المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌11 - باب أيقاد المسلم بالكافر - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٧

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌2 - باب في النَّهْي عَنِ السَّعْي في الفِتْنَةِ

- ‌3 - باب فِي كَفِّ اللِّسَانِ

- ‌4 - باب ما يُرَخَّصُ فِيهِ مِنَ البَدَاوَةِ في الفِتْنَةِ

- ‌5 - باب فِي النَّهْى عَن القِتَالِ في الفِتْنَةِ

- ‌6 - باب فِي تَعْظِيمِ قَتْلِ المُؤْمِنِ

- ‌7 - باب ما يُرْجَى فِي القَتْلِ

- ‌كتاب المهدي

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الملاحم

- ‌1 - باب ما يُذْكَرُ فِي قَرْنِ المِئَةِ

- ‌2 - باب ما يُذْكَرُ مِنْ مَلاحِمِ الرُّومِ

- ‌3 - باب فِي أَماراتِ المَلاحِمِ

- ‌4 - باب فِي تَوَاتُرِ المَلاحِمِ

- ‌5 - باب فِي تَداعِي الأُمَمِ عَلَى الإِسْلَامِ

- ‌6 - باب فِي المَعْقِلِ مِنَ المَلَاحِمِ

- ‌7 - باب ارْتِفاعِ الفِتْنَةِ فِي المَلاحِمِ

- ‌8 - باب فِي النَّهْي عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ وَالحَبَشَةِ

- ‌9 - باب في قِتَالِ التُّرْكِ

- ‌10 - باب فِي ذِكْرِ البَصْرَةِ

- ‌11 - باب النَّهْي عَنْ تهْيِيجِ الحَبَشَةِ

- ‌12 - باب أَماراتِ السّاعَةِ

- ‌13 - باب حَسْرِ الفُراتِ عَنْ كَنْزٍ

- ‌14 - باب خُرُوجِ الدَّجّالِ

- ‌15 - باب فِي خَبَرِ الجَسّاسَةِ

- ‌16 - باب فِي خَبرِ ابن صائِدٍ

- ‌17 - باب الأَمْرِ والنَّهْي

- ‌18 - باب قيامِ السّاعَةِ

- ‌كتاب الحدود

- ‌1 - باب الحُكْمِ فِيمَنِ ارْتَدَّ

- ‌2 - باب الحُكْمِ فِيمَنْ سَبَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب ما جاءَ في المُحارِبَةِ

- ‌4 - باب في الحَدِّ يُشْفَعُ فِيهِ

- ‌5 - باب العَفْوِ عَن الحُدُودِ ما لَمْ تَبْلُغِ السُّلْطانَ

- ‌6 - باب فِي السَّتْرِ عَلَى أَهْلِ الحُدُودِ

- ‌7 - باب فِي صاحِبِ الحَدِّ يَجَيءُ فَيُقِرُّ

- ‌8 - باب فِي التَّلْقِينِ في الحَدِّ

- ‌9 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْترِفُ بِحَدٍّ ولا يُسَمِّيهِ

- ‌10 - باب في الامْتِحانِ بِالضَّرْبِ

- ‌11 - باب ما يُقْطَعُ فِيهِ السّارِقُ

- ‌12 - باب ما لا قَطْعَ فِيهِ

- ‌13 - باب القَطْعِ في الخُلْسَةِ والخِيانَةِ

- ‌14 - باب مَنْ سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ

- ‌15 - باب فِي القَطْعِ في العارِيَةِ إِذا جُحِدَتْ

- ‌16 - باب فِي المَجْنُونِ يَسْرِقُ أَوْ يُصِيبُ حَدًّا

- ‌17 - باب فِي الغُلامِ يُصِيبُ الحَدَّ

- ‌18 - باب السّارِق يَسْرِقُ في الغَزْوِ أَيُقْطَعُ

- ‌19 - باب فِي قَطْعِ النَّبّاشِ

- ‌20 - باب فِي السّارِق يَسْرِقُ مِرارًا

- ‌21 - باب فِي السّارقِ تُعَلَّقُ يَدُهُ في عُنُقِهِ

- ‌22 - باب بَيْع المَمْلُوكِ إِذا سَرَقَ

- ‌23 - باب في الرَّجْمِ

- ‌24 - باب رَجْمِ ماعِزِ بْن مالِكٍ

- ‌25 - باب المَرْأَةِ التي أَمَرَ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِها مِنْ جُهَيْنَةَ

- ‌26 - باب فِي رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ

- ‌27 - باب فِي الرَّجُلِ يَزْني بِحَرِيمِهِ

- ‌28 - باب فِي الرَّجُل يَزْني بِجارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌29 - باب فِيمَنْ عمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌30 - باب فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌31 - باب إِذا أَقَرَّ الرَّجُلُ بالزِّنا وَلَمْ تُقِرَّ المَرْأَةُ

- ‌32 - باب فِي الرَّجُلِ يُصِيبُ مِن المَرْأَةِ دُونَ الجِماعِ فيَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ الإِمامُ

- ‌33 - باب فِي الأَمَةِ تَزْني وَلَمْ تُحْصَنْ

- ‌34 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ عَلَى المَرِيضِ

- ‌35 - باب فِي حَدِّ القَذْفِ

- ‌36 - باب الحَدِّ في الخَمْرِ

- ‌37 - باب إِذا تَتَابَعَ في شُرْبِ الخَمْرِ

- ‌38 - باب فِي إِقامَةِ الحَدِّ في المَسْجِدِ

- ‌39 - باب فِي التَّعْزِيرِ

- ‌40 - باب في ضَرْبِ الوَجْهِ في الحَدِّ

- ‌كتاب الديات

- ‌1 - باب النَّفْسِ بالنَّفْسِ

- ‌2 - باب لا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيرَةِ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ

- ‌3 - باب الإِمامِ يَأْمُرُ بِالعَفْوِ في الدَّمِ

- ‌4 - باب وَلِي العَمْدِ يَأْخُذُ الدِّيَةَ

- ‌5 - باب مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِ الدِّيَةِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ سَقَى رَجُلًا سَمًّا أَوْ أَطْعَمَهُ فَماتَ، أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌7 - باب مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ أَوْ مَثَّلَ بِهِ أَيُقادُ مِنْهُ

- ‌8 - باب القَسامَةِ

- ‌9 - باب في تَرْك القَوَدِ بِالقَسامَةِ

- ‌10 - باب يُقادُ مِنَ القاتِلِ

- ‌11 - باب أيُقادُ المُسْلِمُ بِالكافِرِ

- ‌12 - باب فِي مَنْ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ

- ‌13 - باب العامِلِ يُصابُ على يَدَيْهِ خَطَأ

- ‌14 - باب القَوَدِ بغَيْرِ حَدِيدٍ

- ‌15 - باب القَوَدِ مِنَ الضَّرْبَةِ وَقَصِّ الأَمِيرِ مِنْ نَفْسِهِ

- ‌16 - باب عَفْوِ النِّساءِ عَنِ الدَّمِ

- ‌17 - باب مَنْ قُتِلَ في عمِّيّا بَيْن قَوْمٍ

- ‌18 - باب الدّيَةِ كَمْ هي

- ‌19 - باب دِيَةِ الخَطَإِ شِبْهِ العَمْدِ

الفصل: ‌11 - باب أيقاد المسلم بالكافر

‌11 - باب أيُقادُ المُسْلِمُ بِالكافِرِ

؟

4530 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قالا: حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَخْبَرَنا سَعِيدُ بْنُ أَبي عَروبَةَ، عَنْ قَتادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبّادٍ قالَ: انْطَلَقْتُ أَنا والأَشْتَرُ إِلَى عَلي عليه السلام فَقُلْنا: هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النّاسِ عامَّةً؟ قالَ: لا، إِلَّا ما في كِتابي هذا. قالَ مُسَدَّدٌ: قالَ: فَأَخْرَجَ كِتابًا. وقالَ أَحْمَدُ: كِتابًا مِنْ قِرابِ سَيْفِهِ، فَإِذا فِيهِ:"المُؤْمِنُونَ تَكافَأُ دِماؤُهُمْ، وَهُمْ يَدٌ على مَنْ سِواهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْناهُمْ، أَلا لا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكافِرٍ، وَلا ذُو عَهْدٍ في عَهْدِهِ، مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ والمَلائِكَةِ والنّاسِ أَجْمَعِينَ"(1). قالَ مُسَدَّدٌ عَنِ ابن أَبي عَرُوبَةَ: فَأَخْرَجَ كِتابًا.

4531 -

حَدَّثَنا عُبَيْد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَلي، زادَ فِيهِ:"وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصاهُمْ وَيَرُدُّ مُشِدُّهُمْ على مُضْعِفِهِمْ وَمُتَسَرِّيهِمْ على قاعِدِهِمْ"(2).

* * *

باب إيقاد المسلم بالكافر

[4530]

(ثنا أحمد بن حنبل ومسدد قالا: ثنا يحيى بن سعيد) قال (ثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران، أحد الأعلام البصريين (عن قتادة،

(1) رواه النسائي 8/ 19، وأحمد 1/ 122.

قال الشيخ أحمد شاكر في "شرح المسند" 2/ 213 (993): إسناده صحيح.

وقال الألباني في "الإرواء" 7/ 267: رجاله ثقات رجال الشيخين.

(2)

تقدم برقم (2751). ورواه ابن الجارود في "المنتقى"(1073)، والبيهقي 8/ 29. وصححه الألباني في "الإرواء" (2208).

ص: 614

عن الحسن، عن قيس بن عباد) بضم المهملة، وتخفيف الموحدة، رضي الله عنه (قال: انطلقت أنا والأشتر) النخعي، من أمراء علي رضي الله عنه (إلى علي) بن أبي طالب رضي الله عنه (فقلنا) له (هل عهد إليك) أي: أوصاك (نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده) قال اللَّه تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ} (1)(إلى الناس عامة؟ ) العامة خلاف الخاصة (قال: لا، إلا ما في كتابي هذا. قال مسدد) في روايته (فأخرج كتابًا [وقال أحمد: كتابًا] (2) من قراب) بكسر القاف (سيفه) أي: وهو وعاء من جلد يدخل فيه السيف بغمده، وقيل: هو غمده الذي يوضع فيه.

والظاهر أن سبب اقتران الكتاب بالسيف الإشعار بأن مصالح الدين ليست بالسيف وحده، بل بالقتل بالسيف تارة وبالدية تارة وبالعفو أخرى (فإذا فيه: المؤمنون تتكافأ) بهمز آخره، أي: تتساوى (دماؤهم) في القصاص والديات، الشريف والمشروف، فيقتل السلطان بسائس الدواب وآحاد الرعية، والكفؤ المثل، قال اللَّه تعالى:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} (3).

(وهم يد) أي: يد واحدة (على من سواهم) أي: أنهم مجتمعون يدًا واحدة على غيرهم من أرباب الملل والأديان، فلا يسع أحدا منهم أن يتقاعد عن نصرة أخيه المسلم، بل يكونوا كعضو واحد إذا اشتكى بعضه تداعى له سائر الجسد (ويسعى بذمتهم) أي (4): بأمانهم

(1) يس: 60.

(2)

من المطبوع.

(3)

الإخلاص: 4.

(4)

ساقطة من (ل).

ص: 615

وعهدهم (أدناهم) أي: إن أدنى المسلمين إذا أعطى أحدًا أمانًا أو عهدًا كان على الباقين موافقته، وأن لا ينقضوا عهده، ولا ذمته (ألا لا يقتل مؤمن بكافر) فيه دليل على أن المسلم لا يقتل بالذمي (1) قصاصًا، وعليه مالك والشافعي وأحمد (2)، وذهبت الحنفية إلى أنه يقتل به (3)؛ لما روى عبد الرحمن بن البيلماني أن رجلًا من المسلمين قتل رجلًا من أهل الذمة، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقتله (4).

قال البيضاوي: إنه منقطع لا احتجاج به، ولأنه روي أن الكافر الذي في الحديث كان رسولًا فيكون مستأمنًا لا ذميًّا، والمستأمن لا يقتل به المسلم وفاقًا، ثم إن صح الحديث فهو منسوخ؛ لأنه روي أنه كان قبل الفتح وقال صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في خطبة خطبها على درجة البيت الشريف:"لا يقتل مؤمن بكافر"(5)(ولا ذو عهد) أي: ولا يقتل

(1) في (م): بالكافر. وفي هامشها: بالذمي.

(2)

انظر: "الذخيرة" للقرافي 12/ 320، "الحاوي الكبير" 12/ 11، "روضة الطالبين" 9/ 150، "المغني" لابن قدامة 11/ 465 - 466.

(3)

انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 5/ 157، "بدائع الصنائع" 7/ 237.

(4)

رواه أبو داود في "المراسيل"(250)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 408 (27460)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 195، والدارقطني 3/ 135، والبيهقي 8/ 56.

وقال الألباني في "الضعيفة"(460): منكر.

(5)

رواه أحمد 2/ 180، 215، وابن الجارود في "المنتقى"(1052)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 54، وفي "السنن الصغير" 3/ 210، والبغوي في "شرح السنة" 10/ 202 - 203 (2542) من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.

وصححه ابن خزيمة 4/ 26 (2280).

ص: 616

مشرك أعطي أمانًا وعهدًا حتى دخل دار الإسلام، فلا يقتل ما دام (1)(في عهده) وأمانه حتى يعود إلى مأمنه، وقيل: تقديره: ولا يقتل ذو عهد في عهده بكافر. ومعنى ذلك وبيانه أن له تأويلين مقتضى اختلاف المذهبين.

فأما من ذهب إلى أن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقا معاهدًا كان أو غير معاهد، وهو مذهب الشافعي (2) فإنه حمل اللفظ على ظاهره ولم يضمنه شيئًا، فقال:"لا يقتل مسلم بكافر" والكافر من خالف ملة الإسلام سواء كان مشركًا أو كتابيًّا معاهدًا أو غير معاهد. فأما قوله: "ولا ذو عهد في عهده" فمعناه عند الشافعي: نهي عن قتل المعاهد، قال: وفائدة ذكره هنا بعد قوله: "لا يقتل مسلم بكافر" لأنه لما نفى القود عن المسلم إذا قتل الكافر عقبه بقوله: "ولا ذو عهد في عهده" لئلا يتوهم متوهم أنه قد نفى عنه القود بقتله الكافر، فيظن أن المعاهد لو قتله كان حكمه كذلك (3)، فقال: ولا يقتل ذو عهد في عهده ويكون الكلام معطوفًا على ما قبله منتظمًا في سلكه من غير تقدير شيء، وأما من ذهب إلى أن المسلم يقتل بالذمي -وهو أبو حنيفة- فاحتاج إلى أن يضمر في الكلام شيئًا مقدرًا ويجعل فيه تقديمًا وتأخيرًا، فيكون التقدير: لا يقتل مسلم ولا ذو عهد في عهده بكافر. فكأنه قال: ولا يقتل مسلم ولا كافر بمعاهد بكافر قد يكون معاهدًا وغير معاهد.

(1) في (ل)، (م): أيام. والتصحيح من حاشية (ل).

(2)

انظر: "الحاوي الكبير" 12/ 11.

(3)

"الأم" ط. دار الوفاء 9/ 135.

ص: 617

(من أحدث حدثًا) بفتح الدال، والحدث الأمر الحادث، والمراد أن من أحدث في الدين أمرًا حادثًا ليس منه ولا على طريقته وشريعته (فعلى نفسه) أي: فهو مردود عليه، أي: يرجع وباله عليه لا على غيره، كما في الحديث:"من أحدث (1) في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"(2) أي: مردود عليه (ومن أحدث حدثا) قال ابن الأثير: الحدث: الجناية والجرم.

(أو آوى) بالمد، أي: ضم إليه (محدثًا) وهو الذي وقعت منه جناية وإثم، وحماه من أن يقتص منه ما وقع فيه (فعليه لعنة اللَّه) أي: إبعاده من رحمته، وأصل اللعن الطرد والإبعاد.

وقيل: اللعنة من العباد الطرد، ومن اللَّه تعالى العذاب (والملائكة والناس أجمعين) وأجاز الحسن رفع (الملائكة) و (الناس) و (أجمعون)، وتأويلها: أولئك جزاؤهم أن يلعنهم اللَّه ويلعنهم الملائكة ويلعنهم الناس أجمعون، كما تقول: كرهت قيام زيد وعمرو وخالد. فيعطف على المعنى لا على اللفظ.

قال ابن العربي: قال لي كثير من أشياخي: إن الكافر المعين لا يجوز لعنه؛ لأن حاله عند الوفاة لا يعلم، وقد شرط اللَّه في إطلاق اللعنة الموت على الكفر (3). وأما لعن العاصي مطلقًا فيجوز إجماعًا؛ لما في الحديث:"لعن اللَّه السارق يسرق البيضة"(4) فإن قيل: ليس

(1) في (ل)، (م): أخذ.

(2)

رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) من حديث عائشة.

(3)

"أحكام القرآن" 1/ 74.

(4)

رواه البخاري (6783، 6799)، ومسلم (1687) من حديث أبي هريرة.

ص: 618

يلعنهم جميع الناس، لأن (1) قومهم لا يلعنونهم.

فالجواب أن اللعنة من أكثر الناس يطلق عليها لعنة جميع الناس تغليبًا لحكم الأكثر على الأقل. وقال السدي: كل أحد يلعن الظالم، فإذا لعن الكافر الظالم فقد لعن نفسه (2).

(قال مسدد عن ابن أبي عروبة).

[4531]

(ثنا عبيد اللَّه) بالتصغير (ابن عمر) القواريري، حدت بمائة ألف حديث، قال (ثنا هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ذكر نحو حديث علي) بن أبي طالب.

و(زاد فيه: ويجير) أي: من استجاره، ويمنعه من الظلم (عليهم) من (أقصاهم) إلى أدناهم، والمراد أن المسلمين كعضو واحد ونفس منفردة، فإذا أعطى أحد منهم -ولو كان أدناهم- الأمان لحربي أو غيره نفَّذ غيره من المسلمين كبيرهم وصغيرهم أمانه، ولا يجوز لأحد منهم أن ينقض ذمته وعهده، ولو كان عبدًا أو أمة.

(ويرد مشدهم) بضم الميم، وكسر الشين المعجمة، وتشديد الدال، وهو الذي دوابُّه قوية شديدة (على مضعفهم) بضم الميم، وكسر العين، الذي دوابه ضعاف، يقال: هو ضعيف مضعف، فالضعف في بدنه والمضعف في دابته، [كما يقال: فلان قوي مقوى. فالقوي في نفسه،

(1) في (ل)، (م): لا.

(2)

ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" 2/ 174، ورواه بنحوه الطبري في "جامع البيان" 2/ 58.

ص: 619

والمقوى في دابته] (1) والظاهر أن الهمزة في أضعف وأقوى للصيرورة كما يقال: أحصد الزرع. أي: صار ذا سنبل يحصد، وألام إذا صار ذا فعل يلام عليه، وأصرم النخل صار ذا تمر يصلح للصرام (ومتسريهم) بفتح التاء، والسين، وتشديد الراء المكسورة، المتسري هو الذي خرج في السرية إلى قصد العدو، وهم طائفة من الجيش توجهوا إلى الغزو، والمعنى أنه يرد من مضى في السرية من سهمه الذي حصل له من الغنيمة (على قاعدهم) أي: القاعد منهم، فهذا من باب المواساة، كما أن الغني يواسي الفقير في الإقامة.

* * *

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

ص: 620