الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
49 - باب فِي الرَّجُلِ يدْخِل يدهُ في الإِناءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَها
103 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا أَبُو مُعاوِيَةَ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ وَأَبِي صالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذا قامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِناءِ حَتَّى يَغْسِلَها ثَلاثَ مَرّاتٍ؛ فَإِنَّهُ لا يَدْرِيِ أَيْنَ باتَتْ يَدُهُ"(1).
104 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبِي صالِحٍ، أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي: بهذا الحَدِيثِ - قالَ: مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. وَلَمْ يَذْكُرْ: رَزِين (2).
* * *
باب (3) لا يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا
[103]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ) قال: (ثَنَا أَبُو (4) مُعَاوِيَةَ) محمد بن خازم بالخاء والزاي، الضرير الكُوفي، ذهبَ بَصَره وهو ابن ثمان سنين (عن) سُليمان بن مهران (الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ) مسعود بن مالك الأسدي، أخرج له مُسلم في الوضوء مقرونًا (5)، وهو مولى أبي وائل شقيق بن سلمة (وَأَبِي صَالِح) ذكوان السَّمان (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ (6): قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ) أي: من منامه.
(مِنَ اللَّيلِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا) أخذ بظاهره أحمد
(1) رواه البخاري (162)، ومسلم (278).
(2)
انظر السابق.
(3)
كتب فوقها في (م): في الرجل.
(4)
كتب فوقها في (د، م): ع.
(5)
"صحيح مسلم"(278).
(6)
من (م).
في أشهر الروايتين (1) عنه (2) أن من قامَ من نوم الليل فيجبُ عليه أن يغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثًا. وهو اختيار أبي بكر، ومذهب ابن عُمر وأبي هُريرة والحسَن البصري (3)؛ لأن النهي يقتضي التحريم وورد في رواية [
…
] (4) بصيغة الأمر، وهو يقتضي الوُجُوب ولا تختلف الرواية عن أحمد (5) في أنه لا يجبُ غَسلهما من ثوم النهار، وسوى الحسَن بين نَوم الليل ونوم النهار في الوُجُوب بعُموم الحَديث، والحكمة في تخصيصه بقيام الليل أنَّ الليل مظنته (6) النوم، والاستغراق فيه، وطول مُدته، واحتمال (7) إصابة يده لنجاسَة لا يشعُر بها أكثر من احتمال ذلك في نَوم النهار، فإن قيل: لم لا (8) يكون مثله نوم النهار قياسًا عليه؛ فالجَواب أن هذا الحكم في القيام مِن نوم الليل ثبت تعبدًا فلا يصح تعديته إلى غيره بالقياس.
(ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) يدُل على أن الغسل تعبُّدي؛ لأن النجاسَة المتحققة يكفي فيها واحدَة للتطهير، فكيف بالمتوهمة؟ ! لكن قوله بعده:(فإنه (9)
(1) في (م): الرواية.
(2)
انظر: "المغني" 1/ 140.
(3)
السابق.
(4)
بياض في (د، ل، م) قدر كلمة.
(5)
"مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج"(45).
(6)
(د، م): مظنة.
(7)
في (د): فاحتمال.
(8)
من (د، س، م).
(9)
في (ص، س): وأن.
لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ) يدلَ على أنهُ للتعليل فإن فيه تنبيهًا (1) على العِلة ومعَناهُ أن النائم في الليْل لا يأمن وقوع (2) النجاسَة على يده، وهذا عَام لوُجود احتمال النجاسَة في نَوم الليل والنهار وفي اليقظة وذكر الليل لكونه الغالب ولم يقتصر على نوم اللَّيل خوفًا من توهم أنه مَخصُوص به؛ بل ذكر العِلة بعده.
هذا إذا شك في نجَاسة اليد (3) فلو تيقن طهَارتها وأراد غمسَها قبل غسلها فقال جَماعة مِن أصحابنا: حُكمهُ حكم الشك؛ لأن أسباب (4) النجاسَة قد تخفى في حق مُعظم الناس (5) فسد الباب لئلا يتساهل فيه من لا يعرف، والأصح الذي ذَهب إليه جماهير أصحابنا أنه لا كراهة فيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النَوم ونبه على العِلة وهي الشك، فإذا انتفت العِلة انتفت الكراهة.
[104]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ (6)، حَدَّثَنَا عِيسَى (7) بْنُ يُونُسَ) بن أبي إسحَاق، أحد الأعلام في الحفظ والعبَادة (8)(عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِح) السمان.
(1) في (ص، س، ل): تنبيه.
(2)
من (م).
(3)
في (ص): الليل.
(4)
في (ص): شأن.
(5)
من (د، س، ل، م).
(6)
كتب فوقها في (م): ع.
(7)
كتب فوقها في (د، ل): ع.
(8)
"الكاشف" 2/ 372.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. يَعْنِي بهذا الحَدِيثِ) كذا في رواية الخَطيب (قال: مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا. وَلَمْ يَذْكُرْ) الأعمش في المرتين أو الثلاث (أَبَا رزِينٍ) بل اقتصر على أبي صَالح فقط.
* * *
105 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَمحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المُرادِيُّ قالا: حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ صالِحِ، عَنْ أَبِي مَرْيَمَ، قالَ: سَمِعْتُ أَبا هُرَيْرَةَ يَقُول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِناءِ حَتَّى يَغْسِلَها ثَلاثَ مَرّاتٍ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ باتَتْ يَدُهُ"؛ أَوْ "أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ"(1).
* * *
باب: يحرك (2) يدهُ في الإناء قبل أن يغسلها
هذِه الترجمة ليست في نُسخة الخَطيب (3)، والظاهر أن المراد بها: أيحرك المتوضئ يدهُ في الإناء قبل أن يغسلها أم لا؟
[105]
(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ) بن عَبد الله بن أبي فاطمة (المُرَادِيّ) الجملي مولاهم المصري أخرج له مُسلم في الإيمان، عن ابن (4) وَهْبٍ (5)، (قالا (6): ثنا) عَبد الله (ابن وهب، عَنْ
(1) انظر ما سبق برقم (153) وسيأتي تخريج هذا الطريق.
(2)
كتب في حاشية (م) عندها: لا يحرك.
(3)
في (م): الخطابي.
(4)
في (م): أبي.
(5)
"صحيح مسلم"(72)(126).
(6)
في (ص، س، ل): قال.
مُعَاوَيةَ (1) بْنِ صَالِحٍ) بن جدير (2)(عَنْ أَبِي مَرْيَمَ) قيل: اسمه عَبد الرحمَن بن مَاعِز (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا (3) هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) يقول: إِذَا اسْتَيقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ).
فإن (5) قلتُ: ما الفائدة في قوله عليه السلام: "مِن نَومه" ومَعلوم أن الاستيقاظ إنما يكونُ من النوم؛ قلتُ: لا ينحَصر الاستيقاظ في النوم لمشاركة الغفلة والغَشية في ذلك، ألا ترى أنهُ يُقالُ: استيقظ فلان من غشيته أو غفلته. فإن (6) قلت: لم أضَاف عليه السلام النَّوم إلى ضمير أحدنا ومَعلوم قطعًا (7) أن أحدًا لا يستيقظ من نَوم غيره، فما فائدة هذِه الإضَافة حَتى لم يقل: مِنَ النوم أو من نَوم، وكان ذلك مغنيًا عنها مع خفة (8) الإفراد، وثقل (9) التركيب الإضافي؟ الجَوَاب: قال الفاكهي:
(1) كتب فوقها في (د) هنا: حاشية: من خط الشيخ تاج الدين الهاملي: هذا الحديث من أفراد المؤلف. وقد رواه ابن حبان في (43) من الثاني أنا إسحاق بن إبراهيم ببست، ثنا محمد بن سلمة، ثنا ابن وهب به. قال الشيخ تاج الدين: وليس عند المؤلف عن معاوية بن صالح، عن أبي مريم، عن أبي هريرة غير هذا الحديث. وآخر يأتي في السلام ["سنن أبي داود" (5200)]، وقد نبهت على الوهم الواقع فيه فراجعه فإنه مهم.
(2)
في (ص، س): جرير.
(3)
في (ص، س): أبي.
(4)
من (م).
(5)
في (ص، ل): قال.
(6)
في (م): قال.
(7)
من (د، م).
(8)
في (ص، ل، م): حق.
(9)
في (ص): وبعد.
إنما قال ذَلك لمعنى جليل لطيف جدًّا، وهو الإشارة والتنبيه على أن نومه صلى الله عليه وسلم مغاير لنومنا إذ (1) كانَ عليه السلام تنام عَيناه ولا ينام قلبه، فإن قلت: قوله: "أحدكم" يعطى هذا المعنى المذكور؟ قلت: أجل، ولكنه جاء على طريق المبَالغة والتأكيد، وربما سمى أهل علم البيان مثل هذا نظرية، وهو أن يكون المعنى مُستقلًّا بالأول (2)، ويؤتى باللفظ الثاني للتأكيد (فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ) احترز بالإناء عن البركة (3) ونحوها، والمراد بالإناء ما يسَع دُون قلتين [والماء إن](4) كثر حكمه حكم القليل.
قال ابن دَقيق العيد: فرق أصَحاب الشافعي بين حَالة المُستيقظ من نومه وغير المستيقظ فقالوا في المُستيقظ مِنَ النوم: يكره أن يغمس يده في الإناء قبل غسلها ثلاثًا، وفي غير المُستيقظ يُستحبُّ له غسلها قبل إدخالها في الإناء. قال: وليعلم الفرق بين قولنا: يُستحب فعل كذا وبين قولنا: يكره تركه، فإنه لا تلازم بينهما، فقد يكون الشيء مُستحب الفعل، ولا يكون مكروه الترك كصلاة الضحى وكثير من النوافل، وغَسل الكفين (5) لغَير المُستيقظ من النوم قبل إدخالهما (6) الإناء من المُستحبات وترك غسلهما (7) للمُستيقظ من المكروهات، فقد وردت
(1) في (ص، س، ل): إذا.
(2)
في (ص، س، ل): فالأول.
(3)
في (د): البرك.
(4)
في (ص، د، س، ل): والمائع وإن.
(5)
في (ص، س، ل، م): الكف.
(6)
في (ص، س، ل، م): إدخالها.
(7)
في (ص): غسلها.
صيغة النهي عن إدخالهما (1) الإناء قبل الغسل في حق المستيقظ من النوم، وذلك يقتضي الكرَاهة على أقل الدرَجَات (2).
(حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) والتقييد بالثلاث لمُسلم دون البخاري (3).
أي: غاية انتفاء الكراهة انتهاء الثلاث غَسلات، وهذِه الكراهة كراهة تنزيه لا تحريم، فلو خَالف وغمَس لم يفسد (4) الماء؛ لأن الأصل الطهَارة.
قال الشافعي في البُوَيطي (5) وتبعهُ الأصحَاب: لا تزول الكراهة إلا بغَسْل اليدَين ثلاثًا قَبل الغمس، وهذِه الثلاث هل هي المشروعة في أول كل وُضوء أم غَيرهَا؟ فصرَّحَ البندنيجي والقاضي أبو الطيب بالأول (فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يده أَوْ أَيْنَ كَانَتْ تَطُوفُ يَدُهُ)(6) هذا شك من الراوي وباتت يدُل على نَوم الليل دُون كانت.
قال الرافعي في "شرح المُسند": يمكن أن يقال: الكراهة في غمس اليَد، إذا قام مِنَ الليل أشدّ من نوم النهَار؛ لأن احتمال التلويث فيه أقرب لطوله (7).
* * *
(1) في (ص، س، ل، م): إدخالها.
(2)
"إحكام الأحكام" 1/ 19.
(3)
"صحيح مسلم"(278)(87).
(4)
في (ص): يفسده.
(5)
"المجموع" 1/ 349. "روضة الطالبين" 1/ 58.
(6)
أخرجه ابن حبان (1061)، والدارقطني 1/ 50 من طريق معاوية بن صالح عن أبي مريم، فذكره. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" (93): إسناده صحيح.
(7)
1/ 12.