الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: الاعلال بالادراج
تعريف المدرج:
المدرج لغة: مأخوذ من درجت الثوب اذا طويته، والادراج هو: لف الشيء في الشيء (1)
أما في اصطلاح المحدثين: - فهو: أن تزاد لفظة في متن الحديث من كلام الراوي فيحسبها من يسمعها مرفوعة فيرويها كذلك (2) .
والأحسن أن يقال في تعريفه: ((ما كانت فيه زيادة ليست منه)) (3) .
أنواع الادراج:
ينقسم المدرج الى مدرج الاسناد، ومدرج المتن.
أما مدرج الاسناد فهو على وجهين:
الوجه الأول: أن يكون الحديث عند الراوي وعنده حديث آخر باسناد آخر، فيأتي أحد الرواة ويروي عنه أحد الحديثين باسناده الخاص ويدخل فيه الحديث الآخر كله أو بعضه من غير أن يبين ذلك (4) .
(1) لسان العرب مادة ((درج))
(2)
اختصار علوم الحديث ص73، تدريب الراوي 1/268، شرح ألفية السيوطي ص 73
(3)
لمحات في أصول الحديث ص299.
(4)
لمحات في أصول الحديث ص301
مثال ذلك:
حديث سعيد بن أبي مريم، عن الزهري، عن أنس: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابرو ولا تنافسوا
…
الحديث)) (1) .
فعبارة: ((ولا تنافسوا)) أدرجها ابن أبي مريم (2) وليست من هذا الحديث، بل هي من حديث آخر لمالك عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، مرفوعا:((اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا)) (3)
فأدرج ابن أبي مريم: ((ولا تنافسوا)) في الحديث وهما منه، ورواها عن مالك باسناد واحد، وكلا الحديثين مخرج في الصحيحين متفق عليه من رواية مالك، وليس في الأول:((ولا تنافسوا)) وهي في الثاني (4) .
الوجه الثاني، ومثاله: الحديث الذي أخرجه الترمذي (5) ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن واصل الأحدب، ومنصور والأعمش، عن
(1) لم اقف على رواية سعيد بن أبي مريم، والحديث في موطأ مالك 2/493 رقم (2639) عن الزهري ومن طريق مالك أخرجه البخاري 8/25 رقم (6076) ، ومسلم 8/8 رقم (2559) ، وقد رواه عن الزهري أيضا سفيان بن عيينة عند مسلم 8/9 رقم (2559) ، ومعمر بن راشد عن مسلم 8/9 رقم (2559) ، وزكريا بن اسحاق عند أحمد 3/209، وشعيب بن أبي حمزة عند البخاري 8/23 رقم (6065) ، محمد بن الوليد عند مسلم 8/9 رقم (2559) ، ويونس بن يزيد عند مسلم 8/9 رقم (2559)
(2)
هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم، ثقة ثبت فقيه تقريب التهذيب 1/293.
(3)
في موطأ مالك 2/494 رقم (2640) ، ومن طريق مالك أخرجه البخاري 8/23 رقم (6066) ، ومسلم 8/10 رقم (2563) ، وغيرهم.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/256، لمحات في أصول الحديث ص301.
(5)
جامع الترمذي 5/314 رقم (3182)
أبي وائل، عن عمرو بن شرحبيل، عن ابن مسعود، قال: قلت: ((يا رسول الله، أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك)) .
فان رواية واصل الأحدب هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش، فان واصلا يرويه عن أبي وائل عن ابن مسعود مباشرة لا يذكر فيه ((عمرو بن شرحبيل)) هكذا رواه شعبة وغيره عن واصل (1) . وقد رواه يحيى القطان، عن الثوري بالاسنادين مفصلا (2) ، ومن ذلك يتبين اذن ذكر، عمرو بن شرحبيل أدرج على رواية منصور والأعمش.
أما ادراج المتن فهو: أن تضاف اليه زيادة من كلام بعض الرواة، يتوهم السامع أنها منه (3) .
وقد تكون الزيادة المدرجة في أول المتن أو في وسطه أو في آخره:
مثال ما أدرج في أول المتن: ((اسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار)) .
هكذا رواه الخطيب من رواية ابن قطن، وشبابة، عن شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة (4)، في جملة:((أسبغوا الوضوء)) من كلام أبي هريرة.
(1) رواية شعبة عن واصل عند أحمد 1/434 و 464، والترمذي 5/315 رقم (3183)، والنسائي 7/90 ورواه غير شعبة: سفيان الثوري عند البخاري 6/137 رقم (4761) ، و 8/204 رقم (6811) وعند النسائي 7/90، ورواه أيضا عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد 1/462 ثلاثتهم (شعبة، وسفيان، وابن مهدي) عن واصل، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود، وأنظر علل الدارقطني ج5/220، وشرح التبصرة 1/258-260، وشرح ألفية السيوطي 76- 77
(2)
أما التي بدون الزيادة فهي عند البخاري 6/137 رقم (4761) ، واما التي بالزيادة فهي عند البخاري أيضا 8/204 رقم (6811) .
(3)
لمحات في أصول الحديث ص299.
(4)
اورده الخطيب في: الفصل للوصل، ورقة 6، نقلا عن هامش ظفر الأماني ص248 وانظر تدريب الراوي 1/70.
قال الخطيب: ((وهم أبو قطن وشبابة في روايتهما عن شعبة على ما سقناه، وقد رواه الجم الغفير كرواية آدم)) (1) .
ورواية آدم التي أشار اليها الخطيب البغدادي: أخرجها البخاري (2) قال: حدثنا آدم بن أبي اياس، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، قال: سمعت أبا هريرة، وكان يمر بنا والناس يتوضؤون من المطهرة، قال: أسبغوا الوضوء فان أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: ((ويل للأعقاب من النار)) .
أما ما أدرج في وسط المتن. فمثاله ما رواه: عبد الحميد بن جعفر، عن هشام بن عروة عن أبيه، عن بسرة، قالت: سمعت رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول: ((من مس ذكره أو أنثييه أو رفغييه فليتوضأ)) (3) .
قال الدارقطني: ((كذا رواه عبد الحميد، عن هشام، ووهم في ذكر الانثيين والرفغ وادراجه لذلك في حديث بسرة، والمحفوظ: ان ذلك قول عروة وكذا رواه الثقات عن هشام، منهم: أيوب وحماد بن زيد وغيرهما)) (4) .
(1) ما سبق
(2)
الجامع الصحيح 1/53 رقم (165)، وقد رواه عن شعبة غير آدم: محمد بن جعفر (غندر) ، عند أحمد 2/409، ويحيى بن سعيد عند أحمد 2/430، وحجاج بن محمد عند أحمد 2/430، ووكيع بن الجراح عند أحمد 2/271، ومسلم 1/148 رقم (242) ، وهاشم بن القاسم عند الدارمي (713) ويزيد بن زريع عند النسائي 1/77.
(3)
أخرجه الطبراني في الكبير 24/200، والدارقطني 1/148، والبيهقي 1/137
(4)
سنن الدارقطني 1/148، وحديث بسرة سبق تخريجه مفصلا عن جماعة من الصحابة بدون ذكر الادراج.