الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى إيقَاعِهَا وَقَوْلُهُ " عَنْ إنْشَاءِ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ خَبَرٍ وَمَعْنًى عَنْ إنْشَاءِ أَيْ عَنْ وُقُوعِ إنْشَاءِ وَقَوْلُهُ " الْمُخْبِرِ " أَخْرَجَ بِهِ إنْشَاءَ غَيْرِ الْمُخْبِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَعْدٍ كَمَا إذَا قَالَ يَهَبُ زَيْدٌ لَك الدَّارَ غَدًا قَوْلُهُ " مَعَ وَفَاءٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ " أَيْ بِقَيْدِ الْوَفَاءِ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ وَفَاءً فَلَا يُقَالُ فِيهِ وَعْدٌ (فَإِنْ قُلْتَ) أَيُّ شَيْءٍ أَخْرَجَ بِهَذَا (قُلْتُ) لَعَلَّهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا لَا يُطْلَبُ فِي الْوَفَاءِ بِهِ كَقَوْلِهِ أُطَلِّقُك غَدًا وَمَا شَابَهَهُ فَلَيْسَ هَذَا بِوَعْدٍ شَرْعِيٍّ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا ذَكَرُوهُ فِي مَسَائِلَ فِي الْخَلْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوَعْدِ كَمَا إذَا قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا خَالَعْتُكِ قَالُوا إنْ فُهِمَ الِالْتِزَامُ لَزِمَ وَإِنْ فُهِمَ الْوَعْدُ فَقَوْلَانِ وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ عَلَى الْوَعْدِ الْمَوْقُوفِ عَلَى سَبَبٍ (قُلْتُ) لَعَلَّ ذَلِكَ لُغَةً لَا عُرْفًا لِأَنَّ الْعُرْفِيَّ فِي غَالِبِهِ مَا يَقَعُ إنْشَاءً عَلَى فَاعِلِهِ إذَا وَفَّى بِهِ وَهُوَ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِيمَانِ وَحُسْنِ الْإِيقَانِ وَالْوَفَاءِ بِهَا مَطْلُوبٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الطَّلَاقُ وَمَا شَابَهَهُ فَلَيْسَ الْوَعْدُ فِيهِ كَذَلِكَ (فَإِنْ قُلْتَ) الشَّيْخُ رحمه الله قَالَ هُنَا بَعْدَ حَدِّهِ فَيَدْخُلُ الْوَعْدُ بِالْحَمَالَةِ وَغَيْرِهَا فَلِأَيِّ شَيْءٍ خَصَّصَ الْوَعْدَ بِالْحَمَالَةِ (قُلْتُ) لَمَّا كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْحَمَالَةُ يَقَعُ بِهِ اللَّبْسُ فَأَشَارَ إلَى بَيَانِهِ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَا حَمِيلٌ فَهِيَ حَمَالَةٌ شَرْعِيَّةٌ لَازِمَةٌ وَإِذَا قَالَ أَنَا أَتَحَمَّلُ فَهَذَا وَعْدٌ فَيَدْخُلُ فِي الْحَدِّ وَالْأَوَّلُ إنْشَاءٌ لِغَلَبَتِهِ فِي ذَلِكَ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّ الثَّانِي لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى سَبَبٍ وَوَقَعَ السَّبَبُ عَلَى أَصْلِ الْمَشْهُورِ (فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَالَ أَنَا أَقْضِي عَنْك دَيْنَك غَدًا فَهَذَا وَعْدٌ عَنْ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ فَكَيْفَ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الْحَدِّ (قُلْتُ) هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ قَوْلِيٌّ أَوْ فِعْلِيٌّ كَالْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَا أَقْضِيك الدَّيْنَ الَّذِي لَك وَقَوْلُهُمْ أَنَا أَقْضِي عَنْك دَيْنَك وَمَا فَرَّقُوا بِهِ بَيْنَهُمَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
[كِتَابُ اللُّقَطَةِ]
(ل ق ط) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ
كِتَابُ اللُّقَطَةِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه " مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا وَلَا نَعَمًا " اللُّقَطَةُ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْقَافِ هَذَا الَّذِي ذَكَرَ فِيهَا الْأَكْثَرُ
وَهَذَا فِي الْأَصْلِ مَوْضُوعٌ لِمَنْ كَثُرَ مِنْهُ الِالْتِقَاطُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا بَلْ الْمُرَادُ الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ وَحَقَّقَ بَعْضُهُمْ سُكُونَ الْقَافِ جَرْيًا عَلَى الْقِيَاسِ قَوْلُ الشَّيْخِ رحمه الله " مَالٌ " مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ غَلَبَتْ فِيهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ اللَّقِيطُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا قَالَ خَلِيلٌ رحمه الله مَالٌ مَعْصُومٌ عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ إلَخْ وَحَدُّ الشَّيْخِ أَبْلَغُ مِنْهُ وَأَجْمَعُ قَوْلُهُ " وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ " أَخْرَجَ بِهِ مَا وُجِدَ فِي حِرْزٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلُقَطَةٍ قَوْلُهُ " مُحْتَرَمًا " حَالٌ مِنْ الْمَالِ أَخْرَجَ بِهِ مَالَ الْحَرْبِيِّ قَوْلُهُ " لَيْسَ حَيَوَانًا نَاطِقًا " أَخْرَجَ بِهِ الْحَيَوَانَ النَّاطِقَ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى لُقَطَةً عُرْفًا بَلْ يُسَمَّى إبَاقًا وَسَيَأْتِي
قَوْلُهُ " وَلَا نَعَمًا " النَّعَمُ يُطْلَقُ عَلَى الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَلِبَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ فِيهِ بَحْثٌ فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرَ فَإِنَّهُ يُسَمَّى ضَالَّةً لَا لُقَطَةً وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ذَلِكَ وَبَحَثَ مَعَهُ فَيَدْخُلُ فِي اللُّقَطَةِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْعَرُوضُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا وُجِدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَيَدْخُلُ الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَبَحْثٌ اُنْظُرْ ذَلِكَ وَمَا وُجِدَ بِشَاطَّيْ الْبَحْرِ مِنْ رَمْيِ الْمُسْلِمِينَ لِلنَّجَاةِ وَقِيلَ إنَّهُ لِوَاجِدِهِ (فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ بَعْدَ حَدِّهِ فَيَخْرُجُ الرِّكَازُ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَخْرُجُ مِنْ قُيُودِهِ (قُلْتُ) يَظْهَرُ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ حِرْزٍ وَقَدْ قَسَّمُوهُ إلَى أَقْسَامٍ لِمَنْ يَكُونُ لِوَاجِدِهِ أَوْ لِأَهْلِ الْأَرْضِ أَوْ لِفَاتِحِ الْأَرْضِ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى الْأَرْضِ هَلْ هِيَ عَنْوَةٌ أَوْ صُلْحٌ أَوْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَتَدْخُلُ الدَّجَاجَةُ وَحَمَامُ الدُّورِ لِصِدْقِ الْحَدِّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالٌ وُجِدَ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمٍ إلَخْ ثُمَّ قَالَ لَا السَّمَكَةُ تَقَعُ فِي سَفِينَةٍ
(فَإِنْ قُلْتَ) بِأَيِّ قَيْدٍ تَخْرُجُ (قُلْتُ) تَخْرُجُ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا لِأَنَّ الْبَاءَ ظَرْفِيَّةٌ كَأَنَّهُ قَالَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ مُحْتَرَمًا وَهَذَا مَالٌ مَوْجُودٌ فِي حِرْزٍ مُحْتَرَمًا وَنَقَلَ الشَّيْخُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَاتٍ عَنْ الشَّعْبَانِيِّ ثُمَّ عَبَّرَ الشَّيْخُ بَعْدَ هَذَا بِابْنِ شَعْبَانَ وَذِكْرُ ابْنِ شَعْبَانَ هُنَا سَهْوٌ لِأَنَّهُ الشَّعْبَانِيُّ وَكَأَنَّ الشَّيْخُ اعْتَقَدَ أَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ هُوَ الشَّعْبَانِيُّ وَذَكَرَ الشَّيْخُ رضي الله عنه هُنَا الْحِكَايَةَ الْمَشْهُورَةَ لِتَلَامِذَةِ الشَّيْخِ سَيِّدِي أَبِي الْحَسَنِ الْمُنْتَصِرِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ اخْتَارَ تَفْصِيلًا فِي السَّمَكَةِ وَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا مَنْ سَقَطَتْ إلَيْهِ لَنَجَتْ لِقُوَّةِ حَرَكَتِهَا وَقُرْبِ سُقُوطِهَا مِنْ الْمَاءِ فَذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَإِلَّا فَهِيَ لِرَبِّ السَّفِينَةِ وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ إذَا طَرَدَ صَيْدًا وَدَخَلَ دَارًا اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ قِيَاسٌ صَحِيحٌ إذَا تَأَمَّلْت وَقَدْ كَانَ يَمْشِي