الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحجة لهم: حديث عبد الله بن بحينة السابق؛ فان النبي صلى الله عليه وسلم سجد لتركه التشهد الأول سجدتين قبل السلام؛ وهذا من نقص في الصلاة؛ فحملوا عليه كل نقص وجعلوا السجود لأجله قبل السلام.
وحديث ذي اليدين؛ فان النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام؛ لما حصل في الصلاة من زيادة الكلام والمشي؛ فحملوا عليه كل زيادة وجعلوا السجود لأجلها بعد السلام (1)
وذهب بعضهم الى: أن السجود كله قبل السلام الا في موضعين فيكون بعد السلام، وهما: اذا سلم من نقص في صلاته، أو تحرى الامام فبنى على غالب ظنه.
وبذلك قال أبو حنيفة، وسليمان بن داود. وهو رواية عن أحمد واختاره بعض الشافعية (2) .
والحجة لهم: أن السجود انما شرع لجبر خلل وقع في الصلاة؛ فالمعقول أن يكون محله قبل السلام، ويستثنى من ذلك ما ورد النص بأنه يكون بعد السلام؛ وقد ورد ذلك في النقص، وهو: حديث عبد الله ابن بحينة.
وفيما اذا تحرى الشاك فبنى على غالب ظنه؛ وذلك لما روي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: ((اذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين)) (3)
الفرع الثاني: تعارض الوقف والرفع
كثيرا ما نجد في كتب الحديث أحاديث رويت مرفوعة (4) الى النبي صلى الله عليه وسلم ثم
(1) فقه الامام سعيد 1/262.
(2)
المغني 1/674، فقه الامام سعيد 1/263.
(3)
أخرجه أبو داود 1/268 رقم (1020) ، وأنظر فقه الامام سعيد 1/263.
(4)
المرفوع: - هو ما أضيف الى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير. علوم الحديث ص41.
نجد الحديث قد روي عن الصحابي موقوفا (1) من قوله، فاذا حصل هذا في حديث ما فانه يكون محل نظر وخلاف عند المحدثين، وخلاصة ذلك ما يأتي:
فاذا كان السند نظيفا خاليا من بقية العلل؛ فان للعلماء فيه الاتجاهات الآتية:
أولا: يحكم للحديث بالرفع؛ لأن راويه مثبت وغيره ساكت، ولو كان نافيا فالمثبت مقدم على النافي؛ لأنه علم ما خفي (2) .
ثانيا: الحكم للوقف (3) .
ثالثا: التفصيل. فالرفع زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، الا أن يقفه الأكثر ويرفعه واحد؛ لظاهر غلطه (4) .
رابعا: يحمل الموقوف على مذهب الراوي والمسند على أنه روايته فلا تعارض (5) .
وقد رجح الامام النووي الأول (6) .
والذي يبدو لي - من صنيع النقاد-: أنهم في مثل هذه الأحوال لا يجزمون بشيء لأول وهلة، وانما يوازنون ثم يحكمون، مما يدل على أن الحكم عندهم لا يناط بقاعدة كلية مطلقة؛ لذلك فان ما أطلق الامام النووي ترجيحه يمكن أن يكون مقيدا
(1) الموقوف: - هو ما أضيف الى الصحابي من قوله أو فعله أو نحوه. علوم الحديث ص41.
(2)
فتح المغيث 1/177، التنكيل 2/22، شرح ألفية السيوطي ص29، قواعد التحديث ص118، لمحات في أصول الحديث 279.
(3)
المصادر السابقة.
(4)
المصادر السابقة.
(5)
المصادر السابقة.
(6)
مقدمة شرح النووي على صحيح مسلم ج1/25.
على النحو الآتي:
الحكم للرفع- لأن راويه مثبت وغيره ساكت، ولو كان نافيا فالمثبت مقدم على النافي؛ لأنه علم ما خفي- الا اذا قام لدى الناقد دليل أو ظهرت قرائن يترجح له معها الوقف.
وقد يروى الحديث مرفوعا وموقوفا وكلاهما ضعيف لكن الحفاظ يرجحون أحدهما على الأخرى؛ اذا كان أقل ضعفا
مثال ذلك: حديث الترمذي (1)
قال: حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن معاوية بن يحيى، عن الزهري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((لا يؤذن الا متوضيء)) .
ثم ساق سندا آخر (2) : من طريق يونس بن يزيد الأيلي (3) ، عن أبن شهاب (4)، قال: قال أبو هريرة: ((لا ينادي بالصلاة الا متوضيء)) .
ثم قال الترمذي: ((وهذا اصح (5) من الحديث الأول)) .
وأخرجه البيهقي (6) : من طريق معاوية بن يحيى الصدفي ثم قال: ((هكذا رواه
(1) جامع الترمذي 1/389 رقم (200) . وأنظر تحفة الأشراف 10/367 حديث (14603) .
(2)
جامع الترمذي 1/390 رقم (201) ، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة 1/211، والبيهقي 1/397.
(3)
وهو ثقة انظر تقريب التهذيب 2/386.
(4)
وهو الزهري الذي دار عليه الحديث كما في تحفة الأشراف 10/367 حديث (14603) ، والمسند الجامع 16/671، حديث (12966)
(5)
ليس المراد هنا بالأصحية الاصطلاحية، لكن الأرجح أو الأقل ضعفا. اعلال السنن 1/56 قواعد التحديث 82.
(6)
السنن الكبرى 1/397.
معاوية بن يحيى الصدفي، والصحيح رواية يونس بن يزيد الأيلي وغيره، عن الزهري قال: قال أبو هريرة: ((لا ينادي بالصلاة الا متوضيء)) .
فرواية الرفع خطأ، أخطأ فيها معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف (1) ، والموقوفة ضعيفة أيضا للانقطاع (2) بين الزهري وأبي هريرة لكنها أرجح وأقل ضعفا من الرواية المرفوعة.
وقد يروى الحديث مرفوعا وموقوفا وكلا الروايتين صحيحتان، ولا تضر الرواية الموقوفة الرواية المرفوعة.
مثال ذلك: - حديث علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه-: ((ينضح من بول الغلام ويغسل بول الجارية)) .
قال الترمذي في جامعه (3) : ((رفع هشام الدستوائي هذا الحديث عن قتادة وأوقفه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة ولم يرفعه)) .
وقال الحافظ ابن حجر (4) : ((اسناده صحيح الا أنه اختلف في رفعه ووفقه، وفي وصله وارساله وقد رجح البخاري صحته وكذا الدارقطني)) .
والرواية المرفوعة: رواها معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، فذكره مرفوعا (5) .
(1) تقريب التهذيب 2/361.
(2)
انظر تهذيب التهذيب 9/477، والامام الزهري للدكتور حارث ص98.
(3)
2/510 عقيب حديث (610)
(4)
تلخيص الحبير 1/50.
(5)
أخرجها أحمد 1/76 و 97 و 137، وأبو داود 1/103 رقم (378) ، وابن ماجه 1/174 رقم (525) ، والترمذي 2/509 رقم (610) ، والبزار (717) ، وأبو يعلى (307) ، وابن خزيمة (284) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/92، وابن حبان (1375) ، والدارقطني 1/129، والحاكم 1/165، والبيهقي 2/415، والبغوي (296) .