الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَدْخُلُ تَحْتَ الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الرَّسْمُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَارْتَضَاهُ كَمَا تَرَى مَا يُورِدُ عَلَيْهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ كَلَامٌ يَحْتَاجُ إلَى الْفَهْمِ عَنْهُ وَالْمُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ إمَامٌ لَا يَطَّلِعُ عَلَى غَوْرِ كَلَامِهِ إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَمَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ وَجْهِ الظِّهَارِ وَالتَّفْلِيسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا كَمَا إذَا بَاعَ دَيْنًا قَدْ تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةٍ بِدَيْنٍ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ تَحَيُّلٌ كَمَا إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَذَا لَمْ يَقْصِدْ فِيهِ إلَى بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لَكِنْ آلَ أَمْرُهُ إلَى تُهْمَةِ ذَلِكَ فَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَرَّةً أَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَمَرَّةً مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَذَلِكَ بِخِلَافِ وَجْهِ الشِّغَارِ وَصَرِيحُهُ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ هُنَالِكَ وَلِذَا أَشَارَ الْمَغْرِبِيُّ فِي وَجْهِ الشِّغَار بِقَوْلِهِ صَيَّرَ وَجْهَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَصَرِيحِهِ وَلَمْ يُصَيِّرْ وَجْهَ الشِّغَارِ كَصَرِيحِهِ وَمَا ذُكِرَ فِيهِ نَظَرٌ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَجْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله أَنَّ وَجْهَ الظِّهَارِ وَصَرِيحَهُ فِي بَابِهِ وَاحِدٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لَنَا وَجْهُ الظِّهَارِ إلَّا فِي كِنَايَتِهِ.
وَأَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْنَا فِي اخْتِلَاف الْحُكْمِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ فِي الْوَجْهِ إذَا ادَّعَى الطَّلَاقَ فَتَأَمَّلْهُ وَأَمَّا صَرِيحُ التَّفْلِيسِ وَوَجْهُ التَّفْلِيسِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ رحمه الله بِالصَّرِيحِ إذَا كَانَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ وَأَرَادَ بِوَجْهِ التَّفْلِيسِ فِيمَا لَمْ يَحِلَّ إذَا فَلَّسَ فِيمَا قَدْ حَلَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[بَابٌ فِي الْغَرَرِ]
(غ ر ر) : بَابٌ فِي الْغَرَرِ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله قَالَ الْمَازِرِيُّ " الْغَرَرُ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَامَةِ وَالْعَطَبِ " قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه يُرِيدُ ذُو الْغَرَرِ أَوْ صِفَةُ مَا تَرَدَّدَ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ إنْ بَقِيَ مِنْ غَيْرِ حَذْفٍ فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِمَا تَرَدَّدَ لِأَنَّ الْجِنْسَ لَيْسَ مِنْ مَقُولَةِ الْمَحْدُودِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ إمَّا مِنْ الْحَدِّ وَإِمَّا مِنْ الْمَحْدُودِ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] هَلْ يُحْذَفُ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الثَّانِي لِأَنَّ دَلَالَةَ الِاقْتِضَاءِ هُنَا تَقْتَضِي أَنْ لَا بُدَّ مِنْ حَذْفٍ وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِهِ رضي الله عنه -
فَإِنْ وَقَعَ الْحَذْفُ مِنْ الْأَوَّلِ صَحَّ الْجِنْسُ لِلْمَحْدُودِ لِأَنَّهُ مِنْ مَقُولَتِهِ وَإِنْ وَقَعَ الْحَذْفُ مِنْ الثَّانِي صَحَّ أَيْضًا ذَلِكَ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ لَمَّا حَقَّقَ صِحَّةَ التَّرْكِيبِ فِي الْحَدِّ قَالَ إنَّ الرَّسْمَ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ قَالَ لِخُرُوجِ غَرَرٍ فَاسِدٍ صَوَّرَ بَيْعَ الْجُزَافِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَغَيْرَهُمَا إذْ لَا عَطَبَ فِيهِمَا.
(قُلْتُ) أَشَارَ بِذَلِكَ رحمه الله أَنَّ الْجُزَافَ يُشْتَرَطُ فِيهِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُمَا جَاهِلَانِ عَالِمَانِ جَاهِلَانِ بِالْمِقْدَارِ عَالِمَانِ بِالْحَزْرِ فَلَوْ قَدَّرْنَا عِلْمَهُمَا بِالْمِقْدَارِ لَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لِأَجْلِ الدُّخُولِ عَلَى الْغَرَرِ إذْ لَا عَطَبَ فِي ذَلِكَ وَالْغَرَرُ مَوْجُودٌ وَكَذَلِكَ فِي بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ثُمَّ قَالَ رحمه الله وَالْأَقْرَبُ أَنَّ بَيْعَ الْغَرَرِ " مَا شُكَّ فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ أَوْ مَقْصُودٍ مِنْهُ غَالِبًا " قَوْلُهُ " مَا شُكَّ " مَا صَادِقَةٌ عَلَى الْبَيْعِ أَيِّ بَيْعٍ وَهُوَ جِنْسُ الْغَرَرِ قَوْلُهُ " فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ " مِثْلَ بَيْعِ الْبَعِيرِ الشَّارِدِ أَوْ الْجَنِينِ وَيَدْخُلُ فِيهِ فَاسِدُ بَيْعِ الْجُزَافِ فَإِنَّهُ فِيهِ شَكٌّ فِي حُصُولِ عِوَضِهِ قَوْلُهُ " أَوْ مَقْصُودٍ مِنْهُ غَالِبًا " مَعْطُوفٌ عَلَى حُصُولِ مَعْنَاهُ أَوْ مَا شُكَّ فِي مَقْصُودٍ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ غَالِبًا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ مَعَ اخْتِلَافِ قَدْرِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقَعْ شَكٌّ فِي الْمَقْصُودِ مِنْهُ غَالِبًا (فَإِنْ قُلْتَ) وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَفِي رِوَايَةٍ «عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ» وَتَعَرَّضَ الْمَازِرِيُّ لِرَسْمِ الْغَرَرِ فَقَطْ. .
(قُلْتُ) إنَّمَا تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَحْدَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَصَاةِ مِنْ الْغَرَرِ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْعُرْبَانِ وَبَيْعُ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَكَذَلِكَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ أَوْ أَصْنَافِ الْغَرَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَرَسْمُ الْغَرَرِ يُغْنِي لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ وَرَسْمُ كُلِّ صِنْفٍ بِخَاصَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بَيْعُ الْغَرَرِ ذُو الْجَهْلِ وَالْخَطَرِ وَتَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ مُتَعَقَّبٌ بِأَنَّ الْجَهْلَ صِفَةٌ لِلْعَاقِدِ وَالْغَرَرَ صِفَةٌ لِلْمَبِيعِ فَهُوَ تَعْرِيفٌ بِمُبَايَنٍ قَالَ وَلِأَنَّ الْخَطَرَ مُسَاوٍ لِلْغَرَرِ وَتَعَذُّرُ التَّسْلِيمِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الْأُصُولِيُّونَ حِكْمَةً فِي التَّعْلِيلِ بِالْغَرَرِ (قُلْتُ) وَهَذَا جَلِيٌّ فِي الرَّدِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَهْلَ يَكُونُ مِنْ وَصْفِ الْفَاعِلِ وَيَكُونُ مِنْ وَصْفِ الْمَفْعُولِ يُقَالُ الْعَاقِدُ بِهِ جَهْلٌ بِالْمَبِيعِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ أَيْ بِهِ جَهْلٌ بِمَعْنَى مَجْهُولٌ وَفِيهِ غَرَرٌ وَغَرَرُهُ هُوَ جَهْلُهُ لَكِنَّ