الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو ما صح: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه)) (1)
اذن فتبركهم بالماء الذي توضأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على أن الماء المستعمل لا ينجس، فلن تبق دلالة لاقتران الماء المستعمل في الحدث بالماء الذي يبال فيه الا الدلالة على أن المستعمل طاهر غير مطهر.
مثال آخر: حكم الماء المشمس
اختلف الفقهاء في التوضؤ بالماء المشمس:
فذهب الجمهور الى أنه لا يكره التوضؤ بالماء المشمس (2) .
وذهب بعض الشافعية الى أنه يكره (3) .
واحتج أصحاب المذهب الثاني: بما رواه خالد بن اسماعيل، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، أنها قالت: أسخنت ماءاً في الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تفعلي يا حميراء (4) ، فانه يورث البرص)) (5) .
(1) جزء من حديث طويل أخرجه أحمد 4/323 و 328 و 331 من طريق عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة ومروان. وأنظر المسند الجامع 15/148 حديث (11425) .
(2)
المغني 1/17، الكافي 1/3، الانصاف 1/24، شرح منتهى الارادات 1/13، المجموع 1/135-140 وقال الامام النووي:((والصواب الجزم بأنه لا كراهية فيه، وهذا هو الموافق لنص الشافعي؛ فانه قال في الام (1/3) : ولا اكره الماء المشمس الا من جهة الطب
…
)) ثم قال النووي: ((ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وداود والجمهور: أنه لا كراهة كما هو المختار)) .
(3)
فتح العزيز 1/128، الروضة 1/10-11، نهاية المحتاج 1/59-61.
(4)
الحميراء: تصغير حمراء بمعنى بيضاء اللون مشرب بياضها بحمرة (فتح الباري 7/106) وقال ابن القيم في المنار المنيف ص60: ((كل حديث فيه يا حميراء أو ذكر الحميراء فهو كذب مختلق)) . وأنظر ما علقه الشيخ عبد الفتاح-رحمه الله عليه وكذا تعليقه على المصنوع ص212 وما بعدها.
(5)
أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات 2/79، والبيهقي 1/6 وقال:((وهذا لا يصح)) وأخرجه الدارقطني 1/38.
وخالد بن اسماعيل قال عنه ابن عدي: ((كان يضع الحديث على الثقات)) . وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به بحال)) . وقال الدارقطني: ((متروك)) (1)
لذلك فان جمهور العلماء قالوا: بعدم كراهته، وممن قال بعدم كراهته بعض الشافعية، واختار ذلك النووي -رحمه الله تعالى- وقال: ((هو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد وداود والجمهور.
وعلل النووي اختياره لعدم الكراهة: بأن الشمس، لا أصل لكراهته، ولم يثبت عن الأطباء فيه شيء، قال:((فالصواب الجزم بأنه لا كراهة فيه)) (2)
وذكر ابن قدامة: أنه حكي عن أهل الطب: أنهم لا يعرفون لذلك تأثيرا في الضرر (3)
قال لي العلامة الدكتور هاشم جميل:
((ما ذكر نلاحظ عليه عدة أمور:
الأمر الأول: نص كلام الشافعي في المسألة - كما ذكره النووي- رحمه الله
(1) الميزان 1/627، لسان الميزان 2/372، المجروحين 1/281، سنن الدارقطني 1/38، سنن البيهقي 1/6.
(2)
المجموع 1/133.
(3)
المغني 1/17.
تعالى- هو قوله: ((لا أكره المشمس الا أن يكره من جهة الطب)) . وقد ذكر النووي: أن هذا يمكن أن يكون معناه: ((لا أكره الا من جهة الطب ان قال أهل الطب أنه يورث البرص)) (1)
الأمر الثاني: المشهور عن الخراسانيين - من الشافعية -: أن المشمس يكره في البلاد الحارة، اذا شمس في الأواني المنطبعة، وهي المطرقة.
وذكر النووي: ان في المنطبعة ثلاثة اوجه:
كل ما يطرق، وهو قول الشيخ أبي محمد الجويني
النحاس خاصة وهو قول الصيدلاني
كل ما يطرق الا الذهب والفضة لصفائهما واختار هذا امام الحرمين (2) .
الأمر الثالث: ذكر ابن قدامة في المغني قول الشافعي: ((ولا أكرهه الا من جهة الطب)) وفي هامش كتاب المغني طبعة المنار (3) : جاءت التعليقة الآتية: ((قيدوا الأواني بالمعادن المنطبعة كالنحاس؛ لما يتحلل من صدئها في الماء، وصدأ النحاس والرصاص سام باتفاق الأطباء، فينبغي تقييد الاحتراز منه بذلك)) ، هذه التعليقة التي جاءت في هامش كتاب المغني ينبغي التحقق من ذوي الاختصاص عن صحة ما جاء فيها، فاذا ثبت ذلك؛ فان هذا يدل على رجحان قول الشافعي في هذه المسألة، فإن احتمال وقوع الضرر من استعماله كافٍ لاثبات الكراهة وان لم يثبت في ذلك أثر، وذلك يدل على مدى دقة الشافعي -رحمه الله تعالى- في استنباطه الأحكام، وعلى
(1) المجموع 1/133.
(2)
المجموع 1/133 و 134.
(3)
ج1 ص17.