الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ رَدِّهِ عَلَى الْقَرَافِيُّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَقَعَ لِابْنِ فَرْحُونٍ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَهُ فِي قَوَاعِدِهِ قَالَ وَهَذَا جَارٍ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيَّةِ وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَا يَقُولُونَ بِهِ وَذُكِرَ عَنْ شَمْسِ الدِّينِ الدِّمَشْقِيِّ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظَةُ أَشْهَدُ بَلْ مَتَى قَالَ رَأَيْت كَذَا أَوْ سَمِعْت كَذَا صَحَّ قَالَ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ أَصْبَغَ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ وَأَنَّ الْقَاضِي إذَا قَالَ لِلشَّاهِدِ هَذِهِ شَهَادَتُك فَقَالَ الشَّاهِدُ نَعَمْ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ وَلَيْسَ ذَلِكَ إنْشَاءً لِلشَّهَادَةِ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ عَنْ الْمَذْهَبِ مَا يَرُدُّ بِهِ عَلَى الْقَرَافِيُّ وَأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لَهُ ذَلِكَ اُنْظُرْهُ.
[بَابُ النَّقْلِ]
(ن ق ل) : بَابُ النَّقْلِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " النَّقْلُ عُرْفًا إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ لِقَاضٍ "" النَّقْلُ " لُغَةً مَعْلُومٌ وَقَدْ قَصَرَهُ الشَّرْعُ فِي عُرْفِهِ عَلَى بَعْضِ مَدْلُولِهِ وَعُرْفًا نُصِبَ عَلَى إسْقَاطِ الْخَافِضِ كَأَحَدِ الْأَوْجُهِ فِي الدَّلِيلِ لُغَةً وَقَوْلُ الشَّيْخِ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ إخْبَارُ صَيَّرَ الْجِنْسَ لِلنَّقْلِ وَالْإِخْبَارِ وَهُوَ مَصْدَرُ أَخْبَرَ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لَهُ مَعْنًى وَقَالَ فِي الْأَدَاءِ إعْلَامٌ (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ أَدْخَلَ الشَّيْخُ رحمه الله شَهَادَةَ النَّقْلِ تَحْتَ جِنْسِ شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَأَخْرَجَهَا بِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّقْلَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ جِنْسُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ وَمَقُولَتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَمَا صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ هُنَاكَ لَقَبٌ لِمَا يُصَرِّحُ الشَّاهِدُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِنْسَ لَهُمَا هُوَ قَوْلُهُ لَقَبٌ وَالنَّقْلُ هُوَ الْإِخْبَارُ كَمَا ذَكَرَ هُنَا وَهُوَ غَيْرُ الْجِنْسِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَ هُنَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ فِي الْحَدِّ السَّابِقِ لِقَوْلِهِ هُنَاكَ لَقَبٌ لِمَا يُصَرِّحُ الشَّاهِدُ إلَخْ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ غَيْرُ اللَّقَبِ وَإِنْ حَقَّقَ مَا ذَكَرَ هُنَاكَ فَيَقُولُ هُنَا لَقَبٌ لَا إخْبَارٌ إلَخْ وَحَاصِلُ السُّؤَالِ إنْ صَحَّ إدْخَالُ شَهَادَةِ النَّقْلِ فِيمَا قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا يُخْرِجُهُ مِنْ شَهَادَةِ السَّمَاعِ.
(قُلْتُ) الْجَوَابُ عَنْهُ أَنْ نَقُولَ الَّذِي أَخْرَجَ مِنْ حَدِّ شَهَادَةِ السَّمَاعِ هُوَ شَهَادَةُ النَّقْلِ لَا النَّقْلُ فِي قَوْلِهِ فَتَخْرُجُ شَهَادَةُ الْبَتِّ وَالنَّقْلُ مَخْفُوضٌ عُطِفَ عَلَى الْبَتِّ فَشَهَادَةُ النَّقْلِ غَيْرُ النَّقْلِ لِأَنَّ شَهَادَةَ النَّقْلِ لَقَبٌ وَالنَّقْلُ إعْلَامٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ قَوْلُهُ " إخْبَارُ الشَّاهِدِ " أَخْرَجَ بِهِ مَنْ
لَيْسَ بِشَاهِدٍ إذَا أَخْبَرَ بِسَمَاعٍ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَأَطْلَقَ الشَّاهِدَ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ السَّمَاعَ قَوْلُهُ " عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ " مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الَّذِي سَمِعَهُ يَذْكُرُ شَهَادَةَ عِنْدَهُ وَعَنْ سَمَاعِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِخْبَارِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ وَشَهَادَةُ غَيْرِهِ مَفْعُولٌ لِسَمَاعِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) النَّقْلُ إنَّمَا هُوَ إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ الْإِشْهَادَ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ لَا سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ (قُلْتُ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِسْمَاعِ وَالسَّمَاعِ وَيَدْخُلُ فِيهِ إذَا سَمِعَ شَهَادَةَ غَيْرِهِ يَشْهَدُ بِهَا غَيْرُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ سَامِعُهَا وَاخْتُلِفَ فِي إعْمَالِهَا وَصِحَّةُ نَقْلِهَا وَشَهَرَ ابْنُ رُشْدٍ صِحَّةَ النَّقْلِ فِيهَا وَأَجْرَى ذَلِكَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا سَمِعَ رَجُلًا وَاسْتَوْعَبَ كَلَامَهُ وَتَخَفَّى وَلَعَلَّهُ مَضَى فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ قَوْلُهُ " أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ " عَطْفٌ عَلَى السَّمَاعِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الشَّاهِدِ وَإِيَّاهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِخْبَارِ وَذَكَرَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لِيُدْخِلَ نَقْلَ النَّقْلِ وَفِي نُسْخَةٍ إيَّاهَا وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ ضَمِيرُ سَمَاعِهِ يَعُودُ عَلَى غَيْرِهِ فِي قَوْلِهِ " شَهَادَةَ غَيْرِهِ " وَضَمِيرُ إيَّاهَا عَلَى الشَّهَادَةِ وَأَدْخَلَ بِهَا أَيْضًا نَقْلَ النَّقْلِ.
وَقَوْلُهُ " الشَّاهِدِ " مَعْنَاهُ مَنْ نُسِبَتْ لَهُ الشَّهَادَةُ لِيَصْدُقَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَتَدْخُلُ فِيهِ عُمُومُ الشَّهَادَةِ لِكَيْ يَدْخُلُ نَقْلُ النِّسَاءِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ قُلْتَ) بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ لِقَاضٍ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْإِخْبَارِ (فَإِنْ قُلْتَ) فَكَيْفَ دَخَلَتْ اللَّامُ وَإِنَّمَا تَقُولُ أَخْبَرْت الْقَاضِي (قُلْتُ) اللَّامُ تَقْوِيَةٌ لِعَامِلِهَا وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُ الشَّيْخِ فَيَخْرُجُ إخْبَارُ غَيْرِ الْقَاضِي يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَ الشَّاهِدُ عَنْ سَمَاعِ شَهَادَةِ غَيْرِهِ رَجُلًا غَيْرَ قَاضٍ فَلَيْسَ بِنَقْلٍ عُرْفِيٍّ وَتَأَمَّلْ لِأَيِّ شَيْءٍ عَبَّرَ هُنَا بِقَوْلِهِ " لِقَاضٍ " وَلَمْ يَقُلْ الْحَاكِمُ كَمَا قَدَّمَ فِي غَيْرِ هَذَا (فَإِنْ قُلْتَ) مَا فَائِدَةُ قَوْلِ الشَّيْخِ ثَانِيًا أَوْ سَمَاعِهِ إيَّاهُ وَالْأَوَّلُ يَكْفِي عَنْهُ (قُلْتُ) لَا يَكْفِي عَنْهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ سَمَاعِهِ شَهَادَةَ غَيْرِهِ أَمَّا أَنَّهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ قَاضٍ أَوْ سَمِعَهُ يَذْكُرُهَا لِغَيْرِهِ وَالثَّانِيَةُ أَدْخَلَ بِهَا نَقْلَ النَّقْلِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ لِقَاضٍ مَعْمُولًا لِسَمَاعِهِ إيَّاهُ وَاللَّامُ لِلتَّقْوِيَةِ.
(قُلْتُ) لَا يَصِحُّ ذَلِكَ إذَا تُؤُمِّلَ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيَدْخُلُ نَقْلُ النَّقْلِ مَعْنَاهُ إذَا نَقَلَ شَاهِدٌ شَهَادَةَ شَاهِدٍ ثُمَّ نَقَلَ ثَانٍ عَنْ النَّاقِلِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلُ مَثَلًا يَقُولُ اُنْقُلْ شَهَادَتِي عَلَى فُلَانٍ أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَيَقُولُ الثَّانِي اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ فَيَصْدُقُ فِي إخْبَارِ الثَّانِي