الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابٌ فِي شَرْطِ حَظِّ الْعَامِلِ]
قَالَ كَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ بِنِسْبَتِهِ لِكُلِّ غَلَّةِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى أَوْ بِكَوْنِهِ كُلَّهُ مُتَّحِدًا فِي سَقْيِهَا قَوْلُهُ " مَعْلُومُ الْقَدْرِ بِنِسْبَتِهِ " لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ الْقِرَاضِ قَوْلُهُ " لِكُلِّ غَلَّةٍ " هَذَا الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ " أَوْ بِكَوْنِهِ " عُطِفَ عَلَى نِسْبَتِهِ أَدْخَلَ بِهِ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ لِكُلِّ الْغَلَّةِ وَقَاسَهَا عَلَى الْقِرَاضِ وَفِيهِ لَهُمْ بَحْثٌ.
(فَإِنْ قُلْت) إذَا جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ بِكُلِّ الثَّمَرَةِ فَهَلْ ذَلِكَ هِبَةٌ لِلْعَامِلِ (قُلْت) قَالَ التُّونُسِيُّ هَذَا كُلُّهُ كَالْهِبَةِ وَإِنْ انْتَفَعَ رَبُّهَا بِسَقْيِ أُصُولِهِ كَالْعَبْدِ الْمُخْدَمِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُخْدِمِ لَا عَلَى سَيِّدِهِ وَوَقَعَ لِسَحْنُونٍ أَنَّ ذَلِكَ مِنْحَةً لَا مُسَاقَاةً وَانْظُرْ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ " مُتَّحِدًا " إلَخْ أَدْخَلَ بِهِ إذَا سَاقَى حَائِطَيْنِ فِي عَقْدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِمُسَاقَاةِ حَائِطَيْنِ سِقَاءً وَاحِدًا.
(فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ يَجُوزُ مُسَاقَاةُ الْعَامِلِ (قُلْت) نَعَمْ أَجَازَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَّاهَا مُسَاقَاةً إذَا كَانَ فِي مِثْلِ أَمَانَتِهِ قَالَ فِي السَّمَاعِ يُسَاقِي مَنْ شَاءَ عَلَى نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ.
(فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ يَجُوزُ الرِّبْحُ فِي مُسَاقَاةِ الْعَامِلِ مِثْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى النِّصْفِ وَيُعْطِي عَلَى الثُّلُثَيْنِ (قُلْت) لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِيهَا مُشْكِلٌ وَفِيهِ بَحْثٌ لِلشَّيْخِ رحمه الله وَعِنْدِي لَوْ ذَكَرَ رَسْمًا لِلْعَامِلِ لَكَانَ صَوَابًا وَعَلَيْهِ تَجْرِي مَسَائِلُ فِي ذَلِكَ كَعَادَتِهِ فِي رُسُومِهِ، وَقَدْ قَدَّمْت الْإِشَارَةَ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ السُّنِّيِّ. رحمه الله
[بَابٌ فِي الْعَمَلِ فِي الْمُسَاقَاةِ]
يَظْهَرُ مِنْ الشَّيْخِ رحمه الله أَنَّهُ ارْتَضَى كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فِي بَيَانِهِ لَهُ بِقَوْلِهِ عَمَلُ الْمُسَاقَاةِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَلَّةُ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَإِنْ زَايَلَتْ الْأُصُولَ سَقَطَتْ قَوْلُهُ " مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَلَّةُ " فِيهِ إبْهَامٌ لَكِنْ بَيَّنَهُ كَمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ.
(فَإِنْ قُلْت) وَهَلْ يَصْلُحُ مَا ذَكَرَهُ عَنْهَا بَيَانًا لِلْعَمَلِ (قُلْت) لَفْظُهُ قَابِلٌ لَهُ وَالصَّوَابُ أَنْ يُضَافَ مَا لِلَّخْمِيِّ لِلْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِمَجْمُوعِ ذَلِكَ وَلَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله مَا ذَكَرْنَا قَالَ إنَّ عَمَلَ الْمُسَاقَاةِ كُلِّيٌّ فِي الذِّمَّةِ فَيَجِبُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ كَمُسْلِمٍ فِيهِ وَتَأَمَّلْ بَاقِي كَلَامِهِ وَبَحْثُهُ رحمه الله هُنَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْعُرْفَ مُبَيِّنٌ لِلْعَمَلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]
(ز ر ع) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ
كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه الْمُزَارَعَةُ
شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ وَبِالثَّانِي عَبَّرَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ عَبَّرَ بِالْأَوَّلِ (قُلْتُ) أَصْلُهَا لُغَةً مَعْلُومٌ وَشَرْعًا رَدَّهَا إلَى نَوْعٍ مِنْ الشَّرِكَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدُّ الشَّرِكَةِ وَأَنَّهَا خَاصَّةٌ وَعَامَّةٌ وَأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي حَدِّ الْأَعَمِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ عِوَضِ الْعَمَلِ وَفِي الْأَخَصِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ وَأَشَارَ الشَّيْخُ رحمه الله إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِلَفْظِ الْمُزَارَعَةِ فِيهِ خِلَافٌ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ وَيَظْهَرُ فِي سَبَبِ الْخِلَافِ مَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ «لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ زَرَعْت وَلْيَقُلْ حَرَثْت» وَالْقُرْآنُ يَشْهَدُ لِهَذَا وَفِي كَوْنِهِ نَسَبَ الْحِرَاثَةَ لِلْآدَمِيِّينَ وَالزِّرَاعَةَ لِلْخَالِقِ (فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ رحمه الله بِأَنَّ الزِّرَاعَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى حَقِيقَةِ الشَّرِكَةِ وَعَلَى حَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ فَكَيْفَ قَالَ الشَّيْخُ شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ فَهَلَّا قَالَ شَرِكَةٌ وَإِجَارَةٌ فِي الْحَرْثِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُغَارَسَةِ فِي قَوْلِهِ جُعْلٌ وَإِجَارَةٌ وَذَاتُ شَرِكَةٍ فِي الْأَصْلِ (قُلْتُ) وَإِنْ قُلْنَا فِيهَا الْأَمْرَانِ لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهَا أَحَدُهُمَا فَرَأَى الشَّيْخُ رحمه الله أَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهَا حُكْمُ الشَّرِكَةِ وَالْإِجَارَةُ تَبَعٌ لَهَا فَلِذَا قَالَ شَرِكَةٌ فِي الْحَرْثِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَغْلِيبِ الشَّرِكَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَغْلِيبِ الْإِجَارَةِ (فَإِنْ قُلْتَ) لَئِنْ صَحَّ جَوَابُك بِهَذَا فَهَلَّا قَالَ الشَّيْخُ عَلَى رَأْيِ كَذَا وَعَلَى رَأْيِ كَذَا فَيَقُولُ شَرِكَةٌ عَلَى رَأْيٍ أَوْ إجَارَةٌ عَلَى رَأْيٍ مُرَاعِيًا فِي الْقَوْلَيْنِ مَا الْغَالِبُ فِيهِمَا (قُلْتُ) لَا يَخْلُو مِنْ مُسَامَحَةٍ وَوَقَعَ لِابْنِ يُونُسَ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ أُرَاهُمْ أَنَّهُمْ جَعَلُوا إذَا لَمْ يُخْرِجُ الْعَامِلُ إلَّا عَمَلَ يَدِهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَإِنْ كَافَأَ عَمَلُهُ مَا أَخْرَجَ صَاحِبُهُ وَإِنْ أَخْرَجَ الْعَامِلُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ بَقَرًا أَوْ شَيْئًا مِنْ زَرِيعَةٍ وَلَوْ قَلَّ وَكَافَأَ ذَلِكَ وَعَمَلُ يَدِهِ مَا أَخْرَجَ الْآخَرُ فَإِنَّهُمَا شَرِيكَانِ قَالَ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَلَكِنْ هُمْ أَهْدَى إلَى الصَّوَابِ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله تَقْرِيرُ كَوْنِ مَا قَالُوهُ هُوَ الصَّوَابُ إنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ مُبَايِنَةٌ لِحَقِيقَةِ الْإِجَارَةِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرِكَةِ عَدَمُ انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ وَالْآخَرِ بِإِخْرَاجِ الْعَمَلِ وَالْإِجَارَةُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ أَنَّ فَائِدَتَهَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِطَرِيقِ نِسْبَةِ الشَّيْءِ