الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِيهَا بِالْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ (فَإِنْ قُلْتَ) مُتْعَةُ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ كَيْفَ يَدْخُلُ فِي رَسْمِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مِنْ الزَّوْجَةِ لَا مِنْ الزَّوْجِ (قُلْتُ) لَنَا أَنْ نَقُولَ الرَّسْمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا مُتْعَةَ لِمَنْ ذَكَرَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَإِنْ قُلْنَا بِالشَّاذِّ فَيُقَالُ الزَّوْجَةُ نَائِبَةٌ عَنْ الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُطَلِّقُ إلَّا أَنَّهُ يُقَالُ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ إيَّاهَا أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.
[بَابُ الْوَلِيمَةِ]
(ول م) : بَابُ الْوَلِيمَةِ
قَالَ رضي الله عنه الْبَاجِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ طَعَامُ النِّكَاحِ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهَا طَعَامُ الْإِمْلَاكِ وَقِيلَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْإِمْلَاكِ (قُلْتُ) تَأَمَّلْ هَذَا فَفِيهِ بَحْثٌ مَعَ مَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحِلِّهَا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ فِيهَا أَنْ يُولِمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَنَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ الْإِطْعَامَ عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَ عَقْدِهِ» وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ اسْتِحْبَابَهَا عِنْدَ الْبِنَاءِ وَعِنْدَ الْعَقْدِ قَالَ وَاسْتَحَبَّهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَمَا ذَكَرَهُ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ لَا يُعَيِّنُ عَقْدًا وَلَا دُخُولًا لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي مَدْلُولِهِ خِلَافٌ وَقَوْلُ الْخَطَّابِيِّ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ الدُّخُولِ وَالْعَقْدِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ فِيهِ مَا رَأَيْته وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
(ط ل ق) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ الطَّلَاقِ
قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبًا تَكَرُّرهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ " ذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله هَذَا الرَّسْمَ وَذَكَرَ بَعْدَهُ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِهِ رحمه الله أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يَرْسِمْهُ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ مَشْعُورٌ بِهَا لِلْعَوَامِّ قَالَ الشَّيْخُ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمَشْعُورَ بِهِ وُقُوعُهُ مِنْ حَيْثُ صَرِيحُ لَفْظِهِ أَمَّا الْحَقِيقَةُ فَلَا
وَلَا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَهَذَا حَقٌّ لَا شَكَّ فِيهِ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ قَوْلُهُ فِي رَسْمِهِ " صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ " تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْجِنْسِ بِمَا يُنَاسِبُ الْمَحْدُودَ وَهُنَا الْمَحْدُودُ تُنَاسِبُهُ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ كَمَا قَدَّمْنَا فِي الطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهَا مَعَانٍ تَقْدِيرِيَّةٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْبَحْثِ الْمُتَقَدِّمِ قَوْلُهُ " تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ " أَخْرَجَ بِهِ الطَّهَارَةَ وَمَا شَابَهَهَا مِنْ الْأَسْبَابِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَانِعٌ وَالطَّهَارَةُ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ سَبَبٌ وَإِنْ كَانَتْ شَرْطًا فِي الصَّلَاةِ وَالطَّلَاقُ لَمَّا كَانَ مَانِعًا نَاسَبَ فِيهِ ذِكْرُ الرَّفْعِ فَلِذَا قَالَ فِيهَا تَرْفَعُ عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ رحمه الله قَالَ فِي الْإِحْرَامِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ حُرْمَةَ إلَخْ فَتَأَمَّلْ مَا الْفَرْقُ فِي ذَلِكَ (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ ثَمَّ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ تَرْفَعُ الْحِلِّيَّةَ مَعَ تَوَجُّبِ الْحُرْمَةِ أَوْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا (قُلْتُ) الرَّفْعُ أَشَدُّ مِنْ إيجَابِ الْمَنْعِ فِي الْحِلِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي النَّسْخِ وَذِكْرُ الرَّفْعِ هَاهُنَا أَنْسَبُ بِالطَّلَاقِ وَفِيهِ بَحْثٌ قَوْلُهُ " حِلِّيَّةَ " لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا لِأَنَّ الْمُتْعَةَ لَا تُرْفَعُ وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا قَوْلُهُ " الزَّوْجَةِ إلَخْ " أَخْرَجَ بِهِ حِلِّيَّةَ الْمُتْعَةِ بِغَيْرِهَا.
(فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُهُ حِلِّيَّةَ الْمُتْعَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الرَّجْعِيَّةَ لَا يَحِلُّ التَّلَذُّذُ بِهَا وَقَدْ ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ فِي التَّلَذُّذِ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا الْخِلَافَ (قُلْتُ) ذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ الشُّيُوخُ مِثْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ وَعِيَاضٍ وَغَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي الْجُلُوسِ عِنْدَهَا (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ ذَكَرَ فِي رَسْمِ الْعِدَّةِ الرَّأْيَيْنِ وَبَنَى الْحَدَّ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ هُنَا (قُلْتُ) يَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَأْوِيلِهِ بَعْدُ وَفِي الرَّجْعَةِ قَوْلُهُ " مُوجِبٌ تَكَرُّرُهَا مَرَّتَيْنِ إلَخْ " صِفَةٌ لِلصِّفَةِ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ عَلَى نُسْخَةِ الرَّفْعِ وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مُوجِبًا فَهُوَ نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ زَادَ ذَلِكَ لِأَوْجُهٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ يَخْرُجُ بِذَلِكَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ تَمْنَعُ أَوْ تَرْفَعُ الْمُتْعَةَ بِالزَّوْجَةِ وَذَلِكَ مِثْلُ إحْرَامِ الْحَجِّ وَأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةَ الْمُتْعَةِ بِالزَّوْجَةِ فَزَادَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ وَهُوَ أَنَّ مُوجِبَ تَكَرُّرِ الصِّفَةِ حُرْمَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَذَلِكَ مِنْ خَاصِّيَّةِ الطَّلَاقِ الْمُمْتَازِ بِهِ عَنْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ فَزَادَ ذَلِكَ لِيُخْرِجَ بِذَلِكَ مَا يُوجِبُ عَدَمَ طَرْدِ حَدِّهِ بِإِحْرَامِ الصَّلَاةِ أَوْ إحْرَامِ الْحَجِّ وَصِفَةِ الِاعْتِكَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا يُقَالُ إنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ لَا يَرْفَعُ بَلْ يَمْنَعُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنَاهُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالْمَنْعِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَمَنَعَ قَوْلُهُ " قَبْلَ زَوْجٍ " زَادَ هَذَا الْقَيْدَ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ لَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ الْمُطْلَقَةَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهَا مُقَيَّدَةً فَزَادَ الْقَيْدَ لِيَجْمَعَ خَاصِّيَّتَهُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) ضَمِيرُ تَكَرُّرِهَا يَعُودُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَيْفَ تُكَرَّرُ وَإِنَّمَا
يَتَكَرَّرُ التَّطْلِيقُ وَالتَّطْلِيقُ غَيْرُ الطَّلَاقِ (قُلْتُ) إذَا تَكَرَّرَ التَّطْلِيقُ فَقَدْ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ تَقْدِيرًا وَالتَّطْلِيقُ حِسِّيٌّ وَالطَّلَاقُ تَقْدِيرِيٌّ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي الطَّهَارَةِ التَّطْهِيرَ وَالطَّهَارَةَ فَكَذَلِكَ نَقُولُ هُنَا التَّطْلِيقُ وَالطَّلَاقُ فَرَسْمُ التَّطْلِيقِ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ رحمه الله كَمَا عَرَّفَ التَّطْهِيرَ وَيُمْكِنُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ التَّلَفُّظُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ بِصَرِيحِهِ أَوْ كِنَايَتِهِ ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً وَيَأْتِي حَدُّ الصَّرِيحِ مِنْ كَلَامِهِ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ (فَإِنْ قُلْتَ) بِمَنْ نَصَبَ مَرَّتَيْنِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْعَدَدِيِّ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِمَرَّتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُوجِبُ لِلتَّحْرِيمِ وَالزَّائِدُ لَا أَثَرَ لَهُ وَيُقَالُ فِي الطَّلَاقِ الثَّانِي تَكَرَّرَ وَكَذَا الثَّالِثُ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ مُتَكَرِّرٌ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بَيْنَ مَنْعِ حِلِّيَّةِ الْمُتْعَةِ وَبَيْنَ الْحُرْمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَرَفْعُ حِلِّيَّةِ الْمُتْعَةِ لَا يَسْتَدْعِي التَّحْرِيمَ وَمُقْتَضَى التَّحْرِيمِ يَرْفَعُ حِلِّيَّةَ الْمُتْعَةِ قَطْعًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصِّفَةَ الْحُكْمِيَّةَ فِي الطَّلَاقِ وَالطَّهَارَةِ عِنْدَ الْقَرَافِيُّ يَرْجِعَانِ إلَى الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ اُنْظُرْ الْقَوَاعِدَ مِنْهُ وَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الطَّهَارَةِ وَقَدْ أَوْرَدَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّ حَدَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِخُرُوجِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَهَذَا تَطْلِيقٌ وَهُوَ يُوجِبُ الطَّلَاقَ وَالطَّلَاقُ هُوَ الصِّفَةُ الْحُكْمِيَّةُ وَالْبَتَّةُ لَا تَتَبَعَّضُ فَلَا يَقَعُ تَكَرُّرٌ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ تَكَرُّرٍ ضَرُورَةَ عَدَمِ التَّبْعِيضِ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ التَّكَرُّرُ فِي التَّطْلِيقِ فَلَا يَقَعُ فِي الطَّلَاقِ وَقَدْ قَالَ مُوجِبٌ تَكَرُّرُهَا فَالْحَدُّ غَيْرُ جَامِعٍ (قُلْتُ) لَنَا أَنْ نَمْنَعَ عَدَمَ التَّبْعِيضِ فَإِنَّ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِهِ وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرْتُمْ إذَا تُؤُمِّلَ لِأَنَّ التَّكَرُّرَ مَوْجُودٌ تَقْدِيرًا وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ إذًا مُوجِبٌ تَكَرُّرُهَا وُجُودًا أَوْ تَقْدِيرًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَدَّهُ عَامٌّ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ طَلَّقَ خُلْعًا أَوْ رَجْعَةً طَلَاقًا وَاحِدًا أَوْ ثَلَاثًا مُجْتَمِعًا أَوْ مُفْتَرِقًا.
(فَإِنْ قُلْتَ) وَكَيْفَ يَصْدُقُ حَدُّهُ عَلَى طَلَاقِ الْخُلْعِ وَالْخُلْعُ هُوَ نَوْعُ مُعَاوَضَةٍ (قُلْتُ) التَّعْرِيفُ يَصْدُقُ عَلَى مَعْنَى الطَّلَاقِ لَا عَلَى مَا يُوجِبُ الطَّلَاقَ وَالْخُلْعُ أَوْجَبَ الطَّلَاقَ وَالرَّسْمُ لِلطَّلَاقِ الْمُقْسَمِ إلَى أَقْسَامٍ تَخْتَلِفُ أَسْبَابُهَا (فَإِنْ قُلْتَ) طَلَاقُ الرَّجْعِيَّةِ كَيْفَ رَفَعَ حِلِّيَّةَ الْمُتْعَةِ فِي حَالِ طَلَاقِهَا إنَّمَا رَفَعَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.
(قُلْتُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نَقْلَانِ فِي مَذْهَبِنَا فَاَلَّذِي نَقَلَهُ عِيَاضٌ رحمه الله أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ حَتَّى تَقَعَ حِلِّيَّتُهَا وَاَلَّذِي نَقَلَ ابْنُ بَشِيرٍ أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا (قُلْتُ) وَاَلَّذِي حَقَّقَهُ الشَّيْخُ بَعْدَ هَذَا
أَنَّ الزَّوْجِيَّةَ أَعَمُّ مِنْ إبَاحَةِ الِاسْتِمْتَاعِ وَعَدَمِهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ مَرْغُوبٌ عَنْهُ (فَإِنْ قُلْتَ) جَرَتْ عَادَةُ الشَّيْخِ رضي الله عنه إذَا كَانَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ خِلَافٌ يُشِيرُ فِي رَسْمِهِ إلَى الرَّأْيَيْنِ وَيَذْكُرُ فِيهِ رَسْمَيْنِ فَيَحُدُّهُ عَلَى رَأْيٍ بِكَذَا وَعَلَى الْآخَرِ بِكَذَا وَقَدْ قَدَّمْنَا لَهُ نَظَائِرَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَهُنَا لَمْ يَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ مَعَ أَنَّك عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ مَا ذُكِرَ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ لَمَّا ضَعُفَ عِنْدَهُ الْقَوْلُ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ فَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مَا يَخُصُّهُ وَكَانَ هَذَا يَقَعُ الْجَوَابُ بِهِ هُنَا وَيَقَعُ الْإِقْنَاعُ بِهِ حَتَّى رَأَيْت فِي رَسْمِ الرَّجْعَةِ أَنَّهُ أَشَارَ فِي حَدِّهَا إلَى الرَّأْيَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فَتَقْوَى عِنْدِي السُّؤَالُ وَضَعُفَ مِنْ السُّؤَالِ الْحَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَقَالِ وَالْمُوَفِّقُ فِي الْأَعْمَالِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ قَالُوا إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَكُونُ مُبَاحًا وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَأَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ فَهَلْ أَطْلَقُوا ذَلِكَ عَلَى الطَّلَاقِ الْمَحْدُودِ أَوْ عَلَى التَّطْلِيقِ (قُلْتُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ الطَّلَاقُ الْمَحْدُودُ وَأَسْنَدَ إلَيْهِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ التَّطْلِيقِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُ الْإِبَاحَةِ وَبَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ (فَإِنْ قُلْتَ) قَدْ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» فَكَيْفَ يَكُونُ الْحَلَالُ مَبْغُوضًا وَالْبُغْضُ مِنْ اللَّهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ وَالْمَعْنَى الْمُحَالُ فِي حَقِّهِ مُحَالٌ تَقَرُّرُهُ وَلَكِنْ فِيهِ الْكِنَايَةُ عَنْ شِدَّةِ الْكَرَاهَةِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يُوصَفُ بِالْحِلِّيَّةِ (قُلْتُ) هَذَا سُؤَالٌ مَعْلُومٌ قَدْ أَجَابَ عَنْهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ وَأَصْلُ السُّؤَالِ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يُضَافُ إلَّا إلَى جِنْسِ الْمَوْصُوفِ بِهِ فَلَا يُقَالُ زَيْدٌ أَفْضَلُ الْحَمِيرِ وَإِذَا كَانَ الْبُغْضُ يَرْجِعُ إلَى الْكَرَاهَةِ فَكَيْفَ يُقَالُ الطَّلَاقُ أَكْرَهُ الْحَلَالِ وَالْحَلَالُ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْحَلَالَ مَا نُفِيَ فِيهِ الْحَرَجُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَاجِبُ وَالْمَكْرُوهُ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ مِنْ أَشَدِّ الْمَكْرُوهَاتِ وَقَدْ كَانَ يَمْشِي لَنَا أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى وَقَرَّرَ الشَّيْخُ فَهْمَ الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ رضي الله عنه مَحْمَلُ كَوْنِهِ أَبْغَضَ أَنَّهُ أَقْرَبُ الْحَلَالِ إلَى الْبُغْضِ فَنَقِيضُهُ أَبْعَدُ عَنْ الْبُغْضِ فَيَكُونُ أَحَلَّ مِنْ الطَّلَاقِ كَقَوْلِ مَالِكٍ إلْغَاءُ الْبَيَاضِ أَحَلُّ هَذَا لَفْظُهُ وَفِيهِ تَعْقِيدٌ وَكَانَ يَمُرُّ لَنَا فِي فَهْمِهِ أَنَّ خُلَاصَةَ فَهْمِ الْحَدِيثِ أَنَّ عَدَمَ الطَّلَاقِ أَحَلُّ مِنْ الطَّلَاقِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ كَوْنَ الطَّلَاقِ مُبَاحًا اسْتَوَتْ فِيهِ الطَّرَفَانِ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ أَبْغَضَ أَقْرَبُ الْحَلَالِ إلَى الْبُغْضِ لِأَنَّ الْحَلَالَ فِيهِ مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ الْبُغْضِ وَفِيهِ مَا يَكُونُ بَعِيدًا عَنْ