الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآحاد (1) .
وأجيب عن ذلك:
بأن القاعدة مهما بلغت فهي لا تكون أقوى من نص عام، وخبر الآحاد الخاص اذا صح يمكن أن يخصص العام، وعليه فاذا عارض خبر الآحاد القاعدة العامة فان القاعدة لا تبطل العمل به وانما تخص القاعدة به (2) .
نموذج لأثر ذلك في اختلاف الفقهاء: حكم صوم من أكل أو شرب ناسيا
اختلف الفقهاء فيمن أكل أو شرب ناسيا وهو صائم هل يفسد صومه أم لا على قولين:
القول الأول: لا يفسد صومه.
وهو مذهب جمهور الفقهاء، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، والظاهرية، والامامية، وأكثر الزيدية (3) .
القول الثاني: يفسد صومه وبذلك قال المالكية (4) .
استدل المالكية على ذلك بأن الصوم ركنه الامساك عن المفطرات، ومن تناول
(1) مسائل من الفقه المقارن 1/24.
(2)
مسائل من الفقه المقارن 1/275.
(3)
الهداية 2/62، القوانين الفقهية ص108، المجموع 6/366، المغني 3/51-56، المحلى 6/203، البحر الزخار 3/255، سبل السلام 3/255، نيل الأوطار 4/231، شرائع الاسلام 1/190، شرح الزرقاني على الموطأ 2/447، المنتقى 2/65، شرح السنة 6/292، مسائل من الفقه المقارن 1/275.
(4)
المصادر السابقة.
المفطر فقد فوت ركن الصوم، والصوم من باب المأمورات، والقاعدة: أن المأمورات يؤثر فيها النسيان كما يؤثر العمد، فمن فوت ركنا من أركان الصلاة ناسيا فان صلاته لا تصح حتى يأتي به وكذلك الحج فالصوم مثلها، وبما أن الركن الوحيد في الصوم انما هو الامساك فاذا فوته فوت الصوم كله وعليه أن يأتي بغيره قضاء.
هكذا رد بعض المالكية الحديث الوارد في ذلك عن أبي هريرة والذي سنذكره في أدلة الجمهور بحجة مخالفته هذه القاعدة (1) بينما حمله بعضهم على صوم التطوع وأجيب: بأن كلا الأمرين غير مسلم به: أما الأول فلأن القاعدة غاية أمرها أنها دليل عام، فهي لا تعارض الأحاديث الصحيحة، وانما تخص بها، فتكون هذه القاعدة سارية على غير الصوم، وأما الصوم فقد خص بالأحاديث الواردة بأدلة الجمهور.
أما الثاني فقد ثبتت أحاديث صحيحة مصرحة بالفرضية.
أدلة الجمهور:
استدلوا بما صح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فانما أطعمه الله وسقاه)) (2) .
فهذا نص صريح في أن تناول المفطر نسيانا لا يؤثر على صحة الصوم، وهو عام في كل صوم، لأنه لم يفرق بين صوم الفرض وصوم التطوع، ومع ذلك فقد حمله
(1) الزرقاني هامش الموطأ 2/447، والمنتقى 2/65، فتح الباري 4/157.
(2)
أخرجه عبد الرزاق (7372) ، وأحمد 2/425، والدارمي (1733) ، والبخاري 3/40 رقم (1933) ، ومسلم 3/160 رقم (1155) ، وأبو داود 2/315 رقم (2398) ، والترمذي 3/100 رقم (721) ، وأبو يعلى (6038) ، وابن خزيمة (1989) ، وابن حبان (3519) ، والبيهقي 2/178.
بعضهم على صوم التطوع بحجة أن الحديث لم يتعرض لصوم رمضان (1) .
وأجيب:
بأنه قد صح التصريح بأن ذلك في صوم الفرض بما رواه أبو هريرة مرفوعا: ((من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة)) (2) .
وهذا صريح في أنه في صوم رمضان، وصريح في نفي القضاء، والكفارة، وعام في كل مفطر من غير تفريق بين الأكل والشرب وبين غيرها.
وقد ثبت عن ابن عباس مرفوعا: ((ان الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) (3) والصوم داخل في هذا العموم.
(1) مسائل من الفقه المقارن 1/275، فتح الباري 4/157.
(2)
أخرجه ابن حبان (906 موارد) ، والحاكم 1/430، والبيهقي 4/229، قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وانظر نصب الراية 2/445-446، وفتح الباري 4/157. _
(3)
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني 3/95، وابن حبان (7219) ، والدارقطني 4/170، والحاكم 2/198، والبيهقي 7/356 من طريق عطاء عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، به واسناده صحيح متصل. وأخرجه ابن ماجه 1/659 رقم (2045) من طريق عطاء عن ابن عباس، به وأشار المزي في تحفةالأشراف 5/85 حديث (5905) الى السند المتصل.