الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَصَحَّ وَكَانَ أَظْهَرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَصَدَ الصَّلَاةَ عُرْيَانًا فَفِيهِ مَانِعُ الصَّلَاةِ فَإِنْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ فَصَدَقَ عَلَيْهِ حَدُّ التَّطْهِيرِ فَيَكُونُ غَيْرَ مُطَّرِدٍ وَكَذَلِكَ يَصْدُقُ أَيْضًا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ ثُمَّ اسْتَقْبَلَ وَيَجْرِي فِي نَقَائِضِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا (قُلْتُ) لَا يَرِدُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَانِعَ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَشْهُورٌ وَإِنَّ ذَلِكَ نَشَأَ عَنْ أَحْدَاثٍ وَأَسْبَابٍ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ لَا رَبَّ غَيْرُهُ.
[بَابُ الْمَاءِ الطَّهُورِ]
(ط هـ ر) : بَابُ الْمَاءِ الطَّهُورِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " الْمَاءُ الطَّهُورُ مَا بَقِيَ بِصِفَةِ أَصْلِ خَلْقِهِ غَيْرَ مُخْرَجٍ مِنْ نَبَاتٍ وَلَا حَيَوَانٍ وَلَا مُخَالِطٍ بِغَيْرِهِ " حَدَّ الشَّيْخُ رضي الله عنه الْمَاءَ الطَّهُورَ وَعَيَّنَ الْحَدَّ لِلطَّهُورِ وَعَدَّلَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِإِيهَامِ لَفْظِهِ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ وَلَمَّا أَوْرَدُوهُ عَلَى حَدِّهِ وَمَا اسْتَثْنَاهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا نُقِضَ بِهِ عَلَى حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ مَاءِ وَرْدٍ وَشِبْهِهِ وَقَوْلُهُ غَيْرَ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ الْفَاعِلِ وَعَدَلَ عَنْ لَفْظِهِ إلَى قَوْلِهِ " مَا بَقِيَ بِصِفَةِ أَصْلِ خَلْقِهِ إلَخْ " لِلِاحْتِرَازِ مِنْ النَّقْضِ عَلَيْهِ بِمَاءٍ نَقَضَ عَلَى غَيْرِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) لِأَيِّ شَيْءٍ غَيَّرَ وَاخْتَصَرَ بِقَوْلِهِ " مَا بَقِيَ بِصِفَةِ أَصْلِ خَلْقِهِ " وَلَمْ يَأْتِ بِعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ.
(قُلْتُ) لِأَنَّ عِبَارَتَهُ رحمه الله أَقَلُّ أَحْرُفًا مِنْ عِبَارَتِهِ وَأَخْصَرُ مِنْهَا وَعَادَتُهُ يُحَافِظُ عَلَى تَمَامِ الِاخْتِصَارِ إذَا وَجَبَ مَسْلَكًا وَقَدْ ظَهَرَ مَا أَوْجَبَ الْعُدُولَ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يَرِدُ عَلَى حَدِّ الشَّيْخِ الْمَاءُ إذَا سَخِنَ أَوْ بَرَدَ أَوْ الثَّلْجُ إذَا ذَابَ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَبْقَ عَلَى صِفَةِ أَصْلِ خَلْقِهِ (قُلْنَا) لَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُلْحَقٌ وَمَثَّلَ لِلْمَاءِ الطَّهُورِ وَلِذَا قَالَ " وَمِثْلُهُ إلَخْ " وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَبْعَدٌ جِدًّا وَإِنَّ الْجَوَابَ لَمْ يَظْهَرْ (فَإِنْ قُلْتَ) الْمَاءُ إذَا كَانَ عَذْبًا ثُمَّ صَارَ مَالِحًا أَوْ بِالْعَكْسِ كَيْفَ يَصْدُقُ فِيهِ حَدُّهُ.
(قُلْتُ) هَذَا مِثْلُ السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ " الْمَاءُ الطَّهُورُ مَا بَقِيَ إلَخْ " مَا مَوْصُولَةٌ وَالتَّقْدِيرُ ذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي بَقِيَ بِصِفَةِ خَلْقِهِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَمَا عُصِرَ مِنْ نَبَاتٍ وَمَا خَرَجَ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الدَّمْعِ وَغَيْرِهِ وَلِذَا أُخْرِجَ
ذَلِكَ بِالْقَيْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ " غَيْرَ إلَخْ " لِيَكُونَ حَدُّهُ مُطَّرِدًا (فَإِنْ قُلْتَ) مَاءُ النَّبَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهُ تَحْتَ الْجِنْسِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَاءَ لَمْ يَبْقَ عَلَى صِفَةِ خَلْقِهِ فَإِنَّ صِفَةَ أَصْلِ خَلْقِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُخْرَجٍ وَلَا مُخَالَطٍ.
(قُلْتُ) لَعَلَّهُ أَشَارَ بِصِفَةِ الْخَلْقِ إلَى مَا لَيْسَ فِيهِ تَغْيِيرُ لَوْنٍ وَلَا طَعْمٍ وَلَا رَائِحَةٍ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَى التَّقَيُّدِ بِهِ فِي الْمَاءِ الطَّهُورِ الَّذِي أَتَى بِالْحَقِّ صلى الله عليه وسلم وَأَشَارَ بَعْضُ شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ هُوَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ وَلَا طَعْمُهُ وَلَا رَائِحَتُهُ وَإِنَّ هَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَهُمْ اصْطِلَاحًا عُرْفِيًّا وَهُوَ الَّذِي حَمَلْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْجَوَابِ وَإِذَا كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ عُرْفًا انْدَفَعَ سُؤَالُ الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ وَالسُّؤَالُ الَّذِي بَعْدَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُ الشَّيْخِ رضي الله عنه بِصِفَةِ أَصْلِ خَلْقِهِ هَلْ يُقَالُ عَبَّرَ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الصِّفَةَ فِي الشَّيْءِ يُمْكِنُ تَغَيُّرُهَا فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَا تَغَيَّرَتْ صِفَتُهُ بِمَا خَالَطَهُ بَعْدَ صِفَةِ خَلْقِهِ، وَلَوْ قَالَ بَقِيَ بِصِفَةِ خِلْقَتِهِ لَا يَخْرُجُ بِهِ ذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَ الْخِلْقَةِ مَوْجُودٌ فِي الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ (قُلْتُ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ ذَلِكَ وَلَا يُقَالُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَمَا احْتَاجَ إلَى إخْرَاجِ مَا أَخْرَجَ مِنْ نَبَاتٍ لِأَنَّهُ إذَا عُصِرَ أَوْ قُطِرَ فَلَيْسَتْ فِيهِ صِفَةُ خَلْقِهِ لِتَغَيُّرِهِ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ مَحَلِّهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ هُنَا بِالصِّفَةِ الصِّفَةُ الْحِسِّيَّةُ الَّتِي هِيَ الطَّعْمُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرَّائِحَةُ لَا الصِّفَةُ النِّسْبِيَّةُ وَإِلَّا لِمَا دَخَلَ فِيهِ الْمَطَرُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ الَّذِي عَصَرَتْهُ السَّحَابُ وَغَيْرُ ذَلِكَ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ غَيْرُ مُخَالَطٍ بِغَيْرِهِ.
(قُلْتُ) مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا طَرَأَ عَلَى الْمَاءِ مِمَّا خَالَطَهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ لَا مَا خَالَطَهُ وَغَيَّرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خَرَجَ بِقَوْلِهِ " مَا بَقِيَ بِصِفَةِ خَلْقِهِ " لِأَنَّ مَا غُيِّرَ لَمْ يَبْقَ بِصِفَةِ خَلْقِهِ كَالتُّرَابِ عَلَى قَوْلٍ وَكَذَلِكَ مَا خُولِطَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَبْحَرَ إذَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ وَلَمْ يُغَيِّرْهُ يَلْزَمُ عَلَى تَعْرِيفِهِ أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ وَهُوَ خِلَافُ الِاتِّفَاقِ وَهَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ. وَقَوْلُ الشَّيْخِ رحمه الله وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ الْبَاقِي عَلَى أَصْلِ خِلْقَتِهِ يَبْطُلُ رَدُّهُ مَاءُ الْوَرْدِ هَذَا الْكَلَامُ يُوهِمُ أَنَّ رَسْمَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلطَّهُورِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَهُوَ يَعُودُ عَلَى الطَّهُورِ وَالشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَمَلَ الضَّمِيرَ أَنْ يَعُودَ عَلَى