الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أبو داود: ((وليس هو بصحيح على هذا اللفظ)) (1) .
المطلب الثالث: حكم المختلف في توثيقه وتجريحه من الرواة
قد يختلف أئمة الجرح والتعديل في تجريح راو أو تعديله، كأن يطلع بعضهم على جارح في الراوي فيجرحه بسبب ذلك، ولا يطلع عليه الآخر، وقد يكون بعض من أئمة الجرح والتعديل متشددا (2) في الجرح فيجرح الراوي ويصفه بالضعف لأدنى سبب مما لا يعده غيره سببا موجبا لسقوط روايته، أو قد يطلع بعضهم على جارح فيضعف العالم من أئمة الجرح والتعديل هذا الراوي بسبب الأمر الجارح، ثم يتوب الراوي من ذلك أو تزول العلة التي بسببها ضعف الراوي، ولا يعلم ذلك المجرح ويطلع عليه غيره؛ فيكون ذلك سببا في اختلاف التجريح والتعديل في الرواة. (3)
نموذج لحديث فيه راو من هذا النوع وأثره في اختلاف الفقهاء: كيفية قضاء رمضان
اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فذهب بعض الفقهاء - منهم: عائشة وابن عمر، والشعبي وابن سيرين، ورواية عن علي وسعيد بن المسيب والحسن البصري - الى وجوب التتابع في قضاء رمضان (4)
والحجة لهم: حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان عليه
(1) سنن أبي داود 1/199 عقيب (748)
(2)
أنظر الموقظة ص83، والرفع والتكميل ص282، والنكت لابن حجر 1/482.
(3)
المصادر السابقة وظفر الأماني ص459 وأسباب اختلاف المحدثين 2/542
(4)
المدونة 1/213، الروض النضير 6/486، المجموع 6/367، المغني 3/88، شرح السنة 6/322.
الصوم فليسرده ولا يقطعه)) (1) .
وفي اسناد هذا الحديث عبد الرحمن بن ابراهيم.
ضعفه ابن معين، والنسائي والدارقطني، ووثقه البخاري، وقال أحمد: لا بأس به، وقال أبو زرعة: لا بأس به أحاديثه مستقيمة (2) .
وقال ابن القطان: فهو مختلف فيه، والحديث من روايته حسن (3) ،
وذهب جمهور العلماء الى أنه يجوز تفريق قضاء رمضان.
وممن ذهب الى ذلك الأئمة الأربعة (4) .
واحتجوا باطلاق قوله تعالى: ((فعدة من أيام أخر)) (5) .
فلم يقيد وجوب القضاء بالتتابع.
ولحديث محمد بن المنكدر، قال:((بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان، فقال: ذلك اليك؛ أرأيت لو كان على أحدكم دين، فقضى الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاء؟ فالله أحق أن يعفو، أو يغفر)) .
رواه البيهقي، وقال:((اسناده حسن الا أنه مرسل)) (6) . ومع ذلك فالحديث له طرق أخرى عند البيهقي: موصولة ومرسلة، وهناك حديث بمعناه، عن عبد الله بن
(1) أخرجه الدارقطني 2/192، والبيهقي 4/259.
(2)
ميزان الاعتدال 2/545، وعد الذهبي هذا الحديث من مناكيره.
(3)
الجوهر النقي 4/259.
(4)
المجموع 6/367، المغني 3/88، عمدة القاري 11/52، شرح السنة 6/322.
(5)
سورة البقرة الآية 184.
(6)
السنن الكبرى 4/259.
عمرو بن العاص - عند الدارقطني (1) - مرفوعا في اسناده ضعف، فالحديث لهذا لا ينزل عن مرتبة الحسن.
وعلى ذلك فيحمل الأمر في حديث أبي هريرة - الذي احتج به أصحاب المذهب الأول- على الندب. جمعا بين الأدلة.
مثال آخر:
قد يختلفون في وصف راو بالجهالة، ومنهم من يعرفه ويوثقه، كما في حديث سلمة بن كهيل، قال: سمعت حجرا أبا عنبس يحدث عن وائل الحضرمي: ((أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قرأ: ((غير المغصوب عليهم ولا الضالين)) قال: آمين، ورفع بها صوته)) (2)
فقد أعله ابن القطان بحجر بن عنبس، وقال:(لا يعرف) . (3)
وأجيب: بأنه ثقة معروف، وقيل له صحبة وقد وثقه ابن معين (4)، وقال الخطيب: كان ثقة احتج به غير واحد (5) ، وذكره ابن حبان في الثقات (6) .
وقال الحافظ ابن حجر: ((صدوق مخضرم)) (7) .
(1) السنن 1/243.
(2)
سبق تخريجه مفصلا، وهذه رواية البيهقي 2/57.
(3)
التعليق المغني 1/335-336.
(4)
التعليق المغني 1/335-336.
(5)
تاريخ بغداد 8/274.
(6)
تهذيب التهذيب 2/214-215 وهو في ثقات ابن حبان 4/177.
(7)
التقريب 1/155، وأنظر الجرح والتعديل 3/266