الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ سَمَّاهَا عِدَّةً فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ وَقَالَ إنَّهَا كَعِدَّةِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ حَيْضَتَانِ (قُلْتُ) لَا شَكَّ أَنَّ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُعَيِّنُ أَنَّهَا عِدَّةٌ فَحَدُّ الْعِدَّةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاسْتِبْرَاءٍ وَجَوَابُ الشَّيْخِ بِالْمَجَازِ يَبْعُدُ فِي هَذِهِ لِقُوَّةِ قَوْلِهِ كَعِدَّةِ النِّكَاحِ فَعَلَى تَسْمِيَةِ هَذَا اسْتِبْرَاءً حَقِيقَةً تَرِدُ عَلَى عَكْسِ الِاسْتِبْرَاءِ وَعَلَى مَنْعِ حَدِّ الْعِدَّةِ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا الْخِلَافَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا عِدَّةٌ وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ بَاعَهَا (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا وَقَعَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي اللِّعَانِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ هَلْ بِحَيْضَةٍ أَوْ بِثَلَاثٍ (قُلْتُ) الْجَارِي عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَمَةِ يَخْرُجُ أَنَّهُ ثَلَاثُ حَيْضٍ لَكِنَّ نُصُوصَ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ بِحَيْضَةٍ وَأُجِيبَ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ قَوْلُهُ " وَالْمَوْرُوثَةُ " يَعْنِي إذَا مَاتَ رَجُلٌ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَلَا يَقْرَبُهَا الْوَارِثُ حَيْثُ يَصِحُّ وَطْؤُهُ حَتَّى يَقَعَ الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِرَفْعِ عِصْمَةٍ بِالْمَوْتِ وَإِنَّمَا هُوَ رَفْعٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا مَاتَ نَصْرَانِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ حُرَّةٍ وَوَطِئَهَا مُسْلِمٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا (قُلْتُ) تَزْوِيجُهَا بَعْدَ الْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ يَجْرِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْعِدَّةِ أَوْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَنَّ لَوَازِمَهُمَا تَخْتَلِفُ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ عِدَّةٌ أَوْ اسْتِبْرَاءٌ (قُلْتُ) وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ رحمه الله أَنَّ ذَلِكَ اسْتِبْرَاءٌ لَا عِدَّةٌ وَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهَا حَيْضَةً وَاحِدَةً (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا كَانَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَرِدُ عَلَى جَمْعِ الْحَدِّ لِأَنَّ فِيهَا رَفْعَ الْعِصْمَةِ وَفِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى الرَّسْمِ إنْ قُلْنَا بِصِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فَلَا لِأَنَّهَا لَيْسَ فِيهَا رَفْعُ مِلْكٍ وَالْعِدَّةُ عِنْدَهُمْ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ وَالِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَآتِ حَرَامٌ فِي الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْمَسْبِيَّةِ تُمْلَكُ بِشِرَاءِ الِاسْتِمْتَاعِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
[بَابُ الْمُوَاضَعَةِ]
(وض ع) : بَابُ الْمُوَاضَعَةِ
قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الْأَمَةِ مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا فِي حَوْزِ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا " قَوْلُهُ رحمه الله " أَنْ يُجْعَلَ " بِمَعْنَى الْجَعْلِ
مَعَ الْأَمَةِ وَهُوَ كَالْجِنْسِ لِلْمُوَاضَعَةِ فَهِيَ لَقَبٌ عَلَى الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ " وَمَعَ الْأَمَةِ " أَخْرَجَ بِهِ الْحُرَّةَ إذَا وَضَعَتْ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ أَوْ أَمِينَةٍ وَقَوْلُهُ " مُدَّةَ اسْتِبْرَائِهَا " أَخْرَجَ مَا إذَا وُضِعَتْ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ لِاخْتِبَارِ عَيْبِهَا قَوْلُهُ " مَقْبُولٍ خَبَرُهُ عَنْ حَيْضَتِهَا " نَائِبٌ عَنْ فَاعِلِ أَنْ يُجْعَلَ وَكَوْنُهُ مَقْبُولَ الْخَبَرِ أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْأَمِينِ وَعَنْ حَيْضَتِهَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَبَرِ وَأَخْرَجَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ عَيْبٍ بِهَا وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ رحمه الله قَبُولَ الْخَبَرِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَ مَقْبُولُ الْخَبَرِ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا قَالَ رَجُلٌ أَخْبَرَنِي جَارِي أَنَّهَا حَاضَتْ أَوْ زَوْجَتِي وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ إذَا أَوْدَعَ الْمُودَعُ عِنْدَ زَوْجَتِهِ وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ هُنَا أَشَدُّ وَكَذَلِكَ أَطْلَقَ وَلَوْ كَانَ مَقْبُولُ الْخَبَرِ مُبْتَاعًا وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَأْمُونِ أَهْلٌ وَفِي الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِي كَرَاهِيَتِهِ وَمَنْعِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ بَلْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الشَّأْنُ كَوْنُهَا عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ فَكَيْفَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ مَقْبُولٍ خَبَرُهُ (قُلْتُ) يَدْخُلُ لِأَنَّ الْمُرَادَ النِّسْبَةُ كَقَوْلِهِ إنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ رحمه الله (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ فِي فَصْلِ الْإِمَامَةِ قَالَ فِيهَا اتِّبَاعُ مُصَلٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يُتَّبَعَ مُصَلٍّ لِأَنَّهُ أَخْصَرُ وَهُنَا لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ وَيَقُولُ جَعَلَ مَقْبُولَ خَبَرٍ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ
(قُلْتُ) مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ اتِّبَاعٌ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَاقِعُ فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ بِخَطِّهِ وَفِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ سَيِّدِي عِيسَى الْغُبْرِينِيِّ أَنْ يُتْبَعَ عَلَى لَفْظِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَكَانَتْ فِي كِلَا النُّسْخَتَيْنِ اتِّبَاعُ ثُمَّ أُصْلِحَتْ إلَى مَا ذَكَرْنَا فَعَلَى ذَلِكَ لَا يَرِدُ هَذَا السُّؤَالُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ كَذَلِكَ فَلَعَلَّهُ رَاعَى رحمه الله فِي ذَلِكَ كَثْرَةَ الْبَيَانِ هُنَا فَلِذَلِكَ عَبَّرَ هُنَا بِمَا رَأَيْتَ وَفِيهِ نَظَرٌ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يَصْدُقُ حَدُّ الشَّيْخُ رضي الله عنه فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ أَمَّنَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ (قُلْتُ) ظَاهِرُ الْحَدِّ أَنَّ ذَلِكَ صَادِقٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَقْبُولَ الْخَبَرِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ مَذْهَبِيٌّ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَرَاهَةُ الْوَضْعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِالْمَنْعِ وَفِي النَّقْلِ اخْتِلَافٌ اُنْظُرْهُ وَالضَّمَانُ فِي الْمُوَاضَعَةِ مِنْ الْبَائِعِ فِيمَا يُحْدِثُ بِالْأَمَةِ وَالنَّقْدِ بِشَرْطٍ لَا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ وَطْءٌ لِلْمُبْتَاعِ وَلَا تَلَذُّذٌ.