الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم اعترض على التسمية بـ ((معلل)) فقال: الأجود فيه ((معل)) بلام واحدة؛ لأنه مفعول أعله قياسا، واما ((معلل)) فمفعول علل؛ وهو لغة بمعنى: ألهاه بالشيء وشغله، وليس هذا الفعل بمستعمل في كلامهم (1) .
المطلب الثاني: تعريف العلة اصطلاحا
عرفها الحافظ ابن الصلاح بقوله ((هي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه)) (2) .
وعرفها النووي بقوله: ((عبارة عن سبب غامض قادح مع أن الظاهر السلامة منه)) (3) .
وبهذا يتضح لنا أن العلة شيء خارج عن الجروح الموجهة الى رجال الاسناد؛ وذلك لأن ميدان التعليل انما هو الأحاديث التي ظاهرها الصحة، ولذلك يقول الحاكم:((وانما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل)) (4) .
ويقول ابن الصلاح: ((المعلل، هو الذي أطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها، ويتطرق ذلك الى الاسناد الذي رجاله ثقات الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر)) . (5)
وكل من جاء بعد ابن الصلاح وعرف المعل اشترط فيه خفاء العلة وكونها
(1) تدريب الراوي 1/251 ، قال العراقي في شرح التبصرة 1/225:((والأجود في تسمية المعل))
(2)
علوم الحديث ص81.
(3)
التقريب مع التدريب 1/252.
(4)
معرفة علوم الحديث ص112.
(5)
علوم الحديث ص81.
قادحة: كالطيبي (1) والعراقي (2) والسيوطي (3) وأبي الفيض محمد بن محمد بن علي بن فارس (4) وغيرهم.
لكننا مع ذلك نجد بعض العلماء يطلق العلة ويريد بها ما هو أعم من ذلك؛ حيث يدخل فيها العلة الظاهرة، والعلة غير الظاهرة؛ فهذا الحافظ ابن الصلاح يقول:((ثم اعلم انه قد يطلق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة الى حال الضعف المانعة من العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة؛ وكذلك تجد في كتب العلل الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ ونحو ذلك من أنواع الجرح، وسمى الترمذي النسخ علة (5) من علل الحديث ثم ان بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو ارسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط)) (6) .
وقال الحافظ ابن حجر: ((والعلة أعم من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة)) (7) .
(1) الخلاصة ص70.
(2)
شرح التبصرة 1/226
(3)
التدريب 1/252.
(4)
جواهر الأصول ص48
(5)
وكذلك ابن أبي حاتم كما يعلم ذلك من صنيعه في علله. أنظر حديث رقم (114) و (246) ولم يرتض العراقي هذا الاطلاق؛ وذلك أن الترمذي ان أراد النسخ علة في العمل فهو كلام صحيح مقبول أما ان أراد انه علة تقدح في صحة الحديث أو في صحة نقله ذلك غير مقبول لأن في كتب الصحيح احاديث كثيرة صحيحة منسوخة. انظر شرح التبصرة والتذكرة 1/239.
(6)
علوم الحديث ص84.
(7)
النكت 2/771.
وقد ذكر الصنعاني ما يدل على أن تقييد العلة بكونها خفية قادحة هو عنده قيد أغلبي، حيث قال:((وكأن هذا التعريف أغلبي للعلة، والا فانه سيأتي أنهم يعللون بأشياء ظاهرة غير خفية ولا غامضة)) (1) .
أقول:
ومن ينظر في كتب الشروح والتخريج والعلل يجد اطلاق لفظ العلة والمعلول والمعل على كثير من الأحاديث التي فيها جرح ظاهر وقد قمت باستقراء كتاب علل ابن ابي حاتم وأشرت على الأحاديث التي أعلت بالجرح الظاهر فوجدتها كثيرة العدد يزيد مجموعها عن مائتين وسبع وأربعين حديثا فقد أعل بالانقطاع سبعة وعشرين حديثا، هي الأحاديث التالية:((23، 24، 26، 57، 74، 87، 108، 119، 127، 132، 140، 143، 164، 214، 550، 594، 622، 724، 753، 765، 903، 905، 1220، 1259، 1352، 1357، 1371) .
وقد أعل بضعف الراوي مائة وثلاثة وأربعين حديثا هي: (36، 53، 73، 97، 98، 99، 100، 102، 105، 106، 109، 112، 113، 125، 137، 146، 151، 176، 200، 208، 217، 250، 281، 285، 309، 321، 324، 336، 361، 382، 421، 449، 500، 507، 515، 548، 561، 565، 609، 641، 645، 727، 735، 743، 757، 766، 783، 854، 855، 899، 906، 911، 954، 959، 988، 1053، 1061، 1095، 1156، 1189، 1208، 1228، 1235، 1241، 1270، 1285، 1300، 1446، 1473، 1496، 1505، 1515، 1516، 1529، 1575، 1629، 1637، 1657، 1733، 1738، 1764، 1814، 1848، 1852، 1859، 1860، 1892، 1922، 1924، 1936، 1978، 1998،
(1) توضيح الأفكار 2/27.
2016، 2017، 2031، 2035، 2047، 2087، 2101، 2108، 2130، 2142، 2178، 2213، 2235، 2247، 2250، 2259، 2270، 2279، 2292، 2293، 2308، 2346، 2352، 2364، 2367، 2385، 2400، 2405، 2435، 2441، 2458، 2460، 2463، 2473، 2475، 2479، 2480، 2490، 2533، 2541، 2551، 2581، 2616، 2643، 2663، 2724، 2759، 2763، 2800، 2811، 2818)) .
وقد أعل بالجهالة ثمانية وستين حديثا هي: (89، 129، 149، 180، 314، 342، 345، 356، 417، 441، 459، 476، 701، 839، 1059، 1070، 1071، 1088، 1108، 1124، 1152، 1257، 1262، 1311، 1346، 1484، 1485، 1487، 1556، 1579، 1581، 1638، 1689، 1711، 1714، 1760، 1798، 1812، 1829، 1831، 1832، 1838، 1866، 1878، 1882، 1889، 1966، 2009، 2014، 2151، 2179، 2207، 2286، 2321، 2333، 2349، 2354، 2382، 2383، 2443، 2451، 2477، 2591، 2597، 2618، 2670، 2678، 2735) .
وقد أعل بالاختلاط خمسة أحاديث هي: (279، 465، 569، 1233، 2220) .
وقد أعل بالتدليس أربعة أحاديث هي: (2119، 2255، 2275، 2579) .
وكذلك نجد في كلام كثير من جهابذة العلم اطلاق العلة على الجرح الظاهر كما في نصب الراية للزيلعي، الجزء الثالث ص 85 و 239 و 358 و 370 و 287 و 431. والجزء الرابع ص 47.
وفي كلام ابن القيم كما في زاد المعاد 1 /177 و 244.
وكذلك وقع في كلام الحافظ ابن حجر: اعلال بعض الأحاديث بالعلة الظاهرة كما في التلخيص الحبير ج1/25 و 62 و 67 و 88 وج2/47، وفتح الباري ج1 /83 وج2/446 وأنظر سبل السلام 1/69 و 72 و 75.
وقد أشرت فيما سبق الى أن الصنعاني قد عد تقييد العلة في التعريف بكونها خفية قادحة قيدا أغلبيا.. وقد قال الحافظ ابن حجر (1)((ان الضعف في الراوي علة في الخبر والانقطاع في الاستاد علة في الخبر، وعنعنة المدلس علة في الخبر وجهالة حال الراوي علة في الخبر)) . وفي حوار مع استاذي العلامة الدكتور هاشم جميل قد تنبهت الى امر آخر، وهو: ان المحدثين اذا تكلموا عن العلة باعتبار ان خلو الحديث منها يعد قيدا لا بد منه لتعريف الحديث الصحيح. فانهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاص، وهو: السبب الخفي القادح. واذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فانهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها: السبب الذي يعل الحديث به: سواء كان خفيا أو ظاهرا قادحا أو غير قادح.
وهذا توجد له نظائر عند المحدثين، منها: المنقطع (2) : فهو بالمعنى الخاص: ما حصل في اسناده انقطاع في موضع أو في أكثر من موضع لا على التوالي.
هذا المصطلح نفسه يستعمله المحدثون أيضا استعمالا عاما فيريدون: كل ما حصل فيه انقطاع في أي موضع في السند كان، فيشمل:
المعلق (3)، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في اول السند.
(1) النكت 1/407
(2)
أنظر تعريفه علوم الحديث ص51 وما بعدها.
(3)
أنظر تعريفه علوم الحديث ص20.