الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال قي التلخيص (1) : ((يمكن أن يكون أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر ثم في آخر الأمر قال خالفوهم فالنهي عن صيام يوم السبت يوافق الحالة الأولى وصيامه اياه يوافق الحالة الثانية وهذه صورة النسخ والله أعلم)) .
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (2) : ((ولقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهية صوم السبت ولم يعده من حديث اهل العلم بعد معرفته به)) .
وقال الأثرم: ((قال أبو عبد الله - يعني احمد بن حنبل -: قد جاء فيه حديث الصماء، وكان يحيى بن سعيد يتقيه وأبى أن يحدثني به، قال الأثرم: وحجة أبي عبد الله في الرخصة في صوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر منها حديث أم سلمة)) (3) .
أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء
بعد ان ذكر الطحاوي حديث الصماء قال: ((فذهب قوم الى هذا الحديث فكرهوا صوم يوم السبت تطوعاً))
وخالفهم في ذلك آخرون، فلم يروا بصومه بأساً. وكان من الحجة عليهم في ذلك:
أنه قد جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن صوم يوم الجمعة الا أن
(1) ج2 / 226
(2)
ج2/81.
(3)
الفروع 3/121-122.
يصام قبله يوم، أو بعده يوم (1) .
ففي هذه الآثار المروية في هذا، اباحة صوم يوم السبت تطوعا، وهي أشهر وأظهر في أيدي العلماء، من هذا الحديث الشاذ، الذي قد خالفها.
وقد أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم يوم عاشوراء (2) وحض عليه، ولم يقل: ان كان يوم السبت فلا تصوموه ففي ذلك دليل على دخول كل الايام فيه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الصيام الى الله عز وجل، صيام داود عليه السلام، كان يصوم يوما ويفطر يوما)) (3) .
ففي ذلك أيضا، التسوية بين يوم السبت وبين سائر الأيام.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا بصيام أيام البيض (4)
…
(1) حديث النهي عن صوم يوم الجمعة ثابت من حديث أبي هريرة عند البخاري 3/54 رقم (1985) ومسلم 3/154 رقم (1144) ، وأبي داود 2/320 رقم (2420) ، وابن ماجه 1/549 رقم (1723) ومن حديث جابر بن عبد الله عند البخاري 3/54 رقم (1984) ، ومسلم 3/154 رقم (1143) .
(2)
حديث الندب لصوم عاشوراء ثابت من حديث أبي قتادة عند مسلم 3/167 رقم (1162) ، وأبي داود 2/321 رقم (2425) ، وابن ماجه 1/553 رقم (1738) ، والترمذي 3/126 رقم (752)
(3)
أخرجه البخاري 4/195 رقم (3418) ، ومسلم 3/165 رقم (1159) ، وأبو داود 2/327 رقم (2448) ، وابن ماجه 1/546 رقم (1712) ، والنسائي 3/214، وابن خزيمة (1145) ، وابن حبان (2590) ، والبيهقي 4/295 من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(4)
أي: أيام الليالي البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر؛ لأنها المقمرات من أوائلها الى آخرها، ولا بد من حذف مضاف، تقديره: أيام الليالي البيض. جامع الأصول 6/326. وفي ندب صوم الأيام البيض وردت عدة أحاديث، منها: حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر، اذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة)) . أخرجه الطيالسي (475) ، وعبد الرزاق (7873) ، وأحمد 5/152، والترمذي 3/134 رقم (761) ، والنسائي 4/222، وابن خزيمة (2128) ، وابن حبان (3655) ، والبيهقي 4/294، وقال الترمذي:((حسن)) .
وقد يدخل السبت في هذه كما يدخل فيها غيره من سائر الأيام، ففيها أيضا اباحة صوم يوم السبت تطوعا. وقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهية صوم يوم السبت، ولم يعده من حديث أهل العلم بعد معرفته به)) .
وقد أفاض الطحاوي في الاستدلال على عدم اطلاق الكراهة ثم قال: ((وقد يجوز عندنا، والله أعلم، ان كان ثابتا- يعني: حديث الصماء- أن يكون انما نهي عن صومه، لئلا يعظم بذلك فيمسك عن الطعام والشراب والجماع فيه كما يفعل اليهود، فأما من صامه لا لإرادته تعظيمه، ولا لما تريد اليهود بتركها السعي فيه، فان ذلك غير مكروه)) (1) .
ونحو هذا نقل ابن قدامة عن الامام أحمد، فقد قال:((قال الأثرم: قال أبو عبد الله: أما صيام يوم السبت يتفرد به فقد جاء فيه حديث الصماء، وكان يحيى بن سعيد يتقيه - أي: أن يحدثني به - وسمعته من أبي عاصم، والمكروه افراده، فان صام معه غيره لم يكره لحديث أبي هريرة (2) وجويرة (3) ، وان وافق صوما لانسان لم يكره لما قدمنا)) (4) .
ويعني بقوله: ((لما قدمنا)) ، كلام الامام أحمد في صوم يوم الجمعة الذي نقله الأثرم أيضا حيث قال: ((قيل لأبي عبد الله: صيام يوم الجمعة؟ فذكر حديث النهي ان يفرد، ثم قال: الا أن يكون في صيام كان يصومه وأن يفرد فلا، قال: قلت: رجل كان
(1) شرح معاني الآثار 2/80 و 81.
(2)
حديث أبي هريرة تقدم تخريجه.
(3)
حديث جويرة تقدم تخريجه
(4)
المغني 3/98.