الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّيْءُ الْمُتَمَلَّكُ أَوْ اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ فِي الْمُتَمَلَّكِ وَهُوَ الَّذِي عُرِفَ بِهِ الْمِلْكُ بَعْدُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَكَيْفَ يُقَالُ أَنَّ الذِّمَّةَ مُتَمَلَّكَةٌ وَإِنَّمَا الْمُتَمَلَّكُ مَا فِيهَا لَا هِيَ وَإِنْ أُرِيدَ الِاسْتِحْقَاقُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِّ الْمِلْكِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَيْسَتْ هِيَ الِاسْتِحْقَاقُ (قُلْتُ) كَانَ يَعْرِضُ لِي ذَلِكَ وَكُنْت أَقُولُ صَوَابُهُ ذَاتُ مِلْكِ مُتَمَوَّلٍ كُلِّيٍّ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُضَافٌ إلَيْهَا أَيْ ذَاتٌ يُضَافُ لَهَا مِلْكٌ أَيْ اسْتِحْقَاقُ تَصَرُّفٍ فِي مُتَمَوَّلٍ قَوْلُهُ كُلِّيٍّ احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْمِلْكِ الْجُزْئِيِّ وَهِيَ الْقَابِلَةُ لِلْإِلْزَامِ وَالِالْتِزَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَيُقَالُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمِلْكَ عَلَى الْحَقِّ وَفِيهِ بَحْثٌ وَقَصَدَ بِمُتَمَوَّلٍ إخْرَاجَ الْأُمُورِ الْمُتَمَلَّكَةِ الْغَيْرِ الْمُتَمَوَّلَةِ مِنْ الْحُقُوقِ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ أَوْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ (فَإِنْ قُلْتَ) وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ وِلَايَةٍ (قُلْتُ) يَعْنِي كَوِلَايَةِ النِّكَاحِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْجَبْرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ غَيْرُ مَالِيَّةٍ (فَإِنْ قُلْتَ) وَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ حَاصِلٌ أَوْ مُقَدَّرٌ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُتَمَوَّلَ الْكُلِّيَّ إمَّا حَاصِلٌ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا أَخْرَجَ مَا ذُكِرَ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ذِمَّةً (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ صَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ ذِمَّةً أَوْ فِي ذِمَّةٍ (قُلْتُ) الصَّوَابُ مِمَّا ذُكِرَ وَانْظُرْ الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ فَإِنَّهُ عَرَّفَ الذِّمَّةَ بِغَيْرِ هَذَا وَمِنْ لَازِمِ الذِّمَّةِ أَنَّ الْمُتَقَرِّرَ فِيهَا كُلِّيٌّ لَا جُزْئِيٌّ وَبَنَى الْفُقَهَاءُ عَلَيْهِ مَسَائِلَ وَأَنَّ مُصِيبَةَ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْمَدِينِ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ صَاحِبُ الدَّيْنِ (فَإِنْ قُلْتَ) رَسْمُهُ لِلدَّيْنِ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ بِمَا قَالَ الْغَيْرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ غَائِبَةٍ قَالَ يَضْمَنُهَا إذَا تَلِفَتْ وَتَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ فَالذِّمَّةُ هُنَا مِلْكٌ مُتَمَوَّلٌ جُزْئِيٌّ لَا كُلِّيٌّ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ مُعَيَّنَةٌ (قُلْتُ) قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا هُوَ مَعَ شَرْطِهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَالْغَيْرُ كَأَنَّهُ أَلْغَى التَّعْيِينَ فَالذِّمَّةُ مُتَمَوَّلٌ كُلِّيٌّ فَالْحَدُّ يَصْدُقُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
[كِتَابُ الْقَرْضِ]
(ق ر ض) :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الْقَرْضِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ لَا عَاجِلًا " الْقَرْضُ هُوَ السَّلَفُ قَوْلُ الشَّيْخِ دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ صَيَّرَ جِنْسَ الْقَرْضِ دَفْعًا (فَإِنْ قُلْتَ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْقَرْضَ يَخْرُجُ مِنْ حَدِّ الْمُسْلِمِ بِمَا زَادَهُ مِنْ الْقَيْدِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ صَدَقَ عَلَى السَّلَفِ أَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَلِأَيِّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ عَقْدٌ مُعَاوَضَةٍ عَلَى دَفْعِ مُتَمَوَّلٍ إلَخْ (قُلْتُ) لَعَلَّ الشَّيْخَ رَأَى أَنَّ الْقَرْضَ غَلَبَ فِي دَفْعِ مَا ذُكِرَ فَقَصَرَهُ عَلَى الدَّفْعِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) فَإِذَا عَقَدَ عُقْدَةَ الْقَرْضِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ فَهَلْ يُقَالُ بَيْنَهُمَا قَرْضٌ (قُلْتُ) إذَا ثَبَتَ عُرْفًا أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى الدَّفْعِ فَلَا يُقَالُ إلَّا مَجَازًا وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي مَعْنَيَيْنِ فَيَكُونُ الْحَدُّ بِقَوْلِهِ دَفْعُ غَيْرِ مُنْعَكِسٍ لِأَنَّهُ خَاصٌّ بِالْمُعَاطَاةِ كَمَا اعْتَرَضَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ رضي الله عنه عَلَى مَنْ حَدَّ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ دَفْعُ عِوَضٍ فِي مُعَوَّضٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّلَفَ غَلَبَ عَلَى دَفْعِ الْمُتَمَوَّلِ وَهُوَ قَصْدُ الْفُقَهَاءِ فِي الِاسْتِعْمَالِ قَوْلُهُ " مُتَمَوَّلٍ " أَخْرَجَ بِهِ مَا لَيْسَ بِمُتَمَوَّلٍ إذَا دَفَعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَرْضٍ وَلَا يُقْرَضُ مِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ " فِي عِوَضٍ " أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَهُ هِبَةً قَوْلُهُ " غَيْرِ مُخَالِفٍ " أَخْرَجَ بِهِ دَفْعَهُ فِي الْمُخَالِفِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا قَوْلُهُ لَا عَاجِلًا " عَطْفٌ بِلَا عَلَى حَالٍ مُقَدَّرَةٍ أَيْ الْمُتَمَوَّلُ الْمَدْفُوعُ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ حَالَةَ كَوْنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لَا عَاجِلًا أَخْرَجَ بِذَلِكَ الْمُبَادَلَةَ الْمِثْلِيَّةَ فَإِنَّهَا يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَيْهَا لَوْلَا الزِّيَادَةُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) أَيُّ شَيْءٍ لَمْ يَقُلْ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا فَقَطْ (قُلْتُ) لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا عَاجِلًا أَخْصَرُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُقَدَّرًا يُوجِبُهُ الْإِعْرَابُ لَا يَخْرُجُ ذَلِكَ عَنْ الِاخْتِصَارِ قَالَ رحمه الله وَيَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْحَدَّ لِلصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ قَالَ وَإِنْ أَرَدْت الصَّحِيحَ زِدْت فِي آخِرِ الْحَدِّ فَضْلًا فَقَطْ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّةٍ هَذَا كَلَامُهُ رحمه الله فَقَوْلُهُ تَفَضُّلًا احْتَرَزَ بِهِ مِنْ قَصْدِ نَفْعِ الْمُسْلِفِ وَأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ الْمُسْتَسْلِفِ فَقَطْ لَا نَفْعَهُمَا وَلَا نَفْعَ أَجْنَبِيٍّ لِأَنَّ ذَلِكَ سَلَفٌ فَاسِدٌ وَلِذَا قَالَ فَقَطْ وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ الْفَاءُ هَلْ
هِيَ عَاطِفَةٌ أَمْ لَا فِيهِ مَا مَرَّ (فَإِنْ قُلْتَ) قَوْلُهُ تَفَضُّلًا إنَّمَا يَخْرُجُ بِهِ النَّفْعُ لِنَفْسِهِ وَالنَّفْعُ لَهُمَا وَأَمَّا النَّفْعُ لِأَجْنَبِيٍّ فَفِيهِ التَّفَضُّلُ عَلَيْهِ كَالْمُتَسَلِّفِ (قُلْتُ) لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْرُوفَ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْأَجْنَبِيِّ لِجَرِّ نَفْعٍ لَهُ قَوْلُهُ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ عَارِيَّةٍ لَا تَحِلُّ أَخْرَجَ بِهِ عَارِيَّةَ الْفُرُوجِ فِي قَرْضِ الْأَبْنَاءِ وَلَا يُقَالُ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَجَازَ الْقَرْضَ عَلَى رَدِّ الْمِثْلِ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّمَا أَجَازَ ذَلِكَ بِشَرْطِ مَا ذَكَرْنَا وَلِذَا قَالَ الشَّيْخُ لَا يُوجِبُ إمْكَانَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ وَلِذَا قِيلَ يَجُوزُ قَرْضُ الْأَمَةِ لِلْمَرْأَةِ وَلِذَوِي الْمَحَارِمِ مِنْهَا.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يَرُدُّ عَلَى حَدِّ الشَّيْخِ الْأَوَّلِ دَفْعُ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَنَّ رَسْمَهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ فِيهِ الْقَرْضُ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى لَفْظِهِ وَيُرَدُّ إذَا بَاعَ شَاةً بِشَاةٍ إلَى أَجَلٍ وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ فِي الْأَوَّلِ فِي عِوَضٍ كُلِّيٍّ لِأَنَّ مِنْ خَاصَّتِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَصِحَّ ضَبْطُهُ بِصِفَةٍ كُلِّيَّةٍ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ فَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ تُرَابُ الْمَعَادِنِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْضِينَ وَعَلَى ذَلِكَ أَجَّرُوا السَّلَفَ فِي مَاءِ الْقَوَادِيسِ (فَإِنْ قُلْتَ) لَمْ يُقَيِّدْ الشَّيْخُ رحمه الله مُتَعَلِّقَهُ فَهَلْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ السَّلَفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِذَا دَفَعَ مَالًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَهُوَ عِنْدَهُ سَلَفٌ كَمَا ذُكِرَ (قُلْتُ) يَصْدُقُ فِيهِ سَلَفٌ وَيَأْتِي لَهُ مُتَعَلِّقُهُ بَعْدُ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ هَذَا الْجَوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ وَصِحَّتُهُ فَقَصَرَ تَعَلُّقَهُ عَلَى مَالٍ بِعَيْنِهِ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنُ سَهْلٍ فِيهِ فِي شَرْطِ تَعَلُّقِ السَّلَمِ بِالذِّمَّةِ وَذَكَرَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ اُنْظُرْهُ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَلَوْ قُلْنَا مُمَاثِلُهُ بَدَلًا عَنْ مُخَالِفِهِ لَمْ يَشْمَلْ إلَّا مَا شُرِطَ فِيهِ رَدُّ الْمِثْلِ لِامْتِنَاعِ مُمَاثَلَةِ الشَّيْءِ نَفْسِهِ وَصِحَّةِ غَيْرِ مُخَالَفَةِ الشَّيْءِ نَفْسِهِ (قُلْتُ) مَوْقِعُ هَذَا الْكَلَامِ كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ عَنْ سِرِّ كَوْنِ الشَّيْخِ أَتَى بِغَيْرِ مُخَالِفٍ وَمُمَاثِلٍ أَخْصَرَ وَهُوَ مُؤَدَّى مَعْنَاهُ.
فَأَجَابَ رضي الله عنه بِجَوَابٍ حَسَنٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ مُمَاثِلٍ لَكَانَ حَدُّهُ غَيْرَ مُنْعَكِسٍ بِمَا إذَا دَفَعَ ثَوْبًا وَرَدَّهُ لَهُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ قَبُولُهُ وَكَانَ ذَلِكَ قَرْضًا وَلَا يَصْدُقُ فِيهِ أَنَّهُ دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ مُمَاثِلٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الثَّانِي وَمُحَالٌ أَنْ يُمَاثِلَ نَفْسَهُ لِأَنَّ الْمِثْلَيْنِ غَيْرَانِ وَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرِ مُخَالِفٍ لِأَنَّ الشَّيْءَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَالِفٍ نَفْسَهُ هَذَا مَوْقِعُ كَلَامِهِ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ وَهُنَا مَسَائِلُ لَوْلَا الطُّولُ لَجَلَبْت مِنْهَا مَا يُفْهَمُ بِهِ الْحَدُّ طَرْدًا وَعَكْسًا لِكَثْرَةِ أَمْثِلَتِهَا (فَإِنْ قِيلَ) صُورَةُ السَّلَمِ الَّتِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْرَدَتْ نَقْضًا عَلَى حَدِّ السَّلَمِ فِي قَوْلِهَا وَسَلَّمَك ثَوْبًا فِي
مِثْلِهِ إلَخْ هَلْ تَرُدُّ عَلَى رَسْمِهِ فِي الْقَرْضِ (قُلْتُ) لَا تُرَدُّ بَلْ هِيَ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِ السَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَأْوِيلِهَا الْمَانِعِ مِنْ نَقْضِهَا عَلَى السَّلَمِ وَقَالُوا هُنَا لِلْمُقْرِضِ رَدُّ عَيْنِ الْقَرْضِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَتَأَمَّلْهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ حَقِيقَةَ الْقَرْضِ مَعْلُومَةٌ لِلْعَامَّةِ فَضْلًا عَنْ الْخَاصَّةِ هَذَا كَثِيرًا مَا يَقُولُهُ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ عَلَى جَلَالَةِ قَدْرِهِ وَرُسُوخِهِ فِي عِلْمِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ بِرَدِّهِ الصَّائِبِ وَكَلَامِهِ اللَّازِبِ وَقَدْ رَدَّ بِهِ مِرَارًا فِي مَوَاضِعَ تُوجِبُ إعَادَتَهَا تَكْرَارًا وَقَدْ قَدَّمْنَا مِثْلَهَا مِرَارًا وَزَادَ هُنَا فِي تَمَامِ رَدِّهِ إنْ قَالَ وَأَشْيَاءُ كَثِيرَة مَعْلُومَةٌ مِنْ حَيْثُ وُجُودِهَا ضَرُورَةً عَسِيرٌ عِلْمُهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَعْقُولَةً كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعْلُومَانِ لِلْعَوَامِّ مِنْ حَيْثُ وُجُودِهِمَا لَا مِنْ حَيْثُ مَعْقُولِيَّتُهُمَا.
(فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ رحمه الله لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْقَرْضِ الصَّحِيحِ زَادَ مَا رَأَيْته وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ صُورَةِ الْفَسَادِ وَلَا يَخْفَى ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِهِ (قُلْتُ) يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهَا كُلَّهَا تَرْجِعُ بِالْمَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ فِي حَدِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَنْفَعُنَا بِهِ بِفَضْلِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) حَدُّ الْقَرْضِ الْأَوَّلِ يَعُمُّ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ كَمَا ذُكِرَ وَصُوَرُ الْفَسَادِ فِيهِ كَثِيرَةٌ فَإِنْ وَقَعَ لِأَيِّ شَيْءٍ يُرَدُّ (قُلْتُ) اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَيُعَبِّرُونَ عَنْ ذَلِكَ فِي إقْرَائِهِمْ بِقَوْلِهِمْ هَلْ يُرَدُّ إلَى فَاسِدِ أَصْلِهِ أَوْ صَحِيحِ نَفْسِهِ هَذِهِ أَحْسَنُ عِبَارَةٍ فِيهِ اُنْظُرْ الشَّيْخَ رحمه الله وَمَعْنَاهَا هَلْ يَكُونُ فِيهِ الْقِيمَةُ أَوْ الْمِثْلُ وَانْتَقَدَهَا بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ كَيْفَ يُرَدُّ الْفَاسِدُ لِفَاسِدِ أَصْلِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُصَحَّحَ الْفَاسِدُ بِالْفَاسِدِ قَالَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُنْت أُجِيبُهُمْ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ دَلَّ السِّيَاقُ عَلَيْهِ تَقْدِيرُهُ إلَى صَحِيحٍ فَاسِدٍ أَصْلُهُ قَالَ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ أَنَّ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ أَصْوَبُ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى الْفَاسِدَ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ أَوْ صَحِيحِهِ قَالَ رحمه الله وَإِنَّمَا قُلْنَا أَصْوَبُ مِنْ هَذِهِ لِتَعَذُّرِ صِدْقِ ظَاهِرِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهَا رَدُّهُ إلَى نَفْسِ صَحِيحِ أَصْلِهِ وَصَحِيحُ أَصْلِهِ إنَّمَا هُوَ إمْضَاؤُهُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِيهِ وَهَذَا فِي الْقَرْضِ الْفَاسِدِ مُتَعَذِّرٌ تَصَوُّرًا وَتَصْدِيقًا فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنَ هَارُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَإِنْ قُلْتَ) إنْ قُلْنَا بِالْحَدِّ الثَّانِي فَيُقَالُ يُرَدُّ عَلَى رَسْمِهِ إذَا سَلَّفَهُ دِرْهَمًا قَصْدًا لِلتَّفَضُّلِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ عَدَدًا حُسْنَ قَضَاءٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ (قُلْتُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ السَّلَفُ فِي أَصْلِهِ جَائِزٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْفَسَادُ