الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - باب ما جاءَ فِي بِئْرِ بُضاعَة
66 -
حَدَّثَنا محَمَّد بْن العَلاءِ والحَسَنُ بْن عَلِيٍّ وَمحَمَّد بْنُ سُلَيْمانَ الأَنْبارِيُّ، قالُوا: حَدَّثَنا أَبُو أُسامَةَ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيها الِحيَضُ وَلْحَمُ الكِلابِ والنَّتْنُ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"الماءُ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شَيءٌ".
قالَ أَبُو داوْدَ: وقالَ بَعْضُهُمْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن رافِعٍ (1).
67 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي شعَيْبٍ وَعَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الحَرَّانِيّانِ قالا: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ سَلِيطِ بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رافِعِ الأَنْصارِيِّ ثُمَّ العَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقالُ لَهُ: إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيها لُحُومُ الكِلابِ والمَحايِضُ وَعَذِرُ النّاسِ. فقالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ الماءَ طَهُورٌ لا يُنَجِّسُهُ شَيءٌ".
قالَ أَبُو داوُدَ: وَسَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ قالَ: سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضاعَةَ عَنْ عُمْقِها، قالَ: أَكْثَرُ ما يَكُونُ فِيها الماءُ إِلَى العانَةِ. قُلْتُ: فَإِذا نَقَصَ؟ قالَ: دُونَ العَوْرَةِ.
قالَ أَبُو داوُدَ: وَقَدَّرْتُ أَنا بِئْرَ بُضاعَةَ بِرِدائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْها ثُمَّ ذَرَعْتُهُ، فَإِذا عَرْضُها سِتَّة أَذْرُعٍ، وَسَأَلْتُ الذِي فَتَحَ لِي بابَ البُسْتانِ، فَأَدْخَلَنِي إِلَيْهِ: هَلْ غُيِّرَ بِناؤُها عَمّا كانَتْ عَلَيْهِ؟ قالَ: لا. وَرَأَيْت فِيها ماءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ (2).
* * *
(1) رواه الترمذي (66)، والنسائي 1/ 174، وابن ماجه (519)، وأحمد 3/ 15، 31، 86. وانظر التالي.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(59).
(2)
رواه أبو عبيد في "الطهور"(145)، وأحمد 3/ 86، والدارقطني 1/ 63 - 37.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(60).
باب ما جاء في بئر بُضاعة
[66]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ (1) بْنُ سُلَيمَانَ) وهو محمد بن أبي داود (الأنْبَارِيُّ) بتقديم النُون [على الباء الموحَّدة أبو هَارون، وثقه الخَطيب (2) مات 234. (قَالُوا: ثنا أَبُو أُسَامَةَ) حماد بن أسامة](3) القرشي، (عَنِ الوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ) القرظي أبي حمزة المدَني من حلفاء الأوس، وأبوهُ من سَبي بني قريظة، ومن كلامِهِ: لَأَنْ أقرأَ في ليلتي حتى أصبح بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} ، و {الْقَارِعَةُ} لا أَزيدُ عليهما وأتفكر فيهما أحب إلي من أن أهُذَّ (4) القرآنَ (5) في ليلتي هذا (6). أو قال: أنثره نثرًا (7).
قال الترمذي، عن قتيبة: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (8)، (عَنْ عُبَيْدِ الله) بالتصغير (ابْنِ)[عبد الرحمن هكذا صوابه](9)(عَبْدِ الله (10) بْنِ رَافِعِ بْنِ
(1) كتب فوقها في (د): د.
(2)
"تاريخ بغداد"(2796).
(3)
سقط من "س".
(4)
في (ص): أهدر. وفي (س): أنفذ. تحريف.
(5)
أي يسرع كما يسرع في قراءة الشعر. انظر: "النهاية في غريب الأثر"(هذذ).
(6)
في (ص): هذه. تحريف.
(7)
رواه ابن المبارك في "الزهد والرقائق"(287).
(8)
"جامع الترمذي"(2910).
(9)
من "د، ل"، وجاءت في (ظ، م) بعد خديج، وهو عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع، وقيل: عبيد الله بن عبد الله بن رافع، انظر: ترجمته في: "الجرح والتعديل" 5/ 321، و"تهذيب الكمال"(3657)، و"تهذيب التهذيب" 7/ 27.
(10)
زاد في (ص): هكذا صوابه.
خَدِيجٍ، [عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سَعد بن مَالك بن سنان (الْخُدْرِيِّ) وهو خدرة بن عوف بن الحَارث الأنصَاري](1)، وأمهُ أنيسة بنت أبي حَارثة (أَنَّهُ قِيلَ: يا رسول الله) [نُسخة: لِرَسُولِ اللهِ](2)(أَتَتَوَضَّأُ) - بتائين مثناتين من فوق - خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم معناه: أتتوضأُ أنت يا رسول الله، من هذِه البئرِ، وتستعمِلُ ماءها في وضوءك مع أن حَالها ما ذكرناه (3)، قال النووي: ضبطته بالتاء؛ لأني رأيتُ من صَحفه بالنون (4).
(من بِئْرِ بُضَاعَةَ) بضم البَاء الموَحدة، ويقال: بكسرها لغتان مشهورتان، حكاهما ابن فارس والجوهري (5) وآخرون، والضَّمُّ أشهر ولم يذكر جَماعة غَيره، ثم قيل: هو اسم لصَاحب البئرِ، وقيل: اسم لموضعها وهي بئر قديمة بالمدينة معرُوفةٌ. قال ابن الأثير: وحكى بعضهم أنه بالصَاد المهملة (6). يقال: كانت لبني سَاعدة، (وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الحِيَضُ) بكسر الحَاء وفتح اليَاء، جمع حِيضة مثل سِدَر وسِدرَة، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: يا ليتني كنت حِيضة مُلقاة (7). بالكسر يعني: خرقة الحيض التي تمسح بها المرأة (8) دَم الحيض. قالهُ
(1) سقط من (س).
(2)
من (ص، س، ل)، وكتب في حاشية (د): لرسول الله.
(3)
في (ص، س، ل): ذكرنا. والمثبت من "المجموع".
(4)
"المجموع" 1/ 82 - 83.
(5)
"الصحاح"(بضع)، "مجمل اللغة" باب الباء والضاد وما يثلثها.
(6)
"النهاية في غريب الحديث"(بضع).
(7)
رواه الطبراني في "الكبير" 23/ 66 (138).
(8)
زاد في (ظ، م): الدم.
الأزهري وغيرَه (1)، وفي رواية: المحَايض (2) جمع محيضَة، وقيل: الحيضة الخرقة التي تستثفر بَها المرأة (وَلَحْمُ الكِلَابِ وَالنَّتْنُ) بفتح النون وإسكان التاء هكذا وجدته مضبوطًا، وفسر بالرائحة الكريهة، ويقع أيضًا على كل مُستقبح، وينبغي أن يُضبط بفتح النون وكسر التاء وهو الشيء الذي له رائحة كريهة من قولهم نَتِنَ الشيء (3) بكسر التاءِ ينتَنُ بفتحها فهو نَتِن.
قال شارح "المصابيح": تأويل الحَديث أن النَاس يلقون الحِيضَ ولحوم الكلاب والأشياء النتنة في الصَحَاري وخلف بيوتهم وفي الطرق، ويجري عليها ماء المطر فيلقيها الماء إلى تلك البئر؛ لأنها في ممر (4) الماء، وليس مَعناهُ أن الناس يلقون الحِيَضَ ولحوم الكلاب في بئر يستقى منها الماء؛ لأن هذا لا يجوز من الآحاد فكيف من الصَحَابة رضي الله عنهم. قال في "الشامِل": ويجوز أن يكون هذا من فعل المنافقين؛ كانوا يُلقون ذلك فسَألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شأنها ليَعْلَموا حُكمها في الطهَارة والنجَاسَة.
فكانَ جَوَابهُ لهم: (فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) إن (الماء) كذا للترمذي (5)(طهور) يعني: الماء الذي تسألون عنهُ وهو ماء بئر بُضاعة طهور؛ لأنهم إنما سَألوا عن الوُضوءِ به [والطَّهورُ قيل من أبنية المبالغة وأنه
(1) انظر: "تاج العروس"(حيض).
(2)
ستأتي في الحديث التالي.
(3)
في (ص، س، ل): على. تحريف، والمثبت من (د، ظ، م).
(4)
في (ظ، م): مجرى.
(5)
"جامع الترمذي"(66).
بمَعنى (1) طاهر والأكثر] (2) أنه لوصف زائد قال ثعلب (3): الطهورُ هو الطاهر في نفسه المُطِهِّرُ لغيرِهِ (4).
(ولا) رواية الترمذي لَا (يُنَجسُهُ) بحذف الواو، و (شَيْءٌ) نكرة في معرِض (5) النفي، فتعُمُّ سائر النجاسَات، لكنه عام مخصوص خص منه المتغير بالنجاسَةِ الواقعة فيه، فإنَّ الإجماع خَصَّصَهُ.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن (6) الماء القليل والكثير إذا وقعت [فيه نجاسَة](7)، فغيرت للماء (8) طعمًا أو لونًا أو رائحة أنه ينجُسُ ما دام كذلك (9).
وقد روى أبو أمامة البَاهلي أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "الْمَاء طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلا ما غَلَبَ على ريحهِ وطعمِهِ". رواهُ ابن مَاجه (10).
وقال حَرب بن إسماعيل: سُئل أحمد عن الماء إذا تغير طعمه وريحه، قال: لا يتوضأ به ولا يشرب، وحرم اللهُ الميتة، فإذا صَارت الميتة في الماء فتغير طَعمه أو ريحه، فذلك طعم الميتة وريحها فلا يحل له، وذلك أمر ظاهِرٌ (11).
(1) في (ظ، م): لمعنى.
(2)
سقط من (ص، س، ل).
(3)
في (ص): تغلب. تصحيف.
(4)
انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (طهر).
(5)
في (ص، س، ل): موضع.
(6)
سقط من (ص، ل).
(7)
في (ظ، م): يعني النجاسة فيه.
(8)
في (ص، د، س، ل): الماء. والمثبت من "الإجماع".
(9)
"الإجماع"(11).
(10)
"سنن ابن ماجه"(521).
(11)
انظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 5/ 178 - 193، "المغني" لابن قدامة 1/ 38 - 39.
وخصَّ من حديث بئر بُضاعة أيضًا ما دُون القُلتَين إذا لاقته نجاسَة بحديث: "إذا بَلغ الماء قلتين"(1)؛ فإنه أخص (2) من بئر بضاعة، والخاص يقدم على العَام، وعلى هذا فالمرادُ ببئر (3) بضَاعة الماء الكثير الذي لم يغيرهُ النجاسَة وقعَت فيه؛ فإن هذِه صفة بئر بضاعة، وقَولي: مَا لم يغيره نجاسَة وقعت فيه. احترازًا مما إذا تغير بنجاسة لم تقع فيه، كما إذا تغير برائحة جيفة بقربهِ، فإنهُ لا ينجسُ.
(وَقَالَ بَعْضُهُمْ) هو عبيد الله بن (عَبْد الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ) بن خديج، وهو الذي جزم به الذهَبي في "الكاشف"(4)، ورواية عَبد الله ذكرها الترمذي أيضًا (5)، وأعل (6) ابن القطان هذا الحَديث بجهالة راويه عن أبي سَعيد واختلاف الرواة في اسمه هل هو عبد الله أو عبيد الله وفي اسم أبيه هل هو عبد الله أو عبد الرحمن (7).
قال ابن القطان: وله طريق أحسن من هذِه قال قاسم بن اصبَع في "مُصنفه": ثنا محمد بن وَضاح، ثنا عبد الصَمد بن أبي سكينة الحلبي بحلب، ثنا عبد العزيز بن أبي حَازم، عن أبيه، عن سهل بن سَعْد، قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها ما ينجي الناس والمحايض والخبث (8).
(1) تقدم تخريجه.
(2)
في (ص، س) رخص. تحريف.
(3)
في (ص، س، ل) بئر.
(4)
"الكاشف" 2/ 229.
(5)
"جامع الترمذي"(66).
(6)
في (ص، س): وأعد. تحريف، والمثبت من (د، ظ، ل، م).
(7)
"بيان الوهم والإيهام"(1059).
(8)
"بيان الوهم والإيهام"(2435).
[67]
(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ) عبد الله بن (أَبِي شُعَيْبٍ) الحَراني أبو الحَسَن مَولى قريش، أخرج له البخاري (وَعَبْدُ العَزِيزِ (1) بْنُ يَحْيَى) أبو الأصْبَغ (الْحَرَّانِيَّانِ) ثقة توفي 235 (2).
(قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ) بن عبد الله البَاهلي مولاهم الحراني، قال ابن سَعد: كان ثقة فاضلًا، له رواية وفتوى (3). أخرج له مُسلم، (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسحَاقَ، عَنْ سَلِيطِ) بفتح السِّين المهملة (ابْنِ أَيوبَ) بن الحكم الأنصَاري المدَني، ذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(4)، روى له المصَنف هذا الحديث والنسائي آخر (5)، (عَنْ عُبَيدِ الله) بالتصغير (ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ) بن خديج (الأَنْصَارِيِّ ثُمَّ العَدَوِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) سعد بن مالك (الخُدْرِيِّ) رضي الله عنه.
(قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقَالُ لَهُ: إِنَّهُ يُسْتَقَى) بألفٍ في آخرِهِ دون هَمزٍ (لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ) وكانت بئر بضاعة عين تجري منها الماء إلى بساتين لبني سَاعدة تسقيها (6).
(وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الكِلَابِ وَالْمَحَايِضُ)(7) جمع (*) محيضَة بفَتح
(1) كتب فوقها في (د): دس.
(2)
انظر: "الكاشف" للذهبي (3415).
(3)
"الطبقات الكبرى" لابن سعد 7/ 485.
(4)
"الثقات" 6/ 430.
(5)
"سنن النسائي" 1/ 174.
(6)
في (ظ، م): لتسقيها.
(*) في (ص): جمعه. تحريف.
(7)
كتب هنا في حاشية (د): حديث عبيد الله بن عبد الرحمن، ويقال: ابن عبد الله بن رافع بن خديج كما تقدم عند (ت) في الطهارة أيضًا عن هناد بن السري، والحسن بن علي الخلال، وغير واحد، كلهم عن أبي أسامة، يقال: ابن عبد الله كالأول أعنى حديث ابن العلاء. =
الميم، وهي الخرقة التي تمسح بها المرأة دم الحيض (وَعَذِرُ) بفتح العَين وكسر الذَّال على وزن كَلِم (1)، جَمْع عَذِرَة ككلمة وكلم (النَّاسِ) والعذرة: الخُرء، وأصلها فِناء الدار، سُميت عذرة الناس بهذا؛ لأنها كانت تُلقى بالأفنية، فكنى عنها باسم الفناء من باب تسمية الظرف باسم المظروف مجازًا، وفي رواية ذكرها الذهَبي بسنده: يلقى فيها المحَايض والجِيفُ وما يستنجى بهِ.
(فقَالَ) له (2)(رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِن المَاءَ طَهُورٌ) الطَهُور عندنا هو المطهر (3). وبه قال أحمد (4)، وحكاهُ بعض أصحابنا عن مالك (5)، وبعض أصحاب أبي (6) حنيفة (7): إنَّ الطهُور هو الطاهر، واحتج (8)
= وعند (س) فيه: عن هارون بن عبد الله الحمال عن أبي أسامة به، وقال: عبيد الله بن عبد الرحمن، كما قال ابن إسحاق.
زاد المزي قال: ورواه مطرف بن طريف، عن خالد بن أبي نوف، عن سليط، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه، وقد فسره بأنه عبد الرحمن، وقال: رواه (س) في الطهارة عن عباس العنبري، عن عبد الملك بن عمرو، عن عبد العزيز بن مسلم - وكان من العابدين - عن مطرف فذكره، قال: وإسناده مجهول.
قال المزي: ورواه أبو معاوية، عن محمد بن إسحاق، وابن أبي ذئب، عمن أخبرهم، عن عبيد الله بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد.
(1)
في (ص، س، ل): كلمة. خطأ، والمثبت من (د، ظ، م).
(2)
سقط من (د، ظ، م).
(3)
انظر: "المجموع" 1/ 103.
(4)
انظر: "المغني" 1/ 13.
(5)
انظر: "الذخيرة" 1/ 168.
(6)
في (ص، س، ل): بني. تحريف.
(7)
انظر: "البحر الرائق" 1/ 70.
(8)
في (ص، س، ل): أجمع. تحريف، والمثبت من "المجموع".
أصحابنا بأنَّ لفظةَ طهُور حَيث جَاءت في الشرع المراد بهَا التطهير (1). كقوله تعالى: {مَاءً طَهُورًا} (2) وقوله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهُور ماؤه"(3)، فإنهم [إنما سألوه](4) عن التطهر (5) بماء البحر، لا عن طهَارته، وكذا في هذا الحَديث سَألوا عن الوُضوء به (لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ) أي: مَا لم يتغير كما تقدم.
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ) أبا رجاء البَلخي (قَالَ: سَأَلْتُ (6) قَيَّمَ) أي: القائم بخدمة (بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عَمْقِهَا) بفتح العَين وسُكون الميم وجوز ضم العَين، وهو بعد قعرها، فقلت:(أَكْثَرُ) فيه حذف تقديره، والله أعلم: ما أكثر (مَا يَكُونُ فِيهَا) عمق (الْمَاءُ) فحذفت ما الاستفهاميَّة، كما حُذفت همزة الاستفهام في قوله تعالى:{هَذَا رَبِّي} (7) قيل: تقديره: أهذا ربي الذي تزعمُون. قال: أكثره أن يبلغ (إِلَى العَانَةِ) وزنها في الأصل فَعَلَة (8) بفتح العَيْن، قال الأزهري وجماعة: هي موضع منبت الشعر فوق قُبل المرأة والرجل (9).
(قُلْتُ: فَإِذَا نَقَصَ) فيها الماء ما يكونُ أقله؟ (قَالَ: دُونَ العَوْرَةِ) يشبه
(1) في (م): المطهر. والمثبت من "المجموع"(1/ 85).
(2)
الفرقان: 48.
(3)
سيأتي تخريجه إن شاء الله.
(4)
في (ص، س، ل): أسماء. وفي (ظ، م): إنما سألوا.
(5)
في (ص، د، س، ل): التطهير.
(6)
في (ص): سأل. تحريف.
(7)
الأنعام: 76.
(8)
في (ص، ل): فعلى. وفي (س): فعلني.
(9)
"تهذيب اللغة"(أسب).
أن يكونَ المراد به عورة الرجل، أي: دون الركبة لقوله صلى الله عليه وسلم: "عَورة الرجُل ما بينَ سرته وركبته". رواهُ الحَارث بن أبي أسَامة في "مُسنده"(1).
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَدَّرْتُ) بتشديد الدَال وجوز التخفيف (بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَرَعْتُهُ) أي: قِستُهُ بالذَّراعِ (فَإِذا عَرْضُهَا سِتَّةُ) بالرفع (أَذْرُعٍ) وذراع القياس ست قبضات معتدلات، وتُسمَّى ذراعُ العامة؛ لأنه نقص قبضَة عن ذراع الملِكِ، وهو بَعض الأكاسِرَة نقله المطرُّزي (2).
(وَسَأَلْتُ الذِي فَتَحَ لِي بَابَ البُسْتَانِ) بضم البَاء، قال بعضهم: رومي مُعَرب (وأَدْخَلَنِي إِلَيهِ هَلْ غُيِّرَ) بضمِّ الغَينِ لما لم يسَم فاعله (بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ) في زمن النبي صلى الله عليه وسلم (فقَالَ: لا) فيه دليل على أنَّ قبول قول الواحدِ حُجَّةٌ (وَرَأَيْتُ فِيهَا مَاءَ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ) قال النووي: يَعني بُطول المكث وأصل النبع لا بوقوع شيء أجنبي فيه. انتهىَ (3). وهذا يكونُ فيه الجمع بين هذا الحَديث وحديث أبي أمَامة المتقدم في التغير، وحديث أبي أمَامة أيضًا:"إِنَّ المَاءَ طَاهِرٌ إلا إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ (4) أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ (5) بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ". رواهُ البيَهقي (6)، وأمَّا قول ابن المنذر:
(1)"مسند الحارث بن أبي أسامة"(143).
(2)
"المغرب في ترتيب المعرب"(ذرع).
(3)
"المجموع" (1/ 85.
(4)
في (س): لونه. وكتب فوقها في (ص، ل): لونه. والمثبت من (د، ظ، م)، و"السنن الكبرى".
(5)
في (ص، س، ظ، ل، م): ريحه. والمثبت من (د)، و"السنن الكبرى".
(6)
"السنن الكبرى" 1/ 259.
يُروى أن النَّبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر كأن ماءه نقاعَة الحنَّاء، ولعل هذا مُعتمد الرافعي (1) في ذكر هذا.
وذكر ابن الجوزي في "تلقينه" أنهُ صلى الله عليه وسلم توضأ مِن غَدير ماؤه كنقاعَة الحِنَّاء، وكذا ذكرهُ ابن دَقيق العيد فيما عَلقه على فروُع ابن الحَاجب، وضَعف بَعض الحنفية حَديث بئر بضَاعة بأنه لا يجوز أن يضَاف إلى الصحَابة أن يُلقُوا (2) في بئر توضأ منها رسُول الله صلى الله عليه وسلم المحَايض ولحوم الكلاب، بل ذلك مُستَحيل عَنهمُ وهم بصيانة (3) وضوءِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أولى، وأجيب عنهُ بأن الصَحابة لا يصح إضافة هذا إليهم أنهمُ فعَلوهُ، بل كانت بئر بضاعة تقرب من مكان الجِيَف والمحَايض، فكانت الريح تهب فتلقي المحَايض ولحومَ الكلاب، وقد جزم الشافعي بأن بئر بضاعة كانت لا تتغَير بإلقاء ما يلقى فيها مِنَ النجاسَات لكثرة ماءها (4).
(1)"الشرح الكبير" للرافعي 1/ 125.
(2)
في (ص): يلغوا. تصحيف.
(3)
في (ظ، م): لصيانة.
(4)
انظر: "مختصر المزني المطبوع مع كتاب الأم" 9/ 11 - 12.