الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 - باب ما يُنْهَى عنْهُ أنْ يُسْتَنْجَى بِهِ
36 -
حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ خالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ الهَمْدانِيُّ، حَدَّثَنا المُفَضَّل -يَعْنِي ابن فَضالَةَ الِمصْرِيَّ- عَنْ عَيّاشِ بْنِ عَبّاسٍ القِتْبانِيِّ، أَنَّ شيَيْمَ بْنَ بَيْتانَ أَخْبَرَهُ، عَن شَيْبانَ القِتْبانِيِّ قالَ: إِنَّ مَسْلَمَةَ بْنَ مُخَلَّدٍ اسْتَعْمَلَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثابِتٍ عَلَى أَسْفَلِ الأَرْضِ. قالَ شَيْبانُ: فَسِرْنا مَعَهُ مِنْ كُومِ شَرِيكٍ إِلَى عَلْقَماءَ أَوْ مِنْ عَلْقَماءَ إِلَى كُومِ شَرِيكٍ -يُرِيدُ عَلْقامَ- فَقالَ رُوَيْفِعٌ: إِنْ كانَ أَحَدُنا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَأْخُذ نِضْوَ أَخِيهِ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمّا يَغْنَمُ وَلَنا النِّصْفُ، وَإِنْ كانَ أَحَدُنا لَيَطِيرُ لَه النَّصْلُ والرِّيشُ وَللآخَرِ القَدَحُ. ثُمَّ قالَ: قالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الحَياةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بَرِيءٌ"(1).
37 -
حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا مُفَضَّل، عَنْ عَيّاشٍ، أَنَّ شيَيْمَ بْنَ بَيْتانَ أَخْبَرَهُ بهذا الحَدِيثِ أَيْضًا عَنْ أَبِي سالِمٍ الجَيْشانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، يَذْكُرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَهُ مُرابِطٌ بِحِصْنِ بابِ أَلْيُونَ. قالَ أَبُو داوُدَ: حِصْن أَلْيُونَ عَلَى جَبَلٍ بِالفُسْطاطِ.
قالَ أَبُو داوُدَ: وَهُوَ شَيْبانُ بْن أُمَيَّةَ يُكْنَى أَبا حُذَيْفَةَ (2).
38 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن محَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا رَوْحُ بْنُ عُبادَةَ، حَدَّثَنا زَكَرِيّا بْنُ إِسْحاقَ، حَدَّثَنا أَبُو الزُّبَيرِ أَنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُول: نَهانا رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَتَمَسَّحَ بِعَظْمٍ أَوْ بَعْرٍ (3).
(1) رواه النسائي 8/ 135 - 136، وأحمد 4/ 108، 109.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(27).
(2)
انظر السابق.
وصحح إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(28).
(3)
رواه مسلم (263).
39 -
حَدَّثَنا حَيْوَة بْن شُرَيْح الِحمْصِيُّ، حَدَّثَنا ابن عَيّاشٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: قَدِمَ وَفْدُ الجِنِّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالُوا: يا مُحَمَّدُ انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ، فَإِنَّ اللهَ تَعالَى جَعَلَ لَنا فِيها رِزْقَا. قالَ: فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عنْ ذَلِكَ (1).
* * *
باب ما ينهى عنه أن يستنجى به
[36]
(ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدِ بن يزيد بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ) -بفتح الميم والهاء- الرملي أبو خالد (الْهَمْدَانِيُّ) بإسكان الميم الزاهِد الثقة مات 232، قال (ثَنَا المفضل (2) بْنَ فَضَالَةَ) بن [عبيد بن ثمامة الرعيني المصري. ثقة فاضل](3).
(عَنْ عَيَّاشِ) بالمثناة تحت وآخره مُعجمة (بْنِ عَبَّاسٍ) بالبَاء المُوحدة وآخرهُ سين مُهملة، أبو عبد الرحيم (الْقِتْبَانِيِّ) بكسر القاف وسُكون المثناة فوق وتخفيف البَاء الموَحدة وبعد الألف نون، وقتبَان هو ابن رَدمَان بفتح الراء، وهو بَطن من رعين، نزلوا مِصْر، أخرج لهُ مُسْلم في النكاح
(1) رواه الطبراني في "مسند الشاميين"(872)، والدارقطني 1/ 55 - 56، والبيهقي 1/ 109، والبغوي في "شرح السنة"(180).
وصحح إسناده الألباني في "صحيح أبي داود"(30).
ورواه بنحوه مسلم (450)(150).
(2)
في (ص، س): الفضل. تحريف، والمثبت من "سنن أبي داود".
(3)
في الأصول الخطية: أبي أمية البصري مولى آل عمر بن الخطاب أخو مبارك. قال النسائي: ليس بالقوي.
وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه. انظر:"تهذيب الكمال" 28/ 415 - 419.
والجهاد (أَنَّ شُيَيمَ) بضَم الشين المعجمة وكسْرها (بن بَيتَانَ) بفتح البَاء الموحدة وسُكون المثَناة تحت وتخفيف المثَناة فَوق وبعَد الألف نون بوزن تثنية بيت، البلوي، ثقة (1).
(أَخْبَرَهُ عَنْ شَيبَانَ) بفتح الشين المعجمة ابن أمية ويقال ابن قيس (2)(الْقِتْبَانِيِّ) بكسر القَاف كما تقدَّم (أنَّ مَسْلَمَة) بفتح الميم واللام (بْنَ مُخَلَّدٍ) بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحة الثقفي الأنصَاري ولد حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، لهُ صحبَة، ولي ديار مصر لمعاوية توفي سنة 62 وله ستون سنة.
(اسْتَعْمَلَ رُوَيْفِعَ) بضَم الرَّاء مُصَغّر (بْنَ ثَابِتٍ) بن عدي بن حَارثة (3) الأنصَاري النَّجاري أمير المغرب، له صُحبة توفي 56 [ويعد في البصريين] (4) (عَلَى أَسْفَلِ الأَرْضِ) أي: أرض ديَار مصْر.
(قَالَ شَيبَانُ: فَسِرْنَا مَعَهُ مِنْ كُومِ) قال في "النهَاية": بِضَم الكاف مَوضَع بأسْفَل ديَار مصْر (5).
وقال البكري: بفتح أوله موضع من أسفل الأرض، وأسفلها كورة الإسكندرية (6). (شَرِيكٍ) وشريك هذا هو ابن سمي المرادي
(1) انظر: "الكاشف" للذهبي (2341).
(2)
في (ص، ل): فلتيت. وفي (س): فلتين، وكلاهما تحريف، والمثبت من "تهذيب الكمال"(2783).
(3)
في (ص، د، ظ، م): حازم. تحريف، والمثبت من "الاستيعاب"(788)، و"أسد الغابة"(1717)، و"تهذيب الكمال"(1939).
(4)
سقط من (ص).
(5)
"النهاية" لابن الأثير (كوم).
(6)
"معجم ما استعجم" للبكري 4/ 1143.
الغطيفي (1)، وفد على رسُول الله صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مصر، وقال ابن يُونس: كوم شريك في طريق الإسكندرية (إِلَى عَلْقَمَاءَ) بفتح العَيْن المهملة والقاف ومدّ الهمزة (أَوْ مِنْ عَلْقَمَاءَ إِلَى كُومِ شَرِيكٍ) الشك من الرَّاوي (يُرِيدُ عَلْقَامَ، فَقَالَ رُوَيْفِعٌ) بن ثابت (إِنْ) مخففة من الثقيلة (كَانَ أَحَدُنَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَأْخُذُ نِضْوَ)(2) بكسر النون؛ البعير المهزُول التي أهزلته (3) الأسفار وأذهبت لحمه، جَمعه أنْضاء مثل حَمَل وأحمال وَنَاقة نِضْوَة، والنضو أيضًا الثوب الخلق مأخوذ منه، وفي الحَديث:"إن المؤمن يُنْضي شيطانه كما يُنْضى أحدُكم بَعيره"(4). أي: يهزله ويجعله نضوا (أَخِيهِ) أي: للجَهاد عليه.
(عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِمَّا يَغْنَمُ) أو جزء معلوم مما يُصيبهُ من الغنيمة (وَلَنَا النِّصْفُ) فيه حجة لمن أجاز (5) أن يعطي الرجُل فرسه أو بعَيره أو سلاحه على جزء معلوم مما يُصيبه من الغنيمة، أجازهُ الأوزاعي وابن حنبل ومنعه أكثر الفقهاء (6) (وَإنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَطِيرُ لَهُ) أي: يخرج له نَصيبه من القسمة، من قولك: طيَّرت المال بينَ القَوم فطار لفلان كذا
(1) في (د، س، ل، م): القطيفي. تصحيف، والمثبت من "تاريخ ابن يونس المصري"(642)، و"الإكمال" لابن ماكولا 7/ 117.
(2)
في (س): أخيه. تحريف.
(3)
في (ص، س، ل): اهنزلته.
(4)
رواه أحمد 2/ 380، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" 1/ 132، وابن أبي الدنيا في "مكائد الشيطان"(20)، من حديث أبي هريرة، ضعفه العراقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" 4/ 1552، والألباني في "ضعيف الجامع"(1772).
(5)
في (ص، س)، (ل): أراد. تحريف.
(6)
"شرح السنة" للبغوي 11/ 17.
وطار لفلان كذا. أي: حَصل له من القسمة (النَّصْلُ) نصل السَّهم ونصْل السَّيف والسّكين ونحو ذلك، ونَصَلتُ السَّهم نَصْلًا من باب قتل جعَلت لهُ نصْلًا (وَالرِّيشُ) يقالُ في جَناح الطائر ست عشرة ريشة أربع قوادم، وأربع خواف وأربع مناكب وأربع أباهر.
(وَلِلآخَرِ القِدْحُ) بكسر القاف وإسكان الدال، وهو السَّهم الذي يرمى (1) بهِ عن القوس قبل أن يراش ويركب فيه النّصْل، يقال للسَّهم أوَّل ما يَقطع قطع، ثم ينحت ويبرى فيُسمى بريًّا، ثم يقوم فيُسمى (2) قدحًا، ثم يراش ويركب فيه النّصل فيسمى سهمًا، وفي الحَديث أن الرَّجُليَن كانا يقتسمَان (3) السَّهم، فيقع لأحَدهما نصله، وللآخر قدحه، وللآخر ردشه.
(ثُمَّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي) فيه المعجزة الظاهرة بإخبَاره عن المغَيبَات وأنه يَعيش بَعْدَهُ مُدة، وكذا كان فإنه عَاش إلى أن ولي لمعَاوية غزو إفريقية (فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ) فيه تهديد ومُبَالغة في الزَّجر عما كانت الجاهلية والأعَاجم يفعَلونهُ من عَادَتهم، وهو عقد اللحية وفتلها تكبرًا وعُجبًا، وقيل: مَعناهُ مُعالجة الشعر وليّه ليتعقد ويتجعَّد، وذلك مِنْ فِعْل التأنيث والتوضيع، فنَهى النَّبي صلى الله عليه وسلم أمَّتَهُ عن ذلك؛ لأن فيه تغيير خَلق الله تعالى، وأمَرَهُم باستعمال المشط والدهن، وإصلاح الشعر وإكرامه
(1) في (س): يرض. تحريف.
(2)
في (د، س، ل): فيسوى، وفي (ظ، م): فيستوى. تحريف.
(3)
في (ص، ل): يقسمان.
للزينة؛ ليكون الإنسان على أكمل صُورة.
قال النووي: فيه دليل على كراهة عقد اللحية ومن الكرَاهَة تصفيف اللحية طاقة فوق طاقة للتزين والتصنع ليستحسنه النسَاء وغيرهنَّ، وفي اللحيَة عَشر خصَال مَكرُوهة هذا أحدها (1).
(أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا) كان عَادَة أهل الجاهلية أنهم يجعلون في رقاب دوابهم الوتر ويزعمُون أن الوتر يدفع عَين الناظر ويحفظ من الآفات، فنَهَى النَّبي صلى الله عليه وسلم أمته عن هذا، وأعلمهم أنه لم يدفع عنهم شيئًا من الآفات إلا الله تعالى، وكلامهُ يقرأ على أحد كما سيَأتي في الرقية بفاتحة الكتاب، ويحتمل أن يريد بالنهي عن تقليد الوتر احترازا من اختناق الدابة بالوتر بأن يعصر (2) الوتر على عُنقها فتموت، ويحتَمل أن يُريد بتقليد الوتر ما يجعَله جَمَاعة من القلندرية في أعناقهم من الأحبَال والحَلَق والحديد، ويزْعمُون أنهم يتذكرون بذلك أغلال (3) يوم القيامة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهُ سيقع ونهى عنه؛ لأن تغيير خَلق الله تعالى وإحداث شيء لم تأت به الشريعَة. وقيل: نهى عن ذلك لما يعلق في الأوتار من الأجراس التي هي مزمار الشيْطان، ولا تصحب الملائكة رفقة فيها جَرس.
(أَوِ اسْتَنْجَا) بألف آخره دُون همز (بِرَجِيعِ) أي: روث وعذرة (دَابَّةٍ) فعيل بمعنى فاعل؛ لأنه رَجَع عن حَالِهِ الأول بعد أن كان طَعامًا أو
(1) انظر: "شرح النووي على مسلم" 3/ 149.
(2)
في (ص): يعصب، وفي (ظ): يفيق. وفي (م): يقبض. وكلهم تحريف، والمثبت من (د، س، ل).
(3)
في (د): أعمال. تحريف.
علفًا، استدل به على أنه لا يجوز الاستنجاء بنجس العَيْن ولا بالمتنجس إذ هو في معنَاه (أَوْ عَظْمٍ) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجى بروث أو عظم، وقال:"إنهما لا يُطهران". رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح (1). وهذا حجة على مَالك رضي الله عنه في إباحته الاستنجاء بالعَظم الطاهر والروث الذي من مأكول (2)، ووجه الاحتجاج به أن لفظه عام في الطاهِر منه والنجس، والنهي يقتضي الفسَاد، وعدم الإجزاء، فإن قيل: قد نهى عن الاستنجاء باليَمين كنهيه هَاهنا، ولم يمنع ذلك الإجزاء بخلاف هاهنا، قلنا: قد بين في الحديث أنهما لا يطهران، ثم الفرق بينهما أيضًا أن النهي هاهُنا لمعنى (3) في شرط الفعل، فمنع صحته كالنهي عن الوُضوء بالماء النجس، وأما الاستنجاء باليمين فلمعنى في آلة الشرط فلم يمنع كالوضُوء من إناء محرم.
(فَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مِنْهُ بَرِيءٌ)؛ لأنه فعل ما لم يؤمر به (4) ولا هو من سُنته (5)، وفائدته الردع والزجْر عن مثل هذا كما يقول الوالد لولده الذي يسلك غير سبيله: لست منك، ولست مني. كما قال الشاعر:
إذا حَاولت في أسد فجورًا
…
فإني لسْتُ منك ولست مني (6)
(1)"سنن الدارقطني"(149).
(2)
انظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي 1/ 68.
(3)
في (ص، ظ): بمعنى.
(4)
سقط من (ص، س، ل).
(5)
في (س): سنة.
(6)
البيت من بحر الوافر التام، وهو للنابغة الدبياني قاله يمن به على عيينة بن حصن =
وقيل غير ذلك.
[37]
(ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ) بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي، قال:(ثَنَا مُفَضَّل، عَنْ عَيَّاشٍ) بالمثناة تحت كما تقدم قبله (أَنَّ شُيَيْمَ) بكسر الشين المعجمة وجوز الضَّم (بْنَ بَيْتَانَ) بفتح الموَحَّدة تقدم (أَخْبَرَهُ بهذا الحَدِيثِ أَيْضًا) أي: أخبره عودًا إلى ما تقدم من آضَ يئيض أيضًا كبَاع يَبيع بيعًا إذا رجع وَعَادَ (عَنْ أَبِي سَالِمٍ) سُفيان بن هانئ (1)(الْجَيشَانِيِّ) بفتح الجيم والشين المعجمة، وهو حليف لهُم شهد (2) فتح مصْر ووفد على علي بن أبي طالب رضي الله عنه (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو) بن العاص أنهُ سَمِعَهُ (يَذْكُرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَعَهُ مرابط (3) بِحِصْنِ بَابِ أَلْيُونَ) بفتح الهَمزة وسُكونُ اللام وضم المثناة تحت غَير منصرف قال في "النهاية": هو اسم مدينة مصر قديمًا فتحها المسْلمون وسَموهَا الفسطاط.
قال: فأمَا البُون (4) بالبَاء الموَحَّدة فمدينة باليمن زعموا أنها ذات (5) البئر المعَطلة والقصر المشيد وقد تفتح اليَاء (6) وليست الألف واللام فيهما
= ببلاد بني أسد يوم النسار ويوم الجفار. انظر: "الأنوار ومحاسن الأشعار" لأبي الحسن الشمشاطي ص 25، "نثر الدر في محاضرات" لأبي سعد الرازي 5/ 23.
(1)
في (ص، د، س، ل): ماهان أو هانئ، وفي (ظ، م): ما هان، وكلاهما خطأ، وهو سفيان بن هانئ بن جبر، أبو سالم الجيشاني، روى عن عبد الله بن عمرو، وروى عنه شييم بن بيتان. انظر:"تهذيب الكمال" 11/ 199 - 200.
(2)
زيادة يقتضيها السياق.
(3)
سقط من (ص).
(4)
في (س): ألبول. تصحيف.
(5)
سقط من (ظ)، (م).
(6)
"النهاية في غريب الحديث والأثر"(أليون).
للتعريف بل هَمزة قطع.
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حِصْنُ أَلْيُونَ (1) بِالْفُسْطَاطِ) بضم الفاء وكسرها ويقال فيها فسطاط بضم الفاء وكسْرها أيضًا مدينة مصر قديمًا سُميت بذلك؛ لأن عمرو بن العَاص ضربَ بفسطاطه (2) عليها، وأصله البيت مِنَ الشعر والخَيمة ونحوها (على جبل) بأرض مصر.
([قال أبو داود] (3) وَهُوَ شَيبَانُ بْنُ أُمَيَّةَ) ويقال: ابن قيس القتباني بكسر القاف كما تقدم (يُكْنَى) بضم اليَاء مبني للمفعُول من كني بفتح الياء وكسر النون، كيرمى.
(أَبَا حُذَيْفَةَ) يقالُ: يكنى أبا حذيفة وبأبي حذيفة، وفي كتَاب الخليل: الصَّواب الإتيان بالباء وهذا حُجة عليه (4).
ولم يرو عنهُ أبو داود غير هذا الحَديث.
[38]
(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ) قال: (ثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ) بضم العَيْن المُهملة القَيسي أبو محمَّد الحافظ البصري صنف الكتُب، [وكان من البحور] (5) قال:(ثَنَا زَكَرِيا بْنُ إِسْحَاقَ) المَكي، قال:(ثَنَا أَبُو الزُّبَيرِ) محمد بن مُسلم بن تدرس مولى حكيم بن حزام المكي القرشي، رَوَى عنه البخَاري في العمرى، ومُسلم في مَوَاضع.
(1) في (س): ألبول. تصحيف.
(2)
في (ظ)، (م): الفسطاط.
(3)
من (ظ)، (م).
(4)
انظر: "العين" 5/ 411.
(5)
سقطت من (ص).
(أَنهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يَقُولُ: نَهَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نمتسح)(1) بإسْكان الميم، المَسْح هو المرُور باليد أو ما فيها على الشيء (بِعَظْمٍ أَوْ بَعر) بفتح العَين والسكون لغة، وهو من كل ذي ظلف وخُف، استدلَّ به الشافعي (2) وأكثر أهل العِلم على أنه لا يجوز الاسْتجمار بالرَّوث والعِظَام، وأبَاحَ أبو حنيفة (3) الاستجمار بهما؛ لأنهما يُجففان النجاسَة وينقيان المحَل فهما كالحجر (4)، والحديث حُجة عليه.
[39]
(ثَنَا حَيوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ) الحَضرمي (الْحِمْصِيُّ) شيخ البخاري، قال:(ثَنَا) إسماعيل (ابْنُ عَيَّاشٍ) بالمثناة تحت وآخرهُ شين معجمة أبو عتبة [العنسي](5) عَالم أهل الشام في عَصره.
قال دحيم (6): هو في الشاميين غاية.
وقال البخاري: إذا حَدث عن أهل حمصى فصَحِيح (7)، (عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو) أبي (8) زرعة [السَّيْبَانِيِّ بالسين المهملة](9) نسبة إلى
(1) في (ص): نمسح. تحريف، والمثبت من باقي النسخ الخطية.
(2)
انظر: "الأم" 1/ 73.
(3)
حكاه ابن عبد البر في "الاستذكار" 1/ 136.
(4)
انظر: "المغني" 1/ 215.
(5)
في (ص، س، ل): العصي، وفي (س، ظ، م): العصبي. وكلاهما تحريف، وما أثبتناه من "الإكمال" لابن ماكولا 6/ 354، و"الأنساب" للسمعاني 4/ 224.
(6)
في (ص): رحيم. تصحيف.
(7)
"التاريخ الكبير" 1/ 369 - 370.
(8)
في (س): ابن. تحريف.
(9)
في الأصول الخطية: الشيباني بالشين المعجمة. خطأ من المصنف، والمثبت من =
[سيبان ابن الغوث بن حمير ويقال بفتح السين المهملة وكسرها](1) ثقة عَاش خمسًا وثمانين سَنة، توفي 148.
(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ فيرُوز الدَّيْلَمِيِّ) المقدسي (2)(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ الجِنِّ) الجن والجنَّة خلاف الإنس؛ سُمُّوا بذلك لاستتارهم. قال الثعلبي: كانوا تسعَة قدمُوا أولًا عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم فذهبُوا إلى قومهم فاستجاب (3) منهم [نحو من](4) سَبعين رجُلًا، فرجعُوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوَافقوهُ بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن (5) وأمرهم ونهاهم (6).
(فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ) لعَل هذا كان قبل أن ينزل قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} (7)(انْهَ أُمَّتَكَ) من النَّهي الذي هو ضد الأمر (أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَة) فيه حجة للشافعي وأكثر أهل العِلم أن العَظم والرَّوْث لا يجوُز الاستجمار بهما، وأباح أبو حنيفة الاستنجاء بهما؛ لأنهما يجففان النجاسة وينقيان المحل فهما كالحجر (8)، وهذا الحَديث حجة عليه.
= "الإكمال" لابن ماكولا 5/ 111، و"الأنساب" للسمعاني 3/ 379.
(1)
في (ص): شيبان العرب بن حمير، وفي (س، ل): شيبان الغوث بن حمير. وفي (ظ، م): شيبان، والمثبت من (د)، و"الأنساب" للسمعاني 3/ 379.
(2)
في (ص، س، ل): القرشي. والمثبت من "الكاشف"(2943).
(3)
في (ص): فاستجار. تصحيف، والمثبت من "تفسير الثعلبي".
(4)
سقط من (ص، س، ل)، والمثبت من "تفسير الثعلبي".
(5)
سقط من (د، ظ، م)، والمثبت من "تفسير الثعلبي".
(6)
"تفسير الثعلبي" 9/ 23.
(7)
النور: 63.
(8)
انظر: "المغني" لابن قدامة 1/ 215.
(أَوْ حَمَمَةٍ) بفتح الميم [وزان رطبة](1)، هو الفحمة، وفي حديث الرَّجم: أنه مر بيَهُودي محمم (2) أي مُسود الوجه بالحممَة يعني: الفحمة، وجمعها: حمم بحذف الهاء، ومنهُ الحَديث:"إذا مِت فأحرقوني بالنار حَتى إذا صرت حممًا فاسحقوني"(3)(فَإِنَّ الله عز وجل جَعَلَ لَنَا فِيهَا (4) رِزْقًا) وفي "دلائل النبوة" للحافظ أبي نعيم: أن الجِنَّ قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجنّ: أعطنا هَدية. فقال رسُول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيتكم العَظم والروث". فلعَل النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا جعل لهم ذلك، قالوا له: انه أمتك أن يستنجوا بهما، فإذا وجدَ الجِنّ عظمًا أو روثًا جعل الله لهم العَظم كأن لم يؤكل منه لحم فيَأكلهُ الجنّ، وجعل الله روث الدواب إن كانت أكلت شعيرًا كأن الروث شَعيرًا لم يؤكل، وجعله تبنًا إن كانت (5) الدوَاب أكلت تبنًا وغير ذلك من العَلف، فيكون ذلك علفًا لدوابهم، ويشبه أن يجعل الله الفحم خَشبًا لنارهم التي يقدوُنها (6)، وذلك مُعجزة لرسُول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إذا لم يستنج أحد بالعظم والرَّوث والفحم، فأما إذا استنجى به أحدكم فلم يبق فيه نَفع لهم، ويحتمل أن يكون رزقهم من ذلك هو الرائحة التي تظهر لهم ونحو ذلك، فيكون
(1) سقط من (ص)، وفي (س): وزن رطبة.
(2)
رواه مسلم (1700)(28)، وأبو داود (4448)، من حديث البراء بن عازب.
(3)
رواه البخاري (6481، 7508)، ومسلم (2757)(28)، وأحمد 3/ 77 من حديث أبي سعيد الخدري.
(4)
في (ص، د، ل): فيه.
(5)
في (ص، س، ل): كان.
(6)
في (س): يقرونها. تصحيف، وفي (ظ، م): يوقدونها.
قوتهم (1) لا نفس العَين (2) فإن أجسادهم لطيفة لا يليق بها أن يلج فيها نفس العَظم والروث والفحم، والله أعلم.
(فَنَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ) فيحتمل أن يكونَ النَّهي بوحي من الله تعالى عقب سُؤالهم أو باجتهاد منه عند من يقول به.
* * *
(1) في (ص): قولهم. تحريف.
(2)
في (س): العيب. تحريف.