بذل المجهود 2/284.
(3)
وهو حديث صحيح، رجاله ثقات، أخرجه أحمد 1/229 و 237 و 286 و 312 و 339 و 367، والدارمي (1110) و (1114) و (1116) ، وأبو داود 1/69 رقم (264) و (266) و (2168) ، وابن ماجه ج1/210 رقم (640) ، والترمذي 1/245 رقم (137) ، والنسائي 1/153 و 188، وأبو يعلى (2432) ، والدارقطني 3/287، والحاكم 1/171، والبيهقي 1/317، والبغوي (315) ، والمزي في تهذيب الكمال 16/452 وحاصل ما أعل به هذا الحديث أنه روي مرفوعا وموقوفا، وقد تفرد شعبة في رواية بروايته موقوفا، وقد رفعه هو في رواية وعمرو بن قيس الملائي، وقتادة، ومطر الوراق، وأنظر العلل لابن أبي حاتم 1/50-51، وتعليق العلامة أحمد شاكر على جامع الترمذي 1/245-254.
(4)
فقه الامام سعيد 1/128، عون المعبود 1/109.