الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وانما اصله عن ابن عمر، عن نفسه، هكذا رواه جماعة الحفاظ، وهم مع هذا لا يحتجون بالدراوردي عن عبيد الله اصلا)) (1) .
نموذج لأثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء: صفة حج القارن
من المعلوم ان صفة الإحرام بالنسك له ثلاثة اوجه: التمتع، والافراد، والقران:
فالتمتع هو: ان يحرم بعمرة مفردة من الميقات في أشهر الحج، فاذا فرغ منها أحرم بالحج من عامه ذلك.
والمتمتع يحرم بالحج من مكة، أو أي مكان بالحرم.
أما الافراد فهو: ان يهل مريد النسك بالحج مفردا ثم اذا فرغ من الحج، وأراد العمرة أهل بها من الحل.
أما القران فهو: ان يجمع بين الحج والعمرة في الاحرام بهما. أو يحرم بالعمرة ويدخل عليها الحج (2) .
والذي يعنينا هنا صفة حج القارن؛ فقد اختلف الفقهاء فيه على مذهبين:
المذهب الأول: ان القارن اذا دخل مكة طاف للعمرة وسعى، ثم يبدأ أعمال الحج: فيطوف للقدوم ويواصل اعمال الحج من وقوف ورمي وطواف ركن وسعي، وهكذا. ولا يحلق بين العمرة والحج؛ لأن في ذلك جناية على احرام الحج، وانما يحلق في يوم النحر كما يحلق المفرد. فعلى هذا المذهب:
لا يكفي طواف الافاضة للحج والسعي بعده عن الطواف والسعي. انما لا بد أن
(1) شرح معاني الآثار 2/197.
(2)
المغني 3/210 و 232.
يطوف ويسعى للعمرة، ثم لا بد بعد ذلك من طواف وسعي للحج أيضا.
وقد قال بهذا بعض السلف، ويروى عن الشعبي وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن الأسود، وبه قال الثوري والحسن بن صالح، وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن احمد (1) .
ومن الحجة لأصحاب هذا المذهب:
(1) المغني 3/494، الهداية مع فتح القدير 2/204، المحلى 7/175، شرح السنة 7/84.
حديث ابن عمر من رواية الحسن بن عمارة، وقد سبق، فقد نص على طوافين وسعيين. وقد احتجوا أيضا: بأحاديث أخرى مرفوعة وآثار عن الصحابة وعضدوا ذلك بقوله تعالى: ((وأتموا الحج والعمرة لله)) (1) .
قالوا: واتمامهما ان يأتي بأفعالهما على وجه الكمال، ولم يفرق بين القارن وغيره. قالوا: ولأنهما نسكان فكان لهما طوافان كما لو كانا منفردين (2)
المذهب الثاني: ان القارن اذا كان دخل مكة طاف طواف القدوم ثم يفعل ما يفعل المفرد، ويكفيه طواف الافاضة للحج والسعي له عن الطواف والسعي للعمرة؛ بمعنى: أنه يكفيه للنسكين طواف واحد وسعي واحد.
وهذا قول أكثر أهل العلم، وروي هذا عن جماعة من الصحابة، وهو قول ابن عمر وجابر بن عبد الله، وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد، وهو مذهب مالك والشافعي، وأحمد في أشهر الروايتين عنه (3) .
ومن الحجة لأصحاب هذا المذهب:
حديث ابن عمر من رواية عبيد الله بن عمر، عن نافع، وقد سبق، فقد نص على طواف واحد للنسكين. وهم وان رجحوا وقفه على ابن عمر الا أن معناه، ورد في أحاديث وآثار صحاح، منها:
1-
حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وفيه: ((واما الذين كانوا أهلوا بالحج، أو جمعوا الحج والعمرة فانما طافوا طوافا واحدا)) (4) .
وفي لفظ لمسلم (5) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) .
2-
حديث جابر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن الحج والعمرة. فطاف لهما طوفا واحدا (6) .
3-
حديث ليث بن أبي سليم، عن عطاء وطاوس ومجاهد، عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم، حين قدموا، الا طوافا واحدا (7) .
ومثال ذلك أيضا:
حديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشفق الحمرة، فاذا غاب الشفق وجبت الصلاة)) . رواه الدارقطني (8) ، ورواه البيهقي مرفوعا وموقوفا
(1) سورة البقرة الآية 196.
(2)
المغني 3/494.
(3)
المغني 3/494، المحلى 7/175، شرح السنة 7/84.
(4)
أخرجه مالك 1/450 رقم (942) ، ومسلم 4/29 رقم (1211)
(5)
الجامع الصحيح 4/34 رقم (1211)(132)
(6)
أخرجه الترمذي 3/283 رقم (947) وقال: ((حسن)) وانظر تحفة الاشراف 2/291 حديث (2677)
(7)
أخرجه ابن ماجه 2/990 رقم (2972) ؛ وأبو يعلى (2498) ، واسناده ضعيف لضعف ليث. وأنظر تقريب التهذيب 2/138، ومصباح الزجاجة (الورقة 188) .
(8)
سنن الدارقطني 1/269.