الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعدم وجود حديث في الباب عنده أو لقرينة عند هذا الامام يتقوى بها الحديث (1)
مثال لأثر ذلك في اختلاف الفقهاء: حكم التطهر بالماء المستعمل في رفع الحدث
(2)
اختلف الفقهاء في ذلك:
فذهب الأوزاعي ومالك في رواية عنه، وهو قول قديم للشافعي ورواية عن أحمد الى أنه مطهر (3) .
واحتجوا بما روي عن ابن مسعود مرفوعا: ((من نسي مسح الرأس، فذكر وهو يصلي فوجد في لحيته بللا فيأخذ منه وليمسح به رأسه، فان ذلك يجزئه، وان لم يجد بللا فليعد الوضوء والصلاة)) .
قال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الأوسط، وفيه نهشل بن سعيد وهو كذاب)) (4) .
وذهب كثير من الفقهاء الى أنه طاهر غير مطهر فلا يرفع حدثا ولا يزيل نجسا.
وبه قال أبو حنيفة في المشهور عنه والشافعي ورواية عن أحمد (5) .
(1) أنظر كشف الأسرار 3/21، وقواعد التحديث ص330 وما بعدها.
(2)
الماء المستعمل: عرفه الشافعية، بأنه: ما انفصل من أعضاء المحدث في وضوئه أو من بدن الجنب في غسله. وعرفه الحنفية: بأنه ما أزيل به حدث أو أستعمل في البدن على وجه القربة. الحاوي للماوردي 1/296، الهداية 1/20.
(3)
المجموع 1/207، المغني 1/18-20، كشاف القناع 1/32، مغني المحتاج 1/61-62.
(4)
مجمع الزوائد 1/240 وهو في المعجم الاوسط 8/282 رقم (7569) . وأنظر ترجمة نهشل في التقريب 2/307 والتهذيب 10/479 والميزان 4/275.
(5)
الحاوي 1/297، المغني 1/118، الاستذكار 1/253، الهداية 1/19، مغني المحتاج 1/20، بداية المجتهد 1/21، القوانين الفقهية ص45، الخرشي 1/74-75.
وقد لاحظ الجمهور: أن الحديث المذكور لا يجوز الاحتجاج به لطعن في عدالة الراوي؛ لذلك فالحجة لهم:
ما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه)) (1) .
وفي لفظ لمسلم (2) : ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) .
وفي لفظ لأبي داود (3) : ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه)) .
وهكذا نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الغسل في الماء الدائم كمنعه من البول فيه، فلولا أن ازالة الحدث بالماء يؤدي الى منع التطهر به لما نهى عنه.
فان قيل: حمل الأحاديث على هذا يؤدي الى القول بنجاسة الماء المستعمل في الطهارة من الحدث كنجاسة الماء الذي يبال فيه.
أجيب: بأن النهي عن الاغتسال في الماء الدائم يدل على أنه يؤثر في الماء وهذا الأثر هو المنع من التطهر به، أما اقترانه بالنهي عن البول فهذا يقتضي المشاركة في أصل الحكم لا في تفضيله (4) ، والحاصل على عدم التسوية بينهما في كل شيء
(1) أخرجه الحميدي (970) ، وأحمد 2/265، والدارمي (736) ، ومسلم 1/162 رقم (282) ، وأبو داود 1/18 رقم (69) ، والنسائي 1/49، وابن خزيمة (66) من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
(2)
الجامع الصحيح 1/162 رقم (283) .
(3)
السنن 1/18 رقم (69) .
(4)
أنظر المغني 1/20.