الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابٌ فِي مُسْتَحِقِّ الْحَضَانَةِ]
ِ إذَا كَانَ أَبَوَا الْوَلَدِ زَوْجَانِ هُمَا يَعْنِي أَنَّ الْأَبَوَيْنِ الْحَضَانَةُ لَهُمَا (فَإِنْ قُلْتَ) وَهَلْ يَصِحُّ لِلْأَبِ أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا مَقَالَ لِلْأُمِّ (قُلْتُ) وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لِلْأَبِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا وَانْظُرْ الْمُدَوَّنَةَ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي وَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي النِّكَاحِ حَيْثُ تَكَلَّمَ عَلَى الْكَافِلِ.
[بَابُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ مِنْ نِسَائِهَا]
قَالَ مَنْ لَهَا عَلَيْهِ أُمُومَةُ وِلَادَةٍ بِسَبَبِهَا وَلَوْ بَعُدَتْ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ بَابٌ فِيمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ مِنْ نِسَاءِ الْأَبِ.
قَالَ رحمه الله مَنْ لَهُ عَلَيْهِ أُمُومَةٌ كَمَا مَرَّ وَأَوَّلُ فَصْلٍ لِمَنْ هِيَ لَهُ عَلَيْهِ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فِي نِسَاءِ الْأُمِّ فَيُقَالُ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ أُمُومَةُ وِلَادَةٍ بِسَبَبِهِ وَلَوْ بَعُدَتْ فَتَدْخُلُ جَدَّةُ الْأَبِ وَإِنْ عَلَتْ وَقَوْلُهُ وَأَوَّلُ فَصْلٍ لِمَنْ هِيَ لَهُ عَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْعَمَّةُ وَتَخْرُجُ الْأُخْتُ لِأَبٍ كَمَا ذُكِرَ وَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ فِي قَوْلِهِ وَتَلْحَقُ بِنْتُ الْأَخِ وَانْظُرْ فِيهِ تَرْتِيبَ الْقَوْمِ فِي الْحَضَانَةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
[كِتَابُ الْبُيُوعِ]
(ب ي ع) :
بسم الله الرحمن الرحيم
وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
كِتَابُ الْبُيُوعِ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه فِي حَدِّ الْبَيْعِ الْأَعَمِّ " عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ " وَأَشَارَ رضي الله عنه إلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَقَعُ فِي الِاسْتِعْمَالِ الشَّرْعِيِّ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ شَرْعًا وَيَقَعُ بِمَعْنًى أَخَصَّ فَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِّ الْأَعَمِّ هِبَةُ الثَّوَابِ لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْبَيْعِ وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالصَّرْفُ أَيْضًا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَالْمُرَاطَلَةُ كَذَلِكَ وَالسَّلَمُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ " عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ " أَخْرَجَ بِهِ الْإِجَارَةَ وَالْكِرَاءَ وَقَوْلُهُ " وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ " أَخْرَجَ بِهِ النِّكَاحَ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مُتْعَةِ لَذَّةٍ وَأَتَى بِالْعَقْدِ فِي الْجِنْسِ كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الْعُقُودِ أَعَمَّهُ وَأَخَصَّهُ ثُمَّ قَالَ وَالْغَالِبُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْأَعَمِّ فَيُزَادُ مَعَ الْحَدِّ الْأَعَمِّ " ذُو مُكَايَسَةٍ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ " هَذَا الْحَدُّ لِلْأَخَصِّ الَّذِي غَلَبَ الِاسْتِعْمَالُ فِيهِ فِيمَا ذُكِرَ فَأَشَارَ الشَّيْخُ رحمه الله إلَى أَنَّ الشَّرْعَ رُبَّمَا كَانَ يَسْتَعْمِلُ اللَّفْظَ عَامًّا فِي مَوَاضِعَ وَيُخَصِّصُهُ فِي غَالِبِ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا هُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ فَيَصِحُّ الْحَدُّ لِلْأَعَمِّ لِأَنَّهُ شَرْعِيٌّ وَلِلْأَخَصِّ لِأَنَّهُ هُوَ غَالِبُهُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ مَا يَأْتِي فِي حُدُودٍ صُنِعَ فِيهَا مِثْلُ هَذَا قَالَ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ.
" فَذُو مُكَايَسَةٍ " أَخْرَجَ بِهِ هِبَةَ الثَّوَابِ وَ " أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ " أَخْرَجَ بِهِ الْمُرَاطَلَةَ وَالصَّرْفَ وَقَوْلُهُ " مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ " أَخْرَجَ بِهِ السَّلَمَ وَغَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ نَائِبٌ عَنْ فَاعِلِ مُعَيَّنٍ وَفِيهِ مُتَعَلِّقٌ بِمُعَيَّنِ وَهُوَ صِفَةٌ لِعَقْدِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ مُعَيَّنٌ لَيْسَ فِي ذِمَّةٍ وَلِذَلِكَ خَرَجَ بِهِ السَّلَمُ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ لَا أَنَّهُ مُعَيَّنٌ فَمُعَيَّنٌ إلَخْ صِفَةٌ لِلْعَقْدِ فَالْعَقْدُ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِيهِ أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرَ عَيْنٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا شَخْصِيًّا لَا كُلِّيًّا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضَيْنِ يَصْدُقُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ عَيْنٍ وَكَذَا إذَا بَاعَ عَبْدًا بِعَيْنٍ أَوْ دَارًا بِعَيْنٍ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ غَيْرُ عَيْنٍ وَيَبْقَى الْعَيْنُ أَعَمَّ مِنْ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا أَوْ فِي الذِّمَّةِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْعَيْنُ أَخَصُّ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ
أَعَمُّ فَهَلَّا قَالَ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِيهِ (قُلْتُ) الْعَيْنُ خَاصٌّ بِالْمَضْرُوبِ فَلِذَا كَانَ أَخَصَّ وَعَيْنُ الْأَخَصِّ لِمَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ فِي بَيَانِ قَوْلِهِ وَدَفْع عِوَضٍ إلَخْ فَلِذَلِكَ أَتَى بِالْأَخَصِّ وَلَمْ يَأْتِ بِالْأَعَمِّ (فَإِنْ قُلْتَ) فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فُلُوسًا فَهَلْ يَصْدُقُ الرَّسْمُ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ فِيهِ (قُلْتُ) يَأْتِي الْخِلَافُ فِيهَا هَلْ تَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ تَحْتَ الْعِوَضِ أَوْ النَّقْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّسْمَ غَيْرُ مُطَّرِدٍ بِهَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ أَنَّهُ أَدْخَلَهَا فِي الصَّرْفِ فَتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ.
(فَإِنْ قُلْتَ) مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ فِي الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ عِنْدَهُ (قُلْتُ) يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فِي لَفْظِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَبَادَرُ غَيْرُهُ هُوَ الْأَخَصُّ لِأَنَّ الْمُتَرْجَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ حَدُّهُ وَالْأَعَمُّ هُوَ مَا أُطْلِقَ عَلَى مُعَيَّنٍ مِنْ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْحَقَائِقِ وَلَمْ يَغْلِبْ فِيهِ شَرْعًا وَلَا يَتَبَادَرُ بِالْإِطْلَاقِ إلَى ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ إلَّا بِقَرِينَةٍ (فَإِنْ قُلْتَ) يُقَالُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْأَعَمَّ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ لَا حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَرَسْمُهُ إنَّمَا هُوَ لِلْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ (قُلْتُ) لَنَا أَنْ نَقُولَ بِأَنَّهَا حَقِيقَةٌ لَيْسَ فِيهَا غَلَبَةٌ وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِتَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ غَالِبٌ (فَإِنْ قُلْتَ) لِأَيِّ شَيْءٍ أَخْرَجَ النِّكَاحَ مِنْ الْحَدِّ الْأَعَمِّ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ تَرْجَمَةِ الْفُقَهَاءِ بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يُطْلِقُوا الْبَيْعَ فَكَذَلِكَ السَّلَمُ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعَدَمِ إطْلَاقِ الْبَيْعِ عَلَى النِّكَاحِ إلَّا أَنَّهُ أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبُيُوعِ حُكْمًا فَكَذَا قِيلَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ وَمَا شَابَهَهَا (قُلْتُ) هَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَيْسَتْ حَقِيقَةً فِيهِ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ لِأَنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَوْ صَحَّ مَا ذَكَرْتُمْ لَمَا احْتَاجَ إلَى إخْرَاجِهِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَقَوْلُ الشَّيْخِ الْبَيْعِ الْأَعَمِّ الْأَعَمِّ صِفَةٌ لِلْبَيْعِ وَالْبَيْعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ حَدُّ الْبَيْعِ الْأَعَمِّ عَقْدٌ إلَخْ وَحَدُّ الْبَيْعِ الْأَعَمِّ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ الْعَقْدُ إلَخْ مِثْلَ قَوْلِك حَدُّ الْإِنْسَانِ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ قَوْلِنَا الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ وَبَيْنَ قَوْلِنَا حَدُّ الْإِنْسَانِ حَيَوَانٌ فَيَتَعَيَّنُ حَذْفُ الْمُضَافِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ رحمه الله قَالَ وَدَفْعُ عِوَضٍ فِي مَعْلُومِ قَدْرٍ غَيْرُ مَسْكُوكٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَجْلِ سَلَمٍ لَا بَيْعٍ.
(فَإِنْ قُلْتَ) بَعْدَ أَنْ شَرَحْت حَدَّهُ رضي الله عنه فَمَا مَوْقِعُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْهُ رحمه الله (قُلْتُ) مَوْقِعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ الْبَيْعَ وَذَكَرَ خَاصَّتَهُ وَمَيَّزَهُ عَنْ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ عَلِمَ أَنَّ السَّلَمَ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَإِذَا كَانَ غَيْرُ الْعَيْنِ مُعَيَّنًا فِي الْعُقْدَةِ شَمِلَ إذَا أَعْطَى جُبَّةً فِي دِرْهَمٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ جُبَّةً فِي بُرْنُسٍ فَعَلِمْنَا مِنْ هَذَا إذَا بَاعَ جُبَّةً بِدِينَارٍ مُعَيَّنٍ نَقْدًا أَنَّ
ذَلِكَ بَيْعُ نَقْدٍ وَإِذَا بَاعَ جُبَّةً بِدِينَارٍ فِي ذِمَّةٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّ ذَلِكَ بَيْعُ أَجَلٍ وَإِذَا بَاعَ دِينَارًا نَقْدًا بِثَوْبٍ فِي ذِمَّةٍ إلَى أَجَلٍ كَانَ سَلَمًا وَإِذَا بَاعَ ثَوْبًا بِثَوْبٍ نَقْدًا كَانَ بَيْعًا فَحَدُّ الْبَيْعِ صَادِقٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالسَّلَمُ صَادِقٌ عَلَى الثَّالِثِ وَالصُّورَةُ الرَّابِعَةُ بَيْعٌ أَيْضًا لِصِدْقِ الْحَدِّ عَلَيْهَا (فَإِنْ قُلْتَ) كَيْفَ يَصْدُقُ الْحَدُّ عَلَى الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ (قُلْتُ) صِدْقُهُ عَلَيْهَا ظَاهِرٌ وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ إذَا كَانَ فِيهِ غَيْرُ عَيْنٍ كَانَ مُعَيَّنًا فَكَأَنَّهُ قَالَ غَيْرُ الْعَيْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ مُشَخَّصٌ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ ثَوْبٌ مُعَيَّنٌ بِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْدُقُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ عَيْنٍ وَإِذَا فَهِمْت هَذَا عَلِمْت مَوْقِعَ كَلَامِ الشَّيْخِ رحمه الله فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ إذَا دُفِعَ عِوَضٌ مُعَيَّنٌ فِي مَعْلُومِ قَدْرٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَجَلٍ هَلْ هُوَ بَيْعُ أَجَلٍ أَوْ سَلَمٍ وَصُورَتُهُ إذَا دَفَعَ بُرْنُسًا مَثَلًا فِي عَشْرَةِ أَقْفِزَةٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ فِي عَبْدٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ فِي عُرُوضٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى شَهْرٍ أَوْ فِي وَزْنِ حُلِيٍّ أَوْ تِبْرٍ إلَى شَهْرٍ فَهَذَا قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله فِي جَوَابِهِ يُقَالُ فِيهِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عُرُوضًا لَا بَيْعُ أَجَلٍ لِأَنَّ حَدَّ الْبَيْعِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَهَذَا هُوَ مَا وَعَدَ بِهِ أَنَّهُ يَأْتِي فِي سِرِّ قَوْلِهِ مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ.
(فَإِنْ قُلْتَ) إذَا أَعْطَى بُرْنُسًا فِي عَبْدٍ وَدِينَارًا فِي الذِّمَّةِ إلَى شَهْرٍ فَهَلْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ السَّلَمِ (قُلْتُ) وَقَعَ نَظِيرُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَذَكَرُوا أَنَّ فِيهَا بَيْعًا وَسَلَمًا وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْبَحْثُ فِي كَلَامِهِ رضي الله عنه فِي صِدْقِ حَدِّهِ فِي هَذِهِ وَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّ فِيهِ مَا يُتَأَمَّلُ وَتَأَمَّلْ أَيْضًا هَذِهِ الصُّورَةَ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَجَازُوهَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَذَكَرُوا مَسَائِلَ لَا تَجُوزُ حَيْثُ يَكُونُ فِيهَا رُخْصَةٌ وَعَزِيمَةٌ وَالسَّلَمُ قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ رُخْصَةٌ وَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْقَرَافِيُّ فِي ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَدِلَّ رحمه الله بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَنْفَسِخْ بَيْعُهُ وَلَوْ بِيعَ مُعَيَّنًا انْفَسَخَ بَيْعُهُ بِاسْتِحْقَاقِهِ هَذَا الْكَلَامُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ بَيَانِ مَا يُفْهَمُ بِهِ مُرَادُهُ رضي الله عنه فَنَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ الْقَوَاعِدَ الْمَذْهَبِيَّةَ فَرَّقَتْ بَيْنَ بَيْعِ مَا كَانَ مُعَيَّنًا وَبَيْنَ بَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَلَوَازِمُ ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ وَاخْتِلَاقُ اللَّوَازِمِ يُؤْذِنُ بِاخْتِلَافِ الْمَلْزُومَاتِ فَمِنْ لَوَازِمِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ يَدِهِ يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَفِي قِيمَتِهِ إنْ فَاتَ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا بِيعَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ الْمَدِينُ وَاسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ بَلْ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِالْمِثْلِ حَتَّى تَبْرَأَ الذِّمَّةُ بِهِ فَإِذَا عَرَفْنَا ذَلِكَ فَكَأَنَّ الشَّيْخَ يَقُولُ مَا ثَبَتَ فِي
الذِّمَّةِ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ بِعِوَضٍ لَا يُسَمَّى بَيْعًا إلَى أَجَلٍ بَلْ يُسَمَّى سَلَمًا لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ لَمَا وَقَعَ فِيهِ فَسْخٌ لِلْعُقْدَةِ وَذَلِكَ مِنْ خَاصِّيَّةِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ كَانَ بَيْعًا مُعَيَّنًا لَوَقَعَ الْفَسْخُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِنُصُوصِ الْمَذْهَبِ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ ظَاهِرٌ بِمَا قَرَّرْنَاهُ هَذَا لَفْظُ كَلَامِهِ رضي الله عنه وَمَوْقِعُهُ لَا يُقَالُ أَنَّ الشَّيْخَ رحمه الله ادَّعَى دَعْوَى مُرَكَّبَةً وَهِيَ أَنَّ الْعِوَضَ فِي الذِّمَّةِ سَلَمٌ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِأَجَلٍ وَاسْتِدْلَالُهُ إنَّمَا أَنْتَجَ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ بِدَلِيلِ عَدَمِ فَسْخِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَذَلِكَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَبَيْنَ السَّلَمِ فَأَيُّ دَلِيلٍ يُعَيِّنُ الْعُقْدَةَ الْمَذْكُورَةَ أَنَّهَا سَلَمٌ لَا بَيْعَةُ أَجَلٍ لِأَنَّا نَقُولُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ رضي الله عنه وَفَتَحَ عَلَى لُبِّنَا مِنْ بَرَكَتِهِ بِمَنِّهِ إذَا تَأَمَّلْتَ حَدَّهُ لِلْبَيْعِ وَبَيَانَ قَصْدِهِ وَظَهَرَ لَك فَرْقَهُ عَلِمْتَ. اسْتِدْلَالَهُ عَلَى قَصْدِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ وَمَا لَخَصَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْبَيْعِ الْأَخَصِّ هُنَا رحمه الله وَكَلَامُهُ عَلَى كُلِّ قِسْمٍ مَعَ مُقَابِلِهِ وَغَيْرِ مُقَابِلِهِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالتَّرْتِيبِ الْعَجِيبِ وَالتَّحْصِيلِ الْقَرِيبِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ جَلِيٌّ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الْمَذْكُورَةَ عَشْرَةٌ وَيَتَرَكَّبُ مِنْ كُلٍّ بِالنَّظَرِ مَعَ غَيْرِهِ نَحْوَ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ صُورَةً خَمْسَةٌ مِنْهَا مُتَبَايِنَةٌ وَالْبَاقِي فِيهَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ مِثْلَ بَيْعِ الْمُؤَجَّلِ وَبَيْعِ الْحَاضِرِ فَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً حَاضِرَةً بِدِينَارٍ إلَى شَهْرٍ فَيَصْدُقُ فِيهَا الْبَيْعَانِ وَإِذَا بَاعَ عَبْدًا غَائِبًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ صَدَقَ الْأَوَّلُ وَحْدَهُ وَإِذَا بَاعَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ نَقْدًا صَدَقَ الثَّانِي وَحْدَهُ وَبَاقِيهَا جَلِيٌّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مَعْرِفَةَ حَقِيقَةِ الْبَيْعِ مَعْلُومَةٌ حَتَّى لِلصِّبْيَانِ قَالَ الشَّيْخُ الْمَعْلُومُ ضَرُورَةُ وُجُودِهِ عِنْدَ وُقُوعِهِ لِكَثْرَةِ تَكَرُّرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ عِلْمُ حَقِيقَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَنْظِيرُهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَرَّفَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ دَفْعُ عِوَضٍ فِي مُعَوَّضٍ قَالَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْفَاسِدُ قَالَ وَخَصَّصَ بَعْضُهُمْ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ بِصَحِيحِهَا لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ وَمَعْرِفَتُهُ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ الْفَاسِدِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَقَالَ نَقْلُ الْمِلْكِ بِعِوَضٍ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ بَلْ شُبْهَةَ الْمِلْكِ قَالَ وَذِكْرُ لَفْظِ الْعِوَضِ فِيهِ خَلَلٌ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْبَيْعِ أَوْ مَا هُوَ مَلْزُومٌ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ رضي الله عنه التَّعْرِيفُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِهِ لِلَّخْمِيِّ لِأَنَّهُ قَالَ الْبَيْعُ التَّعَاقُدُ وَالثَّانِي لِلْمَازِرِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ قَالَ وَقَصْر ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ التَّعَقُّبَ عَلَيْهِمَا بِمَا ذُكِرَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا بَيْعَ الْمُعَاطَاةِ فَكَيْفَ يَقْصُرُ الِاعْتِرَاضَ بِمَا ذَكَرَهُ وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ الشَّيْخِ قَالَ وَالثَّانِي لَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْ الْبَيْعِ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِلْكِ