المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌14 - باب خروج الدجال - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٧

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌2 - باب في النَّهْي عَنِ السَّعْي في الفِتْنَةِ

- ‌3 - باب فِي كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌4 - باب ما يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ في الفِتْنَةِ

- ‌5 - باب فِي النَّهْى عَن القِتَالِ في الفِتْنَةِ

- ‌6 - باب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ المُؤْمِنِ

- ‌7 - باب ما يُرْجَى فِي القَتْلِ

- ‌كتاب المهدي

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الملاحم

- ‌1 - باب ما يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المِئَةِ

- ‌2 - باب ما يُذْكَرُ مِنْ مَلاحِمِ الرُّومِ

- ‌3 - باب فِي أَماراتِ المَلاحِمِ

- ‌4 - باب فِي تَوَاتُرِ المَلاحِمِ

- ‌5 - باب فِي تَداعِي الأُمَمِ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌6 - باب فِي المَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ

- ‌7 - باب ارْتِفاعِ الفِتْنَةِ فِي المَلاحِمِ

- ‌8 - باب فِي النَّهْي عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالحَبَشَةِ

- ‌9 - باب في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌10 - باب فِي ذِكْرِ البَصْرَةِ

- ‌11 - باب النَّهْي عَنْ تهْيِيجِ الحَبَشَةِ

- ‌12 - باب أَماراتِ السّاعَةِ

- ‌13 - باب حَسْرِ الفُراتِ عَنْ كَنْزٍ

- ‌14 - باب خُرُوجِ الدَّجّالِ

- ‌15 - باب فِي خَبَرِ الجَسّاسَةِ

- ‌16 - باب فِي خَبرِ ابن صائِدٍ

- ‌17 - باب الأَمْرِ والنَّهْي

- ‌18 - باب قيامِ السّاعَةِ

- ‌كتاب الحدود

- ‌1 - باب الحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌2 - باب الحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب ما جاءَ في المُحارِبَةِ

- ‌4 - باب في الحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌5 - باب العَفْوِ عَن الحُدُودِ ما لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطانَ

- ‌6 - باب فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الحُدُودِ

- ‌7 - باب فِي صاحِبِ الحَدِّ يَجَيءُ فَيُقِرُّ

- ‌8 - باب فِي التَّلْقِينِ في الحَدِّ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْترِفُ بِحَدٍّ ولا يُسَمِّيهِ

- ‌10 - باب في الامْتِحانِ بِالضَّرْبِ

- ‌11 - باب ما يُقْطَعُ فِيهِ السّارِقُ

- ‌12 - باب ما لا قَطْعَ فِيهِ

- ‌13 - باب القَطْعِ في الخُلْسَةِ والخِيانَةِ

- ‌14 - باب مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌15 - باب فِي القَطْعِ في العارِيَةِ إِذا جُحِدَتْ

- ‌16 - باب فِي المَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌17 - باب فِي الغُلامِ يُصِيبُ الحَدَّ

- ‌18 - باب السّارِق يَسْرِقُ في الغَزْوِ أَيُقْطَعُ

- ‌19 - باب فِي قَطْعِ النَّبّاشِ

- ‌20 - باب فِي السّارِق يَسْرِقُ مِرارًا

- ‌21 - باب فِي السّارقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌22 - باب بَيْع المَمْلُوكِ إِذا سَرَقَ

- ‌23 - باب في الرَّجْمِ

- ‌24 - باب رَجْمِ ماعِزِ بْن مالِكٍ

- ‌25 - باب المَرْأَةِ التي أَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِها مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌26 - باب فِي رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَزْني بِحَرِيمِهِ

- ‌28 - باب فِي الرَّجُل يَزْني بِجارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌29 - باب فِيمَنْ عمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌30 - باب فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌31 - باب إِذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بالزِّنا وَلَمْ تُقِرَّ المَرْأَةُ

- ‌32 - باب فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ دُونَ الجِماعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الإِمامُ

- ‌33 - باب فِي الأَمَةِ تَزْني وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌34 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ عَلَى المَرِيضِ

- ‌35 - باب فِي حَدِّ القَذْفِ

- ‌36 - باب الحَدِّ في الخَمْرِ

- ‌37 - باب إِذا تَتَابَعَ في شُرْبِ الخَمْرِ

- ‌38 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ في المَسْجِدِ

- ‌39 - باب فِي التَّعْزِيرِ

- ‌40 - باب في ضَرْبِ الوَجْهِ في الحَدِّ

- ‌كتاب الديات

- ‌1 - باب النَّفْسِ بالنَّفْسِ

- ‌2 - باب لا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ

- ‌3 - باب الإِمامِ يَأْمُرُ بِالعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌4 - باب وَلِي العَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌5 - باب مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَماتَ، أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌7 - باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌8 - باب القَسامَةِ

- ‌9 - باب في تَرْك القَوَدِ بِالقَسامَةِ

- ‌10 - باب يُقادُ مِنَ القاتِلِ

- ‌11 - باب أيُقادُ المُسْلِمُ بِالكافِرِ

- ‌12 - باب فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ

- ‌13 - باب العامِلِ يُصابُ على يَدَيْهِ خَطَأ

- ‌14 - باب القَوَدِ بغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌15 - باب القَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌16 - باب عَفْوِ النِّساءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌17 - باب مَنْ قُتِلَ في عمِّيّا بَيْن قَوْمٍ

- ‌18 - باب الدّيَةِ كَمْ هي

- ‌19 - باب دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

الفصل: ‌14 - باب خروج الدجال

‌14 - باب خُرُوجِ الدَّجّالِ

4315 -

حَدَّثَنا الحَسَنُ بْن عَمْرٍو، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعي بْنِ حِراشٍ قالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ فَقالَ حُذَيْفَةُ: لأنَا بِما مَعَ الدَّجّالِ أَعْلَمُ مِنْهُ إِنَّ مَعَهُ بَحْرًا مِنْ ماءٍ وَنَهْرًا مِنْ نارٍ فالَّذي تَرَوْنَ أَنَّهُ نارٌ ماءٌ والَّذي تَرَوْنَ أَنَّهُ ماءٌ نارٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَأَرادَ الماءَ فَلْيَشْرَبْ مِنَ الذي يَرى أَنَّهُ نارٌ فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ ماءً. قالَ أَبُو مَسْعُودٍ البَدْري: هَكَذا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ (1).

4316 -

حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسي، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قالَ:"ما بُعِثَ نَبي إِلَّا قَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجّالَ الأَعْوَرَ الكَذّابَ أَلا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَإِنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبًا كافِرٌ"(2).

4317 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ: ك ف ر (3).

4318 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ الوارِثِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحابِ، عَنْ أَنَسِ ابْنِ مالِكٍ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحَدِيثِ قالَ:"يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ"(4).

4319 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، حَدَّثَنا حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ، عَنْ أَبي الدَّهْماءِ، قالَ: سَمِعْتُ عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنِ يُحَدِّثُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَمِعَ بِالدَّجّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ فَواللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهْوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ مِمّا يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهاتِ أَوْ لِما يُبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهاتِ". هَكَذا قالَ (5).

(1) رواه البخاري (3450)، (7130)، ومسلم (2934)، (2935).

(2)

رواه البخاري (7131)، ومسلم (2933).

(3)

رواه مسلم (2933). وانظر السابق والآتي.

(4)

رواه مسلم (2933). وانظر سابقيه.

(5)

رواه ابن أبي شيبة 21/ 188 (38614)، وأحمد 4/ 431.

وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(6301).

ص: 144

4320 -

حَدَّثَنا حَيوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنا بَقِيَّةُ، حَدَّثَني بَحِيرٌ، عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ جُنادَةَ بْنِ أبِي أُمَيَّةَ، عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِنّي قَدْ حَدَّثْتُكُمْ عَنِ الدَّجّالِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ لا تَعْقِلُوا إِنَّ مَسِيحَ الدَّجّالِ رَجُلٌ قَصِيرٌ أَفْحَجُ جَعْدٌ أَعْوَرُ مَطْمُوسُ العَيْنِ لَيْسَ بِناتِئَةٍ وَلا جَحْراءَ فَإِنْ أُلْبِسَ عَلَيْكُمْ فاعْلَمُوا أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ". قالَ أَبُو داوُدَ: عَمْرُو بْن الأَسْوَدِ وَلي القَضاءَ (1).

4321 -

حَدَّثَنا صَفْوان بْنُ صالِحٍ الدِّمَشْقي المُؤَذِّنُ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ، حَدَّثَنا ابن جابِرٍ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْن جابِرٍ الطّائي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّوّاسِ بْنِ سَمْعانَ الكِلابي قالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّجّالَ فَقالَ: "إِنْ يَخْرُجْ وَأَنا فِيكُمْ فَأَنا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ واللَّه خَلِيفَتي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَواتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ فَإِنَّها جِوارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ". قُلْنا: وَما لُبْثُهُ في الأَرْضِ؟ قالَ: "أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ وَسائِرُ أَيّامِهِ كَأَيّامِكُمْ". فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ هذا اليَوْمُ الذي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينا فِيهِ صَلاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؟ قالَ: "لا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابن مَرْيَمَ عِنْدَ المَنارَةِ البَيْضاءِ شَرْقي دِمَشْقَ فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بابِ لُدٍّ فَيَقْتُلُهُ"(2).

4322 -

حَدَّثَنا عِيسَى بْن مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا ضَمْرَةُ، عَنِ السَّيْبانيّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي أُمامَةَ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ وَذَكَرَ الصَّلَواتِ مِثْلَ مَعْناهُ (3).

4323 -

حَدَّثَنا حَفْصُ بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، حَدَّثَنا قَتادَةُ، عَنْ سالِمِ بْنِ أَبِي

(1) رواه أحمد 5/ 324، والنسائي في "السنن الكبرى"(7764).

وصححه الألباني في "المشكاة"(5485).

(2)

رواه مسلم (2937).

(3)

رواه ابن ماجه (4077). وصححه الألباني في "ظلال الجنة"(429).

ص: 145

الجَعْدِ عَنْ مَعْدانَ بْنِ أَبي طَلْحَةَ، عَنْ حَدِيثِ أَبي الدَّرْداءِ يَرْوِيهِ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آياتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجّالِ".

قالَ أَبُو داوُدَ: وَكَذا قالَ هِشامٌ الدَّسْتَوائي، عَنْ قَتادَةَ إِلَّا أَنَّهُ قالَ:"مَنْ حَفِظَ مِنْ خَواتِيمِ سُورَةِ الكَهْفِ". وقالَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ:"مِنْ آخِرِ الكَهْفِ"(1).

4324 -

حَدَّثَنا هُدْبَةُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا هَمّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"لَيْسَ بَيْني وَبَيْنَهُ نَبي -يَعْني عِيسَى- وَإِنَّهُ نازِلٌ فَإِذا رَأَيْتُمُوهُ فاعْرِفُوهُ رَجُلٌ مَرْبُوعٌ إِلَى الحُمْرَةِ والبَياضِ بَيْنَ مُمَصَّرَتَيْنِ كَأَنَّ رَأْسَهُ يَقْطُرُ وَإِنْ لَمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ فَيُقاتِلُ النّاسَ عَلَى الإِسْلامِ فيَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الجِزْيَةَ وَيُهْلِكُ اللَّهُ في زَمانِهِ المِلَلَ كُلَّها إِلَّا الإِسْلامَ وَيُهْلِكُ المَسِيحَ الدَّجّالَ فَيَمْكُثُ في الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ"(2).

* * *

باب خروج الدجال

[4315]

(ثنا الحسن بن عمرو) السدوسي، قال شيخنا ابن حجر: هو صدوق، لم يصب الأزدي في تضعيفه، وكأنه اشتبه عليه (3).

(ثنا جرير) بفتح الجيم (عن منصور، عن ربعي بن حراش) بكسر الحاء المهملة (قال: اجتمع حذيفة) بن اليمان (و) عقبة بن عمرو (أبو

(1) رواه مسلم (809).

(2)

رواه أحمد 2/ 437، وابن حبان (6814)، (6821). وأصله في "صحيح البخاري"(2222)(3394)، (3442)، و"صحيح مسلم"(155)(168)، (2365)، (2897).

(3)

"تقريب التهذيب"(1268).

ص: 146

مسعود رضي الله عنهما فقال حذيفة) بن اليمان (واللَّه لأنا بما مع الدجال أعلم) بالرفع خبر المبتدأ (منه) أي: إن الدجال لا يعلم حقيقة ما معه من الجنة والنار، ولا من النهرين. يعني: أنه يظنهما كما يراه غيره فيظن جنته جنة وناره نارا على الحقيقة، والأمر على خلاف ما يظنه، فيكون يدلس عليه فيهما، والنبي صلى الله عليه وسلم علم حقيقة كل واحد منهما؛ ولذلك بينه (إن معه بحرًا) لفظ مسلم:"نهرًا"(1)(من ماء ونهرًا) بفتح الهاء (من نار، فالذي يرون أنه نار ماء) بالرفع خبر (أن)(وأن) سدت مسد مفعولي (يرون)(والذي يرون أنه ماء نار) بالرفع أيضًا.

قال العلماء: هذا من جملة فتنته امتحن اللَّه به عباده؛ ليحق الحق ويبطل الباطل، ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه (فمن أدرك ذلك منكم فليشرب من الذي يرى أنه نار، فإنه سيجده ماء) زاد مسلم: "عذب طيب"(2).

وله في رواية: "فليأت النهر الذي يراه نارًا، وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد"(3)(قال أبو مسعود: ) عقبة بن عمرو البدري لنزوله ببدر الموضع لا لشهوده الوقعة، وقد قيل: إنه شهدها (هكذا سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول).

[4316]

(حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (الطيالسي، حدثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

(1) مسلم (2934 - 2935/ 108).

(2)

مسلم (2934 - 2935/ 107).

(3)

مسلم (2933/ 105).

ص: 147

قال: ما بعث نبي إلا وقد أنذر أمته من الدجال) وخوفهم منه لعظم فتنته، وكثرة الشبهات الموقعة في الفتنة، أعاذنا اللَّه تعالى منه (الأعور) أعور عين اليمين (الكذاب) فيما يدعيه (ألا وإنه أعور) لا ينصرف (وإن ربكم ليس بأعور) تنبيه للعقول القاصرة أو الغافلة عن الحق على أن من كان ناقصًا في ذاته عاجزًا عن إزالة نقصه لم يصلح أن يكون إلهًا؛ لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزًا عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفع غيره وعن دفع مضرته (وإن بين عينيه مكتوبًا: كافر) ذكر القاضي خلافا، منهم من قال: كتابة حقيقية، ومنهم من قال: هي مجاز وأشار إلى سمات الحدث عليه، واحتج بقوله:"يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب"(1).

[4317]

(ثنا محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر) غندر (عن شعبة) وقال: مكتوب بين عينيه (ك ف ر) زاد مسلم: أي: كافر (2).

[4318]

(ثنا مسدد، ثنا عبد (3) الوارث) بن سعيد التميمي (عن شعيب (4) بن الحبحاب) بفتح الحاءين المهملتين بينهما موحدة، الأزدي (عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث) و (قال: ) فيه (يقرؤه كل مسلم) كاتب وغير كاتب. وفي رواية: "كل مؤمن"(5) وفي هذا نعمة عظيمة للمسلمين بقراءة المكتوب بين عينيه؛ ليعرف كفره

(1) رواه مسلم (2933/ 105).

(2)

رواه مسلم (2933/ 102).

(3)

فوقها في (ل): (ع).

(4)

فوقها في (ل): (ع).

(5)

رواها مسلم (2933/ 105).

ص: 148

وكذبه، ويخفي اللَّه علامة كفره عن الكافر إذا أراد اللَّه شقاوته وفتنته، ولا امتناع في ذلك.

[4319]

(ثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا جرير) بن حازم (ثنا حميد (1) بن هلال) العدوي البصري (عن أبي الدهماء) بفتح الدال، اسمه قرفة، بكسر القاف وسكون الراء بعدها فاء، ابن بهيس بموحدة ومهملة آخره، مصغر، أخرج له مسلم في الفتن (2).

(قال: سمعت عمران بن حصين رضي الله عنهما يحدث (قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من سمع بالدجال فلينأ) بنون ساكنة بعدها همزة، أي: فليبعد عنه ما استطاع (فواللَّه إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن) موحد للَّه تعالى (فيتبعه) على ضلالة (مما) أي: من كثرة ما (يبعث) بضم أوله وفتح ثالثه (به) أي: مما ينثره من الشبهات في كل شيء يريه، فقد لبسه (من الشبهات) [المشتبهة على من رآها أنه على الحق، كإحيائه الأموات حتى يتبعه، ويدخل فيما هو فيه من الخطأ. وفي بعضها إسقاط (به).

(أو لما) شك من الراوي، أي: يتبعه لأجل ما (يبعث به من الشبهات)] (3) يعني: أن الرجل يحسب أنه مؤمن باللَّه فيتبعه من أجل ما يظهر معه من الشبهات المخيلة لسحره وتمويهه من إحياء الأموات وغيره، فإذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض أمته يتبع الدجال وأكده باليمين

(1) فوقها في (ل): (ع).

(2)

مسلم (126/ 2946).

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

ص: 149

فينبغي لكل من سمع بخروجه أن لا يأمن من فتنته، بل يبعد عنه بعد ما بين المشرقين، فلعله يسلم من غوائل فتنته؛ فإنها أعظم الفتن الواقعة، يهلك بها من هلك، والمعصوم منها من عصمه اللَّه تعالى (هكذا قال) في روايته.

[4320]

(ثنا حيوة (1) بن شريح) [أبو زرعة التجيبي فقيه مصر](2)(ثنا بقية) بن الوليد (حدثني بحير) بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة، وهو ابن سعد أبو خالد السحولي الحمصي. قال دحيم والنسائي: ثقة. وقال ابن حنبل: ليس بالشام أثبت من جرير إلا أن يكون بحير (3).

(عن خالد بن معدان، عن عمرو بن الأسود) العنسي الداراني، أخرج له الشيخان (عن جنادة) بضم الجيم وتخفيف النون (بن أبي أمية) كثير الأزدي الصحابي، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجرة فقال:"لا تنقطع ما دام الجهاد"(4)، وله حديث آخر بمفرده في صوم الجمعة (5).

وروى الصنابحي أنه أم قومًا، فلما قام إلى الصلاة قال: أترضون؟

(1) فوقها في (ل): (ع).

(2)

كذا في الأصول، وهو خطأ، وصوابه:(أبو العباس الحضرمي)، وانظر:"تهذيب الكمال" 7/ 482، 478.

(3)

انظر: "تهذيب الكمال" 4/ 20 (642).

(4)

رواه سعيد بن منصور في "السنن" 2/ 171 (2354)، وأحمد 4/ 62، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 7/ 42 (2630).

قال الهيثمي في "المجمع" 5/ 251: رجاله رجال الصحيح. وصححه الحافظ في "الإصابة" 1/ 245 - 246، والألباني في "الصحيحة"(1674).

(5)

رواه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 155، والحاكم في "المستدرك" 3/ 608 وصححه، وكذا الحافظ في "الإصابة" 1/ 245 - 246.

ص: 150

ثم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أم قومًا وهم له كارهون فإن صلاته لا تجاوز ترقوته"(1). قال البخاري: توفي سنة سبع وستين (2).

(عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه حدثهم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا) ما حدثتكم عنه من كثرته (إن مسيح) الرجل (الدجال) فهو من إضافة الموصوف إلى صفته، كقولهم: مسجد الجامع، وصلاة الأولى. واختلف في لفظة المسيح على ثلاثة وعشرين قولا، ذكرها ابن دحية في "مجمع البحرين" وقال: لم أر من جمعها قبلي.

وذكر بسنده إلى أبي الحسن القابسي، وقد سأله الحافظ المقرئ أبو عمرو الداني: كيف تقرأ المسيح الدجال؟ قال: بفتح الميم وتخفيف السين، مثل المسيح ابن مريم، لأن عيسى ابن مريم عليه السلام كان لا يمسح ذا عاهة إلا برئ، ولا ميتًا إلا حيي، والدجال مسحت عينه، قال القابسي: ومن الناس من يقرؤه بكسر الميم وتثقيل السين فيفرق بذلك. وحكى الأزهري أنه يقال: مسيح بالتشديد على وزن فعيل (3).

قال ابن عبد البر: ومنهم من يقول بالخاء المعجمة، وهذا كله خطأ (4) إذ لا فرق بينهما كما ثبت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه نطق به،

(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 292.

وضعف إسناده الحافظ في "الإصابة" 1/ 245، وقال الألباني في "الصحيحة" 5/ 419: إسناده ضعيف جدًا.

(2)

"التاريخ الكبير" 2/ 232 (2297).

(3)

"تهذيب اللغة" 4/ 3389.

(4)

"التمهيد" 14/ 188.

ص: 151

ونقله الصحابة المبلغون عنه.

(رَجُل قصير أفحج) بتقديم المهملة على الجيم، والفحج تباعد ما بين الفخذين، ومنه حديث الذي يخرب الكعبة:"كأني به أسود أفحج يقلعها حجرًا حجرًا"(1)(جعد) الشعر (أعور) وصفة عوره أنه (مطموس العين) قال في "النهاية": أي: ممسوحها من غير بخص (2).

(ليس) عينه (بناتئة) بهمزة بعد المثناة (فوق)(3)، أي: مرتفعة (ولا جحراء) بتقديم الجيم على الحاء. أي: منخسفة.

قال ابن الأثير في الجيم والخاء المعجمة: عين الدجال ليست بناتئة ولا جحراء، يعني: ليست ضيقة، لها غمص ورمص (4).

قال الأزهري: ومنه قيل للمرأة: جخراء. إذا لم تكن نظيفة المكان. قاله الخطابي، وقال في "النهاية": أي غائرة منحجرة في نقرتها. وقال الأزهري: هي بالخاء المعجمة. وذكرها الهروي في باب الحاء (5) المهملة، وقال: إن كانت هذِه اللفظة محفوظة فمعناها أنها ليست بصلبة منحجرة. قال: وقد رويت: جحراء بتقديم الجيم (6).

قال القرطبي: حاصل كلام القاضي عياض (7) أن كل واحدة من عيني

(1) رواه البخاري (1595) عن ابن عباس.

(2)

"النهاية" 3/ 139.

(3)

في النسخ: (تحت) والمثبت الصواب.

(4)

"النهاية" 1/ 242.

(5)

ساقطة من (م).

(6)

"الغريبين" 1/ 409.

(7)

"إكمال المعلم" 1/ 522.

ص: 152

الدجال عوراء، إحداهما بما أصابها حتى ذهب إدراكها، والثانية عوراء بأصل (1) خلقتها معيبة، فيكون الدجال على هذا أعمى أو قريبًا منه.

(فإن ألبس) بضم الهمزة وكسر الموحدة، أي: التبس (عليكم) حاله (فاعلموا أن ربكم ليس أعور) تقدم.

(قال) المصنف (عمرو بن الأسود) العنسي، ولي القضاء (2).

[4321]

(ثنا صفوان بن صالح) بن صفوان بن زباد الثقفي (المؤذن) بمسجد الجامع بدمشق (الدمشقي) مولى عبد الرحمن بن أم الحكم، قال أبو عبيد الآجري عن المصنف: حجة (3).

(ثنا الوليد)(4) بن مسلم، عالم أهل الشام (حدثني) عبد الرحمن بن يزيد (ابن (5) جابر) الأزدي الداراني (حدثني يحيى بن جابر الطائي) قاضي حمص، أخرج له مسلم (عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه) جبير ابن نفير الحضرمي، أخرج له مسلم.

(عن النواس بن سمعان) بكسر السين المهملة وفتحها، وفد سمعان على النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه نعليه، فقبلهما منه وزوجه أخته، وبالكسرتين سمع، وهو سبع يتولد بين الذئب والضبع، وهو أخبث منهما. (الكلابي) بكسر الكاف وبعد اللام ألف وباء موحدة، نسبة إلى كلاب

(1) ساقطة من (م).

(2)

بعدها بياض في (ل)، (م) بمقدار ثلاث كلمات.

(3)

"سؤالات أبي عبيد الآجري للإمام أبي داود"(1569).

(4)

فوقها في (ل): (ع).

(5)

فوقها في (ل): (ع).

ص: 153

ابن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن قيس عيلان بن مضر.

(قال: ذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه) أي: إن يخرج في عهدي فأنا مخاصمه ومغالبه بإقامة الحجة (دونكم وإن يخرج ولست) موجودًا (فيكم فامرؤ حجيج نفسه) أي: فكل امرئ يحاجج عن نفسه بما أعلمته من صفته ورد كذبه عليه في دعواه الإلهية، وهو خبر في معنى الأمر. وفيه النظر عند المشكلات والتمسك بالأدلة الواضحات، وظاهر هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبين له وقت خروجه، غير أنه كان يتوقع خروجه وبقربه وبقرب أمره، حتى يظنوا أنه في النخل القريب منهم.

(واللَّه خليفتي على كل مسلم) في إعانته عليه وتقوية حجته عليه (فمن أدركه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف) أي: عشرة آيات من أولها كما سيأتي (فإنها جواركم) أي: تجيركم وتخلصكم (من) شر (فتنته) وضلاله.

(قلنا: وما) قدر (لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يومًا: يوم) منها (كسنة) والظاهر أنه الأول (ويوم) بعده (كشهر، ويوم كجمعة) وظاهر هذا أن اللَّه تعالى يخرق العادة في تلك الأيام فيبطئ بالشمس عن حركتها المعتادة في أول يوم من تلك الأيام، حتى يكون أول يوم كمقدار سنة معتادة، ويبطئ بالشمس دون ما قبله حتى يكون كمقدار شهر، وبالثالث حتى يكون كمقدار جمعة، وهذا ممكن ولا سيما وذلك الزمان تنخرق فيه العوائد كثيرًا، لا سيما على يدي الدجال، وتأوله بعضهم على أنه يهجم عليكم غم عظيم لشدة البلاء وأيام البلاء طويلة، ثم يتناقص ذلك الهم في اليوم الثاني، ثم يتناقص في اليوم

ص: 154

الثالث كما يتناقص حزن الميت، ثم يعتاد البلاء كما يقول الرجل: اليوم عندي [سنة](1). كما قال:

وليل (2) المحب بلا آخر

ورده ابن الجوزي بقولهم: (أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره)(وسائر أيامه) بعد ذلك (كأيامكم) المعتادة (فقلنا له: يا رسول اللَّه، هذا اليوم الذي كسنة) من سنينا (أتكفينا فيه صلاة) مفرد في معنى الجمع أي صلوات (يوم وليلة؟ ) وهي خمس صلوات (قال: لا) تكفيكم بل (اقدروا له) بكسر الدال، أي: قدروا له (قدره) يعني: قدروا الأوقات المعلومة لليوم والليلة للصلوات الخمس على قدرها في الزمان الذي يكون فيه.

قال الإسنوي في "طراز المحافل في ألغاز المسائل": يتصور أن تجب على المكلفين أجمعين في اليوم والليلة، وهو من طلوع الشمس أول يوم إلى طلوعها ثاني يوم من غير نذر أكثر من خمس صلوات أداءً لا قضاءً، وإن شئت قلت: أكثر من ألف صلاة، وصورته خروج الدجال. ثم ذكر هذا الحديث. قال: وهذا الذي نص عليه في الحديث لا يخفى مجيئه أيضًا في الأحكام المتعلقة بالأيام كإقامة الأعياد وصوم رمضان ومواقيت الحج ويوم عرفة وأيام منًى ومدة الآجال كالسلم والإجارة والإيلاء والعنة والمعتدة وغيرها، فتفطن لذلك

(1) ليست في (ل)، (م)، والمثبت من "المفهم".

(2)

في النسخ الخطية: ويوم. ولم نجد البيت بهذِه اللفظة، والمثبت من كتب اللغة والأدب.

ص: 155

وامتحن بجميعها، فقل مثلًا: امرأة مات عنها زوجها (1) وليست بحامل، ومع ذلك فإنها تعتد من طلوع الشمس إلى زوالها، وكذا في مدة الإيلاء والعدة ونحوهما، وأيضًا فالقياس أن يصلي الوتر والتراويح نهارًا، وأن يسر في المغرب والعشاء والصبح؛ لأنه لا يزيد على القضاء، وحينئذٍ فامتحن بذلك كله، وقل: مغرب تفعل في النهار أداء؟ وكذا تقول في الوتر والتراويح، وتقول أيضًا: مغرب يصليها الإمام والمنفرد أداء لا قضاء، ومع ذلك يسر بها؟ ويقع الامتحان أيضًا بعكس هذا كله في الليل، فيقال مثلًا: ظهر وقعت ليلًا، وهي أداء لا قضاء، وهكذا باقي الفرائض والضحى وسنة الفجر؟ وتقول: ظهر وعصر وعشاء وقعت أداء، ومع ذلك تجهر بها، ويفطر في رمضان والشمس طالعة؟

واعلم أن الأيام مختلفة في الطول والقصر باعتبار الفصول، فينظر في الفصل الذي وقع ذلك عقبه، ثم توزع الأوقات على نسبة الأيام الواقعة بعد ذلك الفصل.

(ثم ينزل عيسى ابن مريم) صلوات اللَّه عليه (عند المنارة) بفتح الميم، وهي التي يؤذن عليها (البيضاء شرقي) نصب على الظرف (دمشق) بفتح الميم، وحكى صاحب "المطالع" كسر الميم (2).

قال النووي: وهذِه المنارة موجودة اليوم شرقي دمشق كما في الحديث. وهذا الحديث من فضائل دمشق (3).

(1) ساقطة من (م).

(2)

"مطالع الأنوار" 3/ 61 بتحقيقنا.

(3)

"مسلم بشرح النووي" 18/ 67.

ص: 156

(فيدركه عند باب لد) بضم اللام وتشديد الدال المهملة، يريد أنه بلد، وهو بفلسطين من أرض الشام إلى جانب الرملة، ولهذا تضاف إليها فيقال: رملة لد. كما قال كثير:

حَمَوْا مَنْزِلَ الأمْلاكِ مِنْ مَرْجِ راهطٍ

وَرَمْلَةِ لُدٍّ أنْ تُبَاحَ سُهُولُهَا

وهذا لا يدل على أن لد أكبر من الرملة، ولا أنها وجدت قبلها، بل بنيت الرملة قبل لد وعمرت، ثم كثر فيها الخلق فخربت، وعمرت لد إلى جانبها فصارت تضاف، ثم عمرت لد، وخربت لد والرملة اليوم هي القاعدة، ولد إلى جانبها كقرية من قراها. وأنشد ابن الأعرابي:

فَبتُّ كأنَّني أُسْقَى شَمُولًا

تكُرُّ غَرِيبةً من خَمْرِ لُدِّ

وخرج منها جماعة من العلماء، منهم إسحاق بن يسار اللُّدِّي، روى عنه جماعة.

(فيقتله) بباب لد، وهذِه فيه فضيلة للرملة ولد وفلسطين؛ لكون الدجال يقتل عندهم، ففيه إشارة إلى أنهم يساعدون المسيح على قتل الدجال.

[4322]

(ثنا عيسى بن محمد) النحاس الرملي، حافظ عابد (ثنا ضمرة) بن ربيعة الفلسطيني الرملي، روى له البخاري في "الأدب"(عن) أبي زرعة يحيى بن [أبي](1) عمرو (السيباني) بفتح السين

(1) ساقطة من الأصول والمثبت من مصادر ترجمته. انظر: "تهذيب الكمال" 31/ 480.

ص: 157

المهملة وسكون المثناة تحت وتخفيف الباء الموحدة، نسبة إلى سيبان، بطن من حمير، وهو ثقة (عن عمرو بن عبد اللَّه) السيباني بفتح المهملة أيضًا الحمصي، وثق (عن أبي أمامة) صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وذكر الصلوات) الخمس في اليوم والليلة مثل معناه المذكور.

[4323]

(ثنا حفص بن عمر) بن الحارث الحوضي، شيخ البخاري (ثنا همام، ثنا قتادة، عن سالم بن أبي الجعد) رافع الأشجعي مولاهم الكوفي، ثقة (عن معدان) بن أبي طلحة (عن حديث (1) أبي الدرداء يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم) ولفظ مسلم: عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، عن أبي الدرداء أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).

(قال: من حفظ) بكسر الفاء (عشر آيات من أول سورة الكهف) قيل: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات (عصم من فتنة الدجال) أي: من قرأها وتدبر ما فيها من الآيات لم يفتتن بالدجال كما يفتتن غيره؛ لأنه لم يستغرب أمر الدجال ولم يهله رؤية ذلك، وقيل: لقوله تعالى: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} (3) تمسكًا بتخصيص الناس والشدة واللدنية باللَّه تعالى، وهو مناسب لما يكون من الدجال من دعوى الإلهية واستيلائه وعظم فتنته، وقيل:{لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ} يهون بأس الدجال عند بأس اللَّه تعالى وعذابه.

(1) ساقطة من (م).

(2)

مسلم (809).

(3)

الكهف: 2.

ص: 158

(قال) المصنف (كذا قال هشام) بن أبي عبد اللَّه (الدستوائي) كان يتجر في الثياب الدستوائية (عن قتادة إلا أنه قال: من حفظ) عشر آيات (من خواتيم سورة الكهف) من قوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا} (1)(وقال: شعبة) في روايته (من آخر الكهف) قيل: لما في آخرها من المعاني المناسبة لحال الدجال. قيل: من قرأ هذِه الآيات وحفظها وتدبرها ووقف على ما فيها من المعاني تحذر منه وأمن من فتنته. وقيل: هذِه من خصائص هذِه السورة كلها، فقد روي:"من حفظ سورة الكهف ثم أدرك الدجال لم يُسلط عليه"(2) وهذا فيه جمع بين روايتي (أولها وآخرها)، ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها كما في الأمر بالوضوء؛ ليستدرج منه إلى الغسل من الجنابة.

[وقيل: إن قوله: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا} (3) يهون الصبر على فتن الدجال](4) بما يحصل من تعذيبه، وقوله:{وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)} (5) فإن فيه ما

(1) الكهف: 102.

(2)

رواه نعيم بن حماد في "الفتن" 2/ 563 - 564 (1579، 1582)، والنسائي في "السنن الكبرى" 6/ 236، والحاكم في "المستدرك" 1/ 563، 4/ 510، والبيهقي في "الشعب" 3/ 112 (3038) مرفوعًا وموقوفًا عن أبي سعيد الخدري. وصححه الحاكم مرفوعًا وموقوفًا.

(3)

الكهف: 2.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(5)

الكهف: 100.

ص: 159

يهون ما يظهره الدجال من ناره، وقوله:{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي} (1) تنبيه على أحوال تابعي الدجال، إذ قد عموا عن ظهور الآيات التي تكذبه، والكهف: الغار الواسع في الجبل، والصغير منها يسمى الغار.

[2324]

(ثنا هدبة بن خالد) القيسي البصري، أخرج له الشيخان (ثنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم) صاحب السقاية مولى أم برثن، أخرج له مسلم.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس بيني وبينه نبي. يعني: عيسى ابن مريم) لا خلاف بين الأئمة أنه ليس بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين عيسى ابن مريم -فيما أعلم- نبي مرسل ولا غير مرسل، بل النبي صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء كما تقدم (وأنه نازل) عند المنارة البيضاء شرقي دمشق كما تقدم قبله (فإذا رأيتموه فاعرفوه) بما أصفه لكم أنه (رجل مربوع) ولفظ رواية أبي داود الطيالسي في "مسنده": ثنا هشام، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء (2) إخوة لعلات، أمهاتهم شتى (3)، ودينهم واحد، وأنا أولى بعيسى ابن مريم؛ لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، فإنه رجل مربوع"(4).

(إلى الحمرة) أي: لونه بين الحمرة (والبياض بين ممصرتين) بضم

(1) الكهف: 101.

(2)

بعدها في (ل)، (م): إلا الآباء. وهو خطأ ليس في رواية الحديث.

(3)

ساقط من (م).

(4)

"مسند أبي داود الطيالسي" 4/ 301 (2698).

ص: 160

الميم الأولى وفتح الثانية والصاد المهملة المشددة، والممصر من الثياب هي التي فيها صفرة خفيفة، وصباغها ليس بمشبع (كأن رأسه يقطر) منه الماء (وإن لم يصبه بلل) ولمسلم:"فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين واضعًا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفع رأسه تحدر منه جمان كاللؤلؤ". انتهى (1). ومهرودتين بمعنى ممصرتين، والماء الذي يقطر هو من العرق، كما في الحديث الآخر:"كأنما خرج من ديماس"(2) يعني: الحمام.

(فيقاتل) الدجال وغيره من (الناس على) دين (الإسلام) والتمسك به (فيدق الصليب) أي: يكسر صليب النصارى (ويقتل الخنزير) قال بعضهم: كم صليب كسره المسلمون! وكم خنزير قتلوه! لكن المراد هنا كسر كل صليب وقتل كل خنزير في الأرض كلها. (ويضع الجزية) أي: يسقط حكمها فلا يقبل منهم إلا الإسلام، وقيل: يضعها على كل كافر؛ لغلبته وظهوره. وقيل: يقتل كل من كان يؤديها (3) لنقضهم العهد وخروجهم مع الدجال.

وقيل: لا يبقى في الناس من يحتاج إلى المال، وإنما تؤخذ الجزية فتصرف في المصالح، فإذا لم يبق للدين خصم عدمت الوجوه التي تصرف فيها الجزية؛ فسقطت لذلك.

(ويهلك) بضم الياء، أي: يهلك (اللَّه تعالى في زمانه الملل) التي في

(1) مسلم (2937).

(2)

رواه البخاري (3394، 3437)، ومسلم (168) من حديث أبي هريرة.

(3)

في (م): يوفيها.

ص: 161

الأرض (كلها) حتى لا يبقى (إلا) ملة (الإسلام، ويهلك) اللَّه تعالى (المسيح الدجال) بباب لد كما تقدم.

(فيمكث) عيسى عليه السلام (في الأرض أربعين سنة) وفي "مسند أبي داود الطيالسي": "يهلك اللَّه مسيح الضلالة الأعور الكذاب، وتقع الأمنة في الأرض حتى يرعى الأسد مع الإبل والنمر مع البقر والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات فلا يضر بعضهم بعضًا، يبقى في الأرض أربعين سنة"(1)(ثم) يموت (يتوفى، فيصلي عليه المسلمون) ويدفنونه. وقال كعب الأحبار: إن عيسى عليه السلام يمكث في الأرض أربعين سنة، تكثر الخيرات على يديه، وتنزل البركات في الأرض، حتى إن العنبة ليأكل منها الرجل حاجته ويفضل، وإن عيسى عليه السلام يتزوج بامرأة من آل فلان ويرزق منها ولدين، فيسمي أحدهما محمدًا والآخر موسى عليه وعليهما السلام، ثم يقبض اللَّه روح عيسى عليه السلام، ويذوق (2) الموت، ويدفن إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم في الحجرة. وقد قيل: إنه يدفن بالأرض المقدسة مدفن الأنبياء عليهم السلام.

* * *

(1)"مسند الطيالسي" 4/ 301 (2698).

(2)

في (م): ويرزق.

ص: 162