الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابٌ فِيمَا يَقَعُ الْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ]
ذَكَرَ رحمه الله الرِّوَايَتَيْنِ الْمَعْلُومَتَيْنِ وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِمَا وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ النَّظَرِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَيَسْتَدْعِي ذَلِكَ طُولًا يَخْرُجُ عَنْ الْمَقْصِدِ.
[بَابٌ فِي رَعْيِ الْخِلَافِ]
(ر ع ي) : بَابٌ فِي رَعْيِ الْخِلَافِ
قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه فِي رَسْمِهِ " إعْمَالُ دَلِيلٍ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ الَّذِي أُعْمِلَ فِي نَقِيضِهِ دَلِيلٌ آخَرُ " هَذَا الرَّسْمُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ رحمه الله فِي بَابِ مَا يَقَعُ الْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِ طَلَاقٍ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَاعِدَةَ رِوَايَةِ الْبَلَاغِ وَهِيَ كُلُّ نِكَاحٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ لَيْسَ بِحَرَامٍ بَيِّنٍ فَالْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ وَكُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي فَسَادِهِ فَالْفَسْخُ فِيهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَذَكَرَ رِوَايَةَ السَّمَاعِ الَّتِي قَالَ بِهَا أَكْثَرُ الرُّوَاةِ كُلُّ نِكَاحٍ كَانَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ فَفَسْخُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَكُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يَكُونَا مَغْلُوبَيْنِ عَلَى فَسْخِهِ فَالْفَسْخُ فِيهِ بِطَلَاقٍ وَرَتَّبَ الْمَسَائِلَ الْمَبْنِيَّةَ عَلَى ذَلِكَ وَذَكَرَ بَحْثَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَرَدَّ عَلَى شَيْخِهِ وَاسْتَطْرَدَ ذِكْرَ الْخِلَافِ الشَّاذِّ وَمُرَاعَاتِهِ وَذَكَرَ مِمَّا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْئِلَةِ الْغَرْنَاطِيَّةِ أَنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ يَسْتَنِدُونَ إلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَجَعَلُوهُ قَاعِدَةً فَسَأَلَ السَّائِلُ عَنْ دَلِيلِهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَاسْتَشْكَلَ السَّائِلُ مُرَاعَاةَ الْمُجْتَهِدِ دَلِيلَ غَيْرِهِ وَالْمُرَاعَى فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ الدَّلِيلُ لَا قَوْلُ الْقَائِلِ كَمَا حَقَّقَهُ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَّلِ شَرْحِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ وَهَلْ يُرَاعَى كُلُّ خِلَافٍ أَوْ مَا يُرَاعَى إلَّا الْخِلَافُ الْقَوِيُّ فِيهِ خِلَافٌ وَكَذَلِكَ هَلْ يُرَاعَى الْخِلَافُ مُطْلَقًا كَانَ مَذْهَبِيًّا أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَتَأَمَّلْ كَلَامَ الشَّيْخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فِي سُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَكُرِهَ لِلْخِلَافِ وَهَلْ يَصِحُّ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ ابْتِدَاءً أَوْ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ كَانَ يَمْضِي لَنَا أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكُرِهَ لِلْخِلَافِ وَقَبِلُوهُ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْإِمَامِ الْعُقْبَانِيِّ رحمه الله أَنَّهُ كَانَ رَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوعِ ثُمَّ وَقَفْت عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ الْمَغْرِبِيِّ رحمه الله لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى
كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي الْمَسْبُوقِ هَلْ هُوَ قَاضِيًا أَوْ بَانِيًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ مَالِكٍ رحمه الله إنَّهُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ وَأَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ فَإِذَا رَكَعَ وَسَجَدَ جَلَسَ فَإِذَا قَامَ قَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ إنَّمَا أَجَابَ بِأَنَّ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلَهَا وَرَأَى أَنْ يَحْتَاطَ بِزِيَادَةِ السُّورَةِ فِي السُّورَةِ رَعْيًا لِلْخِلَافِ قَالَ الشَّيْخُ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِكَوْنِهِ رَاعَى الْخِلَافَ قَبْلَ الْوُقُوعِ وَإِنَّمَا يُرَاعَى بَعْدَ الْوُقُوعِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ تَصَوُّرِهِ فَذَكَرَ رَسْمَهُ بِمَا نَقَلْنَا عَنْهُ فَقَوْلُهُ " إعْمَالُ دَلِيلٍ " جِنْسٌ لِرَعْيٍ يَصْدُقُ عَلَى رَعْيِ الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ (قُلْتَ) كَيْفَ صَحَّ فِي الْإِعْمَالِ أَنْ يَكُونَ جِنْسًا لِلرَّعْيِ وَالرَّعْيُ مَعْنَاهُ اعْتِبَارُ الشَّيْءِ كَمَا تَقُولُ رَاعَى فُلَانٌ فُلَانًا مَعْنَاهُ اعْتَبَرَهُ وَقَامَ لَهُ بِمَا يُنَاسِبُهُ فَالْإِعْمَالُ كَأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ الرَّعْيِ (قُلْتُ) نَمْنَعُ ذَلِكَ بَلْ مَعْنَى رَعْيِ الْخِلَافِ الْإِعْمَالُ وَمَا أَشَرْت إلَيْهِ إنْ سَلِمَ فَإِنَّمَا هُوَ لُغَةٌ (فَإِنْ قُلْتَ) جَرَتْ عَادَتُهُ رحمه الله فِي رَسْمِهِ حَقَائِقَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَحْدُودِ إذَا كَانَ مُضَافًا لَقَبٌ عَلَى كَذَا كَمَا قَالَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ وَغَيْرِهَا فَهَلَّا قَالَ هُنَا لَقَبٌ عَلَى إعْمَالِ إلَخْ (قُلْتُ) غَالِبُهُ كَمَا قُلْتَ وَرُبَّمَا وَقَعَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يَضْبِطُ لِي الْمَقَامَ الَّذِي يُعَيَّنُ فِيهِ بِاللَّقَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَقَعَ لَهُ هُنَا أَنْ قَالَ عِبَارَةٌ عَنْ إعْمَالِ إلَخْ وَهَذَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّقَبِ لَكِنْ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ لَمْ قَالَ عِبَارَةٌ وَلَمْ يَقُلْ لَقَبٌ وَقَدْ قَدَّمْت وَجْهَهُ عَلَى مَا فِيهِ قَوْلُهُ " دَلِيلٍ " فَصْلٌ أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الدَّلِيلِ قَوْلُهُ " فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ " أَخْرَجَ بِهِ إعْمَالَ الدَّلِيلِ فِي مَدْلُولِهِ وَالدَّلِيلُ هُوَ مَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ بِهِ إلَى مَطْلُوبٍ خَبَرِيٍّ وَالْمَطْلُوبُ هُوَ الْمَدْلُولُ فَالنَّهْيُ الْوَارِدُ مَثَلًا فِي نِكَاحِ الشِّغَارِ دَلِيلُ مَدْلُولِهِ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَلَازِمُ هَذَا الْمَدْلُولِ فَسْخُهُ وَدَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلُ النَّهْيِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَفَسْخِهِ وَنِكَاحُ الشِّغَارِ إذَا وَقَعَ يَجِبُ فَسْخُهُ عِنْدَ مَالِكٍ بِطَلَاقٍ فِي رِوَايَةٍ وَبِغَيْرِ طَلَاقٍ فِي أُخْرَى وَمَنْ خَالَفَ مَالِكٌ يَقُولُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فَسْخُهُ وَالْجَارِي عَلَى فَسْخِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ أَنْ لَا يَلْزَمَ فِيهِ طَلَاقٌ إذَا وَقَعَ وَلَا مِيرَاثٌ وَقَدْ وَقَعَ لِمَالِكٍ رحمه الله أَنَّهُ يَقُولُ يَقَعُ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ وَيَلْزَمُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَيَقَعُ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْجَارِي عَلَى أَصْلِ دَلِيلِهِ وَلَازِمِ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ فِي ذَلِكَ فَلَمَّا قَالَ بِثُبُوتِ الْمِيرَاثِ فَقَدْ أَعْمَلَ دَلِيلَ خَصْمِهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ فَسْخِ نِكَاحِ الشِّغَارِ إذَا
وَقَعَ لِدَلِيلٍ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ عَدَمُ الْفَسْخِ وَعَدَمُ فَسْخِ النِّكَاحِ لَازِمُهُ ثُبُوتُ الْمِيرَاثِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَأَعْمَلَ مَالِكٌ رحمه الله دَلِيلَ خَصْمِهِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ فَسْخِ نِكَاحِ الشِّغَارِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ وَهُوَ ثُبُوتُ الْمِيرَاثِ وَهَذَا الْمَدْلُولُ الْمَذْكُورُ أَعْمَلَ مَالِكٌ رحمه الله دَلِيلَهُ فِي نَقِيضِهِ وَهُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ وَأَعْمَلَ دَلِيلَ خَصْمِهِ فِي لَازِمِ نَقِيضِ فَسْخِ النِّكَاحِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ فِيهَا إعْمَالُ دَلِيلِ كُلٍّ مِنْ الْخَصْمَيْنِ فَصَحَّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ وَأَنَّهُ بِحَسَبِ مَا يَقَعُ فِي نَفْسِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ رُجْحَانِ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ رحمه الله لَمَّا قَرَّرَ الرَّسْمَ وَحَقَّقَ بِهِ الْجَوَابَ عَنْ إشْكَالِ مَنْ سَأَلَ أَوْ رَدَّ سُؤَالًا وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ لِتَمَامِ فَائِدَتِهِ وَالسُّؤَالُ مَعْنَاهُ لَوْ صَحَّ مَا قَرَّرْتُمْ فِي مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَحَقَّقْتُمْ مِنْ مُلَاحَظَةِ لَازِمِ دَلِيلِ الْمَدْلُولِ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي نَقِيضِهِ دَلِيلٌ آخَرُ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى ثُبُوتِ مَلْزُومٍ وَلَا لَازِمَ لَهُ وَهُوَ بَاطِلٌ أَيُوجَدُ مَلْزُومٌ وَلَا لَازِمَ لَهُ مُحَالٌ وَفَصْلٌ لَمْ يَقُمْ نَوْعُهُ بِهِ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ مَلْزُومٌ لِنَفْيِ الْمِيرَاثِ وَإِذَا ثَبَتَ الْفَسْخُ انْتَفَى الْمِيرَاثُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْعِصْمَةِ وَفَسْخُهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهَا فَقَدْ وُجِدَ الْمَلْزُومُ وَهُوَ الْفَسْخُ بِدُونِ لَازِمِهِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِرْثِ فَأَجَابَ الشَّيْخُ بِالْجَوَابِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ وَأَمَّا الْجَعْلِيَّةُ فَلَا غَرَابَةَ فِي وُجُودِ مَلْزُومٍ وَلَا لَازِمَ لَهُ لِثُبُوتِ مَانِعٍ مَنَعَ مِنْهُ وَأَمَّا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ فَهُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ وَهُوَ قَدَحٌ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ بَابِ وُجُودِ الْمَلْزُومِ بَلْ مِنْ بَابِ نَفْيِ الْمَلْزُومِ أَوْ مِنْ بَابِ وُجُودِ اللَّازِمِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُغَايِرٌ لِمَا أَلْزَمهُ السَّائِلُ وَلَا إحَالَةَ فِيهِ بَيَانُهُ أَنْ نَقُولَ إنَّمَا ذَلِكَ مِنْ بَابِ نَفْيِ الْمَلْزُومِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَدَلِيلُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِنَفْيِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وَصِحَّةُ النِّكَاحِ مَلْزُومَةٌ لِلْإِرْثِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْإِرْثِ الَّذِي هُوَ صِحَّةُ النِّكَاحِ نَفْيُ اللَّازِمِ الَّذِي هُوَ الْإِرْثُ فَمَا قَالَ بِاعْتِبَارِ مَذْهَبِهِ إلَّا بِنَفْيِ الْمَلْزُومِ لَا بِثُبُوتِ الْمَلْزُومِ مَعَ نَفْيِ اللَّازِمِ وَبِاعْتِبَارِ رَعْيِ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ وَهُوَ الْإِرْثُ قَدْ أَثْبَتَ اللَّازِمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْمَلْزُومِ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ وَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ بَحْثِهِ مَعَ شَيْخِهِ وَذَكَرْنَاهُ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَرَاجِعْهُ وَبَعْدَ ذِكْرِ مَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَهُ فِي سُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ بِمَا ذُكِرَ ظَهَرَ لِي تَلْخِيصُهُ بَعْدَ وُقُوفِي عَلَى مَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمَّا حَرَّرَ الرَّسْمَ قَالَ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْجَوَابُ عَنْ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ أَنْ نَقُولَ هُوَ
حُجَّةٌ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ إشْكَالِ إعْمَالِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ وَلَوْ كَانَ حُجَّةً لَعَمَّ ذَلِكَ وَذَكَرَ مَا يَضْبِطُهُ بِقَوْلِهِ رُجْحَانُ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ عَلَى دَلِيلِهِ فِي لَازِمِ قَوْلِ الْمُخَالِفِ كَرُجْحَانِ دَلِيلِ الْمُخَالِفِ فِي ثُبُوتِ الْإِرْثِ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى دَلِيلِ مَالِكٍ فِي لَازِمِ مَدْلُولِ دَلِيلِهِ وَهُوَ نَفْيُ الْإِرْثِ قَالَ وَثُبُوتُ الرُّجْحَانِ وَنَفْيُهُ بِحَسَبِ النَّظَرِ مِنْ الْمُجْتَهِدِ فِي النَّازِلَةِ ثُمَّ أَوْرَدَ سُؤَالًا عَلَى مُقْتَضَى مَا اقْتَضَاهُ رَسْمُهُ وَضَابِطُهُ، وَأَنَّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ فِي كَوْنِ الْمُجْتَهِدِ يَسْتَعْمِلُ دَلِيلَهُ فِي مَدْلُولِ قَوْلِهِ وَيَسْتَعْمِلُ دَلِيلَ خَصْمِهِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِ أَعْمَلَ فِي نَقِيضِهِ دَلِيلَ الْمُجْتَهِدِ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ قَالَ بِوُجُودِ مَلْزُومٍ وَأَبْطَلَ لَازِمَ مَدْلُولِهِ لِدَلِيلِ خَصْمِهِ وَيَسْتَحِيلُ وُجُودُ الْمَلْزُومِ وَلَا يُوجَدُ لَازِمُهُ " وَأَجَابَ " عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَنَعَ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ وُجُودِ الْمَلْزُومِ وَنَفْيِ اللَّازِمِ وَمِنْهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الشِّغَارِ وَشَبَهِهَا لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ نَفْيِ الْمَلْزُومِ وَمِنْ بَابِ إثْبَاتِ اللَّازِمِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَفْيِ الْمَلْزُومِ وَالْمَلْزُومُ هُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَيُسْتَعْمَلُ دَلِيلُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمَلْزُومِ نَفْيُ اللَّازِمِ وَاللَّازِمُ هُوَ الْإِرْثُ وَالْمَلْزُومُ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَاسْتَعْمَلَ دَلِيلَ خَصْمِهِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ وَهُوَ الْإِرْثُ وَذَلِكَ الْمَدْلُولُ اُسْتُعْمِلَ فِي نَقِيضِهِ دَلِيلٌ آخَرُ وَالْمَدْلُولُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي نَقِيضِهِ مَا ذَكَرَ وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَازِمُهُ الْإِرْثُ وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ إثْبَاتِ اللَّازِمِ فَلِرَعْيِ مَالِكٍ دَلِيلَ مُخَالِفِهِ فِي لَازِمِ مَدْلُولِهِ وَهُوَ الْإِرْثُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ اللَّازِمِ إثْبَاتُ الْمَلْزُومِ فَحَاصِلُهُ لَيْسَ فِي إعْمَالِ دَلِيلِ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إثْبَاتُ مَلْزُومٍ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا فِيهِ نَفْيُ مَلْزُومٍ وَإِثْبَاتُ لَازِمٍ كَمَا قَرَّرْنَا وَلَمَّا قَرَّرْنَا كَلَامَ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبَسَطْت سُؤَالَهُ وَجَوَابَهُ عَلَى مَا قَرَّرَهُ مِنْ دَلِيلِ رَعْيِ الْخِلَافِ وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْمَجْلِسِ الْمُرَاجَعَةُ فِي تَصْحِيحِ كَلَامِهِ وَأَشْكَلَ عَلَيْهِمْ دَعْوَى الشَّيْخِ رحمه الله أَنَّ ذَلِكَ مِنْ نَفْيِ الْمَلْزُومِ لَا مِنْ ثُبُوتِ الْمَلْزُومِ وَانْفَصَلَ الْمَجْلِسُ عَلَى نَظَرٍ وَبَحْثٍ فَرَاجَعْت كَلَامَ الشَّيْخِ رحمه الله فِي لَفْظِهِ فَوَجَدْتُ فِيهِ مَا يُشِيرُ إلَى بَعْضِ مَا وَقَعَ بِالْمَجْلِسِ مِنْ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ وَأَنَّ السَّائِلَ رحمه الله لَمَّا كَانَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ وَمِنْ الْأَشْيَاخِ الرَّاسِخِينَ وَبَلَغَهُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ الْعَالِمُ الثِّقَةُ الْأَمِينُ رَاجَعَهُ فِي كَلَامِهِ وَسُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ
وَبَعَثَ بِنَصِّ كَلَامِهِ وَتَلْخِيصِ مَا يَخُصُّ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ مَعَ حَذْفِ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ هُنَا أَنَّ السَّائِلَ رحمه الله قَالَ قَوْلُ الشَّيْخِ إنَّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ فِي الشِّغَارِ تَرْجِعُ إلَى نَفْيِ الْمَلْزُومِ غَيْرُ بَيِّنٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْبَيَانِ بِوُجُوهٍ حَذْفِنَا الْأَوَّلَ لِطُولِ الْكَلَامِ فِيهِ الثَّانِي مِنْ الْوُجُوهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ بَيِّنٍ أَنَّهُ أَبْطَلَ مَا ادَّعَى الشَّيْخُ مِنْ لُزُومِ الْإِرْثِ لِلنِّكَاحِ وَأَنَّهُ لَازِمٌ أَعَمُّ وَعَلَيْهِ يَتِمُّ الْجَوَابُ فَقَالَ السَّائِلُ اللَّازِمُ هُنَا مُسَاوٍ لِمَلْزُومِهِ لِأَنَّ الْإِرْثَ اللَّازِمَ لِلنِّكَاحِ الْمَخْصُوصِ إرْثٌ خَاصٌّ لَا إرْثٌ مُطْلَقٌ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِدَوَرَانِهِ مَعَ وُجُودِهِ طَرْدًا وَعَكْسًا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَنَفْيَهُ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ رحمه الله بِأَنْ قَالَ الْإِرْثُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِمُطْلَقِ النِّكَاحِ غَيْرِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ وَيَدْخُلُ تَحْتَهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وَنِكَاحٌ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّتِهِ وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ الْإِرْثُ مُسَاوٍ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ الْأَوَّلَ لَمْ يُعَارِضْ قَوْلَنَا بِحَالٍ لِأَنَّ الْمُدَّعَى لَيْسَ فِيهِ وَإِنَّمَا الْمُدَّعَى فِي أَنَّ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ مَلْزُومٌ لِلْإِرْثِ وَالْإِرْثُ لَازِمٌ لِنِكَاحٍ مُقَيَّدٍ بِالصِّحَّةِ وَالنِّكَاحُ الْمُقَيَّدُ بِالصِّحَّةِ مَلْزُومٌ لِمُطْلَقِ إرْثِ النِّكَاحِ الْأَعَمِّ الْمُقَابِلِ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَهَذَا اللَّازِمُ أَعَمُّ مِنْ الْمَلْزُومِ الْمَذْكُورِ ضَرُورَةَ كَوْنِ الْمَلْزُومِ مُقَيَّدًا بِالصِّحَّةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّازِمُ مُسَاوِيًا لِأَنَّا قَرَّرْنَا أَنَّ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ نِكَاحٍ وَمُطْلَقُ نِكَاحٍ قَابِلٌ لِلصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَإِنَّمَا يَتَوَهَّمُ الْمُسَاوَاةَ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ إذَا وَقَعَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ بِحَالٍ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ الضَّرُورِيَّةُ تَنْفِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ هَذَا خُلَاصَةُ رَدِّهِ عَلَى السَّائِلِ الْبَاحِثِ مَعَهُ فِي الرَّدِّ الثَّانِي عَلَى سُؤَالِهِ وَجَوَابِهِ وَهَذَا الْجَوَابُ قَدْ يُتَوَهَّمُ مُعَارَضَتُهُ لِقَوْلِهِ أَوَّلًا إنَّ فَسْخَ النِّكَاحِ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ لِأَنَّهُ جَعَلَ عَدَمَ الْإِرْثِ أَوَّلًا لَازِمًا وَهُنَا لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مُعَارَضٍ فِي التَّحْقِيقِ لِأَنَّهُ أَوَّلًا جَعَلَ الْمُسْتَلْزِمَ لِمَنْعِ الْإِرْثِ هُوَ الْفَسْخَ وَهُنَا ذَكَرَ أَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَلَا تَصِحُّ الْمُعَارَضَةُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ وَالْفَاسِدُ مُتَسَاوِيَيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ تَثْبُتْ مُسَاوَاتُهُمَا فَلَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَاسِدَ أَعَمُّ مِنْ الْمَفْسُوخِ وَمَا لَزِمَ الْأَخَصَّ قَدْ لَا يَلْزَمُ الْأَعَمَّ قَالَ السَّائِلُ الْمَذْكُورُ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ فِي الْبَحْثِ مَعَ الشَّيْخِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ مَا ذَكَرَ إنَّمَا هُوَ مِنْ نَفْيِ الْمَلْزُومِ لَا مِنْ ثُبُوتِهِ قَالَ وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَالسُّؤَالُ بَاقٍ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ أَيْضًا مِنْ إثْبَاتِ الْمَلْزُومِ لِأَنَّ نَفْيَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ هُوَ فَاسِدٌ النِّكَاحَ الْمَلْزُومَ
لِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ ثُمَّ قَرَّرَهُ بِمَا حَاصِلُهُ مُعَارَضَةٌ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ يَقُولُ مَا ذَكَرْت مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ عِنْدَنَا مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ وَذَلِكَ بِادِّعَاءِ أَنَّ فَسَادَ النِّكَاحِ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْمَلْزُومِ وَنَفْيِ لَازِمِهِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ رحمه الله بِمَنْعِ أَنَّ الْفَاسِدَ مِنْ النِّكَاحِ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ وَسَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّ الْمَلْزُومَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَلَاقَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ اللَّازِمِ وَهِيَ هُنَا أَنَّ نِسْبَةَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَى عَدَمِ الْإِرْثِ كَنِسْبَةِ النَّظَرِ الْفَاسِدِ إلَى عَدَمِ الْجَهْلِ وَالنَّظَرُ الْفَاسِدُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْجَهْلَ وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنْ نَقُولَ بِأَنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْإِرْثِ لَا لِعَدَمِ الْإِرْثِ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ يُوجِبُ تَرَتُّبَ بَعْضِ ثَمَرَاتِ الصَّحِيحِ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَرَاتِ الصَّحِيحِ الْإِرْثُ وَذَلِكَ يُنْتِجُ إبْطَالَ قَوْلِكُمْ إنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ مُسْتَلْزِمٌ لِعَدَمِ الْإِرْثِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَابِ الْأَوَّلِ بِاخْتِصَارٍ وَأَمَّا الْجَوَابُ الثَّانِي فَرَدُّ السَّائِلِ عَلَيْهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّخْصِيصِ بِالنَّقْضِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَكَذَلِكَ فِي الْعَقْلِيَّاتِ وَأَنَّ انْفِكَاكَ اللَّازِمِ عَنْ مَلْزُومِهِ جَائِزٌ فِي الْجَمِيعِ قَالَ وَبَيَانُ ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فَإِنَّهُ قَدْ يُوجَدُ النَّظَرُ الصَّحِيحُ وَلَا يُوجَدُ الْعِلْمُ لِطَرَيَانِ آفَةٍ وَهَذَا كَلَامٌ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ لَا يَصِحُّ وَأَغْلَظَ فِي الْقَوْلِ هُنَا وَأَلْزَمَهُ إلْزَامَاتٍ شَنِيعَةً وَحُقَّ لَهُ وَاسْتَدَلَّ عَلَى رَدِّ قَوْلِهِ بِأَدِلَّةٍ جَلِيَّةٍ وَمَا وَقَعَ بِهِ الْوَهْمُ أَنْ بَنَيْنَا عَلَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَنَّ اسْتِلْزَامَ النَّظَرِ عَادِيٌّ فَقَدْ خَرَجَتْ الْمَسْأَلَةُ عَنْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ عَقْلِيٌّ فَإِنَّهُ يَقَعُ الِاسْتِلْزَامُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ عَدَمُ الْآفَةِ وَهَذَا الْكَلَامُ حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ خُلَاصَةُ الْبَحْثِ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْلَا الْخُرُوجُ عَنْ الْمَقْصِدِ لَأَشَرْنَا إلَى بَعْضِ مَا يَرِدُ فِي ذَلِكَ وَتَقَعُ الْمُذَاكَرَةُ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ يُوَفِّقُ الْجَمِيعَ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ عَلَى النَّاظِرِ (فَإِنْ قُلْتَ) يَرِدُ عَلَى رَسْمِهِ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذَا أَعْمَلَ مُجْتَهِدٌ دَلِيلًا فِي لَازِمِ مَدْلُولٍ قَدْ أَعْمَلَ مُجْتَهِدٌ آخَرُ دَلِيلًا فِي نَقِيضِ ذَلِكَ الْمَدْلُولِ لِأَنَّ الرَّسْمَ صَادِقٌ عَلَيْهِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدٍ بِمُجْتَهِدٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ بَحْثٌ (فَإِنْ قُلْتَ) رَسْمُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَعُمُّ مُرَاعَاةَ الْخِلَافِ ابْتِدَاءً أَوْ وُقُوعًا أَوْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوُقُوعِ وَلَا يَصِحُّ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ ابْتِدَاءً (قُلْتُ) رَسْمُهُ يَعُمُّ ذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِثَالِ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْفَهْمِ وَلَا يُقْصَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكُرِهَ لِلْخِلَافِ الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ وَقَدْ أَجَابَ