الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً
4464 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّدٍ النُّفَيْلي، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَني عَمْرُو بْن أَبى عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فاقْتُلُوهُ واقْتُلُوها مَعَهُ". قالَ: قُلْتُ لَهُ: ما شَأْن البَهِيمَةِ؟ ! قالَ: ما أُراهُ إِلَّا قالَ ذَلِكَ؛ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُؤْكَلَ لْحَمُها وَقَدْ عُمِلَ بِها ذَلِكَ العَمَل. قالَ أَبُو داوُدَ: لَيْسَ هذا بِالقَوَيِّ (1).
4465 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن يُونُسَ أَنَّ شَرِيكًا وَأَبا الأَحْوَصِ وَأَبا بَكْرِ بْنَ عَيّاشٍ حَدَّثوهُمْ، عَنْ عاصِمٍ، عَنْ أَبي رَزِينٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: لَيْسَ عَلَى الذي يَأْتي البَهِيمَةَ حَدٌّ.
قالَ أَبُو داوُدَ: كَذا قالَ عَطاءٌ، وقالَ الحَكَمُ: أَرى أَنْ يُجلَدَ وَلا يَبْلُغَ بِهِ الحَدَّ. وقالَ الحَسَنُ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الزاني. قالَ أَبُو داوُدَ: حَدِيثُ عاصِمٍ يُضَعِّفُ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ أَبي عَمْرٍو (2).
* * *
باب فيمن أتى بهيمة
[4464]
(ثنا عبد اللَّه بن محمد النفيلي قال: ثنا عبد العزيز بن محمد) الدراوردي (قال: حدثني عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس
(1) رواه الترمذي (1455)، وأحمد 1/ 269، والنسائي في "الكبرى"(7340).
وصححه الألباني في "الإرواء"(2348).
(2)
رواه الترمذي بعد حديث (1455)، وعبد الرزاق (13497)، والنسائي في "الكبرى"(7341)، والحاكم 4/ 356.
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من أتى بهيمة فاقتلوه) استدل به على أنَّ في إتيان البهيمة القتل كاللواط؛ لأنه فرج في فرج حرام لا يباح بحال، وليس محل الاستمتاع فهو كدبر الرجل، فعلى هذا يتأتى فيه الأقوال الثلاثة في اللواط، لكن الصحيح هنا أنه يجب في إتيان البهيمة التعزير للحديث الآتي.
(واقتلوها معه) فيه حجة للقول بأن البهيمة تقتل، وهو أحد أقوال الشافعي، سواء كانت له أو لغيره، وسواء كانت ممن يؤكل لحمها أو لا، وعلى الواطئ قيمتها لصاحبها [إن لم تكن له (1)، وهو مذهب أحمد (2)، والقول الثاني وهو الأصح عند الشافعية: تقتل المأكولة](3) دون غيرها، سواء أتاها في دبرها أو في قبلها، وقيل: إن أتاها في دبرها لم نقتلها.
وهل يحل أكلها، إذا كانت مأكولة وذبحت؟ وجهان: أصحهما: نعم (4).
قال البلقيني: وما ذكره النووي في "الروضة" من تصحيح أنها تقتل إن كانت مأكولة دون غيرها ممنوع، فإن التفريع إن كان على أن الفاعل يقتل مطلقًا، فقضية الخبر أنه يجب قتل البهيمة مطلقًا عملًا بالخبر، وإن كان على أنَّ الفاعل إنما يقتل بمجرد القياس على اللوطي فإنها لا تقتل
(1) انظر: "الحاوي" 13/ 225، "نهاية المطلب" 17/ 199.
(2)
انظر: "المغني" 12/ 351.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م). .
(4)
انظر: "الحاوي" 13/ 225، "البيان" 12/ 372، "الروضة" 10/ 92.
مطلقًا، وإن كان التفريع على أنه [كحد الزنا بمجرد القياس على فرج المرأة، فلا تقتل البهيمة مطلقًا، وإن كان التفريع على أنه](1) يعزر فلا تقتل قطعًا.
ومن الغريب عن أحمد بن حنبل أنه يعزر مع قتل البهيمة، وهذا عجيب، فإن العمل بالحديث يقتضي قتلها، وترك الخبر والعدول إلى التعزير يقتضي عدم قتلها، فتعزير الواطئ وقتل البهيمة لا وجه له.
ثم قال: وأما عندنا فالأصح أنها تقتل مطلقًا؛ لأن الخبر قد احتججنا به [وحملناه على الحصر من جهة القياس، فيكون ذلك مقتضيًا لقتل البهيمة مطلقًا، وإن احتججنا بالخبر](2) ولم نخصه بالقياس قتلت مطلقًا، وهو مقتضى نص الشافعي الذي حكاه الماوردي عن كتاب اختلاف علي وابن مسعود.
(قال: ) عكرمة (قلت له) أي: لابن عباس (ما شأن البهيمة؟ ) تقتل (قال: ما أُراه) بضم الهمزة أي: أظنه (قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها) استدل به على أن البهيمة تقتل ولا يؤكل لحمها؛ لأنها تذكر الفاحشة وفاعلها فيؤدي إلى قذفه بإتيانها. والأحاديث وردت بالستر على المسلمين، ومن أتاها من المسلمين فيستر. قال البلقيني: وهذا المعنى لا يفترق فيه الحال بين أن تكون مأكولة أو غير مأكولة. والمعنى الثاني في قتلها أن لا تأتي بخلق مشوه يشبه بعضه الآدمي وبعضه البهيمة.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
قال الماوردي: وقد قيل: إن بعض الرعاة أتى بهيمة فأتت بولد مشوه (1). وعلى هذا فلا فرق بين المأكولة وغيرها أيضًا، ويدل على المعنى الأول قوله:(و) يقال: هذا لحم التي (قد عمل بها ذلك العمل) القبيح، فربما أدى ذلك إلى الوقوع في العامل وسبه.
[4465]
(ثنا أحمد بن يونس أن شريكًا وأبا الأحوص) سلام بن سليم (وأبا بكر) المقرئ (ابن عياش) بالمثناة والمعجمة (حدثوهم عن عاصم) ابن بهدلة بن (2) أبي النجود أحد القراء السبعة.
(عن أبي رزين) بفتح الراء أوله، وكسر الزاي، ونون آخره، واسمه: مسعود بن مالك الأسدي (عن ابن عباس قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حد).
قال الترمذي في هذا الحديث: حديث عاصم أصح من الحديث الأول. قال: والعمل على هذا عند أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق (3). لكن يستغفر اللَّه كثيرًا، ولو عزره الحاكم كان حسنًا، ويدل على هذا ما رواه أبو داود في "المراسيل" عن القاسم بن (4) عبد الرحمن الشامي في حديث قال فيه: "لا تقتل مجثمة (5) ليست
(1)"الشرح الكبير" 13/ 225.
(2)
كذا في (ل)، (م)، وهو خطأ، وصوابه بحذف:(بن)، فكنية بهدلة أبو النجود. انظر "تهذيب الكمال" 13/ 473.
(3)
"سنن الترمذي" عقب حديث (1455).
(4)
في "المراسيل": مولى.
(5)
في "المراسيل": بهيمة.
لك بها حاجة" (1) وروي النهي عن ذبح الحيوان إلا لمأكله (2). وأجيب بأن هذا وإن صح محمول على ذبحه لغير سبب شرعي جمعًا بين الحديثين، وأما إذا وجد سبب شرعي من صيال ونحوه فإنه يذبح بحسب الإمكان بدفع صياله، وهذا لغير مأكله.
(قال أبو داود: وكلذلك قال عطاء، وقال الحكم: ) بن عتيبة الكندي (أرى أن يجلد ولا يبلغ) بالنصب، وهو تعزير، (وقال الحسن: ) البصري (هو بمنزلة الزاني) فيحد حده؛ إن كان بكرًا جلد، وإن كان محصنًا رجم، واللَّه أعلم.
* * *
(1)"المراسيل"(316).
(2)
من ذلك ما رواه النسائي 7/ 206، 239، وأحمد 2/ 166، وغيرهما من حديث عبد اللَّه بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من إنسان قتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها إلا سأله اللَّه عز وجل عنها" قيل: يا رسول اللَّه، وما حقها؟ قال:"يذبحها فيأكلها، ولا يقطع رأسها يرمي بها" وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 376.