المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌4 - باب في الحد يشفع فيه - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٧

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌2 - باب في النَّهْي عَنِ السَّعْي في الفِتْنَةِ

- ‌3 - باب فِي كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌4 - باب ما يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ في الفِتْنَةِ

- ‌5 - باب فِي النَّهْى عَن القِتَالِ في الفِتْنَةِ

- ‌6 - باب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ المُؤْمِنِ

- ‌7 - باب ما يُرْجَى فِي القَتْلِ

- ‌كتاب المهدي

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الملاحم

- ‌1 - باب ما يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المِئَةِ

- ‌2 - باب ما يُذْكَرُ مِنْ مَلاحِمِ الرُّومِ

- ‌3 - باب فِي أَماراتِ المَلاحِمِ

- ‌4 - باب فِي تَوَاتُرِ المَلاحِمِ

- ‌5 - باب فِي تَداعِي الأُمَمِ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌6 - باب فِي المَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ

- ‌7 - باب ارْتِفاعِ الفِتْنَةِ فِي المَلاحِمِ

- ‌8 - باب فِي النَّهْي عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالحَبَشَةِ

- ‌9 - باب في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌10 - باب فِي ذِكْرِ البَصْرَةِ

- ‌11 - باب النَّهْي عَنْ تهْيِيجِ الحَبَشَةِ

- ‌12 - باب أَماراتِ السّاعَةِ

- ‌13 - باب حَسْرِ الفُراتِ عَنْ كَنْزٍ

- ‌14 - باب خُرُوجِ الدَّجّالِ

- ‌15 - باب فِي خَبَرِ الجَسّاسَةِ

- ‌16 - باب فِي خَبرِ ابن صائِدٍ

- ‌17 - باب الأَمْرِ والنَّهْي

- ‌18 - باب قيامِ السّاعَةِ

- ‌كتاب الحدود

- ‌1 - باب الحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌2 - باب الحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب ما جاءَ في المُحارِبَةِ

- ‌4 - باب في الحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌5 - باب العَفْوِ عَن الحُدُودِ ما لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطانَ

- ‌6 - باب فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الحُدُودِ

- ‌7 - باب فِي صاحِبِ الحَدِّ يَجَيءُ فَيُقِرُّ

- ‌8 - باب فِي التَّلْقِينِ في الحَدِّ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْترِفُ بِحَدٍّ ولا يُسَمِّيهِ

- ‌10 - باب في الامْتِحانِ بِالضَّرْبِ

- ‌11 - باب ما يُقْطَعُ فِيهِ السّارِقُ

- ‌12 - باب ما لا قَطْعَ فِيهِ

- ‌13 - باب القَطْعِ في الخُلْسَةِ والخِيانَةِ

- ‌14 - باب مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌15 - باب فِي القَطْعِ في العارِيَةِ إِذا جُحِدَتْ

- ‌16 - باب فِي المَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌17 - باب فِي الغُلامِ يُصِيبُ الحَدَّ

- ‌18 - باب السّارِق يَسْرِقُ في الغَزْوِ أَيُقْطَعُ

- ‌19 - باب فِي قَطْعِ النَّبّاشِ

- ‌20 - باب فِي السّارِق يَسْرِقُ مِرارًا

- ‌21 - باب فِي السّارقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌22 - باب بَيْع المَمْلُوكِ إِذا سَرَقَ

- ‌23 - باب في الرَّجْمِ

- ‌24 - باب رَجْمِ ماعِزِ بْن مالِكٍ

- ‌25 - باب المَرْأَةِ التي أَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِها مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌26 - باب فِي رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَزْني بِحَرِيمِهِ

- ‌28 - باب فِي الرَّجُل يَزْني بِجارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌29 - باب فِيمَنْ عمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌30 - باب فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌31 - باب إِذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بالزِّنا وَلَمْ تُقِرَّ المَرْأَةُ

- ‌32 - باب فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ دُونَ الجِماعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الإِمامُ

- ‌33 - باب فِي الأَمَةِ تَزْني وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌34 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ عَلَى المَرِيضِ

- ‌35 - باب فِي حَدِّ القَذْفِ

- ‌36 - باب الحَدِّ في الخَمْرِ

- ‌37 - باب إِذا تَتَابَعَ في شُرْبِ الخَمْرِ

- ‌38 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ في المَسْجِدِ

- ‌39 - باب فِي التَّعْزِيرِ

- ‌40 - باب في ضَرْبِ الوَجْهِ في الحَدِّ

- ‌كتاب الديات

- ‌1 - باب النَّفْسِ بالنَّفْسِ

- ‌2 - باب لا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ

- ‌3 - باب الإِمامِ يَأْمُرُ بِالعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌4 - باب وَلِي العَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌5 - باب مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَماتَ، أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌7 - باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌8 - باب القَسامَةِ

- ‌9 - باب في تَرْك القَوَدِ بِالقَسامَةِ

- ‌10 - باب يُقادُ مِنَ القاتِلِ

- ‌11 - باب أيُقادُ المُسْلِمُ بِالكافِرِ

- ‌12 - باب فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ

- ‌13 - باب العامِلِ يُصابُ على يَدَيْهِ خَطَأ

- ‌14 - باب القَوَدِ بغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌15 - باب القَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌16 - باب عَفْوِ النِّساءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌17 - باب مَنْ قُتِلَ في عمِّيّا بَيْن قَوْمٍ

- ‌18 - باب الدّيَةِ كَمْ هي

- ‌19 - باب دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

الفصل: ‌4 - باب في الحد يشفع فيه

‌4 - باب في الحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

4373 -

حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ خالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ الهَمْداني، قالَ: حَدَّثَني ح وَحَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفي، حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ قرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ التي سَرَقَتْ، فَقالُوا مَنْ يُكَلِّمُ فِيها؟ يَعْني رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ إِلا أُسامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَهُ أُسامَةُ فَقالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يا أُسامَةُ أَتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ". ثُمَّ قامَ فاخْتَطَبَ فَقالَ: "إِنَّما هَلَكَ الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كانُوا إِذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها"(1).

4374 -

حَدَّثَنا عَبّاسُ بْن عَبْدِ العَظِيمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ المَتاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِها وَقَصَّ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيثِ قالَ: فَقَطَعَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يَدَها (2).

قالَ أَبُو داوُدَ: رَوى ابن وَهْبٍ هذا الحَدِيثَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْري وقالَ: فِيهِ كَما قالَ اللَّيْثُ: إِنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ في عَهْدِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في غَزْوَةِ الفَتْحِ (3).

وَرَواهُ اللَّيْثُ، عَنْ يُوِنُسَ، عَنِ ابن شِهابٍ بِإِسْنادِهِ فَقالَ: اسْتَعارَتِ امْرَأَةٌ (4).

وَرَوى مَسْعُودُ بْنُ الأَسْوَدِ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نَحْوَ هذا الخَبَرِ قالَ سُرِقَتْ قَطِيفَةٌ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (5).

(1) رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688).

(2)

رواه البخاري (3475)، ومسلم (1688)، وعبد الرزاق 10/ 201 (18830).

(3)

"السنن الكبرى" للبيهقي 8/ 486.

(4)

السابق.

(5)

رواه أحمد 6/ 181، والبخاري في "الأدب المفرد"(465)، والنسائي في "الكبرى"(7294)، وابن حبان (94). وصححه الألباني في "الصحيحة"(638).

ص: 268

قالَ أَبُو داوُدَ: وَرَواهُ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جابِرٍ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فَعاذَتْ بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1).

4375 -

حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ مُسافِرٍ وَمُحَمَّدُ بْن سُلَيْمانَ الأَنْباري قالا: أَخْبَرَنا ابن أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ زَيْدٍ -نَسَبَهُ جَعْفَرٌ إِلَى سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ-، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقِيلُوا ذَوي الهَيْئاتِ عَثَراتِهِمْ إِلَّا الحُدُودَ"(2).

* * *

باب في الحد يشفع فيه

[4373]

(ثنا يزيد بن خالد بن عبد اللَّه بن موهب الهمداني، وثنا قتيبة ابن سعيد الثقفي قال: ثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المخزومية) وهي فاطمة (المرأة) بنت الأسود بن عبد الأسد قتله حمزة يوم بدر (التي سرقت) قال القرطبي: هذا هو الصحيح أن هذِه المرأة سرقت وقطعت يدها لأجل سرقتها، لا لأجل جحد المتاع، ويدل على صحة ذلك أربعة أوجه:

أولها: أن رواية من روى أنها سرقت أكثر، وأشهر من رواية من قال أنها كانت تجحد المتاع.

وثانيها: أن معمرًا وغيره ممن روى هذِه القضية متفق على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -حيث أنكر على أسامة-: "لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها".

(1) رواه مسلم (1689/ 11).

(2)

رواه أحمد 5/ 409، وابن ماجه (2548)، والطبراني في "الكبير" 20/ 333 (791)، والبيهقي في "كبرى" 8/ 487.

ص: 269

ثم أمر بيد المرأة فقطعت، وهذا يدل دلالة قاطعة على أن المرأة قطعت في السرقة؛ إذ لو كان قطعها لأجل جحد المتاع، لكان ذكر السرقة هنا لاغيًا لا فائدة له، وإنما كان يقول: لو أن فاطمة جحدت المتاع لقطعت يدها.

وثالثها: إن جاحد المتاع خائن، ولا قطع على خائن عند جمهور العلماء خلافًا لما ذهب إليه أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (1)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي من حديث جابر مرفوعًا:"ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع" وقال: هذا حديث حسن صحيح (2). وهذا نص ولأنه لو كان في جحد المتاع قطع لكان يلزم القطع على كل من جحد شيئًا من الأشياء ثم ثبت عليه، وهذا لا قائل به فيما أعلم.

ورابعها] (3): أنه لا تعارض بين رواية من روى سرقت، ولا بين رواية من روى جحدت ما استعارت، إذ يمكن أن يقال: إن المرأة فعلت الأمرين، لكن قطعت في السرقة لا في الجحد كما شهد به سياق الحديث، فتأمله (4).

(فقالوا: من يكلم فيها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: ومن يجترئ) بسكون

(1)"مسائل الكوسج"(2414)، قال ابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد في جاحد العارية، فعنه: عليه القطع. . . وعنه: لا قطع عليه. "المغني" 12/ 416 - 417.

(2)

"سنن الترمذي"(1448).

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من النسخ الخطية، والمثبت من "المفهم".

(4)

انتهى من "المفهم" 5/ 77 - 78.

ص: 270

الجيم وهمز آخره، أي: يتجاسر عليه بطريق الإدلال عليه.

(إلا أسامة بن زيد حب) بكسر الحاء، أي: محبوبه، وهي منقبة ظاهرة لأسامة رضي الله عنه (رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فكلمه أسامة) في ذلك (فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا أسامة، أتشفع في حد من حدود اللَّه؟ ! ) فيه: إنكار على أسامة، وظاهره يفهم تحريم الشفاعة في الحدود إذا بلغت الإمام، فيحرم على الشافع وعلى المشفع، وقد ذكر الدارقطني عن عروة بن الزبير قال: شفع الزبير في سارق، فقيل له: حتى تبلغه الإمام. فقال: إذا بلغ الإمام فلعن اللَّه الشافع والمشفع. كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).

وكذا رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير"(2)، لكن في إسناده أبو غزية محمد بن موسى الأنصاري وضعف، لكن وثقه الحاكم (3).

وعن ابن عمر: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من حالت شفاعته في حد من حدود اللَّه فقد ضادّ اللَّه في أمره"(4) وفيه رجاء بن صبيح، لكن وثقه ابن حبان (5).

وأما الشفاعة قبل بلوغ الإمام فقد أجازها أكثر أهل العلم؛ لما جاء

(1)"سنن الدارقطني" 3/ 205.

(2)

"المعجم الأوسط" 2/ 380 (2284)، "المعجم الصغير" 1/ 111 (158).

(3)

قاله الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 259.

(4)

رواه أبو داود (3597)، والبيهقي 6/ 135، وصححه الحاكم 4/ 383، وليس فيه رجاء بن صبيح، والذي فيه رجاء رواه الطبراني في "الأوسط" 8/ 252 (8552) من حديث أبي هريرة.

(5)

"الثقات" 6/ 306.

ص: 271

في الستر على المسلم مطلقًا. لكن قال مالك ذلك فيمن لم يعرف منه أذى للناس (1). وأما الشفاعة فيما ليس فيه حد ولا حق لآدمي وإنما فيه التعزير فجائز بلغ الإمام أم لا.

(ثم قام فاختطب) أي: خطب، وتأتي افتعل موافقة للمجرد كثيرًا، نحو: اقتدر بمعنى قدر، واستمع بمعنى سمع، واقترن بمعنى قرن.

(فقال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) تهديد ووعيد شديد على ترك القيام بالحدود وعلى ترك التسوية فيها بين الدّنيء والشريف والقوي والضعيف، ولا خلاف في وجوب ذلك، وفيه حجة لمن قال: إن شرع من قبلنا شرع لنا.

(وايم اللَّه) الصحيح عند النحاة أنها ليست جمع يمين، بل مفردة، وأن ألفها ألف وصل بلام التعريف وضم آخره، وحكم القسم الخفض (2) كما ضم لعمرك.

(لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) فيه إخبار عن مُقدر يفيد القطع بأمر محقق، وهو وجوب إقامة الحد على البعيد والقريب والبغيض والحبيب، لا تنفع في ذريته شفاعة، ولا تحول دونه قرابة ولا جماعة. زاد مسلم: ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها (3). وفيه تقديم.

(1)"المدونة" 4/ 531.

(2)

ساقطة من (م).

(3)

مسلم (1688/ 9).

ص: 272

وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: كان عمر إذا نهى الناس عن [شيء جمع أهله فقال: إني نهيت الناس عن](1) كذا وكذا، والناس ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقعوا، وإن هبتم هابوا، وإني واللَّه لا أوتى برجل منكم أو امرأة وقع في شيء مما نهيته عنه إلا ضعفت له العقوبة لمكانه مني (2).

وفيه: قالت عائشة: فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت، وكانت تأتي بعد ذلك، فأرفع حاجتها إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (3).

[4374]

(ثنا عباس) بالباء الموحدة والسين المهملة (بن عبد العظيم) العنبري شيخ مسلم (ومحمد بن يحيى قالا: ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: كانت امرأة مخزومية) سيأتي أنها فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد كما ذكره ابن عبد البر (4) وغيره.

(تستعير المتاع وتجحده) إذا طلبته صاحبته (فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقطع يدها، وقص نحو حديث الليث) المتقدم و (قال) فيه: فقطع النبي صلى الله عليه وسلم يدها. كذلك، وإن رواية من روى أنها سرقت أكثر وأشهر.

وأيضًا أن معمرًا وغيره ممن روى هذِه القصة متفق على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين أنكر على أسامة: "لو أن فاطمة سرقت لقطعت يدها".

وأيضًا فإن جاحد المتاع خائن، ولا قطع على خائن عند جمهور

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(2)

"جامع معمر" 11/ 343 (20713).

(3)

رواه البخاري (2648، 4304)، ومسلم (1688/ 9).

(4)

"الاستيعاب" 4/ 446 (3487).

ص: 273

العلماء، خلافًا لما ذهب إليه أحمد وإسحاق بن راهويه (1)، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما روى الترمذي من حديث جابر مرفوعًا:"ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع" وقال: حديث حسن صحيح (2). وهذا نص.

(قال أبو داود: روى) عبد اللَّه (ابن وهب هذا الحديث عن يونس عن الزهري وقال فيه كما قال الليث: إن امرأة سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح) فتح مكة.

(ورواه الليث، عن يونس، عن ابن شهاب بإسناده فقال: استعارت امرأة) وهي من بني عبد الأشهل أو من بني أسد. رواه ابن ماجه.

وفي رواية [أخرى لأبي داود: ](3) استعارت امرأة حليا على ألسنة أناس يعرفون ولا تعرف هي، فباعته، فأخذت، فأتي بها النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقطع يدها. وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد.

(وروى مسعود بن الأسود) بن حارثة بن نضلة القرشي العدوي، المعروف بابن العجماء الصحابي، أخو مطيع بن الأسود، وكانا من المهاجرين، شهد مسعود بيعة الرضوان، واستشهد يوم مؤتة، روت عنه بنته عائشة (4).

(عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر) و (قال) فيه (سرقت قطيفة) وهي كساء

(1)"مسائل الكوسج"(2414).

(2)

"سنن الترمذي"(1448).

(3)

انظر: "الاستيعاب" 3/ 1390، (2372)، "أسد الغابة" 5/ 151 (4873).

(4)

في النسخ الخطية بياض، ولعل المثبت مراد المصنف، إذ الرواية ستأتي في "السنن" قريبا برقم (4396).

ص: 274

ذو خمل، جمعها قطائف، وهي الخميلة أيضًا (من بيت النبي صلى الله عليه وسلم) رواية أحمد: قطيفة نفديها بأربعين أوقية (1).

(قال أبو داود: ورواه أبو الزبير) محمد بن مسلم المكي التابعي (عن جابر رضي الله عنه أن امرأة سرقت، فعاذت) بالذال المعجمة، أي: التجأت (بزينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم) لتشفع فيها، وهذا قبل أن تصل إلى الحاكم.

* * *

(1)"المسند" 6/ 329.

ص: 275

باب الستر على أهل الحدود (1)

[4375]

(ثنا جعفر بن مسافر) التنيسي، صدوق (ومحمد بن سليمان الأنباري) بنون ثم باء موحدة، مات 234.

(قالا: ثنا) محمد بن إسماعيل (ابن أبي فديك عن عبد الملك بن زيد، نسبه جعفر بن مسافر إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل) المدني، قال النسائي: ليس به بأس (2). (عن محمد بن أبي بكر) بن حزم الأنصاري قاضي المدينة، ووالد قاضي بغداد عبد الملك بن محمد. (عن عمرة) وكانت في حجر عائشة، وهي هي بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة (3).

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أقيلوا) أي: تجاوزوا وسامحوا (ذوي الهيئات).

فسره الشافعي بمن لم يظهر منه ريبة وقال: سمعت من يعرف هذا الحديث يقول: يتجافى الرجل ذو الهيئة عن عثرته ما لم يكن حدًّا (4).

(عثراتهم) بفتح المثلثة، أي: سقطاتهم وزلاتهم، يريد: عيوبهم، وفي ذلك إشارة إلى ترك التعزير عند ظهور المصلحة، ولذلك أناطه بذوي الهيئات؛ إذ المصلحة في الترك تلازمهم، ولأنه تأديب، فجاز

(1) سيتكرر هذا الباب قبل حديث رقم (4377)، ومحل هذا الباب هنا غير موجود في المطبوع من "سنن أبي داود".

(2)

"تهذيب الكمال" 18/ 308 (3527).

(3)

"تهذيب الكمال" 35/ 241 (7895)، "سير أعلام النبلاء" 4/ 507.

(4)

"الأم" 7/ 368.

ص: 276

تركه كتأديب الأب والمعلم.

(إلا الحدود) بالنصب، فإنها لا تترك.

قال الماوردي: التعزير يوافق الحد في كونه شرع زجرًا وتأديبًا للصلاح، ويختلف بحسب الذنب، لكنهما مختلفان من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن تعزير ذوي الهيئات أخف من تعزير غيرهم، وهم متفقون في الحد.

والثاني: تجوز الشفاعة في التعزير والعفو عنه في الجملة، ولا يجوز في الحد.

والثالث: إن تلف في التعزير ضمن، أي: على الأصح، ولو تلف من الحد كان هَدَرًا (1).

* * *

(1) لم أجده بنصه، لكنه في "الحاوي الكبير" 7/ 435 فصَّل في بعض هذا.

ص: 277