الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَخِيرَةِ إلَّا أَنَّ أَوْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ وَغَايَتُهُ يَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ لِلْقَذْفِ]
(ص وغ) : بَابُ الصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ قَالَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بِذَاتِهِ أَيْ مَا دَلَّ عَلَى الْقَذْفِ بِذَاتِهِ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ التَّعْرِيضَ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالذَّاتِ وَالصَّرِيحُ لَا يَنْفَعُ فِيهِ دَعْوَى مَا يُخَالِفُ اللَّفْظَ.
[بَابٌ فِي التَّعْرِيضِ بالقذف]
(ع ر ض) : بَابٌ فِي التَّعْرِيضِ قَالَ رحمه الله " هُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بِقَرِينَةٍ بَيِّنَةٍ " قَوْلُهُ " بِقَرِينَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الصَّرِيحَ وَقَوْلُهُ " بَيِّنَةٍ " أَيْ ظَاهِرَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْقَرَائِنَ الْخَفِيَّةَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ مِثْلُ قَوْلِهِ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُقَيَّدُ بِالْمُشَاتَمَةِ وَقَدْ أَطْلَقَ الصَّقَلِّيُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَيَّدَهَا ابْنُ شَاسٍ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ رحمه الله ذَكَرَ هُنَا الصَّرِيحَ وَالتَّعْرِيضَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكِنَايَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَقَالَ الْكِنَايَةُ كَذَلِكَ كَمَا إذَا قَالَ يَا رُومِيُّ لِلْعَرَبِيِّ (قُلْتُ) شَارِحُهُ رحمه الله ذَكَرَ أَنَّ الْفُقَهَاءَ يَجْعَلُونَ اللَّفْظَ هُنَا عَلَى قِسْمَيْنِ صَرِيحٌ وَمَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ يُطْلِقُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعْرِيضٌ فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَهَذَا هُوَ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ هُنَا وَهَذَا يَقْرُبُ مِمَّا وَقَعَ لِلْفُقَهَاءِ فِي التَّعْرِيضِ فِي الْخِطْبَةِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا الْوَاقِعُ مِنْ الرَّجُلِ لِلْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ إمَّا وَعْدٌ أَوْ مُوَاعَدَةٌ أَوْ تَصْرِيحٌ بِالْخِطْبَةِ أَوْ تَعْرِيضٌ وَالتَّعْرِيضُ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى كَلَامٍ مُحْتَمِلٍ لِقَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ قَصْدِهِ وَالْقَرِينَةُ الْحَالِيَّةُ أَوْ الْقَوْلِيَّةُ تُعَيِّنُ قَصْدَهُ وَدَلَالَتُهَا عَلَى قَصْدِهِ أَرْجَحُ وَقَالُوا هُنَاكَ الْكِنَايَةُ تَرْجِعُ إلَى ذِكْرِ الشَّيْءِ وَقَصْدِهِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ فَالْأَوَّلُ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا تَفُوتنِي بِنَفْسِك لِلْمُعْتَدَّةِ وَالثَّانِي مِثْلُ لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِهِ فَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّ التَّعْرِيضَ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَ وَأَنَّ التَّعْرِيضَ يُقَابِلُ الصَّرِيحَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَطْلَقَ التَّعْرِيضَ عَلَى مَا يَعُمُّ الْكِنَايَةَ وَيَكُونُ اصْطِلَاحًا مُخَالِفًا لِكَلَامِ أَهْلِ الْبَيَانِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) فَابْنُ الْحَاجِبِ سَلَكَ مَسْلَكَا أَصْحَابِ الْبَيَانِ فِي تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ التَّعْرِيضِ وَالْكِنَايَةِ قَالَ وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا مَعْرِفَتُهُ بِعِلْمِ الْبَيَانِ
الثَّانِي التَّنْكِيتُ عَلَى الْفُقَهَاءِ فِي مُخَالَفَتِهِمْ لِعِلْمِ الْبَيَانِ قَالَ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ الِاصْطِلَاحِ إذْ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ بَلْ لِأَنَّ دَلَالَةَ التَّعْرِيضِ أَقْوَى مِنْ الْكِنَايَةِ وَالْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّعْرِيضِ (فَإِنْ قُلْتَ) لَمَّا ذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله هَذَا الْكَلَامَ وَسَلَّمَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كَوْنِ مَا أَنَا بِزَانٍ أَنَّهُ تَعْرِيضٌ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ يَا رُومِيُّ لِلْعَرَبِيِّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَالْحُكْمُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ فَحَقُّهُ أَنْ يُبَيِّنَ هُنَا اصْطِلَاحَ أَهْلِ الْبَيَانِ أَوْ بَعْضَ مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَصْدُقَ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى مَحِلِّهِ (قُلْتُ) رَأَى ذَلِكَ ظَاهِرًا وَرَأَى كَلَامَهُمْ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَأَحْسَنُ مَا يَقْرُبُ بِهِ مَا هُنَا كَلَامُ ابْنِ الْأَثِيرِ قَالَ فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ الْكِنَايَةُ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى جَانِبَيْ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِوَصْفٍ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ فِي الْمُفْرَدِ وَالْمُرَكَّبِ وَالتَّعْرِيضِ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُ عَلَى مَعْنًى لَا مِنْ جِهَةٍ لِلْوَضْعِ الْحَقِيقِيِّ أَوْ الْمَجَازِيِّ بَلْ مِنْ جِهَةِ التَّلْوِيحِ وَالْإِشَارَةِ فَيَخْتَصُّ بِاللَّفْظِ الْمُرَكَّبِ كَقَوْلِ مَنْ يَتَوَقَّعُ صَدَقَةً أَنَا مُحْتَاجٌ فَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالطَّلَبِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لَهُ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَإِنَّمَا فُهِمَ مِنْهُ الْمَعْنَى مِنْ عَرْضِ اللَّفْظِ أَيْ جَانِبِهِ فَهَذَا كَلَامٌ إذَا تَأَمَّلْته مَعَ كَلَامِ صَاحِبِ الْكَشَّافِ وَكَلَامِ السَّكَّاكِيِّ تَجِدُ فِيهِ بَعْضَ مُخَالَفَةٍ وَلَيْسَ هَذَا مَحَلَّ بَيَانِهِ وَفِيهِ أَبْحَاثٌ لَهُمْ فَإِذَا قَرَّرْنَا كَلَامَ ابْنِ الْأَثِيرِ وَفَهِمْنَاهُ عَلِمْنَا قَصْدَهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّك إذَا قُلْت فُلَانٌ كَثِيرُ الرَّمَادِ هَذَا كَلَامٌ قَابِلٌ لِلْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لِأَجْلِ وَصْفٍ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّمَادِ وَهَذَا حَقِيقَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ لَازِمَ ذَلِكَ وَهُوَ الْكَرَمُ النَّاشِئُ عَنْ كَثْرَةِ الطَّبْخِ وَهُوَ مَجَازٌ وَأَمَّا التَّعْرِيضُ فَهُوَ لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى مَعْنًى لَا مِنْ جِهَةِ احْتِمَالِ الْحَقِيقَةِ أَوْ الْمَجَازِ بَلْ فُهِمَ ذَلِكَ وَقُصِدَ مِنْ جِهَةِ التَّلْوِيحِ وَالْإِشَارَةِ كَمَا إذَا قَالَ أَنَا مُحْتَاجٌ فَهَذَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى وَهُوَ طَلَبُ الْمُحْتَاجِ مِنْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ مَا لَيْسَ بِحَقِيقَةٍ وَلَا مَجَازٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْفَهْمُ مِنْ عَرَضٍ أَيْ مِنْ نَاحِيَةِ اللَّفْظِ لِسِيَاقٍ دَلَّ عَلَى الْقَصْدِ وَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ الطَّلَبِ لَا بِالْحَقِيقَةِ وَلَا بِالْمَجَازِ مِثْلُ الْكِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمِثَالِ.
وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَيُقَالُ ابْنُ الْحَاجِبِ رحمه الله صَيَّرَ قَوْلَهُ مَا أَنَا بِزَانٍ تَعْرِيضًا وَقَالَ فِي مَا أَنْتَ بِحُرٍّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَكَذَا يَا فَارِسِيُّ لِعَرَبِيٍّ فَكَيْفَ يَجْرِي رَسْمُ ابْنِ الْأَثِيرِ عَلَى ذَلِكَ (قُلْتُ) هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.