الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجُوزُ قَرْضُ مَا يَثْبُتُ سَلَمًا إلَّا الْجَوَارِي وَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ صَحِيحَةٌ بِقَيْدِ اسْتِثْنَائِهَا وَكَانَ يَمُرُّ لَنَا فِي الْجَوَابِ صِحَّةُ جَوَابِ الشَّيْخِ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ فِي طَعَامِ الْقَرْيَةِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) لَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ رحمه الله كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكُلِّيَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ مُطَّرِدَةٌ مُنْعَكِسَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْعَكْسَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى اسْتِثْنَاءٍ قَالَ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْعَكْسِ فِي هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ وَزَعَمَ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَ يَصِحُّ قَرْضُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ فَمَا مَعْنَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا ذُكِرَ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ (قُلْتُ) كَانَ يَمُرُّ لَنَا فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي فَهْمِهِ وَيُمْكِنُ فَهْمُهُ أَنَّ الْكُلِّيَّةَ الْمَذْكُورَةَ عَكْسُهَا مَا ثَبَتَ قَرْضُهُ يَجُوزُ سَلَفُهُ عَلَى غَيْرِ اصْطِلَاحِ الْمَنْطِقِيِّينَ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فِي أَصْلِهَا ثُمَّ نَقَلَ الشَّيْخُ أَنَّ قَائِلًا زَعَمَ أَنَّ الْعَكْسَ فِيهَا لَا يَصِحُّ لِنَقْضِهَا بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ فَكَانَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صَوَّبَ هَذَا وَأَنَّ الْعَكْسَ فِيهَا لَا يَصِحُّ بِكُلِّ وَجْهٍ لَا إنْ ذَكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا وَلَا إنْ لَمْ يَذْكُرْ.
[بَابُ الْمُقَاصَّةِ]
(ق ص ص) : بَابُ الْمُقَاصَّةِ قَالَ رضي الله عنه " مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا " وَفِي نُسْخَةٍ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبِ مِثْلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا مَالِيًّا قَوْلُهُ " مُتَارَكَةُ " مَصْدَرٌ مِنْ تَارِكٍ وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلْمُقَاصَّةِ لِأَنَّهَا مِنْ فَاعِلَيْنِ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَدْ تَرَكَ الطَّلَبَ لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ فَحَسُنَ مِنْ الشَّيْخِ التَّعْبِيرُ بِالْمُتَارَكَةِ قَوْلُهُ " مَطْلُوبٍ " يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا وَفَاعِلًا وَطَالِبه وَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَهُوَ مَفْعُولٌ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبًا فَهُوَ فَاعِلٌ قَوْلُهُ " بِمُمَاثِلِ " مُتَعَلِّقٌ بِمَطْلُوبٍ وَلِمَا لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُمَاثِلٍ وَعَلَى طَالِبِهِ يَتَعَلَّقُ بِالصِّلَةِ قَوْلُهُ " مُمَاثِلٍ " صِفَةُ قَوْلِهِ " صِنْفِ " فَاعِلٌ بِمُمَاثِلٍ أَيْ مُمَاثِلٍ فِي الصِّنْفِيَّةِ فَيَخْرُجُ بِهِ الْمُخْتَلِفَانِ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا فَإِنَّ الْمُقَاصَّةَ فِي ذَلِكَ لَا تَصِحُّ وَلَا تَجِبُ فَإِنْ تَمَاثَلَا فِي الصِّنْفِيَّةِ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ مَعْلُومٌ بِاعْتِبَارِ حُلُولِ الْأَجَلِ وَعَدَمِهِ وَاشْتَرَطَ الشَّيْخُ فِي الْمُقَاصَّةِ الْمُمَاثَلَةَ فِي الصِّنْفِيَّةِ فَقَطْ وَقَدْ قِيلَ إنْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي الْمِقْدَارِ
وَالصِّفَةِ فَلَا تَصِحُّ الْمُقَاصَّةُ وَرُبَّمَا يُشْكِلُ كَلَامُ الشَّيْخِ رحمه الله هَلْ أَرَادَ عُمُومَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَالْمَشْهُورَ وَغَيْرَهُ أَوْ مُرَادُ الْخُصُوصِ فِي الْحَدِّ وَفِيهِ بَحْثٌ.
قَوْلُهُ " فِيمَا ذُكِرَ " إلَخْ يَتَعَلَّقُ بِمُتَارَكَةُ أَخْرَجَ بِهِ الْمُتَارَكَةَ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورِ هَذَا الْحَدُّ الْأَوَّلُ الَّذِي رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ وَالْحَدُّ الثَّانِي قَرِيبٌ مِنْهُ بِزِيَادَةٍ مَالِيًّا فِي آخِرِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا زِيدَ إلَخْ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُنْتَقَضُ طَرْدُهُ بِمُتَارَكَةِ مُتَقَاذِفَيْنِ حَدَّهُمَا أَوْ طَلَبِهِمَا عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ الْحَدِّ بِالْحُكْمِ بِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَوْرَدَ عَلَى الْحَدِّ فِي عَدَمِ طَرْدِهِ مُتَارَكَةِ رَجُلٍ رَجُلًا طَلَبَ حَدَّ صَاحِبِهِ وَقَدْ قَذَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَلَا يُرَدُّ ذَلِكَ وَبَيَانُ تَوَهُّمِ إيرَادِهِ أَنَّ الْحَدَّ يَصْدُقُ فِيهِ مُتَارَكَةُ مَطْلُوبٍ بِمُمَاثِلِ صِنْفِ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ عَلَى طَالِبِهِ فِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْحَدَّ مُمَاثِلٌ لِلْحَدِّ وَكُلُّ وَاحِدٍ طَالِبٌ لِصَاحِبِهِ بِمِثْلِ مَا يَطْلُبُهُ بِهِ الْآخَرُ فَمُتَارَكَةُ ذَلِكَ مُقَاصَّةٌ.
(فَإِنْ قُلْتَ) لِمَ زَادَ الشَّيْخُ رحمه الله عَلَى شَرْطِ ثُبُوتِ إلَخْ (قُلْتُ) لَعَلَّهُ أَشَارَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ وَنَفَعَ بِهِ إلَى أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا قَذَفَ فَهَلْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِقَذْفِهِ كَحَقٍّ ثَبَتَ مِنْ مَالٍ أَوْ أَنَّ الْحَدَّ لَا يَثْبُتُ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ كَانَ مُتَعَلِّقُ الْمُتَارَكَةِ الْحَدَّ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي كَانَ مُتَعَلِّقُهَا طَلَبَ الْحُكْمِ بِالْحَدِّ لَا الْحَدَّ وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ فَهْمِ لَفْظِهِ إلَّا أَنَّ الْخِلَافَ الْمُشَارَ إلَيْهِ الْمَفْهُومُ مِنْهُ لَمْ نَرَهُ فِي فَصْلِ الْقَذْفِ وَإِنَّمَا رَأَيْت هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ اُنْظُرْهُ قَوْلُهُ وَلَا بِمُتَارَكَةِ مُتَجَارِحَيْنِ جُرْحَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَمَاثِلَيْنِ عُرْفًا لَا لُغَةً مَا صَحَّ قِيَامُ أَحَدِهِمَا بَدَلَ الْآخَرِ وَهَذَا لَا يَصْدُقُ عَلَى حَدَّيْ الْقَذْفِ وَلَا طَلَبِهِمَا وَلَا عَلَى الْجُرْحَيْنِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَصِحُّ بَدَلَ الْآخَرِ وَإِلَّا زِيدَ مَالِيًّا هُنَا مِثْلُ مَا قَدَّمْنَا فِي الْقَذْفَيْنِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ عَلَى الْحَدِّ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ لِأَنَّ الْمُمَاثِلَ هُنَا الْمُرَادُ بِهِ الْمُمَاثِلُ الْعُرْفِيُّ لَا اللُّغَوِيُّ وَالْمُمَاثِلُ الْعُرْفِيُّ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يَقُومَ مَقَامَ صَاحِبِهِ وَالْمُمَاثِلُ صِنْفُ مَا عَلَيْهِ لِمَا لَهُ فِي الْأَمْوَالِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنُوبَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ لِأَنَّ مِنْ خَاصَّةِ الْمُمَاثَلَةِ ذَلِكَ فَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْمَالِ لِأَجْلِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ وَهُوَ الْمُمَاثَلَةُ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ فَلَا ثُبُوتَ لِصِحَّةِ النِّيَابَةِ فَلَا تَثْبُتُ الْمُمَاثَلَةُ الْعُرْفِيَّةُ لِنَفْيِ خَاصِّيَّتِهَا وَنَفْيُ خَاصِّيَّتِهَا بِالْإِجْمَاعِ ذُكِرَ ثُمَّ قَالَ وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ إنْ لَمْ تَسْلَمْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْمُمَاثَلَةِ فَيُزَادُ مَا ذُكِرَ حَتَّى يَطَّرِدَ الْحَدُّ.
(فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ يُرَدُّ عَلَى الشَّيْخِ رضي الله عنه -