الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمنقطعات ليست على درجة واحدة من الضعف: فمنها الضعيف، ومنها: ما هو أشد ضعفا؛ فالانقطاع آخر السند أيسر من الانقطاع في أوله أو وسطه،
واذا كان الساقط واحدا أيسر من سقوط اثنين، وتدليس (1)
من يدلس عن الثقات أيسر من الذي يدلس عن الضعفاء.
وسوف أتكلم عن الانقطاع في سبعة أنواع، وعلى النحو الآتي:
النوع الأول من أنواع الانقطاع: التعليق
الحديث المعلق: - هو ما حذف من مبدأ اسناده واحد أو أكثر (2) .
فالحديث المعلق هو: ما حذف من مبدأ اسناده راو أو راويان أو ثلاثة أو جميع الاسناد (3) ، كل ذلك يسمى معلقا.
وقد علق البخاري - رحمه الله تعالى - جملة من الأحاديث في كتابه الصحيح (4) ، وقد وصلها الحافظ ابن حجر في كتابه تغليق التعليق، ولخصه في
(1) التدليس قسمان:
احدهما: تدليس الاسناد وهو أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهما انه سمعه منه.
ثانيهما: تدليس الشيوخ وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه، فيسميه أو يكنيه، أو ينسبه، أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف. أنظر علوم الحديث ص66. وهذان النوعان اكثر تداولا، وسيأتي لذلك مزيد بيان ان شاء الله تعالى.
(2)
علوم الحديث لابن الصلاح ص24، التقريب مع التدريب 1/117، الخلاصة ص 47.
(3)
شرح الفية السيوطي ص79 محمد محي الدين عبد الحميد.
(4)
والمعلقات ليست من نمط الصحيح؛ فلا يعاب عليه اخراجه لها؛ لأنه وسم كتابه بـ ((الجامع الصحيح المسند)) فكل حديث ليس مسندا لم يحكم عليه البخاري بالصحة، هدي الساري ص 8 و 19، توجيه النظر ص88.
مقدمة الفتح (1)، وقد تكلم الحافظ نفسه عن تعاليق البخاري في نكته على ابن الصلاح (2) بما لا مزيد عليه فقال: ((أقسام التعليق عند البخاري
منها ما يوجد في موضع آخر من كتابه.
ومنها ما لا يوجد الا معلقا
فأما الاول: فالسبب في تعليقه: أن البخاري من عادته في صحيحه أن لا يكرر شيئا الا لفائدة، فاذا كان المتن يشتمل على أحكام كرره في الأبواب بحسبها أو قطعه في الأبواب اذا كانت الجملة يمكن انفصالها من الجملة الأخرى. ومع ذلك فلا يكرر الاسناد، بل يغاير بين رجاله اما شيوخه أو شيوخ شيوخه ونحو ذلك، فاذا ضاق مخرج الحديث ولم يكن له الا اسناد واحد واشتمل على أحكام واحتاج الى تكريرها فانه والحالة هذه اما أن يختصر المتن او يختصر الاسناد، هذا أحد الأسباب في تعليقه الحديث الذي وصله في موضع آخر.
وأما الثاني: وهو ما لا يوجد فيه الا معلقا فهو على صورتين: اما بصيغة الجزم واما بصيغة التمريض، أما الأول: فهو صحيح الى من علقه عنه، وبقي النظر فيما أبرز من رجاله، فبعضه يلتحق بشرطه. والسبب في تعليقه: اما لكونه لم يحصل له مسموعا وانما أخذه على طريق المذاكرة او الاجازة أو كان خرج ما يقوم مقامه فاستغنى بذلك عن ايراد هذا المعلق مستوفى السياق او المعنى أو غير ذلك. وبعضه يتقاعد عن شرطه وان صححه غيره أو حسنه وبعضه يكون ضعيفا من جهة الانقطاع
(1) من صفحة 20 الى صفحة 70.
(2)
ج1 ص325-326.
خاصة.
أما الثاني: وهو المعلق بصيغة التمريض مما لم يورده في موضع آخر فلا يوجد فيه ما يلتحق بشرطه الا مواضع يسيرة، وقد أوردها بهذه الصيغة لكونه ذكرها بالمعنى، وفيه ما هو صحيح، وان تقاعد عن شرطه اما:
لكونه لم يخرج لرجاله أو لوجود علة فيه عنده، ومنه ما هو حسن، ومنها ما هو ضعيف وهو على قسمين: أحدهما: ما ينجبر بأمر آخر، وثانيهما: ما لا يرتقي عن مرتبة الضعيف)) (1)
أما ذكره عن شيوخه: فقد قال العراقي رحمه الله: ((أما ما عزاه البخاري الى بعض شيوخه بصيغة الجزم كقوله: قال فلان وزاد فلان ونحو ذلك فليس حكمه حكم التعليق عن شيوخ شيوخه ومن فوقهم بل حكمه حكم الاسناد المعنعن، وحكمه الاتصال، بشرط ثبوت اللقاء والسلامة من التدليس، واللقاء في شيوخه معروف، والبخاري سالم من التدليس فان حكمه الاتصال)) (2) .
أما التعليق عند الامام مسلم: فقليل جدا جعله الحافظ ابن حجر اثني عشر حديثا. (3)
وقد تبين مما ذكرناه:
أن معلقات البخاري بصيغة الجزم تعد صحيحة الى من علق اليه، هذا ما استقر عليه الأمر عند جمهور العلماء.
(1) انتهى كلام الحافظ.
(2)
شرح التبصرة 1/75 وأنظر علوم الحديث ص65 و 69 و 70.
(3)
النكت 1/352