الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجِبُ (فَإِنْ قُلْتَ) هَلْ مَعْنَى ذَلِكَ شَرْطُ الْمَبِيعِ فِيمَا يَصِحُّ الِانْعِقَادُ فِيهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُصْحَفِ أَوْ الْمُسْلِمِ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّ مُبْتَاعَهُ لَا يُقَرَّرُ لَهُ مِلْكٌ عَلَى الْمَبِيعِ وَلِذَا إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ بِيعَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَقَرَّرُ مِلْكُهُ عَلَيْهِ أَوْ مَعْنَاهُ شَرْطُ الْمَبِيعِ فِي جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الْبَيْعِ (قُلْتُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْأَوَّلَ (فَإِنْ قُلْتَ) هَذَا الشَّرْطُ لِأَيِّ شَيْءٍ أَفْرَدَ بَيَانَهُ رحمه الله عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهَلَّا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ (قُلْتُ) فِيهِ مَا يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ وَتَأَمَّلْ اعْتِرَاضَ الشَّيْخِ عَلَى ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ لِلْكَافِرِ مُشْتَرِي الْمُسْلِمِ عِتْقُهُ قَالَ الشَّيْخُ قَبِلُوهُ وَلَا أَعْرِفُهُ نَصًّا وَتَأَمَّلْ النَّظَرَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ إلَيْهِمَا وَقَالَ فِي مَوْضِعِ النَّظَرِ الثَّانِي قَالُوا وَلَهُ الْعِتْقُ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ.
[بَابُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ]
(ع ق د) : بَابُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الرُّكْنُ الثَّالِثُ " يُطْلَبُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ مَمْلُوكٌ لِبَائِعِهِ أَوْ لِمَنْ نَابَ عَنْهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهِ وَلَا غَرَرَ " قَوْلُهُ " يُطْلَبُ أَنَّهُ طَاهِرٌ " وَجَدْت مُقَيَّدًا عَنْ الشَّيْخِ رحمه الله قِيلَ لَهُ لِأَيِّ شَيْءٍ عَدَلْت عَنْ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ طَاهِرٌ وَقُلْت يُطْلَبُ قَالَ يَشْمَلُ هَذَا الضَّابِطُ جَمِيعَ الصُّوَرِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّهُ تُطْلَبُ هَذِهِ الْقُيُودُ ابْتِدَاءً فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (قُلْتُ) طَاهِرٌ أَخْرَجَ بِهِ النَّجِسَ لَا الْمُتَنَجِّسَ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَحْمِهِ وَالْعَذِرَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَالزِّبْلُ عَلَى مَا فِيهِ وَالْكَلْبُ عَلَى الْخِلَافِ وَيَخْرُجُ مَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ يَعْنِي حَالًا وَمَآلًا أَمَّا الْحَالُ فَقَطْ فَلَا، اُنْظُرْ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ مِنْ مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ وَمَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَيَخْرُجُ بَيْعُ الْآبِقِ وَمَا شَابَهَهُ وَالشَّارِدِ وَيَخْرُجُ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَالْمُعْتَدِي وَيَدْخُلُ بِبَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ وَيَخْرُجُ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَهُنَا فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ تَجْرِي عَلَى مَا ذُكِرَ مُفَرَّعَةً عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَاخْتِلَافًا وَمَا ذَكَرْنَا مِنْ خُرُوجِ الْعَذِرَةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِيهَا.
وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُ بَيْعِهَا وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الزِّبْلِ جَوَازَ بَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَقُولُ إذَا أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَ الزِّبْلِ مَعَ وُجُودِ نَجَاسَتِهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ جَوَازُ بَيْعِ الْعَذِرَةِ لِمُسَاوَاتِهِمَا فِي الْحُكْمِ قَالَ الشَّيْخُ وَصَرَّحَ ابْنُ بَشِيرٍ
بِتَعَقُّبِ تَخْرِيج اللَّخْمِيِّ بِالْفَرْقِ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَةِ الزِّبْلِ دُونَ الْعَذِرَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ فَارِقًا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ (فَإِنْ قُلْتَ) الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمَذْكُورُ عِنْدَ أَهْلِ الْأُصُولِ وَهُوَ إبْدَاءُ خُصُوصِيَّةٍ فِي الْأَصْلِ هِيَ شَرْطٌ فَكَيْفَ يُقَالُ ذَلِكَ هُنَا (قُلْتُ) يُقَالُ ذَلِكَ لِأَنَّ الزِّبْلَ لَمَّا تَقَرَّرَ فِيهِ وُجُودُ الْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ وَعَدَمِ نَجَاسَتِهِ فَعِلَّةُ جَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْأَصْلِ لَهَا خُصُوصِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ هِيَ شَرْطٌ فَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ الْفَرْعِ بِهِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْفَرْقُ هُوَ رَاجِعٌ إلَى أَحَدِ الْمُعَارَضَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ وَإِلَيْهِمَا مَعًا عَلَى قَوْلٍ فَتَأَمَّلْ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ وَهَلْ ذَلِكَ مُعَارَضَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ هُمَا مُعَارَضَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ رَدُّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ بِقَوْلِهِ لَوْ اُعْتُبِرَ هَذَا فَارَقَا مَا صَحَّ تَخْرِيجُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ فِي الزِّبْلِ لِمَالِكٍ مِنْ مَنْعِهِ فِي الْعَذِرَةِ وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يُقَالَ لَوْ صَحَّ اعْتِبَارُ الْفَارِقِ الْمَذْكُورِ فِي الزِّبْلِ وَأَنَّهُ لَا تَلْحَقُ الْعَذِرَةُ بِهِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْخِلَافِ فِي نَجَاسَتِهِ لَمَا صَحَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يَقِيسَ مَنْعَ بَيْعِ الزِّبْلِ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الْعَذِرَةِ وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِمَا وَقَعَ لَهُ فِي كَلَامِ مَالِكٍ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ لِأَنَّ الْخُصُوصِيَّةَ فِي الزِّبْلِ لَوْ اُعْتُبِرَتْ عِنْدَهُ فَارِقًا لَكَانَ فَرْقًا مَانِعًا مِنْ مُسَاوَاةِ نَجَاسَةِ الزِّبْلِ لِنَجَاسَةِ الْعَذِرَةِ فَنَجَاسَةُ الزِّبْلِ أَخَفُّ وَنَجَاسَةُ الْعَذِرَةِ أَثْقَلُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْعَذِرَةِ مَنْعُ بَيْعِ الزِّبْلِ فِي تَخْرِيجِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَلَمَّا خَرَّجَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ رحمه الله مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ دَلَّ عَلَى إبْطَالِ الْفَارِقِ وَإِلْغَائِهِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ وَالْفَرْقُ بِهِ ثُمَّ أَنَّ الشَّيْخَ رحمه الله نَقَلَ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ رَدَّ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ بِقَوْلِهِ هُوَ بِنَاءً عَلَى مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَتَرْكُ مُرَاعَاتِهِ لَا يُوجِبُ تَخْطِئَةً قَالَ لَا يَتِمُّ هَذَا رَدًّا عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ إلَّا بِأَنْ يَزِيدَ ابْنَ الْقَاسِمِ إلْغَاءَ مَانِعِيَّةِ النَّجَاسَةِ فِي الزِّبْلِ لِجَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتِهَا مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةٍ لِدَلِيلِ الْقَوْلِ بِعَدَمِ نَجَاسَتِهِ فَسَاوَتْ حِينَئِذٍ الْعَذِرَةُ الزِّبْلَ فَإِنْ صَحَّ أَنَّ ذَلِكَ قَصْدُهُ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ بَشِيرٍ فَلَا يَتِمُّ الرَّدُّ عَلَيْهِ لِجَوَازِ اعْتِبَارِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا الْمَعْنَى فَارِقًا عَلَى الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ وَلَا جَوَابَ عَنْهُ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي قَرَّرْنَا بِهِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ الْآنَ فَتَأَمَّلْ هَذَا الْكَلَامَ هُنَا وَرَاجِعْ مَا ذَكَرْنَا فِي مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ هَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ أَمْ لَا وَتَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَذَكَرْنَا هَذَا