المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌19 - باب الاستتار في الخلاء - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ التَّحْقِيق

- ‌القسم الأول ترجمة أبي داود والمدخل إلى "سننه

- ‌الفصل الأول ترجمة الإمام أبي داود السجستاني

- ‌المبحث الأول: التعريف به

- ‌المبحث الثاني: مولده ونشأته وأسرته

- ‌المبحث الثالث: شيوخه

- ‌المبحث الرابع: تلاميذه

- ‌المبحث الخامس: رحلاته

- ‌المبحث السادس: مذهبه الفقهي

- ‌المبحث السابع: شمائله وفضائله

- ‌المبحث الثامن: ثناء العلماء عليه

- ‌المبحث التاسع: مصنفاته

- ‌المبحث العاشر: وفاته

- ‌الفصل الثاني: المدخل إلى "سنن أبي داود

- ‌المبحث الأول: التعريف بـ "السنن

- ‌المطلب الأول: اسم الكتاب:

- ‌المطلب الثاني: موضوع الكتاب:

- ‌المطلب الثالث: تاريخ تصنيف "السنن

- ‌المطلب الرابع: عدد أحاديثه:

- ‌المبحث الثاني: منهج أبي داود في "السنن

- ‌المطلب الأول: شرط أبي داود في "السنن

- ‌المطلب الثاني: سكوت أبي داود عن الحديث:

- ‌المطلب الثالث: درجة أحاديث "السنن

- ‌المطلب الرابع: طبقاتُ رواة "السنن" من حيث العدالة والضبط:

- ‌المطلب الخامس: لماذا أورد أبو داود الضعيف في كتابه

- ‌المبحث الثالث: مكانة "السنن" وثناء العلماء عليه

- ‌المبحث الرابع: رواة "السنن

- ‌المطلب الأول: ذكر رواة "السنن" مع ترجمة مختصرة لهم

- ‌ترجمة اللؤلؤي:

- ‌ترجمة ابن داسه:

- ‌ترجمة ابن الأعرابي

- ‌ترجمة الرملي:

- ‌ترجمة ابن العبد:

- ‌المطلب الثاني: الاختلاف بين رواياتهم:

- ‌المبحث الخامس: أهم شروح "السنن

- ‌المبحث السادس: أشهر طبعات "السنن

- ‌القسم الثاني ترجمة ابن رسلان والمدخل إلى شرحه

- ‌الفصل الأول ترجمة الشارح الإمام ابن رسلان الرملي

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه:

- ‌المبحث الثاني: مولده وموطنه:

- ‌المبحث الثالث: نشأته وطلبه للعلم

- ‌المبحث الرابع: عقيدته:

- ‌المبحث الخامس: شيوخه:

- ‌المبحث السادس: تلاميذه

- ‌المبحث السابع: مؤلفاته:

- ‌أولًا: في القرآن وعلومه:

- ‌ثانيا: الحديث وعلومه:

- ‌ثالثًا: السيرة:

- ‌رابعًا: في الفقه:

- ‌خامسًا: أصول الفقه:

- ‌سادسًا: اللغة العربية:

- ‌سابعًا: التراجم:

- ‌ثامنًا: أخرى:

- ‌المبحث الثامن: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث التاسع: وفاته:

- ‌الفصل الثاني المدخل إلى شرح ابن رسلان لـ "سنن أبي داود

- ‌المبحث الأول: اسم الكتاب وإثبات نسبته إليه:

- ‌المبحث الثاني: المكانة العلمية للشرح:

- ‌المطلب الأول: أقوال العلماء على الشرح:

- ‌المطلب الثاني: تقويم الشرح وبيان مميزاته وما أخذ عليه:

- ‌أولًا: مميزات الشرح

- ‌ثانيًا: أهم المآخذ على الكتاب:

- ‌المطلب الثالث: المقارنة بينه وبين شروح "سنن أبي داود" التي سبقته:

- ‌المطلب الرابع: مدى استفادة المتأخرين منه:

- ‌المبحث الثالث: منهج ابن رسلان في شرحه

- ‌المطلب الأول: رواية "السنن" التي اعتمدها ابن رسلان في شرحه:

- ‌المطلب الثاني: مصادر الشارح في الكتاب ومنهجه في الاستفادة منها:

- ‌المسألة الأولى: مصادر الشارح في الكتاب:

- ‌المسألة الثانية: منهجه في الاستفادة من مصادره:

- ‌المطلب الثالث: منهجه في تقرير مسائل العقيدة:

- ‌المطلب الرابع: الصنعة الحديثية كما أشار إليها المصنف:

- ‌المطلب الخامس: الناسخ والمنسوخ:

- ‌المطلب السادس: فقه الحديث:

- ‌المطلب السابع: مباحث اللغة:

- ‌المطلب الثامن: اللطائف والفوائد التربوية:

- ‌القسم الثالث منهج التحقيق ووصف النسخ الخطية

- ‌المبحث الأول: منهج التحقيق

- ‌أولًا: نسخ المخطوط والمقابلة:

- ‌ثانيًا: تخريج الأحاديث والآثار وأقوال العلماء:

- ‌ثالثًا: الجانب الفقهي والأصولي:

- ‌رابعًا: اللغة:

- ‌المبحث الثاني: وصف النسخ الخطية

- ‌ تنبيه

- ‌وصف النسخة:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في اسم مؤلف الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَة

- ‌1 - باب التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الحاجَةِ

- ‌2 - باب الرَّجُلِ يَتَبَوّأُ لِبوْلِهِ

- ‌3 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذا دَخَلَ الخَلاء

- ‌4 - باب كَراهِيَةِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَة عِنْد قَضَاءِ الحَاجَةِ

- ‌5 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌6 - باب كيْفَ التَّكَشُّفُ عِنْدَ الحاجةِ

- ‌7 - باب كَرَاهيَةِ الكَلامِ عِنْدَ الحَاجَةِ

- ‌8 - باب أَيَرُدُّ السَّلامَ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يذْكُرُ الله تَعالَى عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ

- ‌10 - باب الخاتَمِ يكُونُ فِيهِ ذِكْرُ الله يدْخُلُ بِه الخَلاءَ

- ‌11 - باب الاسْتِبْراءِ مِنَ البَوْلِ

- ‌12 - باب البَوْلِ قائِمًا

- ‌13 - باب فِي الرَّجُلِ يَبُولُ بِاللَّيْلِ في الإِناءِ ثمَّ يَضعُهُ عِنْدَهُ

- ‌14 - باب المواضِعِ التِي نهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عنِ البَوْلِ فيها

- ‌15 - باب في البَوْلِ في المُسْتَحَمِّ

- ‌16 - باب النَّهْيِ عنِ البَوْلِ في الجُحْرِ

- ‌17 - باب ما يقُول الرَّجُلُ إِذا خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ

- ‌18 - باب كَراهيَة مَسِّ الذَّكَرِ بِاليمِين في الاستبْراءِ

- ‌19 - باب الاسْتِتارِ فِي الخَلاء

- ‌20 - باب ما يُنْهَى عنْهُ أنْ يُسْتَنْجَى بِهِ

- ‌21 - باب الاسْتِنْجاءِ بِالحِجارَةِ

- ‌22 - باب فِي الاسْتِبْراءِ

- ‌23 - باب فِي الاسْتِنْجاء بالماءِ

- ‌24 - بابُ الرَّجُلِ يُدَلِّكُ يَدَهُ بالأرْضِ إذا اسْتَنْجَى

- ‌25 - باب السِّواكِ

- ‌26 - باب كيْف يَسْتاكُ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَسْتاك بسِواكِ غَيْرِهِ

- ‌28 - باب غَسْلِ السِّواكِ

- ‌29 - باب السِّواكِ مِنَ الفِطْرَةِ

- ‌30 - باب السِّواكِ لِمنْ قامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌31 - باب فرْضِ الوُضُوءِ

- ‌32 - باب الرَّجُلِ يجدِّدُ الوُضوءَ مِنْ غيْرِ حَدَثٍ

- ‌33 - باب ما ينَجِّسُ الماءَ

- ‌34 - باب ما جاءَ فِي بِئْرِ بُضاعَة

- ‌35 - باب الماء لا يَجْنُبُ

- ‌36 - باب البَوْل فِي الماءِ الرّاكِدِ

- ‌37 - باب الوُضُوء بسُؤْرِ الكلْبِ

- ‌38 - باب سؤْرِ الهِرّةِ

- ‌39 - باب الوُضُوءِ بِفَضْلِ وَضوءِ المَرْأَةِ

- ‌40 - باب النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌41 - باب الوضوء بِماءِ البَحْر

- ‌42 - باب الوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌43 - باب أَيُصَلِّي الرَجُلُ وَهُوَ حاقِنٌ

- ‌44 - باب ما يُجْزِئُ مِنَ الماءِ فِي الوُضُوءِ

- ‌46 - باب في إسْباغِ الوُضُّوءِ

- ‌45 - باب الإِسْرافِ فِي الوضُوءِ

- ‌47 - باب الوُضُوءِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ

- ‌48 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الوُضُوءِ

- ‌49 - باب فِي الرَّجُلِ يدْخِل يدهُ في الإِناءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَها

الفصل: ‌19 - باب الاستتار في الخلاء

‌19 - باب الاسْتِتارِ فِي الخَلاء

35 -

حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْن مُوسَى الرّازِيُّ، أَخْبَرَنا عِيسَى بْن يُونُسَ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنِ الحُصَيْنِ الحُبْرانِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلا حَرَجَ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلا حَرَجَ، وَمَنْ أَكَلَ فَما تَخَلَّلَ فَلْيَلْفِظْ، وَما لاكَ بِلِسانِهِ فَلْيَبْتَلِعْ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلا حَرَجَ، وَمَنْ أَتَى الغائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ كثِيبًا مِنْ رَمْلٍ فَلْيَسْتَدْبِرْهُ، فَإِنَّ الشَّيْطانَ يَلْعَبُ بِمَقاعِدِ بَنِي آدَمَ، مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَنْ لا فَلا حَرَجَ".

قالَ أَبُو داوُدَ: رَواهُ أَبُو عاصِمٍ، عَنْ ثَوْرٍ، قالَ حُصَين الِحمْيَرِيُّ: وَرَواهُ عَبْدُ الَملِكِ بْن الصَّبّاحِ، عَنْ ثَوْرٍ، فَقالَ: أَبُو سَعِيدٍ الخيرُ.

قالَ أَبُو داوُدَ: أَبُو سَعِيدٍ الخيْرُ هُوَ مِنْ أَصْحابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1).

* * *

باب الاستتار في الخلاء

[35]

(ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ) الفراء الحافظ، روى له الشيخان والمصنف بلا واسِطَة ومن بقي بواسِطَة، قال أبو زرعة: كتبت عنهُ مائة ألف حَديث، قال:(أنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ) بن أبي إسحاق أحد الأعلام (عَنْ ثَوْرٍ) بن يزيد الكلاعي، أخرجَ لهُ البخَاري (عَنِ الحُصَينِ) بضَم الحَاء وفتح الصَاد المهملتين وبعد ياء التصغير نُون، الحميَري (الْحُبْرَانِيِّ) بضم الحاء المهملة وإسْكان البَاء الموحدة، روى له ابن

(1) رواه ابن ماجه (337)، (338)، وأحمد 2/ 371، والدارمي (689)، وابن حبان (1410). وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(8).

ص: 406

ماجه، (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) الحبراني (1) الشامي [وليسَ هو المقبري، المشهور أنه تابعي، الأكثر لا يعرف اسمُه](2)، (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(مَنِ اكتَحَلَ فَلْيُوتِرْ) أي: في كل عين وتر لأن الله تعالى وتر يحب الوتر.

وفي كيفية الوتر في الاكتحال وجهان: أحدهما: أن يضع في كل عَين ثلاث مَرات، وهذا هو الأصح؛ لما روى الترمذي في "الشمائل" أنه كانَ لهُ صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منها كل ليلة ثلاثًا في هذِه وثلاثًا في هذِه (3). على مثال غَسل اليدين في الوضُوء. والثاني: يكتحل (4) ثلاثا في اليُمنى، وفي اليُسرى مرتَين، فيكون المجموع وترًا؛ ولأن العَين الواحدة لم يستوعب، ولو اكتحل في عين ثلاثًا وفي الأخرى أربعًا حَصَل الوتر على القول الثاني، لكن ثلاثًا (5) في كل عَين أفضل لرواية الترمذي.

(مَنْ فَعَلَ) ذلك يعني: الوتر. (فَقَدْ أَحْسَنَ) أي: أتى (6) بالأحسَن والأفضَل (وَمَنْ لَا) أي: ومن لا يفعل الوتر، وفيه دليل على جواز حذف فعل الشرط [في الكلام] (7) وبقاء الجَواب وهو (فَلَا حَرَجَ) أي:

(1) في (ص، د، س، ل): الحيري. تحريف، والمثبت من (ظ، م)، و"تهذيب الكمال"(7394).

(2)

في (ظ)، (م): والد المقبري المشهور أنه تابعي. والمثبت من باقي النسخ الخطية.

(3)

"الشمائل المحمدية" للترمذي (ص 63).

(4)

زاد هنا في (ص، س، ظ، ل، م): اثنتين. وكتبا في (د) وضرب عليها.

(5)

في (س): الثاني.

(6)

سقط من (ص)، والمثبت من باقي النسخ الخطية.

(7)

من (ص).

ص: 407

لا إثم عليه، وهذِه الفاء الداخلة على "لا" هي فاء الجزاء، وقد يستشهد به لما (1) قاله ابن عصفور أنه لا يجوز حذف فعل الشرط في الكلام إلَّا بشرط تعويض "لا" مِنَ الفعل المحذُوف، كما في هذا الحَديث قال في "الارتشاف": وليس بشيء وقد حذف بِدُون لا كما في قوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} (2) وفيه رد على من يقول ألا يحذف، (3) فعل الشرط، إلا في إن فقط دُونَ غَيرها، قال في "الارتشاف": لا أحفظه إلا في إن دُون غيرها. قال ابن مالك: حَذف فعل الشرط بدُون إن قليل وحَذفه معها كثير (4). وقد وجد هنا الحذف مع لفظة "من" الشرطية.

وفي قوله: (من فعَل فقد أحسَن ومن لا فلا حرج) دليل على أن الوتر ليس بعزيمة لا يجوز تركها لكنه إن اكتحل، فالوتر أفضَل كما في أكثر العبادَات، وعلى الجملة ففيه الحضّ على الوتر في الاكتحال.

(وَمَنِ اسْتَجْمَرَ) الاستجمار عبَارَة عن إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه وهو يختصّ بالأحجار؛ لأنه مأخوذ من الجمار وهي الحصَا الصّغار، ومنه سُميت الجَمرة للموضع الذي يرمى إليه بالجمار، وقيل: الاستجمار البخور من الجَمر الذي يوقد فيه، وقد كان الإمام مَالك يقوله، ثم رَجَعَ عنه (5)، وحكاهُ ابن عبد البر عنه، وروى ابن خزيمة

(1) سقط من (ظ، م).

(2)

التوبة: 6، وانظر:"ارتشاف الضرب" لأبي حيان ص 1869.

(3)

في (ص، ل): لا فحذف. وفي (ظ)، (م): يحذف، والمثبت من (هـ)، (س).

(4)

انظر: "توضيح المقاصد والمسالك" للمرادي 3/ 1287 - 1288.

(5)

انظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي 1/ 40 - 41.

ص: 408

في "صحيحه"(1) عنهُ خلافه، وحَكاهُ ابن حَبيب عن ابن (2) عُمر، ولا يصح عنه، وحُجتهم فيه أنه يقالُ: تجمَّر واستجمر إذا استعمل البُخوُر (فَلْيُوتِرْ) قال ابن الأثير: وفي الحديث: "إذَا أجمرتم الميت (3) فجَمروهُ ثلَاثًا"؛ أي: إذا بخرتموهُ (4) بالطيب، يقالُ: ثوب مُجْمِرٌ ومُجمِّر وجَمَّرْتُه وأجمرته، والذي يتَولى ذلك مُجْمِرٌ (5) ومُجمِّر، ومنه ونعيم (6) المُجْمر (7) الذي كانَ يلي إجمار مسجد رسُول الله صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيح (8):"مجامرهم الألوة"(9).

(مَن فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ) لا يجوزُ حَمله في الاستجمار بالحجارة على ترك الاستجمار أصلًا للحديث الثابت: "وليستنج (10) بثلاثة أحجار"(11) وأبعَد المزني حيثُ صارَ إلى عدم وجوبه قياسًا على

(1)"صحيح ابن خزيمة" 1/ 42، قال مالك: الاستجمار: الاستطابة بالأحجار.

(2)

سقط من (ص، س، ل)، وانظر:"مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" 2/ 224.

(3)

في (ص): البيت. تحريف، والمثبت من "النهاية".

(4)

في (ص): اتخذتموه: تحريف، والمثبت من "النهاية".

(5)

سقط من (ص).

(6)

في (ص): بعتم. تصحيف، والمثبت من "النهاية".

(7)

"صحيح البخاري"(782).

(8)

البخاري (3245، 3327)، ومسلم (2834)(15، 16) من حديث أبي هريرة.

(9)

"النهاية"(جمر).

(10)

في (ظ)، (م): يمسح.

(11)

رواه الشافعي في "مسنده"(ص 13)، وابن خزيمة (80)، وابن حبان (1428)، والدارمي (674)، وأبو داود (8)، والنسائي 1/ 38 من حديث أبي هريرة.

ص: 409

عدم (1) وُجُوب إزالة الأثر (2) البَاقي بعده (3).

(وَمَنْ أَكَلَ فَمَا تَخَلَّلَ)(4) أي: فما أخَرجَهُ بالخلال من بين أسنانه، وفيه فضيلة استعمال الخلال، ففي الحديث التخلل من السنة (فَلْيَلْفِظْ) بكسر الفاء، أي: يلقه (5)؛ لأنه ربما خرج معه (6) دم؛ لأن الخلال قَد يجرح فيخرج معهُ نجاسة، فلا يجوز ابتلاعهُ لنجاسته (وَمَا لَاكَ بِلِسَانِهِ) أي: وما أخرجه بلسَانه من بين أسنانه، واللوك إدارة الشيء في الفَم، ومنه حديث: فلم نؤت إلا بالسَّويق فَلُكْنَا (7)(فَلْيَبْتَلِعْ) أي: فليَأكلهُ؛ لأنهُ لا يخرج معه دم؛ لأن اللسَان لين لا يخرج معه دم، ونص الشافعي على عدم كراهَة ابتلاعه (مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فَلَا حَرَجَ) عليه (وَمَنْ أَتَى الغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ) عن العيون بأن يدخل في بناء محوط أو مسقف أو يجلس (8) في وهدة، وليكن بينهُ وبين الساتر ثلاثة أذرع [أو دونها](9)(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) ما يحصُل به السّتر (إلا أَنْ يَجْمَعَ

(1) سقط من (ص، د، س، ل)، والمثبت من "المجموع" للنووي.

(2)

في (ص): الإبر. تصحيف، وفي (ظ): الأذى.

(3)

انظر: "المجموع" للنووي 2/ 95.

(4)

في (ص): يخلل. تصحيف.

(5)

في (ص): ينقه. تصحيف، وفي (س): هو. تحريف.

(6)

في (ظ، م): فيه. تحريف.

(7)

هذا اللفظ رواه ابن مردويه في "جزء فيه ما انتقى ابن مردويه على الطبراني"(65) من حديث سويد بن النعمان، والحديث رواه البخاري (209، 215، 4195)، والنسائي 1/ 108 - 109، ومالك في "موطئه" 1/ 52.

(8)

في (ص): مجلس. تحريف.

(9)

سقط من (ص، س، ل).

ص: 410

كَثِيبًا) بثاء مثَلثة وهو قطعة مستطيلة محدودبة تشبهُ الربوة.

(مِنْ رَمْلٍ) جمعه (1) كثبان، سُمي بذلك لاجتماع الرَّمل فيه، من قولهم: كثب (2) القَوم من بَاب ضرب إذا اجتمعُوا، وكثبتهم (3) جَمعتهم يتعدى ولا يتعدى، أي: فإن لم يجد سُترة فليجمع من التراب والرمْل قدرًا كثيرًا، بِحَيث يكونُ ارتفاعه قدر ثلثي ذراع فما زَاد.

(فَلْيَسْتَدْبِرْهُ) أي: يجعَلهُ دُبر ظَهره واستَدبر القوم كناية عن الهزيمة، وفيه دليل على أن السَّاتِر في قضاء الحَاجة يكون خلف ظَهْره إذا لم يمكن (4) إرخَاء ذَيْله ويستقبل الكثيب، فإن إرخَاء الذيل سَقط به الفرض، ويَستره عن أعيُن الناس.

(فَإِن الشَّيطَانَ يَلْعَبُ بِمَقَاعِدِ بَنِي آدَمَ) أي: يحضُر الشَّيطان الأمكنة التي يقعد فيها بنو (5) آدم لقضاء الحاجة؛ لأن هذِه الأمكنة لا يذكر الله فيها، فإذا جَلَس الآدمي في مكان لا يذكر الله فيه حَضَره الشيطان ويأمره بالفِسْق، فلذلك (6) من جلسَ إلى غَير سُترة لقضَاء الحَاجة يحضُرهُ ويأمره بكشف العَورة، وبالبَول في الموضع الصّلب، ومُستقبل (7) الريح ليرد الريح رَشاش البَول إليه وغَير ذلك مما يلقيه إليه

(1) سقط من (ص، س، ل).

(2)

في (ص، س، ل): كتب. تصحيف.

(3)

في (ص، س، ل): كتبتهم. تصحيف.

(4)

في (ص، ل): يكن، وفي (س): يكف. تحريف.

(5)

في (ص، س، ل): العرض. تصحيف.

(6)

في (س، م): فكذلك. تصحيف.

(7)

في (ظ): يستقبل.

ص: 411

من وسَاوسه، فأمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أمتهُ بسَتر العَورة مخالفة للشيطان (مَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ) بأن أطاع الله ورسوله وأتى (1) بالسّنة (وَمَنْ لَا) أي: ومن لم يفعَل ذلك (فَلَا حَرَجَ) عليه؛ لأن الإتيان بذلك سُنة ليس بواجب، فهو مخير بين أنْ يقتصر على الستر (2) وبين أن يزيد عليه حتى يختم بالوتر، وإذا حصَل النقاء بحجر أو حجرين فهل يلزمهُ الثلاث أم لا؟ فيه خلاف بين الشافعي (3) وأبي حنيفة (4).

(ورَوَاهُ أَبُو عَاصِمٍ) الضحاك النبيل (عَنْ ثَوْرٍ) بن يزيد الكلاعي (عن حصين الحميريُّ، وَرَوَاهُ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ الصَّبَّاحِ) المسمعي، روى لهُ الشيخان (عَنْ ثَوْرٍ فَقَالَ: أَبُو سَعِيدٍ) (5) الحميري (الخير).

(قال أبو داود: أبو سعيد الخير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم)(6) بالرفع بدَل من (أبو سعيد)(7) ويُقال: أبو سعيد الخير.

* * *

(1) في (ص، ل): ورمي. تحريف.

(2)

في (ص): السنة. تصحيف.

(3)

"الأم" 1/ 36.

(4)

"بدائع الصنائع" للكاساني 1/ 19.

(5)

في (ظ، م): سعد. تحريف.

(6)

من (س).

(7)

في (ظ، م): سعد. تحريف.

ص: 412