الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إخْبَارُ الشَّاهِدِ عَنْ سَمَاعِهِ إخْبَارُ الشَّاهِدِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا تَعَدَّدَ النَّقْلُ فَالْوَسَائِطُ أَطْلَقَ عَلَيْهَا نَقْلًا فِي قَوْلِهِ نَقْلُ النَّقْلِ وَلَيْسَ فِي الْوَسَائِطِ إخْبَارٌ لِقَاضٍ فَالْحَدُّ غَيْرُ صَحِيحٍ (قُلْتُ) إطْلَاقُ النَّقْلِ عَلَى الْوَسَائِطِ لُغَةً وَالْمُعْتَبَرُ شَرْعًا هُوَ الطَّرَفُ الْأَخِيرُ الَّذِي وَقَعَ لِلْقَاضِي قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَيَخْرُجُ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِغَيْرِ قَاضٍ يَعْنِي إذَا أَخْبَرَ الشَّاهِدُ الثَّانِي غَيْرَ الْقَاضِي فَلَا يُقَالُ فِيهِ نَقْلٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقٍ لِقَاضٍ بِالْإِخْبَارِ وَلَمَّا كَانَ نَقْلُ النَّقْلِ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ بَلْ مَأْخُوذًا مِنْ ظَوَاهِرَ اسْتَدَلَّ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ بِقِيَاسٍ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ فَقَالَ النَّقْلُ عَنْ الْأَصْلِ شَيْءٌ وَكُلُّ شَيْءٍ يَجُوزُ النَّقْلُ فِيهِ فَالنَّقْلُ يَجُوزُ النَّقْلُ فِيهِ وَهُوَ الْمُدَّعَى دُخُولُهُ فِي تَعْرِيفِهِ الصُّغْرَى ضَرُورِيَّةٌ وَالْكُبْرَى مَنْصُوصَةٌ بِنَصِّهَا.
(فَإِنْ قُلْتَ) الْكُبْرَى يَقْدَحُ فِي عُمُومِهَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ فَإِنَّ فِيهَا نِزَاعًا وَقَدْ أَجَازَهَا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَمَنَعَهَا سَحْنُونٌ فَالْكُبْرَى غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى عُمُومِهَا فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَا (قُلْتُ) الشَّيْخُ رحمه الله ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا مَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِهِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ جَوَازُهَا فِي التَّعْدِيلِ وَالتَّجْرِيحِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ الِاسْتِدْلَال بِظَاهِرِ عُمُومِهَا عَلَى الْأَمْرَيْنِ عَلَى جَوَازِ نَقْلِ النَّقْلِ وَعَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى التَّعْدِيلِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّخْصِيصِ وَمَالِكٌ مُخَالِفٌ لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَرَادٌّ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى التَّعْدِيلِ فِيهَا تَفْصِيلٌ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ أَوْ قَبْلَهَا وَتَأَمَّلْ مَا فِي ذَلِكَ.
[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]
(ر ج ع) : بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله هُوَ انْتِقَالُ الشَّاهِدِ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ بِأَمْرٍ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ دُونَ نَقِيضِهِ قَوْلُهُ " انْتِقَالُ " مَصْدَرُ انْتَقَلَ وَالِانْتِقَالُ أَصْلُهُ فِي الْمَحْسُوسَاتِ الْخُرُوجُ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعٍ وَقَدْ يُطْلَقُ فِي الْمَعَانِي مِثْلُ الرُّجُوعِ عَنْ قَوْلٍ أَوْ رَأْيٍ وَمِنْهُ رُجُوعُ الشَّاهِدِ وَفِيهِ مُسَامَحَةٌ وَتَجَوُّزٌ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ مَيْلُ الشَّاهِدِ (قُلْتُ) الِانْتِقَالُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الرُّجُوعِ مِنْ الْمَيْلِ لِأَنَّ الْمَيْلَ يَدُلُّ عَلَى قُرْبِهِ مِنْ عَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ وَإِنْ كَانَ أَخْصَرَ مِنْ الِانْتِقَالِ لَكِنَّهُ لَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ قَوْلُهُ " الشَّاهِدِ " أَخْرَجَ غَيْرَ الشَّاهِدِ قَوْلُهُ " بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ " أَخْرَجَ بِهِ انْتِقَالَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى رُجُوعًا قَالَ الشَّيْخُ وَذَلِكَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ يُسَمَّى رُجُوعًا فَعَلَيْهِ يُحْذَفُ
بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ عَلَى رَأْيٍ وَعَلَى رَأْيٍ وَهُوَ أَخْصَرُ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ (قُلْتُ) لَمْ يَنْضَبِطْ ذَلِكَ لَهُ فِي رُسُومِهِ فِيمَا رَأَيْته قَوْلُهُ " بِأَمْرٍ " يَتَعَلَّقُ بِالشَّهَادَةِ قَوْلُهُ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِهِ مُتَعَلِّقٌ بِانْتِقَالُ وَضَمِيرُ قَوْلِهِ بِهِ يَعُودُ عَلَى الْأَمْرِ أَيْ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِالْأَمْرِ وَإِذَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَمْرِ دَخَلَهُ الشَّكُّ فِيهِ أَوْ الْوَهْمُ وَلِذَا قَالَ رحمه الله فَيَدْخُلُ انْتِقَالُ الشَّاهِدِ إلَى شَكٍّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إنَّ الشَّاكَّ حَاكِمٌ أَوْ لَيْسَ بِحَاكِمٍ يَعْنِي أَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُ فِيهِ الِانْتِقَالُ إلَى الشَّكِّ سَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ الشَّاكَّ لَيْسَ بِحَاكِمٍ أَوْ حَاكِمٍ وَأَشَارَ إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الشَّاكِّ مِنْ كَلَامِ الْمَحْصُولِ وَالْقَرَافِيِّ اُنْظُرْ مُخْتَصَرَهُ الْأُصُولِيَّ رحمه الله فَإِنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِيهِ قَوْلُهُ " دُونَ نَقِيضِهِ " الضَّمِيرُ فِي نَقِيضِهِ الْمُضَافُ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الْأَمْرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ دُونَ الْجَزْمِ بِنَقِيضِهِ وَمَعْنَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الرَّسْمِ أَنَّ الرُّجُوعَ شَرْطُهُ الِانْتِقَالُ إلَى عَدَمِ الْجَزْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ لَا الِانْتِقَالُ إلَى الْجَزْمِ بِنَقِيضِ مَا شَهِدَ بِهِ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَكَانَ التَّعْرِيفُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِصُورَةِ الشَّكِّ إذَا عَرَضَ لَهُ بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَتِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا فَائِدَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَأَيُّ شَيْءٍ قَصَدَ بِهَا (قُلْتُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقَّقَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي الرُّجُوعِ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرَ لَا الِانْتِقَالُ إلَى النَّقِيضِ كَمَا قَرَّرْنَا وَيَخْرُجُ بِهِ مَا ذَكَرْنَا (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ لَا لِأَنَّهَا أَخْصَرُ مِنْ دُونَ (قُلْتُ) لَا يَصِحُّ ذَلِكَ صِنَاعَةً لِأَجْلِ حَذْفِ الْخَافِضِ لِلنَّقِيضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَخْرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ انْتِقَالَ الشَّاهِدِ إلَى نَقِيضِ مَا شَهِدَ بِهِ وَجَزَمَهُ بِهِ وَهَذَا رُجُوعٌ يُوجِبُ تَجْرِيحَهُ وَرَدَّ شَهَادَتِهِ مُطْلَقًا وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَقْضِيَةِ إذَا اسْتَقَالَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَادَّعَى وَهْمًا بِشُبْهَةٍ أُقِيلَ وَلَا يُبْطِلُ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ وَإِنْ اعْتَرَفَ بِكَذِبِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي هَذَا وَفِي غَيْرِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الرُّجُوعَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ فِيهَا إنَّهُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ بَلْ رُجُوعٌ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ لِأَنَّ تَعْرِيفَهُ لِمُطْلَقِ رُجُوعٍ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى مَا ذَكَرْته وَقَدْ قَسَّمُوا الرُّجُوعَ إلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثٍ وَقَسَّمُوهُ إلَى عَمْدٍ وَغَيْرِهِ (قُلْتُ) الْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ أَظْهَرُ فِي قَصْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَدَّى الشَّاهِدُ شَهَادَتَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مَا ذَكَرَ عِنْدَ غَيْرِ قَاضٍ أَوْ عِنْدَ نَفْسِهِ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ ذَلِكَ رُجُوعٌ مَعَ أَنَّ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ قَالَا لَا يَتَقَرَّرُ رُجُوعٌ إلَّا عِنْدَ مَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ (قُلْتُ) قَدْ قَالَ سَحْنُونٌ بِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَدَّى عِنْدَهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَلَنَا أَنْ