الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ كَذَّبَ صَاحِبَهُ فِي شَهَادَتِهِ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحْكَمُ بِالْأَعْدَلِ فَإِنْ تَكَافَأَتَا سَقَطَتَا وَقِيلَ يُقْضَى بِهِمَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَجَبَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَسْلَمَ هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ وَشَهِدَتْ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ ثَوْبَانِ آخَرَانِ غَيْرَ الثَّوْبِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَخْذُ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ اُنْظُرْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْمِلْكِ]
(م ل ك) : بَابُ الْمِلْكِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " " اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ بِكُلِّ أَمْرٍ جَائِزٍ فِعْلًا أَوْ حُكْمًا لَا بِنِيَابَةٍ " ذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله قَبْلَ هَذَا وَهُنَا أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ يَعْسُرُ إدْرَاكُ الْمِلْكِ أَوْ يَتَعَذَّرُ فَلِذَا عَرَّفَهُ الشَّيْخُ هُنَا رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَوْلُهُ " اسْتِحْقَاقُ " الْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ إنَّمَا هُوَ لِمَالِكِ الْمُلُوكِ الْخَالِقِ لِلذَّوَاتِ وَالصِّفَاتِ فَلَا مَالِكَ حَقِيقَةً إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَمَعْنَى أَنَّ الْعَبْدَ مَالِكٌ لِلشَّيْءِ أَيْ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ وَلَمَّا عَسِرَ مَعْنَاهُ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَذَّرُ إدْرَاكُهُ قَوْلُهُ اسْتِحْقَاقُ اسْتِفْعَالٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ طَلَبَ تَحَقُّقِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْإِذْنِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ أَدَلُّ عَلَى ثُبُوتِ التَّصَرُّفِ وَلِأَنَّ الطَّلَبَ لَا يَسْتَدْعِي حُصُولَ الْمَطْلُوبِ وَالْمَقْصِدُ اللَّازِمُ الْمُسَاوِي لِلْمِلْكِ وَهُوَ الْجِنْسُ الْمُقَيَّدُ وَهُوَ عَرْضِيٌّ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ لِأَنَّ الْمِلْكَ مِنْ مَقُولَةِ الْعَرَضِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْمِلْكُ الشَّرْعِيُّ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ فَهُوَ مَعْنَى شَرْعِيٌّ وَصِفَةٌ فَهَلَّا قَالَ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ كَمَا قَالَ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا اسْتِحْقَاقَ التَّصَرُّفِ أَوْ جَوَازَ التَّصَرُّفِ.
(قُلْتُ) لَعَلَّهُ لَاحَظَ فِي الْمِلْكِ مَعْنَى الْإِضَافَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بَيْنَ أَمْرَيْنِ فَلِذَا لَمْ يُصَيِّرْ ذَلِكَ مِثْلَ الطَّهَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلِذَا فَسَّرَهُ بِمَا يُنَاسِبُ الْإِضَافَةَ فَاسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ كَوْنُ الشَّخْصِ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ تَصَرَّفَ فِعْلًا أَمْ لَا وَهُوَ مِنْ الِاخْتِصَاصِ قَوْلُهُ " التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ " أَخْرَجَ بِهِ اسْتِحْقَاقَ غَيْرِ التَّصَرُّفِ كَاسْتِحْقَاقِ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَقَدْ وُجِدَ لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ عَلَى قَوْلِهِ اسْتِحْقَاقُ مَا نَذْكُرُهُ قَالَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ إنَّمَا هُوَ ثَمَرَةُ الْمِلْكِ لَا نَفْسُهُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ اسْتَحَقَّ فُلَانٌ
التَّصَرُّفَ لِأَجْلِ الْمِلْكِ وَالسَّبَبُ غَيْرُ الْمُسَبَّبِ فَالْمِلْكُ غَيْرُ الِاسْتِحْقَاقِ (قُلْتُ) وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرُوهُ عَلَى مَنْ حَدَّ الدَّلَالَةَ بِالْفَهْمِ قِيلَ عَلَيْهِ أَنَّ الدَّلَالَةَ غَيْرُ الْفَهْمِ لِصِحَّةِ قَوْلِنَا فَهِمْت الْمَعْنَى لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ هُنَا وَيَقُولَ إذَا قُلْنَا إنَّ الْمِلْكَ هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ فَنَمْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُقَالُ عِلَّةُ اسْتِحْقَاقِ التَّصَرُّفِ هُوَ سَبَبُ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ إقْطَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ عَلَى أَصْلِهِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَمَا فِيهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) اسْتِحْقَاقُ التَّصَرُّفِ غَيْرُ التَّصَرُّفِ فَالْمِلْكُ عِنْدَ الشَّيْخِ رحمه الله هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ الَّذِي هُوَ كَوْنُ الشَّخْصِ لَهُ أَهْلِيَّةٌ فِي كَمَالِ التَّصَرُّفِ وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ إنَّ الشَّاهِدَ إذَا شَهِدَ بِالْمِلْكِ يَشْهَدُ بِطُولِ الْحِيَازَةِ وَالْحَائِزُ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكُ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ لَهُ فَالْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ لَيْسَ هُوَ الِاسْتِحْقَاقُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا هُوَ طُولُ الْحِيَازَةِ مَعَ التَّصَرُّفِ (قُلْتُ) هَذَا صَحِيحٌ وَلَا بُدَّ مِنْ مُسَامَحَةٍ فِي كَلَامِهِمْ وَيَتَأَوَّلُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرَ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ التَّصَرُّفِ فِي الشَّيْءِ أَخْرَجَ بِهِ اسْتِحْقَاقَ غَيْرِ التَّصَرُّفِ كَاسْتِحْقَاقِ الْعَدَالَةِ وَالْأَمَانَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَوْلُهُ " بِكُلِّ أَمْرٍ " أَخْرَجَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقَ بِبَعْضِ الْأُمُورِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ كَمَنْ اسْتَحَقَّ التَّصَرُّفَ فِي الْمَنَافِعِ فِي الشَّيْءِ فَلَا مِلْكَ لَهُ فِي الشَّيْءِ قَوْلُهُ " جَائِزٍ " أَخْرَجَ بِهِ التَّصَرُّفَ بِغَيْرِ الْأَمْرِ الْجَائِزِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ وَإِضَاعَتَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمِلْكِ.
قَوْلُهُ بِكُلِّ أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِالتَّصَرُّفِ قَوْلُهُ " فِعْلًا " حَالٌ مِنْ التَّصَرُّفِ قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا كَذَلِكَ وَأَدْخَلَ فِي الْأَوَّلِ الْفِعْلِيَّ وَالثَّانِي الْحُكْمِيَّ وَلِذَا قَالَ فَيَدْخُلُ مِلْكُ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ حُكْمِيٌّ لَا فِعْلِيٌّ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ حُكْمًا قَوْلُهُ " لَا بِنِيَابَةٍ " أَخْرَجَ تَصَرُّفَ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا مَعْنَى قَوْلِهِ حُكْمًا (قُلْتُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ قَدَّرَ تَصَرُّفَهُ بِكُلِّ وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ الْجَائِزَةِ لَمَا مَنَعَهُ مَانِعٌ كَمَنْ تَصَرَّفَ فِعْلًا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِثُبُوتِ مِلْكِ الصَّبِيِّ أَوْ السَّفِيهِ كَيْفَ يَصِحُّ وَالشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ أَنْ تَطُولَ الْحِيَازَةُ وَهُوَ يَفْعَلُ مَا يَفْعَلُهُ الْمَالِكُ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ قَالُوا وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْحِيَازَةُ فَلَا يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْمِلْكِ (قُلْت) يَشْهَدُونَ بِأَنَّ الدَّارَ فِي حَوْزِ السَّفِيهِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ مَعَ إمْكَانِ تَصَرُّفِهِ فِعْلًا وَلَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله بَعْدُ