الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسند والاسناد بمعنى واحد، قال الطيبي:((السند والاسناد يتقاربان في معنى الاعتماد)) (1)
وقال ابن جماعة: ((المحدثون يستعملون السند والاسناد لشيء واحد)) (2) .
لكن الاسناد اعم من السند؛ فالاسناد يطلق على سلسلة الرواة الموصلة الى المتن فيكون بذلك مرادفا للسند، ويكون
بمعنى عزو الحديث الى قائله فهو أعم. (3)
ثانيا: أهمية الاسناد
للاسناد أهمية كبيرة عند المسلمين وأثر بارز؛ وذلك لما للاحاديث النبوية من أهمية، اذ أن الحديث النبوي الشريف ثاني أدلة أحكام الشرع، ولولا الاسناد واهتمام المحدثين به لضاعت علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ولاختلط بها ما ليس منها ولما استطعنا التمييز بين صحيحها من سقيمها؛ فغاية دراسة الاسناد والاهتمام به هي معرفة صحة الحديث أو ضعفه، فمدار قبول الحديث غالبا على اسناده، قال القاضي عياض:((فاعلم أولا أن مدار الحديث على الاسناد فبه تتبين صحته ويظهر اتصاله)) (4) . وقال ابن الاثير - في جامع الاصول (5) -: (اعلم أن الاسناد في الحديث هو الاصل وعليه الاعتماد وبه تعرف صحته وسقمه)) .
وهذا المعنى مقتبس من عبارات المتقدمين:
قال سفيان الثوري: ((الاسناد سلاح المؤمن، اذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء
(1) الخلاصة ص30.
(2)
تدريب الراوي 1/42، ولم أجده في المنهل.
(3)
أنظر تيسير مصطلح الحديث ص15.
(4)
الالماع ص194.
(5)
ج1 /9-10
يقاتل؟)) (1) .
وقال الامام شعبة: ((انما يعلم صحة الحديث بصحة الاسناد)) (2) .
وقال عبد الله بن المبارك: ((الاسناد من الدين، ولولا الاسناد لقال من شاء ما شاء)) (3) .
اذن فالاسناد لا بد منه من أجل أن لا ينضاف الى النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس من قوله: هنا جعل المحدثون الاسناد أصلا لقبول الحديث؛ فلا يقبل الحديث اذا لم يكن له اسناد نظيف، أوله أسانيد يتحصل من مجموعها الاطمئنان الى أن هذا الحديث قد صدر عمن ينسب اليه؛ فهو أعظم وسيلة استعملها المحدثون من لدن الصحابة رضوان الله عليهم الى عهد التدوين كي ينفوا الخبث عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم ويبعدوا عنه ما ليس منه.
وقد اهتم المحدثون كذلك بجمع أسانيد الحديث الواحد، لما لذلك من أهمية كبيرة في ميزان النقد الحديثي لأن بجمع الطرق يتبين الخطأ. اذا صدر من بعض الرواة، وبذلك يتميز الاسناد الجيد من الرديء، قال علي بن المديني:((الباب اذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)) (4) .
ويستفاد كذلك من جمع الطرق تفسير بعض النصوص؛ اذ ان بعض الرواة قد يحدث على المعنى، أو يروي جزءا من الحديث وتأتي البقية في سند آخر،
قال الامام
(1) بحوث في تأريخ السنة ص54.
(2)
التمهيد 1/57.
(3)
مقدمة صحيح مسلم 1/15.
(4)
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/270 وعلوم الحديث ص82، وشرح التبصرة 1/227 وتدريب الراوي 1/253 وتوجيه النظر ص265.
احمد: ((والحديث اذا لم تجمع طرقه لم تفهمه والحديث يفسر بعضه بعضا)) (1) .
وقال الحافظ أبو زرعة العراقي: ((والحديث اذا جمعت طرقه تبين المراد منه، وليس لنا أن نتمسك برواية ونترك بقية الروايات)) (2) .
ويعرف كذلك بجمع الطرق الحديث الغريب متنا واسنادا، وهو الذي تفرد به الصحابي أو تفرد به راو دون الصحابي، ومن ثم يعرف هل المتفرد عدل أو مجروح؛ فتكرار الاسانيد لم يكن عبثا وانما له مقاصد وغايات يعلمها المشتغلون بهذه الصنعة، قال الامام مسلم في مقدمته للجامع الصحيح (3) :((وانا نعمد الى جملة ما أسند من الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقسمها على ثلاثة اقسام وثلاث طبقات من الناس على غير تكرار، الا أن يأتي موضع لا استغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو اسناد يقع الى جنب اسناد لعلة تكون هناك؛ لأن المعنى الزائد في الحديث المحتاج اليه يقوم مقام حديث تام، فلا بد من اعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة، أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره اذا أمكن ولكن تفصيله ربما عسر من جملة فاعادته بهيئة اذا ضاق ذلك أسلم)) .
إذا تمهد ذلك فاني سأتحدث عن علل الاسناد في أربعة مباحث وعلى النحو الآتي:
(1) الجامع لأخلاق الراوي 2/270.
(2)
طرح التثريب 7/181.
(3)
مسلم هامش النووي 1/38-39.