الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلوا بالحديث السابق.
القول الثاني: لا يجوز الاقتصار في المسح على العمامة.
وبه قال مالك، وأبو حنيفة والشافعي، وهو قول أكثر أهل العلم. وذلك لعدم اثباتهم لهذا الحديث (1)
النوع الخامس من انواع الانقطاع: الاختلاف في سماع مخصوص
قد يختلف أهل العلم في سماع مخصوص، كاختلافهم في رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وهو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وجده المراد به جد شعيب، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص.
وهذه السلسلة اضطربت فيها أقوال النقاد، اضطرابا كثيرا، واختلفت فيها أقوالهم، ما بين قبول ورد وتفصيل، وقلما اختلفوا مثل هذا الاختلاف.
وحاصل ما اعلت به هذه السلسلة أمران:
الأول: انه وجد صحيفة لجده عبد الله بن عمرو بن العاص؛ فحدث بها وهو لم يسمعها، وبهذا أعلها ابن معين (2) ، وابن حزم (3) .
وهذا مردود فقد ثبت سماع شعيب من جده عبد الله كما سيأتي، على أنه اذا
(1) شرح فتح القدير 1/40، المغني 1/300، المجموع 1/406، تبيين الحقائق 1/52، مغني المحتاج 1/60، بداية المجتهد 1/10.
(2)
تهذيب الكمال 22/72.
(3)
المحلى 10/131 و 11/324.
كان روى بعض الأحاديث بالوجادة، فلا بأس لأن الوجادة احدى صيغ التحمل (1) .
الثاني: ان عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، ان أراد بجده محمد -والد شعيب- فهو مرسل؛ لأن محمدا لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وان أراد بجده عبد الله بن عمرو فهو منقطع؛ لأن شعيبا لم يلق عبد الله (2) .
وأجيب على هذا: أن المراد بجده جد شعيب -والد عمرو- وهو عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي الجليل. وقد سمع شعيب منه كما سيأتي مفصلا، وقد ثبت سماع عمرو من أبيه شعيب (3) . فتكون الراوية موصولة.
وحاصل أقوال أهل العلم في قبولها وردها ما يأتي:
أولا: مردودة لأنها وجادة، وبه قال ابن حزم (4) .
ثانيا: ذهب الدارقطني الى التفصيل، ففرق بين أن يفصح بجده أنه عبد الله فيحتج به أو لا يفصح فلا يحتج به، وكذلك ان قال: عن أبيه، عن جده سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو نحو هذا مما يدل على أن المراد
الصحابي فيحتج به والا فلا (5)
ثالثا: ذهب ابن حبان الى تفصيل آخر، فان استوعب ذكر آبائه في الرواية احتج به، وان اقتصر على قوله، عن أبيه عن جده لم يحتج به (6) .
(1) تهذيب التهذيب 8/54 وأنظر علوم الحديث لابن الصلاح ص157.
(2)
تهذيب التهذيب 8/51-53، شرح ألفية السيوطي ص246، هامش جامع الترمذي 2/141.
(3)
تهذيب التهذيب 8/51.
(4)
المحلى 10/131 و 11/324.
(5)
تهذيب التهذيب 8/51، شرح ألفية السيوطي ص246، هامش الترمذي 2/140.
(6)
تهذيب التهذيب 8/53.
رابعا: عمرو ضعفه بعضهم مطلقا والجمهور على توثيقه (1)
خامسا: قبولها وانها متصلة غير منقطعة، فقد قال الامام البخاري:((رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني واسحاق بن راهويه، وأبا عبيدة وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ما تركه أحد من المسلمين)) (2) .
وقال اسحاق بن راهويه: ((اذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر)) (3) .
وقال ابن عبد البر: ((وحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مقبول عند أكثر أهل العلم بالنقل)) (4) .
وقال النووي: ((وهو الصحيح المختار الذي عليه المحققون من أهل الحديث والأكثرون، وهم أهل الفن، وعنهم يؤخذ)) (5) .
والذي يهمنا هنا هو سماع عمرو من أبيه شعيب، وسماع شعيب من جده عبد الله، فقد صح سماع عمرو من أبيه شعيب، لا خلاف في ذلك، وكذلك قد صح
(1) تهذيب التهذيب 8/51، وحجة من ضعفه ما ورد من أحاديث مناكير في رواياته، وقد أجاب عن ذلك أبو زرعة الرازي: بأن المناكير التي وقعت في حديثه انما هي من الرواة الضعفاء عنه. أنظر الجرح والتعديل ج6 /239.
(2)
تأريخه الكبير 6/ الترجمة (2578) ، تهذيب الكمال 22/69 الكاشف 2/79 بتحقيق الشيخ محمد عوامة.
(3)
تهذيب التهذيب 8/49.
(4)
تجريب التمهيد ص255.
(5)
المجموع 1/110.
سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو، وذلك لأن عبد الله هو
الذي ربى شعيبا، لما مات أبوه محمد كما قرر ذلك الذهبي (1) والعلائي (2) ، وغيرهم (3) .
قال البيهقي: ((وسماع شعيب بن محمد بن عبد الله صحيح من جده عبد الله، لكن يجب ان يكون الاسناد صحيحا الى عمرو)) (4) .
وقال الزيلعي: ((وقد ثبت في الدارقطني وغيره بسند صحيح سماع عمرو من أبيه شعيب، وسماع شعيب من
جده عبد الله)) (5) .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري: ((صح سماع عمرو بن شعيب من أبيه شعيب، وصح سماع شعيب من جده عبد الله)) (6)
والدليل على ما سبق ثبوت قصة رواها الدارقطني في سننه (7) ، والحاكم (8) ، والبيهقي (9) .
- وملخصها - أن شعيبا والد عمرو قال: ((كنت عند عبد الله بن عمرو فجاء رجل فاستفتاه في محرم وقع بامرأته، فقال لي: يا شعيب، اذهب معه الى ابن عباس
…
(1) الميزان 3/366.
(2)
جامع التحصيل ص238.
(3)
تهذيب التهذيب 8/49 وما بعدها.
(4)
السنن الكبرى 7/397.
(5)
نصب الراية 1/59.
(6)
تهذيب الكمال 22/73.
(7)
ج3 /50-51.
(8)
المستدرك 2/65.
(9)
السنن الكبرى 5/95.