الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب كَراهِيَةِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَة عِنْد قَضَاءِ الحَاجَةِ
7 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْن مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَلْمانَ قال: قِيلَ لَهُ: لَقَدْ عَلَّمَكمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الخِراءَةَ! قال: أَجَلْ، لَقَدْ نَهانا صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِغائِطٍ أَوْ بَوْلٍ، وَأَنْ لَا نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ، وَأَنْ لا يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجارٍ، أَوْ يَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ (1).
8 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن محَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثَنا ابن المُبَارَكِ، عَنْ محَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ، عَنِ القَعْقاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صالِحٍ، عَنْ أَبِي هُريرَةَ قال: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّما أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الوالِدِ أُعَلِّمُكُمْ، فَإِذا أَتَى أَحَدُكُمُ الغَائِطَ فَلا يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلا يَسْتَدْبِرْها وَلا يَسْتَطِبْ بِيَمِينِهِ" وَكانَ يَأْمُرُ بِثَلَاثَةِ أَحْجارٍ، وَيَنْهَى عَنِ الرَّوْثِ والرِّمَّةِ (2).
9 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْن مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنا سُفْيان، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رِوايَةً قالَ:"إِذَا أَتَيْتُمُ الغائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغائِطٍ وَلا بَوْلٍ، ولكنَ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" فَقَدِمْنا الشَّامَ فَوَجَدْنا مَراحِيضَ قَدْ بُنِيَتْ قِبَلَ القِبْلَةِ، فَكُنَّا نَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ (3).
10 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنا عَمْرُو بْن يَحْيَى، عَنْ أَبِي
(1) رواه مسلم (262).
(2)
رواه النسائي 1/ 38، وابن ماجة (312)، (313)، وأحمد 2/ 247، 250، وابن خزيمة (80)، وابن حبان (1431)، (1440).
وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(6).
ورواه مسلم (265) بلفظ: "إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها".
(3)
رواه البخاري (144)، (394)، ومسلم (264).
زَيْدٍ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِل الأَسَدِيِّ قال: نَهَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَتَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ غائِط. قالَ أَبُو دَاوُدَ: وَأَبُو زَيْدٍ هُوَ مَوْلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ (1).
11 -
حَدَّثَنا محَمَّدُ بْن يَحْيَى بْنِ فارِسٍ، حَدَّثَنا صَفْوانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ الحَسَنِ بْنِ ذَكْوانَ، عَنْ مَرْوانَ الأصْفَرِ قال: رَأَيْتُ ابن عُمَرَ أَناخَ راحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ إِلَيْها، فَقُلْت: يا أَبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَليْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ هذا؟ قال: بَلَى إِنَّما نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الفَضاءِ، فَإذا كانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ القِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكُ فَلا بَأْسَ (2).
* * *
باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة
[7]
(ثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قال: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ) محمد بن خَازم. بالخاء والزاي المعجمتَين المعُروف بالضَّرير السَّعدي مَولى لهم الكُوفي ذَهَب بصره وهو ابن ثمان سنين (عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ) بن يزيد بن عَمْرو بن رَبيعة بن حارثة (3) بن سعد بن مَالك بن النخع المعروف بالنخعي (عن عبد الرحمنَ بن يزيد) بن قيس أخو الأسْود الكوُفي النخعي، ماتَ في الجماجِم سنَة ثلاث وثمانين (عن سَلمان) الفارسي
(1) رواه ابن ماجة (319)، وأحمد 4/ 210، 6/ 406.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(2)، قال: منكر.
(2)
رواه ابن الجارود في "المنتقى"(32)، وابن خزيمة (60)، والدارقطني 1/ 58، والحاكم 1/ 154، والبيهقي 1/ 92.
وحسن إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(8).
(3)
في (ص): حازمة. تحريف، والمثبت من (د، س، ظ، ل، م)، و"الطبقات الكبرى" لابن سعد 6/ 270، و"الطبقات" لخليفة بن خياط (ص 157)، و"التاريخ الكبير" لابن أبي خيثمة (1905)، و"الثقات" لابن حبان 4/ 9.
الأصْبهاني، من فُضَلاء الصَّحَابة وزُهادهم وَعُبادهم موْلى النبي صلى الله عليه وسلم توفي بالمدائن سنة ست وثلاثين.
(قالَ) عَبْدِ الرَّحْمَنِ (قِيلَ لَهُ) أي: لسلمان الفارسي، والقائل له رجَل يهودي:(لَقَدْ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ)(1) صلى الله عليه وسلم (كُلَّ شَيْءٍ) هو مِنَ العَام المخصُوص كقولهِ تعالى: {تُدَمِّرُ كُلَّ} (2) والتقدير هنا: كُل شيء، والمرَاد: كل شيء من أمور الدين.
(حَتَّى الخِرَاءَةَ) بكسر الخاء والمدّ على وزن الحجَارَة اسم لهيئة الحدث، وأمَا نفس الحَدَث فبحذف التاء وبالمدّ مع فتح الخاء وكسْرها، وفي "النهاية" الخراءة بالكَسْر والمدّ؛ التخلي والقعود للحَاجَة (3).
(قال: أَجَلْ) بتخفيف اللام مَعْنَاهُ نعم ومراد سَلمان رضي الله عنه أنهُ علمنا كل ما نحتَاج إليَه في ديننا حَتى الخراءة التِي ذكرت أيّها القائل، فإنه علمنا آدابها، فنهانا فيها عن كذَا وكذَا.
(لَقَدْ نَهَانَا أَنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ بِغَائِطٍ) رواية مُسْلم "لغائط"(4) باللام بدَل الباء. قال النووي: وهما بمعنى (5). ويحتمل أن يكون اللام والبَاء بمعنَى "في"، فاللام كما في قوله تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (6)
(1) في (ص): بنبيكم. تحريف.
(2)
الأحقاف: 25.
(3)
"النهاية في غريب الحديث"(خرأ).
(4)
"صحيح مسلم"(262)(57).
(5)
"شرح مسلم" للنووي 3/ 154.
(6)
الأنبياء: 47.
[والباء كقوله](1) تعالى: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ} أي: في جانبه {إِذْ نَادَيْنَا} (2) موسى عليه السلام، وأصل الغائط: المطمئنُّ منَ الأرض، ثم صَار كنَاية عَنِ الخارج المَعرُوف مِنَ دُبر الآدمي (3).
(أَوْ بَوْلٍ) احتج به المانِعُون مِن استقبال القبلة في حَال (4) البَول والغائط مُطلقًا في البناء والصحراء، وهو قول أبي أيوب (5) الأنصاري الصَّحابي، ومجاهد (6)، وإبراهيم النخعي (7)، وسُفيان الثوري، وأبي ثور، وأحمد في روَاية (8). وفرّق الشافعي بيْنَ البنيان والصَّحراء (9)، فحمل هذا الحديث على الصَّحراء، والأحاديث الآتية في الرخصَة على البُنيان، ولا خلاف بيْن العلماء أنه إذا أمكن الجمْع بين الأحاديث لا يصار إلى ترك بعضها بل يجبُ الجمْع [بينهما والعمل بجميعها](10).
(و) نهانا (أَنْ لَا نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ) فيه بيان أدبُ الاستنجاء، وقد أجمعَ
(1) في (ص) والباء كما في قوله. وفي (س، ل): والثاني كقوله. والمثبت من (د، ظ، م).
(2)
القصص: 46.
(3)
في (س): الأذى. تحريف.
(4)
في (د): حالي.
(5)
في (س): ثور. تحريف، وانظر:"مصنف ابن أبي شيبة"(1612).
(6)
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(1614).
(7)
انظر: "مصنف ابن أبي شيبة"(1615).
(8)
انظر: "المغني" 1/ 221.
(9)
انظر: "البيان في مذهب الشافعي" للعمراني 1/ 206.
(10)
في (ص) والعمل بينهما فجميعها.
العلماء على أنه منهي عن الاستنجاء باليمين، ثم الجماهير على أنهُ نهي تنزيه وأدَب لا نهي تحريم (1)، وصرَّح الرافعي بأنَّ مَسّ الذكر باليَمين مَكرُوه (2) أي: في الاستنجاء وغيره، وَلَم يتعرض النووي في "الرَوضَة" للكراهَة، بل اقتصرَ على استحباب مَسْكه (3) باليسار (4)، وذهبَ بَعْض أهْل الظاهر إلى تحريم الاستنجاء باليَمين، وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحَابنا ولا تعويل على إشارتهم. قال أصحابنا: ويُستحب أن لا يستعين [باليد اليمنى](5) في شيء من أمور الاستنجاء إلا لعذر (6)(7).
(وأن لا يستنجيَ) بنَصْب آخره، مُعظم النسخ بإثبات (لا) وهي زائدة كما في {مَا مَنَعَكَ أَنَّ لَا تَسْجُدَ} (8) (9) (أحدُنَا) والاستنجاء هو مسْح موضع النجو -يعني: الخُرْء بضم الخاء وإسكان الراء وهمزة مقصوُرة- بحجر أو مدر أو نحوهما من قولهم: استنجيت النخلة إذا التقطت رطبها (10)؛ لأنَّ المسْح لا يقطع النجاسَة، بل يبقي أثرها.
(بأقلَّ) مجرور بالباء وعلامة جره فتحة آخره لأنه لا ينصرف (منْ) فهو
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 3/ 156.
(2)
"الشرح الكبير" للرافعي 1/ 150.
(3)
في (ط، م): مسه.
(4)
"روضة الطالبين" للنووي 1/ 70.
(5)
في (ص، س، ل): باليمين. والمثبت من (د، ظ، م)، و"شرح مسلم" للنووي.
(6)
في (ص، س، ل): بعذر. والمثبت من (د، ظ، م)، و"شرح مسلم" للنووي.
(7)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 3/ 156.
(8)
الأعراف: 12.
(9)
سقط من (ظ، م).
(10)
في (ص، ل): ربطها. تصحيف، وانظر:"الصحاح" للجوهري (نجا).
كقوله تعالى: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} (1)(ثَلَاثةِ أَحْجَارٍ) هذا نصَ صحيح صريح في أنهُ لا بدَّ في الاستنجاء بالأحجار من ثلاثة، وفي معنى الأحجار الثلاثة حجر له ثلاثة أحرف؛ يمسح بكُل حرف مسحة. وبه قال الشافعي (2)، وأحمد، وإسحاق بن راهويه (3)، وأبو ثور. وقال مالك: الواجب الإنقاء، فإن حصل بحجر أجزأه (4) وهو وجه لبعض أصحابنا (5)، ودَخَل في عموم الحديث أحجار الذهب والفضة وحجارة الحَرَم، والأصح سُقوط الفرض بكل واحد منها (6)، وينبغي التفصيل في الذهَب والفِضة بين الرجَال والنساء بخلاف حجارة الحَرَم، وفيه حجة لمذهب الشافِعي وغيره أنه لا يُجزئ أقل من ثلاثة أحجار، خلافًا لمالك وداود حيث قالا: إن الواجب الإنقاء دُون العدد (7).
(أو يَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعِ) فيه: النهي عن الاستنجاء عن النجاسات بالرجيع (8)، ونبه صلى الله عليه وسلم بالرجيع (9) على جنس النجس، فإن الرجيع هو الروث والعَذرة، فعيل بمعنى فاعل؛ لأنه رجع (10) عن حالته الأولى
(1) النساء: 86.
(2)
"الأم" 1/ 73.
(3)
"مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج"(77).
(4)
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر 11/ 17.
(5)
انظر: "المجموع" للنووي 2/ 104.
(6)
في (ص، س، ظ، ل، م): منهما. والمثبت من (د).
(7)
انظر: "المجموع" للنووي 2/ 104.
(8)
سقطت من (ص)، وسقطت من باقي النسخ.
(9)
سقطت من (ص)، وأثبتها من باقي النسخ.
(10)
في (ص) رجيع. وما أثبته من باقي النسخ، و"النهاية" لابن الأثير.
بعد أن كان طعَامًا أو علفًا (1). وهو حُجة على الحنفية في جَوَاز الاستنجاء بالنجس.
(أَوْ عَظْمٍ) فيه: النهي عن الاستنجاء بالمحترم، فنبه صلى الله عليه وسلم على جنس المُحترم بالعَظم، فإن العَظم طَعَام للجنّ؛ لما رَوَى البخاري (2) عن أبي هُريرة نهَى عن الاستنجاء بالعَظم وقال: إنهُ زاد إخوانكم منَ الجنّ. وسَاقه في باب ذكر الجِنّ بأتم مما سَاقه في الطهَارة، وأخرجهُ البيهقي (3) من الوجه الذي أخرجهُ مطولًا.
[8]
(ثَنَا عَبْدُ اللِّه بْنُ مُحَمَّدٍ) بن علي بن نفيل القضاعي (النُّفَيْلِي) بضم النُّون وفَتح الفاء مُصغرًا. خرج لهُ البخاري في آخِر تفسير سُورة البقرة (4).
(قال: ثَنَا) عبد الله (ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنِ القَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ) بفَتح المهُملة وكسْر الكاف الكناني المدني من الثقات (5).
(عَنْ أَبِي صَالِحٍ) ذكوان مولى جويرية بنت الأحمس (6) مِن غطفان المعروف (7) بالسَّمان ويقال: الزَّيات، كانَ يجْلبُ السَّمْنَ والزَيتَ إلى مَكةَ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللِّه) صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ
(1) انظر: "النهاية" لابن الأثير (رجع).
(2)
"صحيح البخاري"(155، 3860) مطولًا بغير هذا اللفظ.
(3)
"السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 107 - 108.
(4)
"صحيح البخاري"(4533).
(5)
انظر: "الكاشف" للذهبي 2/ 402.
(6)
في الأصول الخطية: الحارث. تحريف، والمثبت هو الصواب كما في كتب التراجم.
(7)
في (س): العرب. تحريف.
الوَالِدِ) رواية النسائي عن يحيى بن سعيد "أَنَا لَكُمْ مثل الوالد". (أُعَلِّمُكُم) يعني: كما يُعَلم الوالدُ ولده، وفيه: فضيْلة تعليم الوَالِد أولادهُ.
قال الشافعي والأصحاب: ما سيتعين (1) عليهم بعد البلُوغ فيُعلمه الوَلي الطهارة، والصلاة، والصيَام ونحوها، وتحريم شُرب الخمر، والكَذِب، والغيَبة ونحوها، ويعَرفه أن بالبلوغ (2) يدخل [في التكليف](3)، ومعرفة ما يبْلغ به.
وقيل: هذا التَعِليم مُستحب والصحيح وجوُبه، كما يجبُ عليه النظر في مَاله، فهذا أولى (4).
وفيه دَليل على أن المعَلم والمربي (5) حقه على تلميذه كحق الوَالد بل (6) أولى، حتى قال بعض الشافعية أنَّ عُقُوق الوَالد (7) يُغفر بالتوبة بخلاف عُقُوق الأستاذ والمُعَلّم وإذا قلنا: إن المُعلم في حق (8) الوَالد، فشَيخ شيخه جَد له، وكذا ما فوقه أجدَاد له.
(فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الغَائِطَ) لفظة "إذا أتى" أعم من الرواية المتقدمَة" إذا دَخل"؛ لأن الإتيان يشمل البُنيان والصَّحراء بخلاف الدخول، فإنه يشعر
(1) في (ص) يستعبر. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية، و"المجموع".
(2)
في (ظ، م): البلوغ.
(3)
في (د، ظ، م): بالتكليف.
(4)
انظر: "المجموع" 1/ 26.
(5)
في (س): والمولى. تصحيف.
(6)
سقط من (س).
(7)
في (س): الوالدين.
(8)
في (د): حكم.
بالبنيان (فَلَا يَسْتَقْبِلِ) بكسر اللام في الوصْل؛ لالتقاء السَّاكنين، فإن اللام مجزومة على النهي (القبلة) اللام فيه للعهد استثنى منه الشافعي وجماعة كثيرة من العلماء (1) والمحدِّثين منهم البخاري فقال:[باب لا](2) تستقبل القبلة بغائط أو بول إلا عند البناء؛ جدار أو نحوه (3). يعني: كالأحجار الكبار و (4) السَّواري والأخشاب والأشجار (5) وغيرها.
قال الإسماعيلي: ليس في الحديث دلالة على الاستثناء المذكور، وأجيب بثلاثة أوجه أقواها ما ذكره (6) الإسماعيلي أنه تمسك بحقيقة الغائط؛ لأنه المكان المُطمئن من الأرض في الفضاء، وهذِه حقيقته اللغوية، وإن كان قد صار يطلق (7) على كل مكان أعدَّ لذلك مجازًا.
ثانيها (8): والجواب الثاني: أن استقبال القبلة إنما يتحقق في الفضاء، وأما الجدار والأبنية فإنها إذا استقبلت أضيف إليها الاستقبال عرفًا. وثالثها: الاستثناء مستفاد من حديث ابن عمر الآتي، لأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم كله كأنه شيء واحد. قاله ابن بطال (9) وارتضاه ابن
(1) انظر: "المجموع" للنووي 2/ 81.
(2)
في (د، ظ، م): أن لا.
(3)
"صحيح البخاري" قبل حديث (144).
(4)
في (ص) في. تحريف.
(5)
فى (س): والأحجار. تحريف.
(6)
في (ص) رواه. تحريف.
(7)
في (ص، ل): مطلق.
(8)
في (ص) يأتيها. تصحيف.
(9)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 236.
التين (1)(2) أنه [استفيد من](3) حديث ابن عمر الآتي: رقيت (4) فرأيت (5) النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل القبلة (6).
(ولا يستدبرها) كذا رواية مُسلم (7) وزاد "ببول أو غائط"(8). (ولا يستطب) بالجزم، الاستطابة والاستنجاء والاستجمار عبارات عن إزالة الخارج من السَّبِيلين عن مخرجه، فالاستطابة والاستنجاء يكونان تارة بالماء وتارة بالأحجار، والاستجمار مُختصّ بالأحجار كما سيأتي، وسُميت الاستطابة بذلك؛ لأن الإنسان يطيب (9) نفسه بإزالة الحَدَث.
(بيمينه) فيه: تنبيه على إكرام اليَمِين وصيانتها عن الأقذار ونحوها، فإن احتاج إلى يمينهِ بأن كان الاستنجاء من بولٍ والحجر صغير، فإن أمكنه أنْ يضعه بين عقبيه ومسح ذكره عليه بشماله فعل، وإن لم يمكنه أمسك الحجر بيمينه ومسَحَ بيساره موضع الحاجة، فإن في (10) هذِه الحالة ليس ماسحًا باليمين ولا مُمسكًا لذكره بها.
(1) في (س): الزبير. تحريف، والمثبت من (ل)، و"فتح الباري".
(2)
من (س، ل).
(3)
من (د): وفي غيرها: استقبل في.
(4)
من (س، ل).
(5)
في (ص): رأيت.
(6)
انظر: "فتح الباري" 1/ 295.
(7)
"صحيح مسلم"(265)، أما الزيادة فهي في حديث أبي أيوب الذي قبله (264)، ولفظه:"يبول ولا غائط".
(8)
في (د، ظ، م): بغائط.
(9)
في (ص): يطبب. تصحيف.
(10)
سقط من (ص، س، ل) والمثبت من (د، ظ، م).
(وكان يأمرُ) أن يستنجى (بثلاثة أحجار) قال ابن القصَّار: يحتمل أن يكون أراد بذكر الثلاثة أن الغالب وجود الإنقاء بها، كما ذكر (1) في المُستيقظ من النَّوم أن يغسل يده ثلاثًا قبل إدخالها (2) الإناء على غير وجه الشرط، والدليل على أن الثلاثة ليس بشرط حدَّ به الاستنجاء أنه لو لم ينق بها لزاد عليها ولا يقتصر عليها إذا لم تنق، فعلم أن الفرض الإنقاء (3) ويحوُز أن تحمل (4) الثلاثة على الاستحسان وإن أنقى بما دُونها؛ لأن الاستنجاء مسح، والمسح في الشرع لا يُوجب التكرار، دَليله مسْح الرأس والخفين، وأيضًا فإن الحجر الواحد لو كان له ثلاثة أحرف قام مقام الثلاثة الأحجار؛ فكذلك يقوم الحجر والحجران مقام الثلاثة إذا حصَل بها قلع النجاسة (5).
(وينهى (6) عن الرَّوث) وهو رجيع ذوات الحوافر، وهو من باب: التسمية بالمصدر من راث يروث كقال يقول قولًا، والروثة الواحدة منه. وفي رواية البخاري: القى الروثة، وقال:"هذا ركسٌ"(7). وفي
(1) في (ظ، م): ذكره.
(2)
في (ص، س، ل): إدخالهما. تحريف، والمثبت من (د، ظ، م)، و"شرح ابن بطال".
(3)
في (ص، ل): الانتقاء. تحريف، والمثبت من باقي النسخ، و"شرح ابن بطال".
(4)
في (ص، ل): محمل. وفي (ظ، م): محل. والمثبت من (د، س)، و"شرح ابن بطال".
(5)
"شرح البخاري" لابن بطال 1/ 248.
(6)
في (ص، س، ظ، ل، م): نهى. والمثبت من (د) و"سنن أبي داود".
(7)
"صحيح البخاري"(156).
رواية الترمذي: "هذا ركس"(1). وأغرب النسائي فقال: الركس طعام الجنّ (2).
(والرِّمَّة) بكسر الراء وتشديد الميم العظم البَالي وهو الرَّميم وجمع الرّمَّة رمم مثل سدرة وسدر، ورم العَظم يرم مثل ضربَ يضرب، فهو رميم، جمعه رمَام مثل كريم وكرام، وأما الرُّمة بالضم فهو القطعة من الحبل (3) ومنه سمي (4) ذو الرُّمة.
[9]
(ثَنَا مُسَدَّدُ، قال: ثنا سُفْيَانُ، عن) محمد بن شهاب (الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ) من أنفسهم ويقال: الجُنْدَعِي (5) من أهل المدينة، (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) خالد بن زيد الأنصَاري المدني (رواية) أي: رواهُ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِذَا أَتَيتُمُ الغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ) ظاهرهُ اختصاص النهي بخروج الخارج من القُبل أو الدُبر؛ لأن التقدير: لا تستقبلوا القبلة في حَال خروج الغائط والبول، فيكون مثار النهي (6) إكرام الكعبة عن المواجهة بالنجاسة، قلتُ (7): وفي معناه
(1)"سنن الترمذي"(17)، وفيها: إنها ركس.
(2)
"سنن النسائي" 1/ 41.
(3)
في (ص، س، ل): الجبل. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ، وكتب اللغة.
(4)
في (ظ، م): كني. تحريف، والمثبت من باقي النسخ.
(5)
في (ص): الخيرعي. وفي (د): الجدعي. وكلاهما خطأ، والمثبت من (س، ظ، ل، م)، وهذه النسبة إلى جندع، وهو بطن من ليث، وليث من مضر بن نزار بن معد ابن عدنان، وانظر:"الإكمال" لابن ماكولا 2/ 192، و"الأنساب" للسمعاني 3/ 346.
(6)
في (ص، ل): المنهي.
(7)
سقط من (ظ، م).
استقبال القبلة في حَال الجلوس لإخراج دم الفصْد والحجامة ودم الحيض والنفاس، وحال التقيؤ والاستفراغ، وقيل: مثار النهي عن كشف العورة، وعلى هذا فيطرد في كل [حالة تنكشف](1) فيها العَورة كالوطء مثلًا، وكشف العورة للختان والاستحداد، والاغتسال مكشوف العَورة، وهي تختلف باعتبار الذكورة والأنوثة، والحرية والرقيق، والصَغير وغير ذلك.
(ولكن شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) قال العُلماء: هذا خطاب لأهل المدِينَة والشام والمغرب، وما في معناها مِنَ البلاد التي تكونُ بحيث إذا شرَّق أو غرَّب لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها (2).
واستدل به (3) بعضهم على أنَّ من بعد عن مكة يستقبل ما يُحاذيها إلى جهة الشرق والغَرب، وكأنه يري أن لو خَطَّ من البيت خطًّا إلى جهة المشرق وخطًّا إلى جهة (4) المغرب، ثم يستقبل كل من وراء الخط من أي الجِهتَين كان ذَلكَ الخَط.
وهو معْنى قول مَالك، وروي نحوه عن عُمر، وإليه ذَهبَ البخَاري (5) واحتج بهذا الحَديث؛ لأنه يدُل على أن القبلة لا تكونُ إلى شرق أو غرب، وصلاة أهل الجهات التي تقارب مكة من (6) كل جهة تدل على خلاف هذا القوله.
(1) في (ل، م): حال تكشف.
(2)
"شرح النووي على مسلم" 3/ 158.
(3)
من (د، م).
(4)
من (د).
(5)
"صحيح البخاري" باب قبلة أهل المدينة.
(6)
في (ص، ظ): هو. تحريف، والمثبت من (د، س، ل، م).
قال: (فَقَدِمْنَا الشَّامَ) ورَوَاهُ مالك في "الموطأ" من طريق أخرى، عن أبي أيُّوب، وفيه: وهو بمصر بدل الشام (1).
(فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ)[بالنَّصْب غير منصرف](2) جمع مرحاض بكسر الميم وهو المغتسل من قولهم: رحضت الثوب رحضًا مِنْ باب نفع نفعًا أي: غسلته فهو رَحيض، ثم كني به عن المستراح وهو موضع التخلي؛ لأنهُ موضع غسل النجو.
(قَدْ بُنِيَتْ قِبل) بوزن عنب (3) أي: جهة (القبلة) وفي رواية في الصحيحين: قد بُنيَت نحو الكعبة (4).
(فَكُنَّا (5) نَنْحَرِفُ عَنْهَا) قيل: مَعناه: نحرص على اجتنابها (6) بالميل عنها قدرتنا ونستغفر، رواية مُسلم: فننحرف عنها (7).
(ونَستغفر الله)[قيل: لباني الكنف](8) على هذِه الصفة الممنُوعة عنده؛ لأنه لو لم تكن عندهُ ممنُوعًا لما احتاج إلى استغفار. [قال ابن دقيق العيد: الأقرب أنهُ استغفار](9) لنفسه، بسبب موافقته لمقتضى
(1)"الموطأ" 1/ 172.
(2)
سقط من (ظ، م).
(3)
في (ص): عيب. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(4)
لم أقف عليه فيهما بهذا اللفظ.
(5)
سقط من (ظ، م).
(6)
في (ص) احنيايها. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(7)
"صحيح مسلم"(264)(59).
(8)
في (ص) قبل لنأتي الكنيف. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(9)
سقط من (س).
البناء غلطًا أو سهوًا، فيتذكر فينحرف ويستغفر الله، فإن قلت: الغالط والساهي لم يفعل إثمًا، فلا حاجة للاستغفار قلتُ: أهل الوَرع والمناصب العلية يستغفرون [بناء على نسبتهم التقصير](1) إلى أنفسهم في التحفظ ابتداء (2).
[10]
(ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التبوُذكي، قال:(ثَنَا وُهَيْبٌ) بن خالد بن عجلان البَاهلي، قال:(ثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى) بن عمارة المازني الأنصاري المدَني، (عَنْ أَبِي زَيْدٍ) مولى بني ثعلبة، قيل: اسمُه الوليد، (عَنْ مَعْقِلِ بْنِ أَبِي مَعْقِل) بفتح المِيم وكسْر القاف فيهما بن الهيثم (الأسدي) حليف بني أسد الصحَابِي، مات في زمن مُعاوية. قال:(نَهَى رَسُولُ اللِّه صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَقْبِلَ) بفتح النُون والبَاء الموحدة.
(القبلتَين) الكعبة وبيت المقدس، [احتج به إبراهيم وابن سيرين على تحريم استقبال بيت المقدس مُطلقًا، خلافًا لمن ادعى الإجماع على عدَم التحريم. وروى: نهانا (3)](4).
قالَ أصحَابنا: لا يحرم استقبال بيت المقدس ببَول ولا غائط ولا استدبَاره لا في البناء ولا في الصحراء. قال المتَولي وغيره: لكنه يُكرَه. ونقل الروياني عن الأصحَاب أنه يُكره؛ لكونه كَانَ قبلة. وهذا الحديث
(1) في (ص): ثناء على نسيهم للتقصير. تصحيف، والمثيت من باقي النسخ الخطية.
(2)
"إحكام الأحكام" 1/ 42.
(3)
رواها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 233 من طريق عمرو بن يحيى به، وفيه القبلة. بدل: القبلتين.
(4)
سقط من (د)، وذكرت هذه الجملة بعد قليل في (ظ، م) بزيادة واو قبلها.
رواه أحمد (1) وابن ماجَه (2) وإسنَاده جَيد، وأجابُوا عنهُ بِجَوابَين:
(أحدُهما: ) أنهُ نهَى عن آستقبال بيت المقدس حينَ كانَ قبلة، ثم نهى عن الكَعبة حين صارت قبلة، فجمعهما الراوي. هذا تأويلُ أبي إسحاق المروزي وأبي علي بن أبي هريرة.
(والثاني): [المراد بالنهي عن استقبالهما، النهي عن استقبال الكعبة واستدبَارها، و](3) المُراد بالنهي أهل المدينة، لأن من استقبل بيت المقدس وهو في المدينة استدبر الكعْبة، وإن استدبره استقبلها.
قال النووي: والظاهِر المختار (4) أن النهي وقعَ في وقت واحِد، وأنهُ عامٌّ لكلتيهما في كل مكان، ولكنهُ في الكعبة نهيُ تَحريم، وفي بيت المقدس نهي تنزيه، ولا يمتنع جمعهما في النهي، وإن اختلف معناه كما لا يمتنعُ جمع الوَاجِب، والمندُوب (5) في الأمر في قوله تعالى:{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} (6) وسَبَبُ النَهي عن بيت المقدس، كونه كان قبلة فبقيت له حُرمة دون حرمة الكعبة، فإن قيلَ لم حملتموهُ على التنزيه؟ قلنا: للإجماع فلا نعلم (7) أحدًا ممن يعتد به حرمه (8). وزعم ابن حزم
(1)"مسند أحمد" 4/ 210.
(2)
"سنن ابن ماجة "(319).
(3)
سقط من (س).
(4)
في (ظ، م): المجاز. وهو تحريف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(5)
في (ظ، م): الندب. خطأ، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(6)
الحج: 7.
(7)
في (م): يعلم. تصحيف.
(8)
"المجموع" 2/ 80 - 81.
الظاهري أن النهي عن استقبال بيت المقدس لا يصح (1).
(ببَول أو غائط) وفي رواية: "ببول أو بغائط"(2).
ونقل الرافعي في الشهادَات عن صَاحب"العدة": أن التغوط مُستقبل القبلة من الصغائر (3)، وأقره عَلَيه ولا يكرَه. ويجوز عندنا استقبال القبلة واستدبارها حالة الجماع في البنيان والصحراء بلا كراهة؛ لأن الحديث ورد في البَول والغائط دُونَ غيرهما وبه قال أبو حنيفة وأحمد، واختلف على مالك فيه، وكذا في حَالة الاستنجاء (4) وإخراج الريح إلى القبلة (5).
(قال أبو داود: أبو زيد هو موْلى بني ثعلبة).
[11]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى) بْنِ عبد الله بن خالد (بن فَارِسٍ) بن ذؤيب الذهلي النيسابوري شيخ البخاري والأربعة، وللبخاري عنه عدة أحاديث، لكن يبهمه (6)، فتارة يقولُ: ثنا محمد، وتارة يقول: محمد بن عبد الله، وتارة يقول: محمد بن خالد. قال ولده محمد: دَخَلت على أبي وقت القائلة في الصَّيف، فقلتُ: يا أبت في هذا الوقت ودُخان هذا السِّراج، فلو أرحت نفسك! فقال: يا بني، تقول هذا وأنا مع رسول
(1)"المحلى"1/ 194.
(2)
رواها البيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 148، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 305 من رواية ابن داسة عن أبي داود به.
(3)
"الشرح الكبير" للرافعي (13/ 8).
(4)
في (س): الاستجماع.
(5)
انظر: "المجموع" 2/ 80 - 81.
(6)
في (ص، ظ، م): يتهمه. تصحيف، والمثبت من (د، س، ل).
الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين! (1) وقال أبو قريش الحافظ: كنت عند أبي زرعة فجاء مسلم فجلس سَاعَة وتذاكرا، فلما أن قام قلت: هذا جمع أربعة آلاف حديث صحيحة قال: فلم ترك الباقي؟ ! ثم قال: ليس [لهذا عقل](2) لو دارى (3) محمد بن يحيى لكان رجلًا (4).
(قال: ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى) القرشي (5) الزهري البصري، قال محمد بن سعد: كان ثقة صالحًا (6)، توفي بالبصرة سنة مائتين في خلافة عبد الله بن هارون وكان من خيار عباد الله، استشهد به البخاري في "الصَّحيح"، وروى له في "الأدب" وروى له الباقون (7).
(عَنِ الحَسَنِ بْنِ ذَكْوَانَ) البصري أبو سلمة، ذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(8).
(عَنْ مَرْوَانَ) قال أبو داود: هو مروان بن خاقان (الأَصْفَرِ) ثقة أبو خلف البَصْري أخرج له الشيخان (9).
(قال: رَأَيْتُ) عبد الله (بْنَ عُمَرَ) رضي الله عنهما (أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ مُسْتَقْبِلَ) بالنَصب
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 627 - 628.
(2)
سقطت من الأصول الخطية، والمثبت من "تاريخ دمشق"(58/ 93).
(3)
في (ظ، م): د ارك. تحريف.
(4)
"تاريخ دمشق" 58/ 93.
(5)
في (س): القدسي. تصحيف، وصفوان بن عيسى القرشي من رجال"التهذيب".
(6)
"الطبقات الكبرى" 7/ 294.
(7)
انظر: "تهذيب الكمال" 13/ 210.
(8)
"الثقات" 6/ 163.
(9)
انظر: "تهذيب الكمال" 27/ 410 - 411.
على الحال (1) من الضمير المُستتر (القبلة، ثُمَّ جَلَسَ يَبُولُ) مُستقبل القبلة (إِلَيهَا) فيه دليل على ما تقدم أنه إذا وجد السَّاتر لا يحتاج إلى أن يبعد؛ فيكون هذا مخصصًا للحديث المتقدم إذا أراد البرَاز انطلق حتى لا يراهُ أحد، وفيه جواز استقبال القبلة إذا وجد السَّاتر ويكونُ النهي المتقدم مخصوصًا بالصحراء جمعًا بين الأحاديث كما تقدم. قال في "شرح المهذب": الصَّحيح أنه إن (2) كان بين يديه (3) ساتر مُرتفع على قدر ثلثي ذراع ويقرب (4) منه على ثلاثة أذرع، جاز استقبال القبلة سواء كان في الصحراء أم في البنيان (5). [وذكر نحوه](6) في "شرح الوسيط" المُسمى بـ "التنقيح".
(فقلت: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيسَ) همزة الاستفهام في ليس للإنكار دخلت على النفي، ونفي (7) النفي إثبات (قد نهي عن هذا) يعني في الحَديث المتقدم.
(قال: بَلَى إِنمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الفَضَاءِ) دُون البُنيان (فإذا) كنت في
(1) كتب قبالتها في حاشية (ص): لا يقال شرط الحال أن تكون نكرة ومستقبل ليس كذلك لإضافته لتاليه؛ لأن إضافته لفظية، وهي لا تفيد التعريف.
(2)
في (ظ، م): إذا.
(3)
في (ص) بدنه. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(4)
في (ص، س): بعدت. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(5)
"المجموع" 2/ 78 - 79.
(6)
في (ص) وذكره. والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(7)
في (ص) وهي. تصحيف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
الفضاء و (كَانَ بَينَكَ وَبَينَ القِبْلَةِ شَيْءٌ يَسْتُرُكَ) من وَهدة (1) أو دَابة أو كثيب رمل أو جِدَار، ويحصُل السّتر بإرخاء الذَيْل على الأصح بالشرطين المذكورين وهو أن يكونَ بينه وبين السَّاتر قدر [ثلاثة أذرع](2) فما دونها وأن يرتفع الساتر ثلثي ذراع (فَلَا بَأْسَ) إذا وجدَ الشرطان.
* * *
(1) الوهدة: المطمئن من الأرض، والمكان المنخفض كأنه حفرة. "لسان العرب"(وهد).
(2)
في (ص، س، ل): ثلثا ذراع. والمثبت من (د، ظ، م).