الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
31 - باب فرْضِ الوُضُوءِ
59 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا شُعْبَة، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَبِي الَملِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا يَقْبَلُ اللهُ عز وجل صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ، وَلا صَلاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ"(1).
60 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ"(2).
61 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيانَ، عَنِ ابن عَقِيلٍ، عَنْ محَمَّدِ ابن الحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَليٍّ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مِفْتاحُ الصَّلاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُها التكبِيرُ، وَتَحلِيلُها التَّسْلِيمُ"(3).
* * *
باب فرض الوضوء
[59]
(ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) الأزدي الفراهيدي مولاهم البصري، حدَّث عن سَبعين امرأة وكتب عن قَريب من ألف شيخ (4)، قال:(ثَنَا شُعْبَةُ)، قال:(ثنا قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي المَلِيحِ) قال الترمذي: أبو المليح بن أسَامة، اسْمهُ عَامر بن أسامة، ويقال: زيد بن أسَامة بن عمير
(1) رواه النسائي 1/ 87، 5/ 56، وابن ماجه (271)، وأحمد 5/ 74، 75، وابن حبان (1705).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(53).
(2)
رواه البخاري (135)، ومسلم (225).
(3)
رواه الترمذي (3)، وابن ماجه (275)، وأحمد 1/ 123، 129، وسيأتي برقم (618). وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (55): إسناده حسن صحيح.
(4)
"تهذيب الكمال" 27/ 491.
الهَمداني، قال: وهذا الحَديث أصح شيء في هذا الباب (1).
قال ابن سيد الناس في "شَرحه": إذا قال الترمذي: هذا الحديث (2) أصَح شيء في هذا البَاب. لا يلزم منه أن يكون صحيحا عنده، وكذلك إذا قال: أحسن. لا يقتضي أن يكُون حسنا عنده (3).
(عَنْ أَبِيهِ) أسَامة بن عمير البصري، (عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا يَقْبَلُ الله صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ) بضمِّ الغين، والغُلول: الخيانة، وأصلُه السَّرقة من مال الغنيمة قبل القسمة، قيل: كل من [خان](4) في شيء خُفْية (5) فقد غل وسُميت غُلُولًا؛ لأن الأيدي مَغلولة عنها، أي: ممنوعة (6). والصَّلاةُ في حَديث جميع الرواة مُقدَّمة على الصَّدقة. (وَلَا صَلَاة بِغَيرِ طُهُورٍ) بضَم الطاء اسم لفعل التطهر، هذا هو المشهور، واسم الماء الطَّهور بفتح الطَاء.
قال النووي: هذا الحَديث نَصٌّ في وُجوُب الطهارة للصَّلاة (7).
وظاهره يقتضي انتفاء قبول الصَّلاة عند انتفاء شرطها وهو الطَهَارة، فكذلك يقتضي بمفهومه وجُود القبول إذا وجد شرطه إن شاء الله، والقبول موكول إلى عِلمِ الله تعالى، ليسَ لنا بوجوده علم، والقبول
(1)"سنن الترمذي"(1).
(2)
من (د، ظ، م).
(3)
"النفح الشذي" لابن سيد الناس 1/ 319.
(4)
في الأصول الخطية: غلَّ. تحريف، والمثبت من "النهاية" لابن الأثير.
(5)
في (ظ، م): حصة. والمثبت من "النهاية" لابن الأثير.
(6)
"النهاية في غريب الحديث والأثر"(غلل).
(7)
"شرح النووي على مسلم" 3/ 102.
ثمرة (1) وُقوع الطاعة، مجزئة رافعة لما في الذمة، ولما كانَ الإتيان بالصَلاة بشروطِها مظنة الإجزاء الذي ثمرته (2) القبول عَبر عنهُ بالقبول مجازًا، وقد يتمسَّكُ به من لا يرى وُجُوب الوضوء (3) لكل صَلاة وهم الجُمهور؛ إذِ الطهُور الذي يقامُ به الصَّلاة الحاضِرة أعَم من أن يَكون قد أقيمت (4) به صَلاة أخرى أو لم تقم (5)، وكذا قوله عليه السلام:"لا يقبل الله صَلاة أحدكم إذا أحدث حَتى يتوضأ"(6)؛ لأن نفي القبول يمتَد إلى غاية الوُضوء، ومعلوم أن مَا بعد الغاية مغاير لما قبلها، فيقتضي ذلك قبُول الصلاة بعد الوضوء مُطلقًا، ويدخل تحته (7) الصَّلاة الثانية قبل الوضُوء ثانيًا، وقد استدل جَماعة منَ المتقدمين بانتفاء القبُول على انتفاء الصِّحة، وتمسَّك بعضهم بهذا الحَديث في وُجوب الاغتسال على الكافر إذا أسْلمَ.
قال ابن العَربي: هو مُسْتَحب عند الشافعي وأبي إسحاق القَاضي، وقال مَالك وأحمد وأبُو ثور: هو واجبٌ. قال (8): وهو الصَّحيح لقوله: "لا يقبل الله صَلاة بغَير طهور"، وقد أجمعت (9) الأمة على
(1) في (ص): يمده. تصحيف.
(2)
في (ص): يمد به. تصحيف.
(3)
في (ص): الوجود. تحريف.
(4)
في (ص): اعتمد. تحريف.
(5)
في (ص): يعم. تصحيف.
(6)
رواه البخاري (6954)، ومسلم (225) من حديث أبي هريرة.
(7)
في (ص، س، ل): تحت.
(8)
من (د، ظ، م).
(9)
في (د، س): اجتمعت.
وجُوب الوُضوء (1) فالغسل مثله (2).
[60]
(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن همام بن نافع أبو بكر أحد الأعلام.
(قال: أنبأنا مَعْمَرٌ) بن راشد أبو عروة البصري الأزدي، شَهِدَ جَنازة الحَسَن وسكن اليَمن، وكانَ أحَد الأعلام.
قال: جلست إلى قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما سمعتُ منهُ حديثا إلا كأنَّه مَنقوشٌ في صَدْري. قال العجلي: لما رَحَل إلى اليَمن دَخِل صَنعاء كرهُوا أن يخرج من بين (3) أظهرهم، فقال رجل: قيدوهُ. فزوَّجُوه (4).
(عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَقْبَلُ الله) هكذا رواية الخَطيب، ورواهُ غيره: لا تُقبل. بضَم أوَّله لما لم يُسمَّ فاعله، وهي الرواية المشهورة في البخَاري (5)، والمرادُ بالقبُول هنا ما يرادف الصِّحة وهو الإجزاء، ولما كان الإتيان بالشروط مظنة الإجزاء الذي القَبول ثمرته (6) عبر عنهُ بالقبُول مجَازًا، وأمَا القبُول المنفي في مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"من أتى عَرَّافًا لم تُقبل صَلاته"(7) فهو
(1)"عارضة الأحوذي" 1/ 9.
(2)
"الإجماع" لابن المنذر (1).
(3)
سقط من (د، ظ، م).
(4)
"الثقات للعجلي" 2/ 290، وانظر:"تهذيب الكمال" 28/ 303 - 309.
(5)
"صحيح البخاري"(135).
(6)
في (ص): يمد به. تصحيف.
(7)
رواه مسلم (2230)(125) عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
الحقيقي؛ لأنه قد يصح العَمل ويتخلف القبول لمانع، ولهذا كانَ بَعض السَّلف يقول: لأَن تقبل لي صلاة واحدة أحب إليَّ من جميع الدُّنيا (صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ) أي: وجد منه الحَدَث، والمراد به الخارج من أحَد السَّبيلين (حَتَّى يَتَوَضأَ) بالماء أو ما يقوم مقامهُ.
وروى النسَائي بإسناد قوي عن أبي ذر مرفوعًا: "الصَّعِيد الطيب وضوء المُسلم"(1) فأطلق الشَّارع على التيمم أنه وُضوء؛ لكونه قائم مقامهُ، ولا يخفى أنَّ المراد بقبول صَلاة من كان مُحدثًا فتوضأ، أي: مع باقي شروط الصلاة المعتبرة (2)، واستدل بالحَديث على بُطلان الصَّلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريًا (3) أو اضطراريًا، وعلى أن الوُضوء لا يجبُ لكل صَلاة؛ لأن القبُول انتفى إلى غاية، وما بعدها مخالف لما قبلها فاقتضى ذلك قبُول الصَلاة بعد الوُضوء مُطلقًا كما تقدم.
[6]
(ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ) أبو الحَسَن العبسي (4) شيخ الشَّيخين، (قال: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ) الثوري (5)(عن) عبد الله بن محمد (بن عقيل) بن أبي طالب، وأمه زينب الصّغرى بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال ابن عَبد البر فيه: شريف عَالم لا يطعن عليه إلا متحامل، وهو أقوى من كل
(1)"سنن النسائي": 1/ 171، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (358): حديث صحيح، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
(2)
من (س)، وسقط منها قوله: الصلاة.
(3)
في (ص): اختيارًا.
(4)
في (ص): العبيسي. وفي (م): القيسي.
(5)
في جميع النسخ: ابن عيينة. وهو خطأ. لأن وكيعًا قد أكثر من الرواية عن الثوري فلما لم ينسبه تعين أنه هو. ولو كان ابن عيينة لنسبه.
من ضَعَّفهُ (1)(عَنْ مُحَمَّدِ) بن علي بن أبي طَالب رضي الله عنه أبو القَاسم الهاشمي المدني المعروف بـ (ابْنِ الحَنَفِيةِ) وهي خَولة بنت جَعفر بن قيس الحنفية من سَبي اليمامة، روى ليث بن أبي سُليم، عن محمد بن نشر (2)، عن محمد ابن الحنفية، عَنْ عليٍّ، قلت: يا رَسُول اللهِ، إن ولد لي مولوُد بعدك أسَميه باسْمك، وأكنيه بكنيتك؟ قال:"نعم"(3).
قال ابن الجنَيد: لا نعَلم أحدًا أسند عن علي أكثر ولا أصَح من محَمد ابن الحنفية، قال ابن بكار: تسميه الشيعة: المهدي.
قال كُثَيِّر: هو المهديُّ خبَّرناه كعب أخو الأحبَار في الحُقُب الخَوالي، فقيل: لكثير عزَّة: لقيتَ كعبًا؟ قال: لا، ولكن قلته بالتوهّمُ. وكانت شيعته تزعم أنه لم يمُت، ولهذا قال السَّيد الحميري:
وما ذاقَ ابن خولة طعم مَوتٍ
…
ولا وارت له أرض عظامًا
لقد أمسَى بمورق شعب رَضوى
…
تراجعه الملائكة الكرامَا (4)
(1) نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 170، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قِبل حفظه، انظر:"تهذيب الكمال" 16/ 80 - 84.
(2)
في (ص، د، س، ل): بشر. تصحيف، وفي (ظ، م): قتيبة. تحريف، وما أثبتناه من "تلخيص المتشابه في الرسم" للخطيب البغدادي 1/ 265، و"الإكمال" لابن ماكولا 1/ 276، و"تهذيب الكمال" 26/ 149.
(3)
رواه أبو داود (4967)، والترمذي (2843) من طريق ابن الحنفية به، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(4)
في "نسب قريش" لمصعب بن عبد الله الزبيري 1/ 41 - 42، وفي "تهذيب الكمال": الكلاما.
وكان مَولدهُ في آخر خلافة أبي بكر (1)(عن علي) رضي الله عنه قال (2): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ) بضَم الطَاء كما تقدم، وفي رواية من طريق أبي سُفيان، عن أبي نضرة (3)، عن أبي سَعيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الوُضوء مفتاحُ الصَلاةِ". (4)(وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ)، وفيه دليل على أن افتتاحَ الصَلاة لا يكون إلا بالتكبير دُون غيره من الأذكار.
وقال أبوُ حنيفة: تنعقدُ الصَلاة بكُل لفظ قُصد به التعظيم (5). وفي هذا الحَديث حُجة عليه، فإن الإضافة في تحريمها تقتضي الحَصر، فكأنهُ قال: جميع تَحريمها التكبير، أي: انحصر صحةُ تَحريمها في التكبير، لا تَحريم لها غَيره، كقولهم: مال فلانٍ الإبلُ، وعلم فلان النحو؛ ولأنه عبادَة تفتتح (6) بالتكبير فلا تفتتح (7) بلفظ التعظيم كالأذان (وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ) استدل به على أن التحلل مِن الصَّلاة بالتسليمِ واجِبٌ، فكأن المُصلي بالتسليم والخروج مِنَ الصَّلاة أحل له من الكلام والأفعَال ما كان حرامًا عليه؛ ولأنهُ أحَد طرفي الصَّلاة فَوَجَب
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 147 - 152.
(2)
من (د).
(3)
في (ص، س، ل): نظره. وفي (ظ): بصرة. وكلاهما تصحيف، والمثبت من "الإكمال" لابن ماكولا 1/ 330.
(4)
رواه الترمذي (238)، وابن ماجه (276)، والدارقطني 1/ 377، كلهم من طريق أبي سفيان به. ورواه الحاكم في "مستدركه" 1/ 132 من طريق أبي نضرة به، وقال: حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(5)
انظر: "بدائع الصنائع" 1/ 130.
(6)
في (ص، ل): تنفتح. تصحيف.
(7)
في (ص، ل): تنفتح. تصحيف.
فيه النُطق مع القدرة كالطرف الأول، ولهذا قرنَ بينهما في الحَديث؛ لأن الطرفين (1) كالشيء الواحِد، فقيل: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم.
وقال أبو نعيم في كتاب "الصَّلاة": ثنا زهير، حدثنا أبوُ إسحاق، عن أبي الأحوص عن عبد الله فذكرهُ بلفظ: مفتاحُ الصَلاة التكبير وانقضاؤُها التسليمُ. وإسنادهُ صحيح، وهو موقوف قاله ابن حجر (2)، ورواهُ الطبراني من حَديث أبي إسحاق (3)، ورواهُ البيهقي من حديث شعبة عن أبي إسحاق (4).
(1) في (ص، س، ل، ظ، م): الطرفان.
(2)
"التلخيص الحبير" 1/ 391.
(3)
"المعجم الكبير" 9/ 257 رقم 9271.
(4)
"السنن الكبرى" 2/ 16، 173 - 174.