الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 - باب الإِسْرافِ فِي الوضُوءِ
96 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمَّادٌ، حَدَّثَنا سَعِيدٌ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَعامَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّل سَمِعَ ابنهُ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ القَصْرَ الأبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الجَنَّةِ إِذا دَخَلْتُهَا. فَقالَ: أى بُنَي، سَلِ اللهَ الجَنَّةَ وَتَعَوَّذْ بِهِ مِنَ النَّارِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي هَذِه الأمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِي الطُّهُورِ والدُّعاءِ"(1).
* * *
باب الإِسْرَافِ فيِ الوَضُوءِ
[96]
(ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التبوذكي، قال:(ثَنَا حَمَادٌ) بن سَلمة (ثَنَا سَعِيدٌ)(2) بن إيَاس أبو مسعُود (الْجُرَيْرِيُّ) بضم الجيم مُصغر، محَدث أهل البصْرة، قال ابن حنبل: سألتُ ابن عليَّة: أكان الجرُيري اختلط؟ قال: لا، كبر الشيخ فرق (3). (عَنْ أَبِي نَعَامَةَ) بفتح النون، اسمه قيس (4) بن عَباية بفتح المهملة والموحدة، الحنفي البَصري.
قال أحمد: سألت يحيى بن معين عن أبي نعامة الحنفي فقال: اسمه قيس بن عَباية (5) بَصري ثقة (6).
(1) رواه ابن ماجة (3864)، وأحمد 4/ 87 من طريق حماد بن سلمة، والحاكم في "المستدرك" 1/ 540، وابن حبان (6763).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(86).
(2)
في (م): شعبة.
(3)
"الجرح والتعديل" 4/ 2.
(4)
في (ص): قلس.
(5)
في (ص): عبانة. وفي (م): عبابة. و"التهذيب"(4913).
(6)
"الجرح والتعديل" 7/ 102، وأحمد هنا هو ابن أبي خيثمة.
(أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ مُغَفَّلٍ) المُزني (1) من أصحاب الشجرة. قال الحسَن: كانَ أحَد العَشرة الذين بعثهم إلينا عمر يفقهون الناس، كان من نقباء الصحَابة (2) (سَمِعَ ابنهُ) قيل: إن اسمه يزيد، وكانَ له سبعة أولاد.
(يَقُولُ: اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكَ القَصْرَ الأَبْيَضَ) الذي (عَنْ يَمِينِ (3) الجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُهَا) فيه كراهة النعت (4) في الدعاء؛ بأن يقول: أعطني قصرًا صفته كذا أو حوراء صفتها كذا (فَقَالَ: أَي) بفتح الهمزة حَرف نداء، أي: يا (بُنَيَّ، سَلِ اللَّه الجنَّةَ) فإنهُ إذا دَخل الجَنَّة أعطاهُ اللهُ فيها ما اشتهت نفسُه من القصُور والغرف والحُور العين وغير ذلك (وَتَعَوَّذْ به (5) مِنَ النَّار (فإن المرء إذا نجاهُ الله مِنَ النَّار نجاهُ من جميع عذابها من عَقاربها وحَياتها وأغلالهَا وغير ذلك؛ أعَاذَنا اللهُ تعالى منها بفضله، وفيه دليل على فضيلة الدّعاء بجوامع الأدعية، فإنه إذا سَأل الله الجَنَّة حَصَلت له الجَنَّة بجميع ما فيها مِنَ النعيم، وإذا أعاذهُ مِنَ النار أعَاذَهُ من جميع ما فيها. وقد روى ابن مَاجه والحاكم وصَححهُ من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عليك بالجَوَامِع مع الكوامل (6) اللهُمَّ إني أسألك الخَير كلهُ"، وفي رواية: "أسالك الجَنَّة" (7) (فَإِنِّي سَمِعْتُ
(1) في (ل، م): لمدني.
(2)
"الاتيعاب" 3/ 996.
(3)
في (م): معين.
(4)
في (ص): التعيين. وفي (س، ل): التعنت.
(5)
في (ص، س، ل، م): بالله.
(6)
في (ص): الكلم.
(7)
"سنن ابن ماجة"(3846)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 522، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِنَّهُ) [هذِه الهَاء ضَمير الشأن والقصة](1)(سَيَكُونُ فِي هذِه الأُمَّةِ)(2) فيه أن الاعتداء في الطهور والدُّعاء على مَا سَيأتي مما أحدث بَعدُ. ولم يكن موجودًا في زمانه، وقد حذر صلى الله عليه وسلم مِنَ المُحدثات بقولهِ:"إياكم ومحدثات الأمور"(3) ووجود هذِه الخصلة بعده علم من أعلام النبوة (قَوْمٌ يَعْتَدُونَ) أي: يتجاوزون الحدود التي أمرُوا بها مِنَ وُجوب أو نَدب في طهور أو دعاء وغَيرهما (فِي الطَّهُورِ) بفتح الطاء، وهو الماء الذي يتَطهر به، فمن جاوز الثلاث في الغَسلات مِنَ الوُضوء والغسْل فهو مُعتد؛ لما (4) روى المَصنف والنسائي من حَديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا، وقال:"من زاد فقد أساء وظلم"(5).
وأما الزيَادة على المُدّ في الوضوء والغسل في الصاع، فإن كانت الزيادَة يسيرة لا تنتهي إلى السرف لإسباغ (6) الأعضاء وتعميمها فلا بأس، وإن كانت الزيَادة كثيرة من الماء أو التراب في التيمم فهي (7) مكروهة، وهي الإسرَاف والاعتداء المنهي عنه؛ لما روى ابن مَاجه عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسَعْد (8) وهو يتوضأ فقال: "مَا
(1) في (م): هذاها ضمير من الشا ولا قصة.!
(2)
في (م): الآية.
(3)
سيأتي تخريجه.
(4)
في (م): مغتلطًا.
(5)
"سنن أبي داود"(135)، و"سنن النسائي" 1/ 88.
(6)
في (ص): ولإسباغ.
(7)
من (د).
(8)
في (م): بسبعة.
هذا (1) السَّرف؟ " فقال: أفي الوُضوء إسرَاف؟ قال: "نَعم، وإن كنت على نهر (2) جار" (3).
وروى أبوُ عبيد في كتاب "الطهَارة" بسنده إلى أبي الدرداء أنه قال: "اقتصد (4) في الوضوء ولو كنت على شاطئ نهر"(5). وروى بسنده عن هلال بن يساف قال: كان يُقالُ: إن في كل شيء سَرفًا حتى في الماء، وإن كنت على شاطئ نهر (6)، وبسنده عن محارب بن دثار (7) قال: كان يقال: من وهن عِلم الرجُل ولوعه بالماء في الطهور (8).
وروي ابن عدي من حَديث ابن عباس مرفوُعًا: كانَ [يتعوذ بالله من وسوسة](9) الوُضوء. لكن إسنَاده واهٍ (10).
(و) يَعْتَدُون في (الدُّعَاء) تقدم من تفسير الصَّحابي أن من جاوز جوامع الكلم، وأتى بأفراد الالفاظ الجوامع؛ كان معتديًا. وأنواع الاعتداء كثيرة، ومنه السجع (11) في الدعاء، وللبخاري عن ابن عبَّاس،
(1) في (م): لهذا.
(2)
في (م): خبر.
(3)
"سنن ابن ماجة"(425)، وضعفه الألباني.
(4)
في (ص): اقتصر. وفي (م): عبابة.
(5)
"الطهور" ص: 192.
(6)
"الطهور" ص: 193.
(7)
في جميع النسخ: زياد، والمثبت من "الطهور" لأبي عبيد.
(8)
"الطهور" ص: 194.
(9)
سقط من (م).
(10)
"الكامل" لابن عدي 6/ 165.
(11)
في (ص، م): الشجع.
وانظر (1) السجع (2) في الدُّعاء فاجتنبه (3) فإني عَهدت رسُول الله وأصحابه لا يفعلون إلا (4) ذلك (5).
قالَ الغزالي (6): ينبغي أن يكون حَال الدَّاعي حَال تضَرع، والتكلف لا ينَاسبُه، قال اللهُ تعالى: " {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (7) قيل فيه: التكلف للأسجاع (8)، والأولى أن لا يجاوز الدَّعَوات المأثورة (9) فإنهُ قد يتعدى (10) في دعائه فيسأل ما لا يقتضيه مصلحته، فما كل أحد يُحسن الدعاء، وفي الخَبر والأثر أن العُلماء يحتاج إليهم في الجَنَّة، إذ يقال لأهل الجَنَّة: تمنوا. فلا يدرون كيف يتمنونَ حتى يتعلموا مِنَ العُلماء ما يتمنون (11).
* * *
(1) في (م): امطر، وفي (س): إن ظن.
(2)
في (ص، م): الشجع.
(3)
في (م): فاخشة.
(4)
من "صحيح البخاري".
(5)
"صحيح البخاري"(6337).
(6)
في (ص): العراقي.
(7)
الأعراف: 55.
(8)
في (ص، م): للأشجاع.
(9)
في (م): المأثومة.
(10)
في (ص، ل، م): تعدى.
(11)
"إحياء علوم الدين" 2/ 96.