الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَوْ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ عَتَقَ وَلَا قُرْعَةَ وَقَبِلَهُ شَارِحُهُ وَوَقَعَ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[كِتَابُ الْوَلَاءِ]
(ول ي) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ الْوَلَاءِ الْوَلَاءُ لَمْ يُعَرِّفْهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَذْكُرْ رَسْمَهُ وَيَظْهَرُ فِي سِرِّ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ» فَكَأَنَّهُ تَمْيِيزٌ لَهُ مِنْ إمَامِ الْعَارِفِينَ وَمَنْ أَتَاهُ اللَّهُ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ مَأْخُوذَةٌ عَنْهُ وَمِنْهُ فَلَا حَقِيقَةَ لَهُ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ وَبَيَّنَهُ وَيَظْهَرُ بَيَانُ الْحَدِيثِ بِالْوُقُوفِ عَلَى كَلَامِ مَنْ شَرَحَهُ وَلِلشَّيْخِ سَيِّدِي سَعِيدٍ فِيهِ كَلَامٌ حَسَنٌ سَتَقِفُ عَلَيْهِ وَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمَّا ذَكَرْت مَا قَرَّرْته اعْتِذَارًا عَنْ الشَّيْخِ رحمه الله رَأَيْت مَا يُقَوِّي ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ تِلْمِيذِهِ الشَّيْخِ الْفَقِيهِ الْأَبِيِّ لَمَّا ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ قَالَ وَهَذَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم تَعْرِيفٌ لِحَقِيقَتِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَا تَجِدُ لِلْوَلَاءِ تَعْرِيفًا أَتَمَّ مِنْهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ بَيْنَ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ نِسْبَةً تُشْبِهُ نِسْبَةَ النَّسَبِ وَلَيْسَتْ بِهِ وَوَجْهُ الشَّبَهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَمَّا كَانَ عَلَيْهِ رِقٌّ فَهُوَ كَالْمَعْدُومِ فِي نَفْسِهِ وَالْمُعْتِقُ صَيَّرَهُ مَوْجُودًا كَمَا أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ مَعْدُومًا وَالْأَبُ تَسَبَّبَ فِي وُجُودِهِ.
[بَابُ مَعْنَى مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ]
: بَابُ مَعْنَى مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» قَالَ هُوَ لِمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَوْ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ قَوْلُهُ " هُوَ " أَيْ الْوَلَاءُ لِمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ تَعْرِيفًا لِلْوَلَاءِ كَمَا فَهِمَ بَعْضُهُمْ وَإِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ بِالْوَلَاءِ لِمَنْ يَكُونُ لَهُ وَمَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ هُوَ الْمُعَرَّفُ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَنْ يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ صِفَتُهُ إلَخْ وَمَنْ ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ هُوَ الْجِنْسُ وَهُوَ يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ قَوْلُهُ " وَلَوْ بِعِوَضٍ " لِيَدْخُلَ فِيهِ وَلَاءُ الْمُقَاطَعَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ مَنْ
ثَبَتَ الْعِتْقُ عَنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَلَوْ كَانَ بِعِوَضٍ وَذِكْرُهُ غَايَةٌ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْعِوَضَ مَانِعٌ قَوْلُهُ " أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ " كَمَا تَقَدَّمَ أَيْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَبِإِذْنٍ وَلَوْ بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ إذْنٍ وَالضَّمِيرُ فِي إذْنِهِ يَعُودُ عَلَى مَنْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَخَالَفَ أَشْهَبُ وَقَالَ إنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ " مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ " مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ أَخْرَجَ بِذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا لِأَنَّ الْعِتْقَ هُنَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا وَلَاءَ لِلْكَافِرِ لِأَجْلِ الْمَانِعِ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ فَمِيرَاثُهُ لِعَصَبَةِ سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا كَانَ عَنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْوَلَاءُ هُنَا لِغَيْرِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ (قُلْتُ) الْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِالْجَرِّ وَأَصْلُ الْوَلَاءِ إنَّمَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ وَلَمَّا مَنَعَ الْمَانِعُ مِنْ مِيرَاثِهِ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ ثَمَنٌ يَجُرُّهُ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كَانَ لِسَيِّدِهِ حِينَ كَانَ نَصْرَانِيًّا فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ رَجَعَ إلَيْهِ وَلَاؤُهُ قَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَى رُجُوعِ الْوَلَاءِ فِي هَذَا الْبَابِ إنَّمَا هُوَ الْمِيرَاثُ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ (فَإِنْ قُلْتَ) ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ رضي الله عنه أَنَّهُ رَسَمَ هُنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَقَطْ وَلِشَيْخِهِ الرَّسْمُ إنَّمَا هُوَ لِلْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ.
(قُلْت) كَثِيرًا مَا يُفْعَلُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً لِلَّهِ تَعَالَى فَوَلَاؤُهَا لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُعْتِقُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ذَلِكَ (قُلْتُ) قَالَ فِيهَا لِأَنَّ مَعْنَى السَّائِبَةِ الْعِتْقُ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَذَلِكَ دَاخِلٌ فِي الرَّسْمِ مَعْنًى (فَإِنْ قُلْتَ) هَلَّا قَالَ ثَبَتَ لَهُ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى كَمَا قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا (قُلْت) هَذَا أَخْصَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ (فَإِنْ قُلْت) إذَا أَعْتَقَ الْعَبْدُ عَبْدَهُ وَعَلِمَ السَّيِّدُ بِهِ وَلَمْ يُرِدْهُ وَلَا أَجَازَ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ وَالْعِتْقُ لَمْ يَكُنْ عَنْهُ لَا مَعْنًى وَلَا لَفْظًا (قُلْت) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَوَجْهُهُ أَنَّ سُكُوتَهُ وَعَدَمَ رَدِّهِ يُعَدُّ كَأَنَّهُ رَضِيَ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْمُعْتِقُ فَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْعَبْدِ وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ الرَّسْمُ أَيْضًا وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِعِتْقِهِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ فَالْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ (فَإِنْ قُلْت) مَا أَعْتَقَهُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِمَا فِي مَرَضِ السَّيِّدِ الْوَلَاءُ لِمَنْ هُوَ.
(قُلْتُ) قَالَ أَصْبَغُ الْوَلَاءُ لَهُمَا وَلَوْ صَحَّ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ يَوْمَ أَعْتَقَ لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَلَيْسَ كَالْمُكَاتَبِ إذَا عَجَزَ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى الْمُكَاتَبِ إنْ أَعْتَقَ وَانْظُرْ ابْنَ يُونُسَ هُنَا وَمَا أَصَّلَهُ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ