الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه الرواية لسقوطها وشدة ضعفها لم تؤثر؛ لأن من شرط الاضطراب تساوي الوجوه (1) . وهذه لم تساوي بقية الروايات.
وقد رجح كثير من الحفاظ طريق محمد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه مرفوعا:((اذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء)) .
وكأنهم لم يروا الاختلاف فيه قادحا لارجحية هذا الطريق على باقي الطرق.
قال المباركفوري: ((صححه الشافعي، وأحمد، وأبو عبيد، واسحاق، وابن معين، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن حبان، والدارقطني، وابن مندة، والحاكم، والخطابي)) (2) .
فتصحيحهم لهذا الحديث لارجحية هذا السند على الاسانيد التي وقع فيها الاختلاف والشك، ومع هذا فقد أعله بعض النقاد بالاضطراب.
قال ابن عبد البر: ((اسناده مضطرب اضطرابا يوجب التوقف عن القول به)) (3) .
أثر الحديث في اختلاف الفقهاء: حكم الماء اذا خالطته نجاسة
نقل غير واحد من العلماء الأجماع: على ان الماء اذا خالطته نجاسة فغير طعمه أو لونه أو ريحه فهو نجس قل الماء أو كثر (4) .
ثم اختلفوا اذا لم يتغير الماء.
(1) أنظر هدي الساري ص348-349، وتحفة الأحوذي 2/91
(2)
تحفة الأحوذي 1/216-217.
(3)
التمهيد 1/329.
(4)
طرح التثريب 2/32، المغني 1/24، القوانين الفقهية ص30، فقه الامام سعيد 1/23.
فذهب جماعة من الفقهاء. الى أن الماء الذي خالطته نجاسة لم تغير أحد أوصافه طهور قل الماء أو كثر.
وهو قول كثير من السلف من الصحابة والتابعين وبه قال مالك وأحمد في رواية، وبه قال ابن المنذر والغزالي، والروياني من أصحاب الشافعي (1) .
وكأنهم لم يأخذوا بحديث القلتين للاختلاف الواقع فيه، واحتجوا بحديث أبي سعيد الخدري، انه قيل: يارسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيه الحيض ولحم الكلاب والنتن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ان الماء طهور لا ينجسه شيء)) (2) .
وذهب بعض الفقهاء الى أن الماء اذا كان قلتين فأكثر لا ينجس الا بتغيره، فاذا كان أقل من قلتين تنجس بوقوع النجاسة فيه سواء تغير أم لا.
وهو قول جماعة من السلف. وبه قال الشافعي وأحمد في أشهر الروايات عنه (3) واحتجوا بحديث القلتين السابق.
وذهب بعض الفقهاء الى أنه ينجس كلما غلب على الظن سريان النجاسة فيه
(1) المحلى 1/168، التمهيد 1/328، المجموع 1/113، المغني 1/25، عمدة القارئ 3/151، قوانين الاحكام الفقهية ص44، حاشية الدسوقي 1/78.
(2)
أخرجه ابن ابي شيبة 1/141، وأحمد 3/31 و 86 وأبو داود 1/17 رقم (66) و (67) ، والترمذي 1/95 رقم 66، والنسائي 1/174، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/11، والدارقطني 1/30 و 31، والبيهقي 1/257،، وقال الترمذي:((حسن)) وقال الامام أحمد كما في تهذيب الكمال 19/84: ((حديث بئر بضاعة صحيح)) وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص 1/4: ((صححه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو محمد بن حزم)) .
(3)
التمهيد 1/328، المجموع 1/113، المغني 1/25، مجموع فتاوى شيخ الاسلام 21/30، كشاف القناع 1/41، شرح منتهى الارادات 1/81، مغني المحتاج 1/21.