الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 -
ثم يليه: ما ضُعِّفَ إسنادُه لنقصِ حِفظِ راوِيه، فمثلُ هذا يُمَشِّيه أبو داود، ويَسكُتُ عنه غالبًا.
6 -
ثم يليه: ما كان بَيِّنَ الضعفِ من جهةِ راويه، فهذا لا يَسكتُ عنه، بل يُوهِنه غالبًا، وقد يَسكتُ عنه بحسب شُهرتِه ونَكارَتِه، والله أعلم (1).
المطلب الرابع: طبقاتُ رواة "السنن" من حيث العدالة والضبط:
مثَّلَ لهم الإمامُ أبو بكر محمدُ بنُ موسى الحازميُّ (ت 584 هـ) في شروطه بمثالٍ، وهو: أن نعلمَ أن أصحاب الإمام محمد بن شهاب الزهري على طبقاتٍ خمس، ولكل طبقة منها مزيَّةٌ على التي تليها وتفاوُت:
أما من كان في الطبقة الأولى: فهو الغايةُ في الصحة، وهو غايةُ مقصد البخاري.
والطبقةُ الثانية: شاركت الأولى في العدالة، غير أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان، وبين طول الملازمة للزهري حتى كان فيهم من يُزامله في السفر، ويلازمه في الحضر، والطبقة الثانية لم تُلازِم الزهريَّ إلا مدةً يسيرة، فلم تُمارِس حديثَه، وكانوا في الإتقان دون الطبقة الأولى، وهم شرطُ الإمام مسلم.
الطبقة الثالثة: جماعة لزموا الزهري مثل أهل الطبقة الأولى، غير أنه لم يسلموا من غوائل الجرح، فهم بين الرد والقبول، وهم شرط أبي داود والنسائي.
الطبقة الرابعة: قوم شاركوا أهل الطبقة الثالثة في الجرح والعديل، وتَفَرَّدوا بقِلَّةِ ممارسَتِهم لحديث الزهري لأنهم لم يُصاحبوا الزهريَّ كثيرًا.
(1)"سير أعلام النبلاء" 13/ 214 - 215.
وهم شرط أبي عيسى الترمذي.
الطبقة الخامسة: نَفَرٌ من الضعفاء والمجهولين، لا يُخَرّج حديثُهم إلا على سبيل الاعتبار والاستشهاد عند أبي داود فمن دونه، فأما عند الشيخين: فلا (1).
مما سبق يتبين أن الإمام أبا داود يخرج أحاديث الطبقة الأولى والثانية على سبيل الاستيعاب، فلذلك اعتبر الذهبي أن ما كان على شرط الشيخين أو أحدهما أكثر من شطر الكتاب.
وكذلك ينزل إلى الطبقة الثالثة فيحتج بأحاديث أصحابها ممن ترجح عنده قبول روايته، وهذا شرطه.
وقد ينزل إلى الطبقة الرابعة، فيحتج -كذلك- بمن ترجح لديه قبول روايته.
أما الطبقة الخامسة: فلا يحتج بها، ولا يخرج أحاديث أصحابها إلا على سبيل الاعتبار والاستشهاد.
أما الرواة المتروكون: فلا يخرج أحاديثهم؛ لا احتجاجًا ولا اعتبارًا، كما نص في "رسالته إلى أهل مكة" أنه لا يخرج في "سننه" عن رجل متروك الحديث شيئًا. وقال ابن منده: إن شرط أبي داود والنسائي إخراج أحاديث قوم لم يجمع على تركهم (2).
(1) انظر: "شروط الأئمة الخمسة"(151 - 154).
(2)
انظر: "شروط الأئمة الستة" لابن طاهر المقدسي (ص 89)، "شروط الأئمة" لابن منده (ص 73)، "المدخل إلى السنن"(ص 124 - 126)، والحديث في "السنن"908.