الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن هذا لا حجة لهم فيه ولا ينبغي أن تعل به الأحاديث الصحيحة، فهو ضعيف جدا لتفرد عبد الله بن سعيد المقبري به فهو متروك.
قال ابن معين: ليس بشيء، وقال الفلاس: منكر الحديث متروك، وقال يحيى بن سعيد: استبان لي كذبه، وقال الدارقطني: متروك ذاهب الحديث، وقال البخاري: تركوه. (1)
ثم أن حديث وضع اليدين قبل الركبتين، له شاهد موقوف من طريق نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان اذا سجد بدأ بوضع يديه قبل ركبتيه، وكان يقول:((كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك)) (2) .
نموذج للاعلال بالتصحيف والتحريف
يحصل لبعض الرواة أوهام تقع في السند أو في المتن بتغيير النقط أو الشكل أو الحروف.
وهذا النوع من الخطأ يسمى عند المحدثين بـ ((التصحيف والتحريف)) . ومعرفة
(1) الميزان 2/429 الترجمة (4353)، ومما ينبغي التنبيه اليه: ان الامام الطحاوي 1/255 أعل حديث الأعرج عن أبي هريرة بحديث عبد الله بن سعيد المقبري وقد بان لك ما فيه، ومنهم: من جعل هذا اضطرابا وليس الأمر كذلك فان من شرط الاضطراب استواء وجوه الاختلاف ولا تعل الرواية الصحيحة بالضعيفة.
(2)
أخرجه أبو داود كما في تحفة الأشراف (8030) ، وابن خزيمة (627) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/254، والدارقطني 1/344، والحاكم 1/226، وصححه، ولم يتعقبه الذهبي، وعلقه البخاري (2/390 الفتح) مجزوما به، لكن الجزء المرفوع منه لم يرد عند البخاري ولا الدارقطني، وقال البيهقي عن هذه الزيادة المرفوعة:((ولا أراه الا وهما)) السنن الكبرى 2/100 ولم يعقب عليه الحافظ ابن حجر 2/291.
هذا النوع من أنواع علوم الحديث له أهمية كبيرة؛ وذلك لما فيه من تنقية الأحاديث النبوية مما شابها في بعض الألفاظ سواء كان في متونها أو في رجال أسانيدها.
وهذا الفن فن جليل لما يحتاج اليه من الدقة والفهم واليقظة، ولم ينهض به الا الحفاظ الحاذقون؛ فقد عني به المحدثون وبضبطه. وفائدة معرفة هذا الفن معرفة المراد من الكلمات المصحفة قبل تصحيفها (1) .
والتصحيف في اللغة: تغير اللفظ حتى يتغير المراد، ويقال: صحفه فتصحف. أي: غيره فتغير حتى التبس (2) . وهو مشتق من الصحيفة؛ لأن من ينقل كذلك ويغير يقال: أنه قد صحف: أي قد روى من الصحف فهو مصحف، ومصدره التصحيف (3) .
والتصحيف في اصطلاح المحدثين: تحويل الكلمة في الحديث من الهيئة المتعارفة الى غيرها (4) .
والتصحيف والتحريف مترادفان، ويطلقان على معنى واحد، الا أن الحافظ ابن حجر فرق بينهما تفريقا حسنا، فقال:((وان كانت المخالفة بتغير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق، فان كان ذلك بالنسبة الى النقط فالمصحف، وان كان بالنسبة الى الشكل فالمحرف)) (5) .
والسبب في وقوع التصحيف والاكثار منه انما يحصل غالبا للآخذ من الصحف وبطون الكتب، دون تلق للحديث عن أستاذ من ذوي الاختصاص؛ لذلك حذر أئمة
(1) علوم الحديث ص250، منهج النقد ص444.
(2)
المصباح المنير 1/358.
(3)
فتح المغيث 3/68
(4)
فتح المغيث 3/68.
(5)
نزهة النظر ص49.
الحديث من الأخذ عمن هذا شأنه، وقالوا:((لا يؤخذ الحديث من صحفي)) (1) .
ثم أن التصحيف اذا صدر من الراوي نادرا لا يعاب عليه به ولا يطعن فيه، لكن اذا كثر منه دل على ضعفه لأنه ليس من أهل الشأن؛ لذا قال الامام أحمد بن حنبل:((ومن يعرى عن الخطأ والتصحيف)) (2) .
والتصحيف يكون في السند ويكون في المتن:
وما كان في السند: هو ما حصل فيه تغيير في ضبط رجل أو أكثر من رجال السند مثل: جواب التيمي، قرأه بعضهم: جراب، وأبي حرة، قرأه بعضهم أبو جرة (3) .
والتصحيف في المتن: هو ما كان فيه تغيير لبعض الفاظ المتن. مثاله: ما روي عن الدارقطني: أن أبا موسى العنزي حدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يأتي أحدكم يوم القيامة ببقرة لها خوار)) ، فقال فيه:((أو شاة تنعر)) بالنون، وانما هو:((تيعر)) ، بالياء (4) .
(1) فتح المغيث 3/68.
(2)
علوم الحديث 252، فتح المغيث 3/68.
(3)
فتح المغيث 3/70.
(4)
الجامع لأخلاق الراوي 1/295، علوم الحديث ص254.