الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - باب فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ دُونَ الجِماعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الإِمامُ
4468 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْن مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنا أَبُو الأَحْوَصِ، حَدَّثَنا سِماكٌ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ والأَسْوَدِ قالا: قالَ عَبْدُ اللَّهِ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ: إِنّي عالَجْتُ امْرَأَةً مِنْ أَقْصَى المَدِينَةِ، فَأَصَبْتُ مِنْها ما دُونَ أَنْ أَمَسَّها، فَأَنا هذا فَأَقِمْ عَلي ما شِئْتَ. فَقالَ عُمَرُ: قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ لَوْ سَتَرْتَ عَلَى نَفْسِكَ. فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبي صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فانْطَلَقَ الرَّجُلُ فَأَتْبَعَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم رَجُلًا فَدَعاهُ فَتَلا عَلَيْهِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خاصَّةً أَمْ لِلنّاسِ كافَّةً؟ فَقالَ: "بَلْ لِلنَّاسِ كافَّةً"(1).
* * *
باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع فيتوب قبل أن يأخذه الإمام
[4468]
(ثنا مسدد قال: ثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم (قال: ثنا سماك، عن إبراهيم) بن يزيد النخعي (عن) خاله (الأسود وعلقمة قالا: قال عبد اللَّه) بن مسعود (جاء رجل إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللَّه، إني عالجت امرأة) قال النووي: أي: تناولتها واستمتعت بها (2)(من أقصى المدينة) أي: من أبعد جوانبها، وفي رواية ابن جرير من رواية ابن مسعود: وجدت امرأة في بستان، ففعلت بها كل شيء،
(1) رواه مسلم (2763).
(2)
"مسلم بشرح النووي" 17/ 80.
قبلتها ولزمتها، غير أني لم أجامع (1).
(فأصبت منها ما دون أن أمسها) بفتح الميم والسين، المراد بالمس هنا الجماع، ومعناه: استمتعت بالقبلة والمعانقة ومس اليد وغير ذلك من جميع أنواع الاستمتاع إلا الجماع (فأنا هذا، فأقم عليَّ ما شئت) فيه جواز الاعتراف في الدنيا بما وقع منه خوفًا من عذاب الآخرة. زاد ابن جرير: فلم يقل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا.
(فقال عمر رضي الله عنه: قد ستر اللَّه عليك) فيه جواز كلام من دون الإمام، إذا سئل عن شيء فلم يتكلم فيه بشيء (لو سترت على نفسك) فيه فضيلة ستر الإنسان على نفسه، ويدل عليه رواية مالك في "الموطأ" من مراسيل ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من بلي بشيء من هذِه القاذورات فليستتر"(2)(ولم يرد عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئًا) لينتظر -واللَّه أعلم- ما يوحى إليه في أمره (فأتبعه النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا فدعاه وتلا عليه: ) هذِه الآية ({وَأَقِمِ الصَّلَاةَ}).
لا خلاف أن المأمور بإقامتها الصلوات الخمس المكتوبة، وإقامتها: دوامها، وقيل: أداؤها على تمامها، وقيل: فعلها في أفضل أوقاتها ({طَرَفَيِ النَّهَارِ}) منصوب على الظرف، وظرف الشيء يقتضي أن يكون من الشيء، فالذي يظهر أنهما الصبح والعصر؛ لأنهما طرفا النهار. وقال مجاهد ومحمد بن كعب: الطرف الأول: الصبح، والثاني: الظهر والعصر. وجعل الظهر من الطرف الثاني ليس بواضح،
(1)"جامع البيان" 12/ 135.
(2)
"الموطأ" 2/ 825.
إنما الظهر نصف النهار، والوسط لا يسمى طرفًا، إلا بمجاز بعيد. ولا تجعل العرب طرف النهار إلا بمجاز، إنما هو طرف الليل.
({وَزُلَفًا}) جمع زلفة، كظلم جمع ظلمة. وقرأ ابن محيصن بإسكان اللام كبسر جمع بسرة، فهي اسم جنس. قال الليث: الزلفة: طائفة. ({مِنَ}) أول ({اللَّيْلِ}) وقال ثعلب: الزلفة: أول ساعة من الليل (1). وقال أبو عبيدة (2) والأخفش وابن قتيبة (3): الزلف: ساعات الليل، وآناؤه وكل ساعة. وأصل الكلمة من الزلفى وهي: القربة، يقال: أزلفه فازدلف أي: قربه فاقترب.
(إلى آخر الآية فقال رجل من القوم: ) روى ابن منده في "الصحابة"(4) أن السائل عمرو بن غزية، وأن القائل له خاصة عمر بن الخطاب، وذكر النسائي في "تفسيره" أن السائل هو أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري (5) (أله خاصة) [نصب على المصدر] (6) (أم للناس؟ ) عامة (قال: بل (7) للناس كافة) هكذا تستعمل (كافة) حالًا، أي: كلهم، ولا تضاف فيقال: كافة الناس. ولا الكافة. بالألف واللام، فهو معدود في
(1) انظر: "فقه اللغة" 1/ 37.
(2)
"مجاز القرآن" 1/ 300.
(3)
"غريب القرآن" ص 210.
(4)
لم أقف عليه في المطبوع الذي بين يدي وقد رواه بنحوه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" 4/ 1950 في ترجمة عمرو بن غزية.
(5)
"السنن الكبرى" 6/ 366.
(6)
ما بين المعقوفتين من (م).
(7)
ساقطة من (م)، وفوقها في (ل):(ح). وليست في "السنن".
تصحيف العوام.
فيه دلالة على أن الصلوات تكفر المعاصي، وروى (1) البزار من حديث ابن عباس، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"صل أربع ركعات" فأنزل اللَّه تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} الآية (2). ورجاله رجال الصحيح (3).
* * *
(1) في (م): وذكر.
(2)
"كشف الأستار" 3/ 52 - 53 (2219).
(3)
قاله الهيثمي في "المجمع" 7/ 39.