الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 - باب فِي الاسْتِنْجاء بالماءِ
43 -
حَدَّثَنا وَهْبُ بْن بَقِيَّةَ، عَنْ خالِدٍ -يَعْنِي: الواسِطِيَّ- عَنْ خالِدٍ -يَعْنِي: الحَذَّاءَ- عَنْ عطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حائِطًا وَمَعَهُ غُلامٌ مَعَهُ مِيضَأَةٌ، وَهُوَ أَصْغَرُنا، فَوَضَعَها عِنْدَ السِّدْرَةِ، فَقَضَى حاجَتَهُ، فَخَرَجَ عَلَيْنا وَقَدِ اسْتَنْجَى بِالماءِ (1).
44 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن العَلاءِ، أَخْبَرَنا مُعاوِية بْن هِشامٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ الحارِثِ، عَنْ إِبْراهِيمَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أَبِي صالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ فِي أَهْلِ قُباءَ: {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} قالَ: كانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالماءِ، فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هذِه الآيَةُ"(2).
* * *
باب فيِ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاء
[43]
(ثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّة (3) الوَاسِطِي) شيخ مسلم عن (خالد) بن عبد الله [(يعني (4) الواسطي)](5) الطحان ثقة عابد شرى نفسه من الله ثلاث مرات، يتصدق بزنة نفسه فضة توفي 179 (عَنْ خَالِدٍ) بن مهران (يعني (6): الحَذَّاءَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيمُونَةَ) أبي معَاذ البصري مولى
(1) رواه البخاري (150)، ومسلم (270)، (271). واللفظ لمسلم.
(2)
رواه الترمذي (3100)، وابن ماجه (357).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(34).
(3)
في (ص): تقية. تصحيف، والمثبت من (د، س، ظ، ل، م) و"التهذيب"(6750).
(4)
من (ظ، م).
(5)
سقط من (ص)، والمثبت من (د، س، ظ، ل، م).
(6)
من (ظ، م).
أنس بن مالك، أخرج له البخَاري حَديثًا واحدًا، وتابعه عليه مسلم.
(عَنْ أَنَسِ) كان رَسُولَ اللهِ إذا برَز لَحاجَته أتيته بماء فيغتسل به.
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ حَائِطًا) أي: بُستانًا سمي بذلك، لأن عليه حائطًا يحوطهُ (وَمَعَهُ) رواية البُخاري: كانَ النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرَجَ لحَاجته أجيء أنا وغُلام معنا إداوة (1) وفي رواية الإسماعيلي من طريق عاصم بن علي عن [شعبة فأتبعهُ](2) وأنا غُلَامٌ بتقديم الواو فتكون حالية، وتعقبهُ الإسماعيلي. فقال: الصَّحيح أنا وغلام. أي: بواو العَطف (3).
(غلام) وفي رواية للبخَاري: أنَا وغُلام منا (4). ولمُسلم: نحوي (5)؛ أي: [مقارب لي](6) في السِّن. والغُلام هو المترعرع. قاله أبو عبيد. وقال في "المحكم": من لدُن الفطام إلى سَبع سنين.
وحكى الزمخشري في (7)"أساس البلاغة": الغُلام هو الصَغير إلى حد الالتحاء، فإن قيل له: غلام بعد الالتحاء فهو مجَاز (8).
(مَعَهُ مِيضَأَةٌ) بكسر الميم مهموز يمد ويقصر، المطهرة يتوضأ
(1) البخاري (150).
(2)
في (د): شعبة فاتبعته. وفي (ظ، م): سعيد واتبعه. تحريف، والمثبت من "فتح الباري".
(3)
انظر: "فتح الباري" 1/ 252.
(4)
البخاري (151).
(5)
مسلم (271)(70).
(6)
في (ص، س): يقارب.
(7)
من (د، ظ، م).
(8)
انظر: "فتح الباري" 1/ 302.
منها (1)، ورواية البخاري: إداوة، وهي الإناء الصَغير من الجلد (2) (وَهُوَ أَصْغَرُنَا) هذا يردّ على من قال: إن الغُلام هو ابن مسعود؛ لأن في الحديث: "أليس فيكم صاحب النعلين والمطهرة"(3). وكان ابن مسعود يتولى خدمة النبي صلى الله عليه وسلم لذلك. ووجه الردِّ أن ابن مسعود أكبر من أنس (فَوَضَعَهَا عِنْدَ السِّدْرَةِ) هي ظلة على الباب؛ لتقي البَاب من المطر.
(فقضى حاجته) وفيه دليل على جواز استخدام الأجراء، وخصوصا إذا أرصدوا لذلك، ليحصل لهم التمرن على التواضع وخدمة العلماء والصالحين. وفيه أن في خدمة العالم شرفا للمتعلم، لكون أبي الدرداء مدح ابن مسعود في قوله: أليس فيكم صاحب النعلين؟ لأنه كان يتولى خدمتهما، واستدل به بعضهم على استحباب التوضؤ من الأواني دون الأنهار والبرك ولا يستقيم له هذا إلا إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وجد الأنهار والبرك فعدل عنها إلى الأواني (4).
(فَخَرَجَ عَلَينَا وَقَدِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ) وقد فهم من قوله: فَخَرَجَ عَلَيْنَا أنهُ من قول أنس، خلافًا لمن زَعَمَ أن قوله: وَقَدِ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ من قول عطاء
(1) انظر: "تهذيب اللغة" 12/ 70.
(2)
لم أجده في "أساس البلاغة" وانظر: "فتح الباري" 1/ 302، وقال أبو عبيد عن الفراء: الإداوة المطهرة. "تهذيب اللغة" 14/ 172.
(3)
رواه البخاري (3742) من حديث أبي الدرداء بلفظ: "أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ ". وقال ابن حجر في "الفتح" 1/ 303: وإيراد المصنف لحديث أنس مع هذا الطرف من حديث أبي الدرداء يشعر إشعارا قويا بأن الغلام المذكور في حديث أنس هو ابن مسعود، ولفظ الغلام يطلق على غير الصغير مجازا.
(4)
انظر: "فتح الباري" 1/ 302.
فيكونُ مدرجا (1)، وفيه (2) رد على الأصيلي حيث (3) اعترض على البخاري في استدلاله بهذا الحَديث على الاستنجاء بالماء قال؛ لأن قوله في الحديث يستنجى به ليس هو من قول أنس، إنما هو من قول أبي الوليد أحد الرواة عن شعبة، وهذِه الرواية ترد على ما قاله الأصيلي وتشهد للبخاري (4)، وفي قوله: وقد استنجى بالماء. رد على من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستنج (5) بالماء، إنما كان يستعمل الأحجار. وقد روى ابن أبي شيبة بأسَانيد صَحيحة عن حُذيفة بن اليمان أنه سُئل عن الاستنجاء بالماء فقال: إذًا لا يزال في [يدي نتن](6)، وعن نافع أن ابن عُمر كان لا يستنجى بالماء (7)، وعن ابن الزبير قال: ما كنا نفعَله (8).
ونقل ابن التين (9) عن مالك أنه أنكر أن يكونَ النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بالماء، وعن ابن حبيب (10) من المالكية أنه مَنَع الاستنجاء بالماء لكونه
(1) المدرج في حديث النبي صلى الله عليه وسلم بأن يذكر الراوي عقيبه كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه من بعده متصلا، فيتوهم أنه من الحديث. قاله النووي في "التقريب والتيسير"(ص 46).
(2)
في (ص، س، ل): قيل. تحريف، والمثبت من "فتح الباري".
(3)
في (ص، س، ل): حين. والمثبت من "فتح الباري".
(4)
انظر: "فتح الباري" 1/ 302.
(5)
في جميع النسخ: يستنجي. بإثبات الياء، والمثبت الصواب.
(6)
في (ص): أنس. تحريف. ومطموسة في (ل).
(7)
"المصنف" 2/ 175 (1659).
(8)
"المصنف" 2/ 175 (1659).
(9)
انظر: "الكاشف"(6577).
(10)
في (س): جبير. تحريف.
مطعومًا (1).
[44]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلَاءِ) بن كريب الهمداني (2). قال ابن عقدة (3): ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاثمائة ألف حَديث مَاتَ سنة 248 وعُمره أربع وثمانون سنة، وكان أكبر من ابن حَنبل بثلاث سنين.
قال: (أنبأنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ) القصَّار الكوفي، أخرج لهُ مسلم في الإيمان والحُدود واللعَان، مَاتَ سنة أربع أو خمس ومائتين (4)(عن يونس (5) بْنِ الحَارِثِ) الطَّائفي، نَزل الكُوفة، أخرَجَ له الترمذي وابن مَاجه [وليس بالقَوي](6)[عن إبراهيم (7) بْنِ أَبِي مَيمُونَةَ] أخرج له الترمذي وابن ماجَه) (8) أيضًا.
(عَنْ أَبِي صَالِح) السمان (9)(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ) بضم القاف يمد ويقصر ويصرف ولا يصرف
(1) انظر: "فتح الباري" 1/ 302.
(2)
في (ص، س، ل): الهملاني. تحريف. والمثبت من "التاريخ الكبير" 1/ 205، و"تهذيب الكمال"(5529).
(3)
في الأصول الخطية: عبدة. تحريف، والمثبت من "تهذيب الكمال" 26/ 247، و"الكاشف"(5179)، وهو أحمد بن محمد بن سعيد، أبو العباس، ابن عقدة الكوفي. انظر:"هدية العارفين" 1/ 60.
(4)
في (ص، س، ل): وثمانين. تحريف، والمثبت من "تهذيب الكمال" 28/ 220 و"الكاشف"(5535).
(5)
في (ص): ابن بشر. تحريف.
(6)
انظر: "الكاشف"(6577).
(7)
سقط من (ص، ل).
(8)
سقط من (س).
(9)
سقط من (ص).
مسجد بقرب [مدينة النّبي صلى الله عليه وسلم](1) من جهة الجنوب بنحو ميلين، ثم فسّر الآية ({فِيهِ رِجَالٌ}) أثنى الله عليهم ({يُحِبُّونَ}) أي: يحرصون حرص المحب للشيء المشتهي له ({أَنْ يَتَطَهَّرُوا}) قرئ (يطَّهروا) بالإدغام.
قال الحسن: هو التطهر من الذنوب بالتوبة، وقيل:{يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} بالحُمى المكفرة للذنوب فحموا عن آخرهم (2).
(قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ) هكذا رواية الترمذي، وابن مَاجَه (3) وليس فيه اتباع الأحجار بالماء، وروى أحمد، وابن خزيمة، والطبراني، والحاكم، عن عويم بفتح الواو مصَغر ابن سَاعدة نحوه (4).
وأخرجه الحاكم من طريق مجَاهد، عن ابن عَباس: لما نزلت هذِه الآيَةُ بَعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن سَاعدة فقال: "ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به" قال: ما خرج منا رجل ولا امرأة (5) من الغَائط إلا غسل دبُرَهُ. فقال عليه الصلاة والسلام: "هو هذا"(6).
ورواه البزار في "مُسنده" عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عَباس، قَالَ: نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ
(1) في (ص، س، ل): المدينة للنبي.
(2)
انظر: "تفسير الزمخشري" 2/ 311.
(3)
"سنن الترمذي"(3100)، و"سنن ابن ماجه"(357)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه.
(4)
"مسند أحمد" 3/ 422، و"صحيح ابن خزيمة"(83)، و"المعجم الأوسط" للطبراني (5885)، و"مستدرك الحاكم" 1/ 155.
(5)
في (ص): أهداه. تصحيف.
(6)
"المستدرك" 1/ 187، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي.
الْمُطَّهِّرِينَ} فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء. قال البزار: لا نعلم أحدًا رواهُ عن الزهري إلا محمد بن عبد العزيز ولا عنه إلَاّ ابنه (1).
وقول النووي تبعًا لابن الصَّلاح: إن الجمع في أهل قبَاء لا يعرف (2)، وتبعهُ ابن الرفعة (3) فقال: لا يوجد هذا في كتُب الحَديث (4)، وكذا قال المحب الطبَري نحوه.
(فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هذِه الآيَةُ) مدحًا لهم، لما نزلت مشى رسُول الله صلى الله عليه وسلم ومعهُ المهاجرون حتى وقف على باب مسجْد قباء، فإذا الأنصَار جُلوس. فقال:"مُؤمنون أنتم؟ " فقال عُمر: إنهم لمؤمنون وأنا معهم، فقال عليه الصلاة والسلام:"أترضون بالقضاء؟ "، قالوا: نعم، قال:"أتشكرون في الرخَاء؟ " قالوا: نعم، قال:"مؤمنون ورب الكعبَة". فجلس فقال (5): "إن الله أثنَى عليكم"(6) .. الحَديث.
* * *
(1) انظر: "كشف الأستار عن زوائد البزار"(247).
(2)
انظر: "خلاصة الأحكام" للنووي 1/ 164.
(3)
في (ظ، م): رفقة. تحريف.
(4)
انظر: "المجموع" للنووي 2/ 100.
(5)
في (د، ظ، م): ثم قال.
(6)
رواه ابن بشران في "أماليه"(494) من حديث أنس بن مالك إلى قوله: فجلس.
وذكره الزمخشري في "تفسيره" 2/ 311، وروى الطبراني في "معجمه الأوسط"(9427) نحوه من حديث ابن عباس.