الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحُصُولُ الْعِلْمِ بِالْمِلْكِ لِلشَّاهِدِ نَظَرِيٌّ حَسْبَمَا نَصَّ عَلَيْهِ سَحْنُونٌ يَعْنِي أَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِطُولِ حِيَازَةٍ مَعَ التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ أَوْ يَشْهَدُوا بِالْغَنِيمَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَلَامٌ يُنَاسِبُهُ تَأَمَّلْهُ مَعَ مَا هُنَا وَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا رحمه الله فِي أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ لَا بُدَّ أَنَّ الشَّاهِدَ يَزِيدُ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْخُرُوجَ عَلَى الْمِلْكِ وَمَا وَجَّهَ بِهِ ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْعِلْمَ بِمُتَعَلِّقِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ نَظَرِيٌّ لَا ضَرُورِيٌّ وَخَالَفَ ذَلِكَ الشَّهَادَةَ بِالْعَدَمِ وَالْعَدَالَةِ وَكَانَ يَمْضِي لَنَا فِيهِ تَأَمُّلٌ اُنْظُرْهُ وَنَقَلَ الشَّيْخُ رحمه الله هُنَا عَنْ سَحْنُونَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ سُوقٍ فَلَا يَشْهَدُ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ وَهَذَا جَارٍ عَلَى أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْحِيَازَةِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلِذَا قَالُوا لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مِلْكٌ لَهُ وَأَقَامَ آخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ سُوقِ الْمُسْلِمِينَ كَانَتْ لِذِي الْمِلْكِ وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ فِي الْأَقْضِيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَمَا أَقَامَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ اشْتِرَاءً يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.
(فَإِنْ قُلْتَ) قَالَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي مَسَائِلِ الْإِحْيَاءِ إنَّ مَنْ مَلَكَ أَرْضًا بِخُطَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالشِّرَاءُ ظَاهِرُهُ يَقَعُ الْمِلْكُ بِهِ (قُلْت) الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّا لَا نَقُولُ بِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقًا لِأَنَّ هَذِهِ الْكُلِّيَّةَ لَا يَصِحُّ صِدْقُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُشْتَرَى مِنْهُ لَهُ مِلْكٌ فَإِنَّ الشِّرَاءَ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَلِذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ دَارِ الْحَرْبِ يُشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ سُوقٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فَمَعْنَى قَوْلِهِ بِخُطَّةٍ بِإِقْطَاعٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ الْإِمَامِ فِيمَا ثَبَتَ مِلْكُهُ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْمَذْهَبِ وَمَا أَصَّلْنَاهُ عَنْ سَحْنُونَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[بَابُ الدَّعْوَى]
(د ع و) : بَابُ الدَّعْوَى الْمُرَادُ بِالدَّعْوَى هِيَ الْعُرْفِيَّةُ فِي اسْتِعْمَالِ أَصْحَابِ الْأَحْكَامِ مِمَّا يَنْطِقُ بِهِ الْمُدَّعِي لِأَنَّ الدَّعْوَى قَدْ تَكُونُ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ لَكِنَّهَا بِحَيْثُ إذَا سُلِّمَتْ أَوْجَبَتْ حَقًّا قَالَ الشَّيْخُ " الدَّعْوَى قَوْلٌ هُوَ بِحَيْثُ لَوْ سُلِّمَ أَوْجَبَ لِقَائِلِهِ حَقًّا ".
قَوْلُهُ " قَوْلٌ " أَتَى بِالْقَوْلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخَبَرَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْقَوْلَ هُوَ الْغَالِبُ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَحْكَامِ لِقَوْلِهِمْ تَقْيِيدُ مَقَالَةٍ وَقَوْلِ الْمُدَّعِي وَالْجَوَابِ عَنْ قَوْلِهِ فَنَاسَبَ ذَلِكَ هُنَا قَوْلُهُ " هُوَ بِحَيْثُ " الْحَيْثِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِهَا مِثْلُ مَا قَدَّمَهُ فِي الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّ الْقَوْلَ مَوْصُوفٌ بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ فِي حَالَةِ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا تَصْدُقُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى مَعَ اتِّصَافِهِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ حَقًّا لِقَائِلِهِ أَنْ لَا يُسَمَّى دَعْوَى لِأَنَّهُ إذَا أَوْجَبَ حَقًّا لِقَائِلِهِ فَقَدْ ثَبَتَتْ صِحَّتُهُ بِتَمَامِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الِاعْتِرَافِ بِهِ فَإِذَا قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مِنْ غَيْرِ إثْبَاتٍ كَمَا يَجِبُ فَهُوَ دَعْوَى لِاتِّصَافِ الْقَوْلِ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا سُلِّمَ ذَلِكَ فَلَا يُسَمَّى دَعْوَى وَيُسَمَّى حَقًّا ثَابِتًا وَهَذَا مُوَافِقٌ مَعْنًى لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَرْبَابُ الْمَعْقُولِ فِي الْخَبَرِ وَأَنَّ لَهُ حَالَاتٍ يَتَّصِفُ بِهَا فَيُقَالُ فِيهِ نَتِيجَةٌ بَعْدَ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ وَيُقَالُ فِيهِ دَعْوَى قَبْلَ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ الْبَحْثِ فِي رَسْمِ الدَّلَالَةِ فِي قَوْلِهِمْ هِيَ كَوْنُ اللَّفْظِ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ دَلَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ.
قَوْلُهُ " لَوْ سُلِّمَ " مَعْنَاهُ لَوْ قُدِّرَ تَسْلِيمُ الْقَوْلِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالشَّرْطُ وَالْجَوَابُ صِفَةٌ لِلْقَوْلِ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يُوجِبُ حَقًّا لِقَائِلِهِ فَلَا يُسَمَّى دَعْوَى شَرْعِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ الْخَصْمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى الْعُرْفِيَّةَ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ إلْزَامُ الْجَوَابِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حُكْمٌ عَلَيْهِ وَلِقَائِلِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْحَقِّ.
وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتَ زَانٍ وَمَا شَابَهَهُ فَإِنَّهُ لَوْ سُلِّمَ لَا يُوجِبُ لَهُ حَقًّا هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَيُنْظَرُ هَذَا فِي كُتُبِ الْفُقَهَاءِ هَلْ يُسَمَّى دَعْوَى أَمْ لَا (فَإِنْ قُلْتَ) بَلْ يُوجِبُ حَقًّا لَهُ وَهُوَ إسْقَاطُ الْحَدِّ عَنْهُ (قُلْتُ) الْمُرَادُ بِالْحَقِّ مَا يَطْلُبُهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْحَقُّ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ وَتَأَمَّلْ هَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا سَلَّمَ ذَلِكَ الْقَوْلَ غَيْرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تَصْدُقُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ غَيْرَ مَانِعٍ أَوْ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُنَازِعِ وَهُوَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ " لِقَائِلِهِ " أَخْرَجَ بِذَلِكَ إذَا أَوْجَبَ الْقَوْلُ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ إذَا سَلَّمَهُ الْمَقُولُ لَهُ كَمَا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ لَهُ عِنْدِي دِينَارٌ فَهَذَا قَوْلٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ أَوْجَبَ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ وَذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَأَخْرَجَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا الرَّسْمِ بِقَوْلِهِ لِقَائِلِهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا قَالَ رَجُلٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَهَذَا قَوْلٌ لَوْ سَلَّمَهُ السَّامِعُ مِنْ رَجُلٍ كَمَا إذَا دَخَلَ الْإِسْلَامَ بِهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ حَقًّا