الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ (قُلْتُ) يَتَعَلَّقُ بِالتَّعَلُّقِ أَيْ ابْتِدَاءُ التَّعَلُّقِ لِلْوُجُوبِ بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ وَهِيَ لِلتَّعْدِيَةِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ ابْتِدَاءُ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَإِنْ قُلْتَ) وُجُوبُ الصَّلَاةِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَمَا قَدَّمْنَا وَمُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ فَكَيْفَ يَصِحُّ هُنَا تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ فِي الصَّلَاةِ بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ (قُلْنَا) هَذَا السُّؤَالُ إنَّمَا يَرِدُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَإِيرَادُهُ ظَاهِرٌ وَهُوَ مِمَّا يُقَرِّبُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ.
(فَإِنْ قُلْتَ) قَرَّرْتَ رَسْمَ الْقَضَاءِ بِمَا قَرَرْته بِهِ وَزَمَنُ الْقَضَاءِ مُتَّسِعٌ وَإِنَّمَا يَصْدُقُ ذَلِكَ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ زَمَنِ انْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ وَبَاقِيهِ فِيهِ انْقِطَاعُهُ لَا ابْتِدَاؤُهُ (قُلْتُ) الْمَعْنَى الزَّمَنُ الَّذِي لَا يَتَقَرَّرُ فِيهِ ابْتِدَاءُ تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ وَذَلِكَ عَامٌّ فِي أَزْمِنَةِ الْقَضَاءِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ آخِرِ الْوَقْتِ فَبَاقِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ قِيلَ فِيهِ وَقْتُ أَدَاءً وَقِيلَ قَضَاءٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ ابْتِدَاءُ تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ (قُلْتُ) إطْلَاقُ الْأَدَاءِ عَلَى مَا أُوقِعَ خَارِجَ الْوَقْتِ تَقْدِيرِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْأَدَاءِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالضَّرُورِيِّ]
(أد ي) : بَابُ الْأَدَاءِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالضَّرُورِيِّ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " مَا قُصِدَ فِي حَدِّ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ غَيْرُ الْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ فِعْلِهَا عَنْهُ وَإِلَيْهِ وَمَعْنَاهُ ابْتِدَاءُ تَعَلُّقِ وُجُوبِهَا بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ الْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ فِعْلِهَا عَنْهُ أَوْ إلَيْهِ " فَقَوْلُهُ رضي الله عنه فِي الْمَحْدُودَيْنِ الْأَدَاءُ إلَى آخِرِهِ فِيهِ تَجَوُّزٌ وَمُسَامَحَةٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ لِظُهُورِ الْمَعْنَى أَصْلُهُ وَقْتُ الْأَدَاءِ الِاخْتِيَارِيُّ وَوَقْتُ الْأَدَاءِ الضَّرُورِيُّ وَهَذَا وَاضِحٌ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ قَبْلُ وَقَوْلُهُ رحمه الله الْحَدُّ الْأَوَّلُ " ابْتِدَاءُ " جَرَى فِيهِ أَيْضًا عَلَى الْمُسَامَحَةِ فِي حَذْفِ كَلِمَةِ الْمُضَافِ لِلدَّلَالَةِ الْعَقْلِيَّةِ مِنْ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ فِي الزَّمَنِ الْمُنَاسِبِ لِلْمَحْدُودِ وَقَوْلُهُ " ابْتِدَاءُ تَعَلُّقِ وُجُوبِهَا بِاعْتِبَارِ الْمُكَلَّفِ " تَقَدَّمَ بَسْطُهُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ بِالْمَذْكُورِ اخْتِصَارًا وَقَوْلُهُ " غَيْرُ الْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ فِعْلِهَا عَنْهُ " أَشَارَ رحمه الله إلَى
أَنَّ وَقْتَ الْأَدَاءِ الْوَقْتُ الَّذِي لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَهُوَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَمَا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْهَ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ أَيْ إلَى مَا يَسَعُ إيقَاعَهَا فِيهِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْأَخِيرُ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْوَسَطِ وَغَيْرُ ذَلِكَ فَالْوَقْتُ الْمُوَسَّعُ أَوَّلُهُ وَوَسَطُهُ وَآخِرُهُ كُلُّهُ مَحَلُّ زَمَنِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَلَا نَهَى عَنْ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ غَيْرُ الْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ لِأَنَّ زَمَنَ مِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فِي آخِرِ الْوَقْتِ الِاخْتِيَارِيِّ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ فَلَوْ لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ " إلَيْهِ " لَكَانَ غَيْرَ جَامِعٍ فَزَادَ " أَوْ إلَيْهِ " لِيَدْخُلَ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ هَذَا مَعْنَاهُ، هَكَذَا رَأَيْتُ مُقَيَّدًا عَنْ الشَّيْخِ وَقَوْلُهُ رضي الله عنه " وَالضَّرُورِيُّ " أَيْ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ ابْتِدَاءً إلَى آخِرِهِ مَعْنَاهُ زَمَنُ ابْتِدَاءٍ كَمَا قَدَّمْنَا قَبْلُ.
وَقَوْلُهُ " الْمَنْهِيُّ عَنْهُ إلَيْهِ " يَظْهَرُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ مَعْنَاهُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَيْ الْمَنْهِيُّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ أَيْ عَنْ زَمَنِهِ وَالْمَنْهِيُّ عَنْ تَأْخِيرِ فِعْلِ الصَّلَاةِ إلَيْهِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَنْهِيِّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ عَنْ زَمَنِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْ ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَزَمَنُ الضَّرُورَةِ كُلُّهُ مَنْهِيٌّ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ وَزَادَ قَوْلَهُ " وَإِلَيْهِ " حِفْظًا عَلَى طَرْدِ حَدِّهِ لِأَنَّهُ لَوْلَا الزِّيَادَةُ لَصَدَقَ فِي حَدِّهِ الزَّمَنُ الْأَخِيرُ مِنْ زَمَنِ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ زَمَنُ نَهْيٍ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْهُ لَكِنَّهُ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ " وَإِلَيْهِ " لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ التَّأْخِيرِ عَنْهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ التَّأْخِيرِ إلَيْهِ هَذَا الَّذِي كَانَ يَظْهَرُ إنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي " عَنْهُ " عَائِدٌ عَلَى " تَأْخِيرِ فِعْلِهَا عَنْهُ " وَعَلَى ذَلِكَ افْتَقَرَ إلَى ذِكْرِ " إلَيْهِ " وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى " تَأْخِيرِ فِعْلِهَا " فَقَطْ وَإِلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الصُّورَةُ الَّتِي اُحْتِيجَ مَا يُوجِبُ إخْرَاجُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَأَنْتَ تَرَى حُسْنَ هَذَا الْحَدِّ وَرَشَاقَتَهُ وَإِيجَازَهُ وَنَاهِيك بِحَادِّهِ سَيِّدِ أَهْلِ وَقْتِهِ وَبَرَكَةِ زَمَنِهِ وَالسَّابِقِ فِي فَهْمِهِ وَعِلْمِهِ رحمه الله وَنَفَعَ بِهِ بِمَنِّهِ ثُمَّ مِنْ مَحَاسِنِهِ مَا رَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ نَتِيجَتِهِ أَنَّهُ لَا تَنَافِي عَلَى حَدِّهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مُؤَدِّيًا فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَعَاصِيًا لِصِدْقِ حَدِّ الْأَدَاءِ فِيهِ وَصِدْقِ لَازِمِ الْعِصْيَانِ فِيهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْأَمْرَ وَالْوُقُوعَ فِي الْمَنْهِيِّ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ لَازِمِ الْعِصْيَانِ مَعَ لَازِمِ الْحَدِّ عِنْدَهُ وَالْمَازِرِيُّ يَلْزَمُهُ التَّنَاقُضَ وَالتَّنَافِي بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالْعِصْيَانِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ حَدَّ الْأَدَاءَ بِمُطَابَقَتِهِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ وَهَذَا وَاضِحٌ.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ تَقْدِيرُ الْمُضَافِ فِي الْحَدِّ