المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌42 - باب الوضوء بالنبيذ - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدِّمَةُ التَّحْقِيق

- ‌القسم الأول ترجمة أبي داود والمدخل إلى "سننه

- ‌الفصل الأول ترجمة الإمام أبي داود السجستاني

- ‌المبحث الأول: التعريف به

- ‌المبحث الثاني: مولده ونشأته وأسرته

- ‌المبحث الثالث: شيوخه

- ‌المبحث الرابع: تلاميذه

- ‌المبحث الخامس: رحلاته

- ‌المبحث السادس: مذهبه الفقهي

- ‌المبحث السابع: شمائله وفضائله

- ‌المبحث الثامن: ثناء العلماء عليه

- ‌المبحث التاسع: مصنفاته

- ‌المبحث العاشر: وفاته

- ‌الفصل الثاني: المدخل إلى "سنن أبي داود

- ‌المبحث الأول: التعريف بـ "السنن

- ‌المطلب الأول: اسم الكتاب:

- ‌المطلب الثاني: موضوع الكتاب:

- ‌المطلب الثالث: تاريخ تصنيف "السنن

- ‌المطلب الرابع: عدد أحاديثه:

- ‌المبحث الثاني: منهج أبي داود في "السنن

- ‌المطلب الأول: شرط أبي داود في "السنن

- ‌المطلب الثاني: سكوت أبي داود عن الحديث:

- ‌المطلب الثالث: درجة أحاديث "السنن

- ‌المطلب الرابع: طبقاتُ رواة "السنن" من حيث العدالة والضبط:

- ‌المطلب الخامس: لماذا أورد أبو داود الضعيف في كتابه

- ‌المبحث الثالث: مكانة "السنن" وثناء العلماء عليه

- ‌المبحث الرابع: رواة "السنن

- ‌المطلب الأول: ذكر رواة "السنن" مع ترجمة مختصرة لهم

- ‌ترجمة اللؤلؤي:

- ‌ترجمة ابن داسه:

- ‌ترجمة ابن الأعرابي

- ‌ترجمة الرملي:

- ‌ترجمة ابن العبد:

- ‌المطلب الثاني: الاختلاف بين رواياتهم:

- ‌المبحث الخامس: أهم شروح "السنن

- ‌المبحث السادس: أشهر طبعات "السنن

- ‌القسم الثاني ترجمة ابن رسلان والمدخل إلى شرحه

- ‌الفصل الأول ترجمة الشارح الإمام ابن رسلان الرملي

- ‌المبحث الأول: اسمه ونسبه وكنيته ولقبه:

- ‌المبحث الثاني: مولده وموطنه:

- ‌المبحث الثالث: نشأته وطلبه للعلم

- ‌المبحث الرابع: عقيدته:

- ‌المبحث الخامس: شيوخه:

- ‌المبحث السادس: تلاميذه

- ‌المبحث السابع: مؤلفاته:

- ‌أولًا: في القرآن وعلومه:

- ‌ثانيا: الحديث وعلومه:

- ‌ثالثًا: السيرة:

- ‌رابعًا: في الفقه:

- ‌خامسًا: أصول الفقه:

- ‌سادسًا: اللغة العربية:

- ‌سابعًا: التراجم:

- ‌ثامنًا: أخرى:

- ‌المبحث الثامن: مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

- ‌المبحث التاسع: وفاته:

- ‌الفصل الثاني المدخل إلى شرح ابن رسلان لـ "سنن أبي داود

- ‌المبحث الأول: اسم الكتاب وإثبات نسبته إليه:

- ‌المبحث الثاني: المكانة العلمية للشرح:

- ‌المطلب الأول: أقوال العلماء على الشرح:

- ‌المطلب الثاني: تقويم الشرح وبيان مميزاته وما أخذ عليه:

- ‌أولًا: مميزات الشرح

- ‌ثانيًا: أهم المآخذ على الكتاب:

- ‌المطلب الثالث: المقارنة بينه وبين شروح "سنن أبي داود" التي سبقته:

- ‌المطلب الرابع: مدى استفادة المتأخرين منه:

- ‌المبحث الثالث: منهج ابن رسلان في شرحه

- ‌المطلب الأول: رواية "السنن" التي اعتمدها ابن رسلان في شرحه:

- ‌المطلب الثاني: مصادر الشارح في الكتاب ومنهجه في الاستفادة منها:

- ‌المسألة الأولى: مصادر الشارح في الكتاب:

- ‌المسألة الثانية: منهجه في الاستفادة من مصادره:

- ‌المطلب الثالث: منهجه في تقرير مسائل العقيدة:

- ‌المطلب الرابع: الصنعة الحديثية كما أشار إليها المصنف:

- ‌المطلب الخامس: الناسخ والمنسوخ:

- ‌المطلب السادس: فقه الحديث:

- ‌المطلب السابع: مباحث اللغة:

- ‌المطلب الثامن: اللطائف والفوائد التربوية:

- ‌القسم الثالث منهج التحقيق ووصف النسخ الخطية

- ‌المبحث الأول: منهج التحقيق

- ‌أولًا: نسخ المخطوط والمقابلة:

- ‌ثانيًا: تخريج الأحاديث والآثار وأقوال العلماء:

- ‌ثالثًا: الجانب الفقهي والأصولي:

- ‌رابعًا: اللغة:

- ‌المبحث الثاني: وصف النسخ الخطية

- ‌ تنبيه

- ‌وصف النسخة:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في اسم مؤلف الكتاب

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَة

- ‌1 - باب التَّخَلِّي عِنْدَ قَضَاءِ الحاجَةِ

- ‌2 - باب الرَّجُلِ يَتَبَوّأُ لِبوْلِهِ

- ‌3 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إِذا دَخَلَ الخَلاء

- ‌4 - باب كَراهِيَةِ اسْتِقْبَالِ القِبْلَة عِنْد قَضَاءِ الحَاجَةِ

- ‌5 - باب الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌6 - باب كيْفَ التَّكَشُّفُ عِنْدَ الحاجةِ

- ‌7 - باب كَرَاهيَةِ الكَلامِ عِنْدَ الحَاجَةِ

- ‌8 - باب أَيَرُدُّ السَّلامَ وَهُوَ يَبُولُ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يذْكُرُ الله تَعالَى عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ

- ‌10 - باب الخاتَمِ يكُونُ فِيهِ ذِكْرُ الله يدْخُلُ بِه الخَلاءَ

- ‌11 - باب الاسْتِبْراءِ مِنَ البَوْلِ

- ‌12 - باب البَوْلِ قائِمًا

- ‌13 - باب فِي الرَّجُلِ يَبُولُ بِاللَّيْلِ في الإِناءِ ثمَّ يَضعُهُ عِنْدَهُ

- ‌14 - باب المواضِعِ التِي نهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عنِ البَوْلِ فيها

- ‌15 - باب في البَوْلِ في المُسْتَحَمِّ

- ‌16 - باب النَّهْيِ عنِ البَوْلِ في الجُحْرِ

- ‌17 - باب ما يقُول الرَّجُلُ إِذا خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ

- ‌18 - باب كَراهيَة مَسِّ الذَّكَرِ بِاليمِين في الاستبْراءِ

- ‌19 - باب الاسْتِتارِ فِي الخَلاء

- ‌20 - باب ما يُنْهَى عنْهُ أنْ يُسْتَنْجَى بِهِ

- ‌21 - باب الاسْتِنْجاءِ بِالحِجارَةِ

- ‌22 - باب فِي الاسْتِبْراءِ

- ‌23 - باب فِي الاسْتِنْجاء بالماءِ

- ‌24 - بابُ الرَّجُلِ يُدَلِّكُ يَدَهُ بالأرْضِ إذا اسْتَنْجَى

- ‌25 - باب السِّواكِ

- ‌26 - باب كيْف يَسْتاكُ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَسْتاك بسِواكِ غَيْرِهِ

- ‌28 - باب غَسْلِ السِّواكِ

- ‌29 - باب السِّواكِ مِنَ الفِطْرَةِ

- ‌30 - باب السِّواكِ لِمنْ قامَ مِنَ اللَّيْلِ

- ‌31 - باب فرْضِ الوُضُوءِ

- ‌32 - باب الرَّجُلِ يجدِّدُ الوُضوءَ مِنْ غيْرِ حَدَثٍ

- ‌33 - باب ما ينَجِّسُ الماءَ

- ‌34 - باب ما جاءَ فِي بِئْرِ بُضاعَة

- ‌35 - باب الماء لا يَجْنُبُ

- ‌36 - باب البَوْل فِي الماءِ الرّاكِدِ

- ‌37 - باب الوُضُوء بسُؤْرِ الكلْبِ

- ‌38 - باب سؤْرِ الهِرّةِ

- ‌39 - باب الوُضُوءِ بِفَضْلِ وَضوءِ المَرْأَةِ

- ‌40 - باب النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ

- ‌41 - باب الوضوء بِماءِ البَحْر

- ‌42 - باب الوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

- ‌43 - باب أَيُصَلِّي الرَجُلُ وَهُوَ حاقِنٌ

- ‌44 - باب ما يُجْزِئُ مِنَ الماءِ فِي الوُضُوءِ

- ‌46 - باب في إسْباغِ الوُضُّوءِ

- ‌45 - باب الإِسْرافِ فِي الوضُوءِ

- ‌47 - باب الوُضُوءِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ

- ‌48 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الوُضُوءِ

- ‌49 - باب فِي الرَّجُلِ يدْخِل يدهُ في الإِناءِ قَبْلَ أنْ يَغْسِلَها

الفصل: ‌42 - باب الوضوء بالنبيذ

‌42 - باب الوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

84 -

حَدَّثَنا هَنَّادٌ وَسُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ العَتَكِيُّ قَالَا: حَدَّثَنا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي فَزارَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعْودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُ لَيْلَةَ الجِنِّ:"ما فِي إِداوَتِكَ". قالَ: نَبِيذٌ. قالَ: "تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَماءٌ طَهُورْ".

قالَ أَبُو داوُدَ: وقالَ سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ: عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَوْ زَيْدِ. كَذا قالَ شَرِيكٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَنَّادٌ: لَيْلَةَ الجِنِّ (1).

85 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، عَنْ داوُدَ، عَنْ عامِرٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ قالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللْهِ بْنِ مَسْعْودٍ: مَنْ كانَ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الجِنِّ؟ فَقالَ: ما كانَ مَعَهُ مِنَّا أَحَدٌ (2).

86 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَرِهَ الوُضُوءَ بِاللَّبَنِ والنَّبِيذِ، وقالَ: إِنَّ التَّيَمّمَ أَعْجَبُ إِليَّ مِنْهُ (3).

87 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن بَشَّارٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنا أَبُو خَلْدَةَ قالَ: سَأَلْتُ أَبَا العالِيَةِ عَنْ رَجُلٍ أَصابَتْهُ جَنابَةٌ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ماءٌ وَعِنْدَهُ نَبِيذٌ، أَيَغْتَسِل بِهِ؟ قالَ: لا (4).

* * *

(1) رواه الترمذي (88)، وابن ماجة (384)، وأحمد 1/ 402، 450. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (11).

(2)

رواه مسلم (450).

(3)

رواه عبد الرزاق (695)، والبيهقي 1/ 9.

وعلقه البخاري قبل الحديث (242) بصيغة الجزم عن عطاء.

وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(78): إسناده ثقات، فهو أثر ثابت إذا كان ابن جريح سمعه منه.

(4)

رواه ابن أبي شيبة 1/ 325 (267)، والدارقطني 1/ 78، والبيهقي 1/ 9.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(79).

ص: 608

باب الوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ

[84]

(ثَنَا هَنَّادٌ) بن السَّري (وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ) أبو الربيع (الْعَتَكِيُّ) الزهراني، الحَافظ شيخ الشيخَين.

(قَالَا: ثَنَا شَرِيكٌ) بن عَبد الله بن أبي شريك النخعي القاضي، أدرك زمَان عُمر بن عَبد العزيز، استشهد به البخاري في "الجَامع"(1)، وروى له في "رفع اليدَين في الصَّلاة"، وروى له مُسلم في المتابعات واحتج، به البَاقون (2).

قال أبو توبة: كُنا بالرملة فقالوا: من رجل الأمة؟ فقال قوم: ابن لهيعة.

وقال قوم: مَالك بن أنسٍ. فسألنا عيسى بن يُونس، وقدم عَلينا فقال: رَجل الأمة شريك بن عَبد الله، وكان يومئذ حيًّا، قيل: فابن لهيعَة؟ قال: رجُل يسمع مِنْ أهل الحَجاز. قيل: فمالك بن أنَس؟ قال: شيخ أهل مصره (3).

(عَنْ أَبِي فَزَارَةَ) بفتح الفاء، واسمه راشد بن كيسَان العَبسي الكوفي، أخرج لهُ مُسلم في النكاح، عن يزيد بن الأصَم (4).

(عَنْ أَبِي زَيْدٍ) مولى عمرو بن حريث المخزومي، قال ابن عَبد البر:

(1)"صحيح البخاري"(1250).

(2)

وخلاصة القول فيه أنه صدوق، لكنه يخطئ كثيرا.

(3)

"الجرح والتعديل" 4/ 366.

(4)

"صحيح مسلم"(1411)(48).

ص: 609

لا يوقف لهُ على اسْم، اتفقوا على أنهُ مجهُول لا يُعرف اسمه (1).

وقال الترمذي: أبو زيد رجُل مَجْهُول عند أهل الحَديث، لا يعرف لهُ رواية غَير هذا الحَديث (2). ونقل الإجماع على ضعفه، ويكفي في ذَلك قول الطحاوي الحنفي ناصر مَذهب الحنفية أن ما ذهبَ إليه أبو حنيفة ومحمد اعتمادًا على حديث ابن مسعود، ولا أصل له (3).

(عَنْ عَبْدِ اللِّه بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ لَيْلَةَ الجِنِّ .. ) هي التي جَاءت الجن (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم وذَهَبُوا إلى قَومهم.

(مَا فِي إِدَاوَتِكَ؟ ) الإدَاوة بكسر الهَمزة: المطهرة، وهو إناء صغير من جلد يُتخَذ للماء، جمعها أدَاوى بفتح الوَاو.

(قَالَ: نَبِيذٌ) قال في "النهاية": تكرر في الحَديث ذكر النبيذ، وهو ما يُعمل من الأشربة مِنَ التمر والزبيب والحنطة والشعير وغَير ذلكَ، يُقالُ: نبذت التمر والزبيب إذا تركت عليه الماء ليصَير نبيذًا، فهو فَعيل بمعنى مَفْعُول (5) وكانُوا ينبذون التمر أو الزبيب في الماء ليحلوا مَاءهم؛ لأن غالب مائهم كان مَالحًا أو مُرًّا، ورُبما يفعلون هذا؛ لأن الماء إذا كانَ فيه التمر أو غَيره من الحلاوى كانَ أوفق وأنفع، فإنهُ يذهبُ منه الملُوحَة فيطيب شربه.

ولهذا قال أبو العَالية: أتظنونه نبيذكم الخَبيث، إنما كانَ مَعَهُ ماء

(1)"نصب الراية" للزيلعي 1/ 139 بمعناه عن ابن عبد البر.

(2)

"سنن الترمذي" 1/ 147.

(3)

"شرح معاني الآثار" 1/ 95.

(4)

في (ص): إلى.

(5)

"النهاية": نبذ.

ص: 610

نبذ (1) فيه تمرَات (2). وإنما سَماهُ ابن مَسْعُود نَبيذًا على طريق المجَاز مِنْ بَاب تسمية الشيء باسم ما سيصير إليه، كما قال اللهُ تعالى:{إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} (3)، وإنما كان عنبًا، كما تقولون: فلان يضربُ الآجرَّ، وإنما يَضربُ اللبِن الذي يَصيرُ آجرًّا.

ولهذا (قَالَ: تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ) وهو خبر مُبتدأ محَذوف، أي: أصلهُ التمرَة الطيبة، أي: أصل نَبيذك التمرة الطيبة (وَمَاءٌ طَهُورٌ) أي: وأصل مائه طهور، فهو إخبَار عن أصله الذي كان عليه، وقد استدل الحنَفية بهذا الحَديث على أن الوُضوء بنبيذ التمر جَائز على الرواية الظاهرة عندهم (4)، وروى عنهُ أنه رَجَعَ عنهُ، وقول أبي يوسف (5) كقَول الشافعية (6): أنه لا يجوز، واستدل الشافعية (7) بقوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (8) ومن عندهُ النبيذ لم يجد الماء، وموضع الاحتجاج أنهُ إذا عدم الماء ومعهُ نبيذُ التمر لا يكونُ واجدًا للماء، فإن قالوا بحمل الآية على حَال عَدَم الماء والنبيذ. قُلنا: نص الآية اقتضى شَرط عَدَم الماء للنقل إلى التيمم. فحينئذ (9) فمن ضَم إليه عَدَم النبيذ

(1) في (ص، س، ل): نبيذ.

(2)

في (د، م، ل): تميرات. والأثر في "سنن البيهقي" 1/ 12 - 13.

(3)

يوسف: 36.

(4)

انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 158 - 159.

(5)

انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 158 - 159.

(6)

انظر: "المجموع" 1/ 93 - 94.

(7)

سقط من (ص، س، ل، م).

(8)

المائدة: 6.

(9)

في (ص): فحسن. وفي (د، س): فحسب.

ص: 611

فقد خالف النص.

(قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ سُلَيمَانُ بْنُ دَاوُدَ: عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَوْ) قال: عن (زَيْدٍ، كَذَا قَالَ) القاضي (شَرِيكٌ) بن عبد الله بن أبي شريك (وَلَمْ يَذْكُرْ هَنَّادٌ) في روايته (لَيلَةَ الجِنِّ).

ونقل ابن السمعاني أنَّ علي (1) بن المدَيني نقل باثني عشر طريقًا أنَّ ابن مَسْعُود كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجنّ.

[85]

و (ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبُوذكي، قال:(ثَنَا وُهَيبٌ) بن الوَرد المكي الزاهد (2).

(عَنْ دَاوُدَ) بن عبد الله الأودي (3) وثق (4)(عَنْ عَامِرٍ)(5) بن شراحيل الشعبي الكُوفي، وأمهُ من سبي جلولاء، ولد لست سِنِين خَلت من خلافة عمر بن الخطاب (عَنْ عَلْقَمَةَ) بن قيس (6) النخَعي.

(قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللِّه بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ؟ ) حين جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهبوا إلى قومهم ليتَعلموا.

(1) من (م).

(2)

كذا قال الشارح رحمه وهو خطأ. والمعني هنا هو وهيب بن خالد الباهلي. وهو ثقة، تغير بأخرة. وقد رواه الطيالسي عن وهيب. راجع "مسند الطيالسي"(279).

وكذا ذكر العيني في "شرح أبي داود" أنه وهيب بن خالد، راجع "شرح أبي داود" للعيني 1/ 240.

(3)

كذا قال الشارح وهو خطأ أيضًا، والمقصود هنا، هو داود بن أبي هند. راجع التعليق السابق.

(4)

في (ص): ذين، وفي (س): ثقة. وفي (م): زيد.

(5)

كتب فوقها في (د): ع.

(6)

في (ص): قلس.

ص: 612

(فَقَالَ: مَا كَانَ مَعَهُ مِنَّا أَحَدٌ) وفي رواية زيد بن ثابت: ما معهُ إلا ابن مَسْعُود. وتقدم نقل ابن المدَيني باثني عَشر طريقًا أن ابن مسعود كان معه، وورد أيضًا في خبر الاستنجاء من رواية الطبراني في "الأوسَط" بسند فيه (1) عَبد الله بن صَالح، وثقه يحيى بن معين وعبد الملك بن شعَيب بن الليث، وبقية رجاله رجَال الصحيح (2) عن عبد الله بن مسعود قال: استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقال: إن نفرًا مِنَ الجِن خمسة عشر بنُو إخوة وبنو عم يأتوني الليلة فأقرأ عليهم القرآن، فانطلقتُ معهُ إلى المكان الذي أرَاد، فجعَل لي خطًّا ثم أجلسني وقال:"لا تخرجن من هذا" فبت فيه حتى أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السَّحَر وفي يده عظم حَائل وروثة وحممة (3) فقال: "إذا أتيت الخلاء فلا تستنجينَّ بشيء من هذا" قال: فَلما أصبحتُ قلت: لأعلمن حَيث كانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهبت فرأيت مَوضع سبعين بعيرًا (4).

وروى الطبراني في "الكبير" بإسنادٍ حسَن ليسَ فيه غير بقية، وقدْ صَرح بالتحديث عن الزبير بن العَوام قال: صَلى بنَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصُّبح في مسجد المدينة، فلما انصرف قال: أيكم يتبعني إلى وفد الجِن الليلة، فأسْكت القَوم فلم يتكلم منهم أحَد، قال ذلك ثلاثًا،

(1) زاد في (د): عن.

(2)

الطبراني في "الأوسط"(8995).

(3)

في (م): وقحمة.

(4)

قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 210: فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، ضعفه الأئمة أحمد وغيره، ووثقه يحيى بن معين، وعبد الملك بن شعيب بن الليث، وبقية رجاله رجال الصحيح.

ص: 613

فمر بي يمشي فأخذ بيدي فجعَلت أمشي حتى حبست عنا جبَال المدينة، وانصَببنا إلى أرض براز، فإذا رجَال طُوال كأنهمُ الرمَاح مُستذفري ثيابهم مِنْ بين (1) أرجُلهم، فلما رأيتهم غشيَتني رعدَة شديدة حتى ما تمسكني رجلاي مِن الفرق، فلما دنونا منهم خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطًّا فقال لي:"اقعد في وسطه". فلما جَلست ذهبَ عني كل شيء كنتُ أجدهُ من ريبة، ومضى النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينهم فتَلا قرآنًا رفيعًا (2) حتى طلع الفجر، ثم أقبل حتى مر بي فقال لي (3):"الحق" فجعَلت أمشي معه، فمضينا غير بَعيد فقال لي:"انظر فالتفت، فهَل (4) ترى حيث كان أولئك من أحد؟ " فقلت: يا رسول الله، أرى سوادًا كثيرًا، فخفض رسُول الله صلى الله عليه وسلم رأسهُ إلى الأرض فنظم عظمًا بروثة، ثم رمى به إليهم، ثم قال:"رشد (5) أولئك من وفد قوم هم وفد نصيبين، سألوني الزاد فجعَلت لهم كل عظم وروثة". قال الزبير: فلا يحل لأحد أن يستنجيَ بَعظم ولا روثة (6)، وقوله: مُستذفري هو بذَال معجمة، ثم فاء، أي: جاعليهم (7) من بين أرجُلهم، كما يجعَل الذفر تحت ذنب البَعير، وفي رواية: مُستثفري. بالثاء المثَلثة.

(1) في (م): تحت.

(2)

في (ص، ل): وقيعا. وفي (م): دمعا.

(3)

من (د).

(4)

في (م): قبل.

(5)

في (ص، س، ل): رشه. وفي (م): راسة.

(6)

"المعجم الكبير" 1/ 125 (251).

(7)

في (ص، س، د): جاعلينهم.

ص: 614

قالَ في "النهاية": هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنَبه (1)، وضعف (2) الشافعية (3) بهذِه (4) الرواية حَديث ابن مسعود، وبأنَّ خَبر ابن مسعود كان بمكة، وآية التيمم نزلت بالمدينة. وقد تضمن (5) نسخه؛ لأنه لما نقل من الماء إلى التراب فقد رفع النقل إلى النبيذ (6)؛ ولأنه نقل إلى التراب من غير واسِطَة فيكون رفعًا للوَاسِطَة.

وقالت الحنفية (7): نحنُ نقول: إنه (8) كانَ معهُ ليلة الجنّ، ولم يكن معهُ عند خطاب الجِنّ وقراءته عليهم (9) جمعًا بين الروايتين المتضادتين (10).

[86]

(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ) قال: (ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ) بن أبي الزناد (11)، قال ابن سعد: كان يُفتي ببغداد، قال:(ثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ) السَّليمي (12)

(1)"النهاية"(ثفر).

(2)

في (ص، س، ل): حقق.

(3)

"الحاوي" 1/ 51.

(4)

في (م): بهذا.

(5)

سقط من (م).

(6)

في (ص، ل، م): القيد.

(7)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 215.

(8)

في (ص): إن.

(9)

في (د): وقراءتهم عليه.

(10)

في (م): المتضادين.

(11)

كذا قال رحمه الله وهو خطأ. والصواب أنه عبد الرحمن بن مهدي، ورواه البيهقي من طريق أبي داود وصرح بأنه ابن مهدي.

(12)

ذكره ابن نقطة في باب السَّليمي أنه بفتح السين وكسر اللام. انظر: "تكملة الإكمال" 3342 (3319).

ص: 615

وسليمة من الأزد، أخرج له مُسلم في الصلاة عن الجريري (1).

(عن)(2) عبد الملك (ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ) بن أبي ربَاح (أَنَّهُ كَرِهَ الوُضُوءَ بِاللَّبَنِ وَبالنَّبِيذِ) رواية الخطيب: والنبيذ (3) بحذف الباء.

(وَقَالَ: إِنَّ التَّيَمُّمَ أَعْجَبُ إِلَيَّ منه)(4) أي: يُعجبني وأرضى (5) به، وليس هو من أفعَل التفضيل؛ لأنه لا يجوز عنده الوضوء بالنبيذ أصلًا كما حكاهُ ابن حزم في "المحلى"، فإنه قال: ما سقط عنه اسم الماء جملة كالنبيذ وغَيره لم يجز الوُضوء به ولا الغسْل، والحكمُ حينئذ التَّيممُّ (6). وبه قال الحسَن (7)، وعطاء بن أبي رباح (8)، وسُفيان الثوري، وأبو يوسف (9)، وإسحاق (10)، وأبو ثور وغيرهم.

قال أهل اللغة: يُستعمل التعجب على وجهين:

أحدهما: ما يحمدهُ (11) الفاعل، ومعناهُ الاستحسان والإخبار عن

(1)"صحيح مسلم"(438).

(2)

سقط (ل).

(3)

من (د، س، ل، م).

(4)

قال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 149: أثر ثابت، إن كان ابن جريج سمعه من عطاء، إسناده ثقات.

(5)

في (ص، ل، م): وقيعا. وفي (م): دمعا.

(6)

"المحلى" 1/ 202.

(7)

"مصنف عبد الرزاق"(694).

(8)

"مصنف عبد الرزاق"(695).

(9)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 215.

(10)

"مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج"(42).

(11)

في (ص، س، ل، م): يجده.

ص: 616

رضاه به. والثاني: ما يكرهه، ومعَناهُ الإنكار والذم لهُ.

ففي الاستحسان يُقال: أعجبني بالالف، وفي الذم والإنكار يقال: عجبت (1) وزان: تعبت (2).

[87]

(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ) بندار قال: (ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ)(3) بن مَهدي بن حَسَّان، قال ابن المديني: أعلم الناس بالحَديث (4). قال: ما رأيتُ معهُ كتابًا قط، قال:(ثَنَا أَبُو خَلْدَةَ) بفتح الخاء المعُجمة وإسكان اللام، اسمه خالد بن دينار التميمي السَّعدي البصري، أخرج له البخاري في الجُمعة عن أنس، وعنهُ حرمي بن عمارة (5).

(قَالَ: سَألْتُ أَبَا العَالِيَةِ) رفيع، مولى امرأة من بني رياح أعتقته سائبة، أحَد كبار التابعين بالبصرة، وهو القائل: كنا نأتي المدينة في طلب العلم. قالت حَفصة بنت سيرين: سمعته يقول: قرأت القُرآن على عُمر ثلاث مَرات (6)، توفي سنة تسعين (7).

(عَنْ رَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ وَلَيسَ عِنْدَهُ مَاءٌ وَعِنْدَهُ نَبِيذٌ) أيجوز (8) له أن (يَغْتَسِلُ بِهِ؟ قَالَ: لَا) رواه أبو عبيد في كتاب "الطهَارة" من (9) طريق

(1) في (ص): عجيب.

(2)

في (ص): أن تعين. وفي (س) وزان تعين.

(3)

كتب فوقها في (د): ع.

(4)

"الإرشاد" لأبي يعلى الخليلي 2/ 509.

(5)

"صحيح البخاري"(906).

(6)

"تاريخ دمشق" 18/ 169.

(7)

"تهذيب الكمال" 9/ 218.

(8)

في (ص، س، ل، م): يجوز بحذف همز الاستفهام.

(9)

في (ص، س، ل، م): عن.

ص: 617

مروان بن معاوية عن أبي خَلدة قلت لأبي العالية: رَجُل أجنب وليس عندهُ ماء أيغتسل بالنبيذ؟ فكرههُ. قال: قلتُ له: أرأيت ليلة الجِنّ قال: أنبذتكم هذِه الخبيثة، إنما كانَ ذلك زبيبًا وماء. ثم قال: اختلف أهل العراق من أصحَاب الرأي في هذا، فلهم فيه ثلاثة أقوال:

أحَدُها: أنه يجزئه أن يتَوضأ ولا يحتاج معه إلى التيمم.

والثاني: أنه يتيمم ولا يتوضأ به.

والثالث: أنه يجمع الوُضوء والتيمم (1) وكل هذا عندهم إنما هو في نبيذ التمر، فأمَّا الزبيب فلا أعلم أحدًا منهم يرى الوُضوء به (2).

* * *

(1) سقط من (م).

(2)

"الطهور" لأبي عبيد 1/ 314 - 315.

ص: 618