الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَاسِعِ إلَّا بَعْدَ الْحَلْقِ وَوَجَدْت شَيْخَهُ رحمه الله أَوْرَدَهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الشُّرُوطَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ ضِدَّهَا فِي الْإِبْطَالِ.
[بَابٌ فِي مُوجِبِ الْقَضَاءِ لِرَمَضَانَ]
َ وَوَاجِبُهُ الصِّيَامُ الْمَضْمُونُ
قَالَ رحمه الله " فِطْرُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَلَوْ مُكْرَهًا " وَالْمَعْنَى بِهِ عَمْدًا اخْتِيَارًا هَذَا أَيْضًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ إلَّا مَا نَقَلَ عِيَاضٌ فِي قَوْلِهِ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ قَضَاءُ مُفْطِرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا قَالَ الشَّيْخُ لَعَلَّ الشَّاذَّ عِنْدَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى فِي الْحَالِفِ اُنْظُرْهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
[بَابٌ فِي مُوجِبِ الْكَفَّارَةِ فِي إفْسَادِ رَمَضَانَ]
قَالَ رحمه الله (انْتِهَاكٌ لَهُ لِمُوجِبِ الْغُسْلِ وَطْئًا وَإِنْزَالًا وَالْإِفْطَارُ بِمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ أَوْ الْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ) قَوْلُهُ " انْتِهَاكٌ لَهُ " إنَّمَا يَكُونُ الِانْتِهَاكُ مَعَ الْعَمْدِ وَأَمَّا النَّاسِي وَالْمُتَأَوِّلُ فَلَا. قَوْلُهُ " لِمُوجِبِ الْغُسْلِ " مِثْلُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْقَضَاءِ لَكِنْ هُنَا فَسَّرَهُ بِالْوَطْءِ وَالْإِنْزَالِ (فَإِنْ قِيلَ) لَمْ يَزِدْ هَذَا الْقَيْدُ فِي إبْطَالِ الصَّوْمِ (قُلْنَا) لَمَّا ذَكَرَ الِانْتِهَاكَ نَاسَبَ ذَلِكَ لِأَنَّ الِانْتِهَاكَ بِالْإِنْزَالِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ قَوْلُهُ " وَالْإِفْطَارُ " هَذَا مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي مَسَائِلَ.
[بَاب زَمَن قَضَاء الْفِطْر فِي رَمَضَان]
بَابٌ زَمَنُ الْقَضَاءِ
قَالَ رحمه الله (زَمَنُ قَضَائِهِ غَيْرُ زَمَنِهِ وَمَا حَرُمَ صَوْمُهُ) اللَّخْمِيُّ أَوْ وَجَبَ بِنَذْرٍ هَذَا أَخْصَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
[بَابٌ فِي قَدْرِ كَفَّارَةِ الْعَمْدِ لِلْفِطْرِ فِي رَمَضَان]
بَابٌ فِي قَدْرِ كَفَّارَةِ الْعَمْدِ
قَالَ رحمه الله " قَدْرُهَا سِتُّونَ مُدًّا نَبَوِيًّا لِسِتِّينَ مِسْكِينًا بِالسَّوِيَّةِ " وَهُوَ ظَاهِرٌ.
[كِتَابُ الِاعْتِكَافِ]
(ع ك ف) :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ الِاعْتِكَافِ
قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله " لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ بِصَوْمٍ مَعْزُومٍ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ " قَوْلُهُ " لُزُومُ " اللُّزُومُ هُنَا بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ لُبْثٍ فِي " مَسْجِدٍ " أَوْ غَيْرِهِ وَلِذَا قَيَّدَهُ بِمَسْجِدٍ مُطْلَقٍ وَأَخْرَجَ بِهِ اللُّزُومَ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ لِلْمُجَاوِرِ بِهَا أَوْ غَيْرِ الْمَسْجِدِ وَقَوْلُهُ " مُبَاحٍ " يُخْرِجُ مَسْجِدَ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَكَفُ فِيهِ وَقَوْلُهُ " لِقُرْبَةٍ " احْتَرَزَ بِهِ مِمَّا إذَا كَانَ مُلَازِمًا لَا لِقُرْبَةٍ وَقَوْلُهُ " قَاصِرَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْمُتَعَدِّيَةَ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الِاعْتِكَافِ وَمَنْ لَازَمَ لَهَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعْتَكِفٌ وَبِهَا اعْتَرَضَ الشَّيْخُ رحمه الله عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ " بِصَوْمٍ " الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ وَالصَّوْمُ رُكْنٌ فِيهِ أَوْ شَرْطٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَخْرَجَ بِهِ إذَا لَازِمُ الْمَسْجِدَ بِغَيْرِ صَوْمٍ وَيَخْرُجُ بِهِ الْجِوَارُ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ صَوْمٌ وَقَوْلُهُ " مَعْزُومٌ ". صِفَةٌ لِلُزُومٍ لِأَنَّ اللُّزُومَ بِمَعْنَى الْإِقَامَةِ وَالْإِقَامَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ بِنِيَّةِ الْعَزْمِ عَلَى الدَّوَامِ فَلِذَا خُصِّصَ اللُّزُومُ وَقَوْلُهُ " يَوْمًا وَلَيْلَةً " مُتَعَلِّقٌ بِدَوَامِهِ وَهُوَ أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ عَلَى مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي نُسْخَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَوَقَعَ فِي نُسْخَةٍ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَقِيلَ وَلَيْلَةٌ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فَعَرَّفَ الشَّيْخُ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَعَلَّهُ عِنْدَهُ الْمَشْهُورُ وَانْظُرْ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ.
(فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِاللُّزُومِ مَعْنًى (قُلْتُ) ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ لُزُومَ الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَلَيْلَةً مَعْزُومٌ عَلَى ذَلِكَ اللُّزُومِ - يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَيَكُونُ اللُّزُومُ الْمُرَادُ بِهِ اللُّبْثُ وَلَوْ رَدَّ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ سُؤَالًا حَاصِلُهُ مَا سِرُّ ذِكْرِ الدَّوَامِ فِي رَسْمِهِ رحمه الله وَلَوْ حُذِفَ لَصَحَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ وَأَجَبْت عَنْهُ بِأَنِّي ظَهَرَ لِي
أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ لِإِخْرَاجِ مَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ الْعَزْمَ مُتَعَلِّقُهُ دَوَامُ اللُّزُومِ لَا اللُّزُومُ وَمَا يَتِمُّ الْإِخْرَاجُ لِلصُّوَرِ إلَّا بِهِ وَكَذَلِكَ مَا أَوْرَدَهُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ إنَّمَا يَتِمُّ بِذِكْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ " سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ " اُسْتُثْنِيَ رضي الله عنه هَذَا لِيُخْرِجَ هَذِهِ الصُّورَةَ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ " دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً " فَكَأَنَّهُ قَالَ مَعْزُومٌ عَلَى الدَّوَامِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمًا وَلَيْلَةً إلَّا فِيمَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ لَا يَعْزِمُ عَلَى الدَّوَامِ فِيهِ وَلَوْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ لَكَانَ إذَا خَرَجَ فِي حَالَةِ خُرُوجِهِ يَقَعُ النَّقْضُ بِهِ كَمَا اُعْتُرِضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَوْرَدَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ إنَّهُ إذَا خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا عَلَى الشَّاذِّ وَوَقَعَ الْجَوَابُ عَنْهُ وَإِنَّهُ غَيْرُ مُقْنِعٍ وَقَوْلُهُ " لَوْ لِمُعَيِّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ " الَّذِي فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ لِمُعَيِّنِهِ بِالْيَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَالنُّونِ وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى لِمَعْنِيِّهِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ بَعْدَ النُّونِ وَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْحَاجَاتِ لِلْإِنْسَانِ وَالْحَاجَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ مِنْهَا مَا يُمْنَعُ فِي الْمَسْجِدِ وَمِنْهَا مَا يَجُوزُ فَإِذَا خُصِّصَ ذَلِكَ بِالصِّفَةِ وَالضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ بِ " فِيهِ " يَعُودُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى الْمَعْنَى الَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِيهِ الْخُرُوجُ وَيُضْطَرُّ إلَيْهِ مِمَّا هُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْمَسْجِدِ كَالْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالْجَنَابَةِ إذَا احْتَلَمَ فَيَجِبُ الْخُرُوجُ لِلْغُسْلِ وَلِلْحَيْضِ وَلِلْمَرَضِ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ حَتَّى يَزُولَ الْمَانِعُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجَ لِشِرَاءِ طَعَامِهِ الضَّرُورِيِّ بِهِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الْأَكْلُ الْخَفِيفُ فَلَا يَخْرُجُ لَهُ وَكَذَلِكَ النَّوْمُ وَهُمَا قَرِيبَتَانِ مَعْنًى.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ عَرَّفَ الشَّيْخُ رحمه الله الِاعْتِكَافَ الصَّحِيحَ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ حَدُّ مَا هُوَ أَعَمُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ مَا هُوَ أَخَصُّ وَلِذَا زَادَ فِي حَدِّهِ كَافًا إلَخْ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ هُنَا مَا يَدُلُّ عَلَى مُرَاعَاتِهِ بِوَجْهٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَ شُرُوطَهُ وَأَرْكَانَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ كَافًا عَنْ مَوَانِعِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا بَالُ الشَّيْخِ اعْتَبَرَ مَا هُوَ أَعَمُّ وَفِي الصَّوْمِ رَاعَى مَا هُوَ أَخَصُّ (قُلْتُ) فِي الصَّوْمِ أَتَى بِرَسْمٍ أَعَمَّ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِ وَلِمَنْ زَادَ الْخُصُوصَ أَنْ يَزِيدَ فِي الرَّسْمِ كَافًا عَنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) لَمْ يَعْتَرِضْ الشَّيْخُ رحمه الله عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا سَكِرَ لَيْلًا وَصَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ مَعَ أَنَّهُ قَصَدَ الْحَدَّ الصَّحِيحَ وَلَا يُقَالُ لَعَلَّهُ قَصَدَ الْحَدَّ الصَّحِيحَ عَلَى قَوْلٍ وَلَمْ
يَقْصِدْ الْمَشْهُورَ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ قُيُودَ الْمَشْهُورِ كَالْمَسْجِدِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالصَّوْمُ وَفِيهِ خِلَافٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ (قُلْتُ) لَمْ يَظْهَرْ جَوَابٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قُلْتَ) وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَيْضًا بِعَدَمِ اطِّرَادِهِ إذَا اعْتَكَفَ فِي مَسَاجِدِ الْبُيُوتِ وَهُوَ لَيْسَ بِاعْتِكَافٍ شَرْعِيٍّ عَلَى مَا نَصُّوا عَلَيْهِ وَلِذَا زَادَ فِي حَدِّهِ مُبَاحٌ (قُلْتُ) أَشَارَ إلَى الْعَهْدِ فِي الْأَلِفِ وَاللَّامِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمُطْلَقَةِ وَهُوَ الْحَقِيقِيَّةُ وَمَسْجِدُ الدَّارِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ مَسْجِدٌ بِالْإِطْلَاقِ فَحُمِلَ عَلَى الْمَجَازِ فِيهِ لِلتَّقْيِيدِ وَلِذَا لَمْ يَعْتَرِضْ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى لِوُرُودِ سُؤَالٍ يُقَالُ فِيهِ إنْ صَحَّ ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ الشَّيْخُ لِوَصْفِ الْمَسْجِدِ بِالْإِبَاحَةِ بَلْ يَقُولُ كَمَا عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ (فَإِنْ قُلْتَ) الِاعْتِكَافُ قُرْبَةٌ وَالصَّلَاةُ قُرْبَةٌ وَالصِّيَامُ قُرْبَةٌ وَالشَّيْخُ رحمه الله صَيَّرَ الْجِنْسَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ مُخْتَلِفٌ (كَذَا) فَقَالَ فِي الصَّلَاةِ قُرْبَةٌ وَقَالَ فِي الصِّيَامِ عِبَادَةٌ وَقَالَ هُنَا فِي الِاعْتِكَافِ لُزُومُ مَسْجِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُنَاسَبَةِ وَسِرِّ عُدُولٍ وَسِرِّ التَّخْصِيصِ (قُلْتُ) أَمَّا الصَّلَاةُ فَقَدْ قَدَّمْنَا إنَّ الْقُرْبَةَ وَالْعِبَادَةَ مُتَقَارِبَانِ إلَّا أَنَّ الْقُرْبَةَ أَخْصَرُ لَفْظًا فَعَدَلَ إلَيْهَا كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ وَتَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ أَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقَعَ التَّعْبِيرُ فِيهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فَإِنَّمَا عَبَّرَ بِاللُّزُومِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ أَقْرَبُ لِلِاعْتِكَافِ وَأَصْلُهُ لُغَةً اللُّزُومُ وَفِي الشَّرْعِ حَقِيقَةً فِي لُزُومٍ خَاصٍّ وَعَدَلَ الشَّيْخُ عَنْ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ لِلْعِبَادَةِ إلَى قُرْبَةٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَيَتَأَكَّدُ السُّؤَالُ عَلَيْهِ فِي الصَّوْمِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) نَقَلَ الشَّيْخِ هُنَا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ الِاعْتِكَافُ قُرْبَةٌ وَهَذَا حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهِ وَالْحُكْمُ لَا يَصِحُّ التَّعْرِيفُ بِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الْمَحْدُودِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَيُقَالُ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ صَحَّ التَّعْرِيفُ بِالْقُرْبَةِ وَصُيِّرَتْ جِنْسًا لِلصَّلَاةِ مُقَيَّدَةً بِمَا ذُكِرَ مَعَهَا (قُلْتُ) لَيْسَتْ الْقُرْبَةُ فِي حَدِّ الصَّلَاةِ مَحْكُومًا بِهَا بَلْ الْمُرَادُ ذِكْرُ جِنْسِهَا الْأَقْرَبِ لَهَا وَلَمَّا عَرَّفَ ابْنُ الْحَاجِبِ رحمه الله الِاعْتِكَافَ بِقَوْلِهِ لُزُومُ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ الْمَسْجِدَ لِلْعِبَادَةِ صَائِمًا كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ يَوْمًا فَمَا فَوْقَهُ بِالنِّيَّةِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه يُرَدُّ بِحَشْوِ الْمُسْلِمِ وَالنِّيَّةِ وَالْجِمَاعِ لِإِغْنَاءِ الْعِبَادَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ عَنْهَا يَعْنِي لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ الِالْتِزَامِ وَهَذَا وَاقِعٌ فِي كَلَامِ شَيْخِهِ فَهُوَ مَسْبُوقٌ بِهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ وَيَبْطُلُ طَرْدُهُ وَقَعَ فِي كَلَامِ شَيْخِهِ أَيْضًا مَا يُومِئُ إلَيْهِ وَقَوْلُ الشَّيْخِ رحمه الله وَبِأَنَّ حَالَ مَنْ اعْتَكَفَ إلَخْ هَذَا لَمْ
يُشِرْ إلَيْهِ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ حَسَنٌ أَدَارَ فِيهِ التَّقْسِيمَ فِي الْخَارِجِ لِلْحَاجَةِ إذَا كَانَ مُعْتَكِفًا فَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعْتَكِفٌ فَالرَّسْمُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِعَدَمِ وُجُودِ لُزُومِ الْمَسْجِدِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ عَكْسُهُ أَيْضًا بِاعْتِكَافِهِ سَائِرَ الْيَوْمِ سِوَى وَقْتِ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَمْ يُلَازِمْ الْمَسْجِدَ يَوْمًا كُلَّهُ لِخُرُوجِهِ فِي الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ شَرْعًا وَلَمْ يَصْدُقْ فِيهِ الرَّسْمُ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَيُبْطِلُهُ إلَخْ (فَإِنْ قُلْتَ) هَذَا هَلْ هُوَ رَاجِعٌ لِإِبْطَالِ طَرْدِ الرَّسْمِ أَوْ لِإِبْطَالِ عَكْسِهِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ لِإِبْطَالِ الْعَكْسِ لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُحَقِّقَ أَنَّ ثَمَّ صُورَةٌ مِنْ الِاعْتِكَافِ وَلَا يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهَا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي رَسْمِهِ وَغَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَزِدْ الْعَزْمَ الْمَذْكُورَ وَالضَّمِيرُ فِي الْيَوْمِ الْمُضَافِ إلَيْهِ يَعُودُ عَلَى الِاعْتِكَافِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يَبْطُلُ عَكْسُهُ حَالَ مَنْ أَتَمَّ يَوْمَ الِاعْتِكَافِ قَبْلَ تَمَامِهِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ مَعْمُولٌ لِلْحَالِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ أَتَمَّ يَوْمَ الِاعْتِكَافِ بِلُزُومِ الْمَسْجِدِ فَحَالَةُ لُزُومِ الْمُعْتَكَفِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعْتَكِفٌ شَرْعًا وَانْظُرْ حَدَّ الصَّوْمِ هَلْ يَرِدُ هَذَا عَلَيْهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) مَا بَالُ الشَّيْخِ رحمه الله خَصَّ الْجُمُعَةَ بِالذِّكْرِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَتَرَكَ مَا يُوَافِقُهَا كَالْخُرُوجِ لِتَمْرِيضِ الْأَبَوَيْنِ (قُلْتُ) لَعَلَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ مُعَيَّنِهِ إلَخْ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ.
(فَإِنْ قُلْتَ) مَا سِرُّ كَوْنِ الشَّيْخِ رحمه الله عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَمْ يَأْتِ بِمَا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ (قُلْتُ) لِأَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فِي مُسَمَّى الِاعْتِكَافِ كَمَا قَدَّمْنَا قَبْلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ النَّقْلِ وَلَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخْصَرُ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ يَلْزَمُهُ إذَا لَازَمَ الْمَسْجِدَ بِشُرُوطِهِ يَوْمًا أَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعْتَكِفٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَتَى بِجُزْءِ الِاعْتِكَافِ لَا بِكُلِّ الِاعْتِكَافِ وَالْجُزْءُ غَيْرُ الْكُلِّ فَهَذِهِ صُورَةٌ نُقِضَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ طَرْدِهِ بِقَوْلِهِ يَوْمًا فَمَا فَوْقَهُ فَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه يَوْمًا وَلَيْلَةً لِأَنَّ قَوْلَهُ فَمَا فَوْقَهُ يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْيَوْمِ وَقَدْ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِ قَبْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ فِي طَرَفَيْ تَقْسِيمِهِ وَأَوْرَدَ الشَّيْخُ رحمه الله عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ الْيَوْمَ إنْ أُرِيدَ بِهِ النَّهَارُ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى النَّهَارِ شَيْئًا صَحَّ فِيهِ الِاعْتِكَافُ مَعَ الْيَوْمِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الدَّوْرَةُ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ