الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - باب فِي رَجْمِ اليَهُودِيَّيْنِ
4446 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ قالَ: قَرَأْتُ عَلَى مالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّهُ قالَ إِنَّ اليَهودَ جاءُوا إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَذَكُروا له أنَّ منْهُمْ وامْرَأَةً زَنَيا فَقالَ لَهُم رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ما تَجِدُونَ في التَّوْراةِ في شَأْنٍ الزِّنا؟ ". فَقالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ. فَقالَ عَبْدُ اللَّهِ بْن سَلامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيها الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بِالتَّوْراةِ فَنَشَرُوها، فَجَعَلَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، ثُمُّ جَعَلَ يَقْرَأُ ما قَبْلَها وَما بَعْدَها فَقالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْن سَلامٍ ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَها فَإِذا فِيها آيَة الرَّجْمِ، فَقالُوا صَدَقَ يا مُحَمَّدُ فِيها آيَة الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِما رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِما. قالَ عَبْدُ اللَّهِ بْن عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْني عَلَى المَرأَةِ يَقِيها الحِجارَةَ (1).
4447 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ الواحِدِ بْن زِيادٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُرَّةَ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: مَرُّوا عَلَى رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَهُودي قَدْ حُمِّمَ وَجْهُهُ وَهُوَ يُطافُ بِهِ فَناشَدَهمْ ما حَدُّ الزّاني في كِتابِهِمْ؟ قالَ: فَأَحالُوهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَنَشَدَهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "ما حَدُّ الزّاني في كِتابِكُمْ؟ ". فَقالَ: الرَّجْمُ ولكن ظَهَرَ الزِّنا في أَشْرافِنا فَكَرِهْنا أَنْ يُتْرَكَ الشَّرِيفُ وَيُقامَ عَلَى مَنْ دُونَهُ فَوَضَعْنا هذا عَنّا. فَأَمَرَ بِهِ رَسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَ، ثُمَّ قالَ:"اللَّهُمَّ إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيا ما أَماتُوا مِنْ كِتابِكَ"(2).
4448 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن العَلاءِ، حَدَّثَنا أَبو مُعاوِيةَ، عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ مُرَّةَ، عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ قالَ: مرَّ عَلَى رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُوديٍّ مُحَمَّمٍ مَجْلُودٍ، فَدَعاهُمْ فَقالَ:"هَكَذا تَجِدُونَ حَدَّ الزّانَي؟ ". فَقالُوا: نَعَمْ. فَدَعا رَجُلًا مِنْ عُلَمائِهِمْ قالَ لَهُ: "نَشَدْتُكَ باللَّهِ الذي أَنْزَلَ التَّوْراةَ عَلَى مُوسَى هَكَذا تَجِدُونَ
(1) رواه البخاري (1329)، ومسلم (1699).
(2)
رواه مسلم (1700).
حَدَّ الزّاني في كِتابِكُمْ؟ ". فَقالَ اللَّهمَّ لا وَلَوْلا أنَّكَ نَشَدْتَني بهذا لَمْ أُخْبِرْكَ، نَجِدُ حَدَّ الزّاني في كِتابِنا الرَّجْمَ، وَلَكِنَّهُ كَثُرَ في أَشْرافِنا فَكُنّا إِذا أَخَذْنا الرَّجُلَ الشَّرِيفَ تَرَكْناهُ وَإذا أَخَذْنا الرَّجُلَ الضَّعِيفَ أَقَمْنا عَلَيْهِ الحَدَّ، فَقُلْنا: تَعالَوْا فَنَجْتَمِعَ عَلَى شَيء نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ والوَضِيعِ، فاجْتَمَعْنا عَلَى التَّحْمِيمِ والجَلْدِ وَتَرَكْنا الرَّجْمَ. فَقالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إِنّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيا أَمْرَكَ إِذْ أَماتُوهُ".
فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فَأَنْزَلَ اللَّه عز وجل {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إِلَى قَوْلِهِ: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} في اليَهودِ إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} في اليَهُودِ إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} قالَ: هي في الكُفّارِ كُلُّها يَعْني هذِه الآيَةَ (1).
4449 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن سَعِيدٍ الهَمْداني، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، حَدَّثَني هِشامُ بْنُ سَعْدٍ؛ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ، عَنِ ابن عُمَرَ قالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ يَهُودَ فَدَعَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى القُفِّ فَأَتاهُمْ في بَيْتِ المِدْراسِ، فَقالوا يا أَبا القاسِمِ إِنَّ رَجُلًا مِنّا زَنَى بِامْرَأَةٍ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ فَوَضَعوِا لِرَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وِسادَةً فَجَلَسَ عَلَيْها ثمَّ قالَ:"ائْتُوني بِالتَّوْراةِ". فَأُتي بِها، نَزَعَ الوِسادَةَ مِنْ تَحْتِهِ فَوَضَعَ التَّوْراةَ عَلَيْها ثمَّ قالَ:"آمنْتُ بِكِ وَبِمَنْ أَنْزَلَكِ". ثُمَّ قالَ: "ائْتُوني بِأَعْلَمِكُمْ". فَأُتي بِفَتًى شابٍّ. ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ الرَّجْمِ نَحْوَ حَدِيثِ مالِكٍ عَنْ نافِعٍ (2).
4450 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري قالَ: حَدَّثَنا رَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، ح وَحَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنا يُونُسُ، قالَ: قالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتْ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ يَتَّبعُ العِلْمَ وَيَعِيهِ -ثمَّ اتَّفَقا- وَنَحْنُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ فَحَدَّثَنا عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ -وهذا حَدِيثُ
(1) رواه مسلم (1700).
(2)
حسنه الألباني في "الإرواء" 5/ 94.
مَعْمَرٍ، وَهوَ أَتَمُّ- قالَ: زَنَى رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ وامْرَأَةٌ فَقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنا إِلَى هذا النَّبي فَإِنَّهُ نَبي بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ، فَإِنْ أَفْتانا بِفُتْيا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْناها واحْتَجَجْنا بِها عِنْدَ اللَّهِ قُلْنا فُتْيا نَبي مِنْ أَنْبِيائِكَ، قالَ: فَأَتَوُا النَّبي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ جالِسٌ في المَسْجِدِ في أَصْحابِهِ فَقالوا يا أَبا القاسِمِ ما تَرى في رَجُلٍ وامْرَأَةٍ زَنَيا؟ فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى أَتَى بَيْتَ مِدْراسِهِمْ فَقامَ عَلَى البابِ فَقالَ: "أَنْشُدُكُمْ باللَّهِ الذي أَنْزَلَ التَّوْراةَ عَلَى مُوسَى ما تَجِدُونَ في التَّوْراةِ عَلَى مَنْ زَنَى إِذا أُحْصِنَ". قالوا يُجَمَّمُ وَيُجَبَّهُ وَيُجلَدُ - والتَّجْبِيَة أَنْ يُحْمَلَ الزّانِيانِ عَلَى حِمارٍ وَتُقابَلَ أَقْفِيَتُهُما وَيُطافَ بِهِما قالَ: وَسَكَتَ شابٌّ مِنْهُمْ فَلَمّا رَآهُ النَّبي صلى الله عليه وسلم سَكَتَ أَلظَّ بِهِ النِّشْدَةَ فَقالَ اللَّهمَّ إِذْ نَشَدْتَنا فَإنّا نَجِدُ في التَّوْراةِ الرَّجْمَ. فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "فَما أَوَّلُ ما ارْتَخَصْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ". قالَ: زَنَى ذُو قَرابَةٍ مَعَ مَلِكٍ مِنْ ملُوكِنا فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْمَ ثُمَّ زَنَى رَجُلٍ في أُسْرَةٍ مِنَ النّاسِ فَأَرادَ رَجْمَهُ فَحالَ قَوْمُهُ دُونَهُ وَقالُوا لا يُرْجَمُ صاحِبنا حَتَّى تَجَيءَ بِصاحِبِكَ فَتَرجُمَهُ فاصْطَلَحُوا عَلَى هذِه العقُوبَةِ بَيْنَهُمْ. فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "فَإنّي أَحْكُمُ بِما في التَّوْراةِ". فَأَمَرَ بِهِما فَرُجِما. قالَ الزُّهْري: فَبَلَغَنا أَنَّ هذِه الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ (1).
4451 -
حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبو الأَصْبَغِ الحَرّاني، قالَ: حَدَّثَني مُحَمَّدٌ -يَعْني ابن سَلَمَةَ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْري قالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: زَنَى رَجُلٌ وامْرَأَةٌ مِنَ اليَهُودِ وَقَدْ أُحْصِنا حِينَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَقَدْ كانَ الرَّجْم مَكْتُوبًا عَلَيْهِمْ في التَّوْراةِ فَتَرَكُوهُ وَأَخَذوا بِالتَّجْبِيَةِ يُضْرَبُ مِائَةً بِحَبْلٍ مَطْلي بِقارٍ وَيُحْمَل عَلَى حِمارٍ وَجْهُهُ مِمّا يَلي دُبُرَ الحِمارِ فاجْتَمَعَ أَحْبارٌ مِنْ أَحْبارِهِمْ فَبَعَثُوا قَوْمًا آخَرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) رواه عبد الرزاق (13330)، وقد سبق برقم (488) مختصرا.
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
فَقالوا: سَلُوهُ، عَنْ حَدِّ الزّاني. وَساقَ الحَدِيثَ قالَ: فِيهِ قالَ: وَلَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ دِينِهِ فَيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَخُيِّرَ في ذَلِكَ قالَ: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} (1).
4452 -
حَدَّثَنا يَحْيَى بْن موسَى البَلْخي، حَدَّثَنا أَبُو أُسامَةَ قالَ: مُجالِدٌ أَخْبَرَنا، عَنْ عامِرٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: جاءَتِ اليَهُودُ بِرَجُلٍ وامْرَأَةٍ مِنْهمْ زَنَيا، فَقالَ:"ائْتُوني بِأَعْلَمِ رَجُلَيْنِ مِنْكُمْ" فَأَتَوْهُ بِابْنَى صُورِيا، فَنَشَدَهما:"كَيْفَ تَجِدانِ أَمْرَ هَذَيْنِ في التَّوْراةِ". قالا: نَجِدُ في التَّوْراةِ إِذا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ في فَرْجِها مِثْلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ رُجِما. قالَ: "فَما يَمْنَعُكُما أَنْ تَرْجُمُوهُما؟ ". قالا: ذَهَبَ سُلْطانُنا فَكَرِهْنا القَتْلَ فَدَعا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّهُودِ، فَجاءُوا بِأَرْبَعةٍ فَشَهِدوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ في فَرْجِها مِثْلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ فَأَمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهِما (2).
4453 -
حَدَّثَنا وَهْبُ بْن بَقِيَّةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْراهِيمَ والشَّعْبي عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم نَحْوَهُ لَمْ يَذْكُرْ فَدَعا بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا (3).
4454 -
حَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنِ ابن شُبْرُمَةَ، عَنِ الشَّعْبي بِنَحْوٍ مِنْهُ (4).
4455 -
حَدَّثَنا إِبْراهِيم بْنُ حَسَنٍ المِصِّيصيُّ، حَدَّثَنا حَجّاجُ بْن مُحَمَّدٍ، قالَ: حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا الزُّبَيْرِ سَمِعَ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: رَجَمَ النَّبي صلى الله عليه وسلم رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ وامْرَأَةً زَنَيا (5).
(1) رواه البيهقي 8/ 247، وانظر الحديث رقم (4450).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".
(2)
رواه ابن ماجه (2328)، وأبو يعلى (2136)، والدارقطني 4/ 169.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
(3)
رواه ابن أبي شيبة (29423) عن الشعبي وحده مرسلا.
وقال الألباني في "صحيح أبي داود": صحيح لغيره.
(4)
انظر الحديث رقم (4453).
(5)
رواه مسلم (1701).
باب رجم اليهوديَّين
[4446]
(ثنا عبد اللَّه بن مسلمة، قال: قرأت على مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: إن اليهود جاؤوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلًا وامرأة منهم زنيا، فقال لهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما تجدون في التوراة في شأن الزنا؟ ) قال العلماء: هذا السؤال لهم ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم، وإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم، ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحي إليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم ولم يغيروه كما غيروا أشياء، أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم، ولهذا لم يخف عليه ذلك (1) حين أنكروه (فقالوا: نفضحهم) على رؤوس الناس كما سيأتي (ويجلدون) مبني للمفعول، أي: مئة جلدة.
(فقال عبد اللَّه بن سلام) بتخفيف اللام ابن الحارث، من بني قينقاع الإسرائيلي، من ولد يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وكان اسمه الحُصين، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد اللَّه، وهو أحد الأحبار (كذبتم، إن فيها الرجم) لا ما زعمتم يا معشر اليهود (فأتوا) بفتح الهمزة والتاء، أي: جاؤوا بها (بالتوراة) وهذِه أعظم محاجة أن يؤمروا بإحضار كتابهم الذي فيه شريعتهم، فإنه ليس فيه ما ادعوه، بل هو مصدق لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من الرجم، ويروى أنهم لم يتجاسروا أولًا على الإتيان بالتوراة لظهور افتضاحهم بإتيانها، بل بهتوا، وذلك لعادتهم في
(1) ساقطة من (م).
كثير من أحوالهم لما ألزموا بإتيانها أتوا بها على أن (1) يستروا ما يكذبهم منها، وفي استدعاء التوراة منهم وتلاوتها الحجة الواضحة على صدق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في نبوته، إذ كان أميًّا لم يقرأ الكتب ولا يعرف أخبار الأمم السالفة، ثم شرع يحاجهم ويستشهد عليهم بما في كتابهم، ولا يجدون من إنكاره محيصًا.
(فنشروها) أي: فتحوها وبسطوها (وقرؤوها، حتى إذا أتوا على آية الرجم فجعل أحدهم) يعني: الفتى الذي كان يقرأ، وهو عبد اللَّه بن صوريا (2).
(يضع يده على آية الرجم، ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد اللَّه بن سلام: ارفع يدك) فيه الاستعانة في كل أمر بمن هو خبير به، لقوله:"استعينوا على كل صنعة بصالح أهلها"(3) أو كما قال (فرفعها، فإذا فيها) أي: في التوراة في الموضع الذي كان تحت يده (الرجم، فقالوا: صدق) عبد اللَّه بن سلام.
(يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرجما) قد يحتج بهذا الحديث من يرى على الإمام إقامة الحد على الزناة من أهل الذمة، وهو قول أبي حنيفة (4)، وأحد قولي الشافعي (5)، وقال
(1) في (ل)، (م): أنهم.
(2)
وقد جاء مصرحًا باسمه في رواية البيهقي كما في "السنن الكبرى" 8/ 247.
(3)
قال أبو المحاسن الطرابلسي في "اللؤلؤ الموضوع"(42): لم يرد بهذا اللفظ.
(4)
انظر: "المبسوط" 9/ 57.
(5)
انظر: "الحاوي" 13/ 250.
مالك (1): لا يتعرض لهم الإمام ويردهم إلى أهل دينهم، إلا أن يظهر ذلك منهم بين المسلمين فيمنعوا من ذلك.
قال القرطبي: ولا حجة لمن خالف مالكًا في هذا الحديث؛ لأنهم حكموا النبي صلى الله عليه وسلم، فحكم بما خبره اللَّه تعالى فيه (2).
(قال عبد اللَّه بن عمر) بن الخطاب (فرأيت الرجل يحنو) قال القرطبي: حكي بعض مشايخنا [أن صوابها: يجنأ](3) بفتح الياء وسكون الجيم وهمزة، وحكاها عن أبي عبيد -أظنه: القاسم بن سلام (4) - قال: والذي رأيته في "الغريبين" للهروي: يُجنئ عليها. بياء مضمومة، وسكون الجيم، وكسر النون، وهمزة بعدها، قال: أي: يكب عليها يقال: أجنأ عليه يجنئ إذا أكب عليه يقيه شيئًا (5). ثم قال: وتحصل من حكاية أبي عبيد والجوهري أنه يقال: جنأ مهموزًا ثلاثيًّا ورباعيًّا (6).
قال: وقد وقع هذا اللفظ في "الموطأ": فرأيت الرجل يُجنئ على المرأة يقيها الحجارة (7). رويناه: يحنى. بياء مفتوحة وبحاء مهملة من
(1)"المدونة" 4/ 484، 508، وانظر:"الكافي" 2/ 1073.
(2)
"المفهم" 5/ 115.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"المفهم" 5/ 116.
(5)
"الغريبين في القرآن والحديث" ص 371، "المفهم" 5/ 116.
(6)
"المفهم" 5/ 117.
(7)
"الموطأ" 2/ 819.
الحنو (1). قال: وهو الصواب (2).
(على المرأة) ثم فسره أي: (يقيها الحجارة) وفيه دليل لوجوب حد الزنا على الكافر، وأنه يصح نكاحه؛ لأنه لا يجب الرجم إلا على محصن، فلو لم يصح نكاحه لم يثبت إحصانه ولم يرجم. وفيه أنَّ الكفار مخاطبون بفروع الشرائع.
[4448]
(ثنا محمد بن العلاء قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عبد اللَّه بن مرة) بضم الميم وتشديد الراء، روى له الجماعة.
(عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: مُرَّ)(3) بضم الميم مبني للمفعول.
(على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم) بضم الميم وفتح الحاء المهملة، أي: مسود وجهه، والحميم: الفحم، واحدته حميمة، وفي رواية لمسلم: نسود وجوههما ونخالف بين وجوههما ويطاف بهما (4).
(فدعاهم فقال: هكذا تجدون حد الزنا (5)؟ ! فقالوا: نعم. فدعا رجلًا من علمائهم، قال: نشدتك باللَّه) ولابن ماجه: "أنشدك باللَّه"(6)(الذي أنزل التوراة على موسى) لأنهم يعتقدون صحتها وتعظيمها، فيه تحليف
(1)"المفهم" 5/ 116.
(2)
السابق.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
"صحيح مسلم"(1699).
(5)
ساقطة من (م).
(6)
"سنن ابن ماجه"(2558).
الكافر بما يعتقد تعظيمه.
(أهكذا تجدون حد الزنا)(1) زاد أحمد: "في كتابكم"(2) ليس هذا استفهامًا حقيقيًّا ليصدقهم بما قالوا، بل ليقيم الحجة عليهم.
(فقال: اللهم لا) واللَّه (ولولا أنك نشدتني بهذا) القسم (لم أخبرك) بأننا نجد في كتابنا (نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر) الزنا (في أشرافنا) ورواية البزار والطبراني: وإنا كنا (3) قومًا شببة، وكان نساؤنا حسنة وجوهها، وإن ذلك كثر فينا، فلم نقم له (4).
(فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركلناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد) ولعل مثل هذا أن يقع في هذِه الأمة.
(فقلنا: تعالوا) قرأ الحسن وأبو السمال بضم اللام، ووجهه أن أصله: تعاليوا. كما تقول: تجادلوا، نقلت الضمة من الياء التي أصلها الواو إلى اللام قبلها بعد حذف فتحتها فبقيت الياء ساكنة، وواو الضمير ساكنة، فحذفت الياء؛ لالتقاء الساكنين، وهذا تعليل شذوذ (فيجتمع) بنصب العين جواب الأمر، رواية ابن ماجه: تعالوا حتى نجتمع (5). رواية أحمد: تعالوا حتى نجعل شيئًا (6).
(1) في (ل) بعدها: الزاني. وفوقها: نسخة، وفي (م): نسخة: الزاني.
(2)
"المسند" 4/ 286.
(3)
في (ل)، (م): ولكنا. وهو خطأ والمثبت من "المعجم الكبير".
(4)
"المعجم الكبير" 11/ 321 (11875) من حديث ابن عباس.
(5)
"سنن ابن ماجه"(2558) وفيه: تعالوا فلنجتمع.
(6)
"مسند أحمد" 4/ 286.
(على شيء نقيمه على الشريف) منا (والوضيع. فاجتمعنا على التحميم) وهو تسويد الوجه (والجلد، وتركنا الرجم) الذي فيه إزهاق النفس.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أول من أحيا أمرك) فيه فضيلة من أحيا حكمًا من أحكام اللَّه تعالى كان قد أميت وترك، أو سنة من سنن الشريعة قد اندرست (إذ أماتوه)[فيه التحذير من التسبب في تغيير حكم من أحكام الشريعة أو إبطاله والملازمة على تركه أو إهماله](1).
(فأمر به فرجم) استدل به الشافعي على أنَّ الكافر إذا وطئ في نكاح صحيح عندهم كان محصنًا؛ لأنه لم يرجمه إلا وهو محصن (2)، وقال النخعي والحسن البصري: لا يكونان محصنين حتى يجامعها في الإسلام (3). وهو قول مالك (4) والكوفيين (5)، قالوا: الإسلام من شروط الإحصان. قالوا: وإنما رجم اليهودي الزاني بحكم التوراة [حين سأل الأحبار عن ذلك، وربما كان ذلك بسبب تنفيذ (6) الحكم عليهم بكتابهم التوراة](7) وكان أول دخوله المدينة، ثم نسخ بعد ذلك حكمه، وبقي حكمه بالرجم.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(2)
"الأم" 5/ 709.
(3)
انظر: "الأوسط" 8/ 465.
(4)
"المدونة" 2/ 205، 209، وانظر:"الذخيرة" 10/ 226.
(5)
انظر: "المبسوط" 9/ 39، وانظر أيضًا:"الأوسط" 8/ 464.
(6)
كلمة غير واضحة في (ل).
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(فأنزل اللَّه: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ}) استدل به على أن الحديث سبب لنزول هذِه الآية، وهذا قول ابن عباس وجماعة، وفي الآية أقاويل كثيرة غير هذا، موضعها كتب التفسير ({لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ} أي: لا تهتم لمسارعة اليهود بإظهار ما يلوح منهم من آثار الكفر، ومسارعتهم في الكفر وقوعهم وتهافتهم فيه ({فِي}) إظهار ({الْكُفْرِ}) (إلى قوله تعالى:{إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا} ) إشارة إلى التحميم والجلد في الزنا اللذين اجتمعوا على فعله، والفاعل المحذوف في {أُوتِيتُمْ} هو الرسول أي: إن أتاكم الرسول بهذا ({فَخُذُوهُ}) واعلموا أنه الحق واعملوا به ({وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ}) أي: وإن أتاكم محمد بخلافه ({فَاحْذَرُوا}) وإياكم من قبوله، فهو الباطل، وقيل: فاحذروا أن تسألوه بعد هذا، والظاهر الأول؛ لأنه مقابل لقوله:{فَخُذُوهُ} فالمعنئ: وإن لم تؤتوه وأتاكم بغيره فاحذروا قبوله.
(إلى قوله جل ثناؤه: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ}) سياق الآية أنه خطاب لليهود، وفيهم أنزلت، وليس في الإسلام منها شيء، وذهب ابن مسعود (1) وغيره إلى أنها عامة في اليهود وغيرهم، ولكن كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، فظلم المسلم ليس مثل ظلم الكافر، وكذا كفره وفسقه، واحتجت الخوارج بهذِه الآية على أن كل من عصى فهو كافر، وقالوا: هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل اللَّه فهو كافر، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل اللَّه فوجب أن
(1) رواه عنه الطبري في "تفسيره" 6/ 257، والواحدي في "الوسيط" 2/ 192، وانظر:"زاد المسير" لابن الجوزي 1/ 552، و"تفسير القرطبي" 6/ 190.
يكون كافرًا، وأجيبوا بأنها نزلت في اليهود فتكون مختصة بهم كما في الحديث، وضُعِّف بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
(إلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}) نزلت (في اليهود) أيضًا، وناسب ذكر الظلم هنا للباء في القصاص، وعدم التسوية في القصاص، وإشارة إلى ما كانوا قروره من عدم التساوي بين بني النضير وبني قريظة بخلاف الآيات التي قبلها التي ذكر بعدها {الْكَافِرُونَ}؛ لأنها جاءت عقب قوله:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (1) ففي ذلك إشارة إلى أنه لا يحكم بجميعها، بل يخالف رأينا (2)؛ ولهذا جاء:{وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} فناسب ذكر الكافرين عقب ذلك (إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}) ناسب هنا ذكر الفسق؛ لأنه خروج من أمر اللَّه إذ تقدم قبله قوله (3): {وَلْيَحْكُمْ} وهو أمر كما قال: {اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (4) أي: خرج من طاعة أمره (5)(قال: هي في الكفار كلها) ليست في المسلمين منها شيء، قال القفال: هي لموصوف واحد، كما تقول: من أطاع اللَّه فهو المسلم، ومن أطاع اللَّه فهو المؤمن، ومن أطاع اللَّه فهو المتقي (يعني: هذِه الآية) في مؤمن واحد.
(1) المائدة: 44.
(2)
رسمت في (ل)، (م): رأسًا.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
الكهف: 50.
(5)
في (م): ربه.
[4449]
(ثنا أحمد بن سعيد الهمداني) بإسكان الميم، أبو جعفر المصري، قال النسائي: ليس بالقوي (1). (قال: ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب قال: حدثني هشام بن سعد) روى له مسلم، وهو مولى لآل أبي لهب بن عبد المطلب (أنَّ زيد (2) بن أسلم) الفقيه العمري (حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتى نفر من اليهود فدعوا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى القُفِّ) بضم القاف وتشديد الفاء: ما غلظ من الأرض في ارتفاع، وهو أيضًا: البناء حول فم البئر قاله الجوهري (3) وغيره، وقيل: واد من أودية المدينة عليه ماء.
(فأتاهم في بيت المدراس) بكسر الميم موضع الدرس والقراءة، اضطربت الرواية في هذا الحديث، ففي رواية البراء المتقدمة: أنه مر على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فدعاهم (4). وفي هذا الحديث: أنهم أتوا إليه فدعوه. وقال هنا: (أتاهم في بيت المدراس) وفي الحديث الذي بعده: أتوه وهو جالس في المسجد (5). وهي متقاربة في المعنى، ولا بعد في ذلك؛ لأنَّ ذلك كله حكاية عن قضية وقعت، فعبَّر كل واحد منهم بما تيسر له، والكل صحيح، فيجمع بين الروايات بأنه كان في المسجد أولًا وجاؤوا إليه وهو فيه، ثم بعد ذلك مشى معهم إلى بيت المدراس بعد أن سألوه عن ذلك على ما رواه ابن عمر.
(1) انظر: "المعجم المشتمل"(31)، "تهذيب الكمال" 1/ 314.
(2)
فوقها في (م): (ع).
(3)
"الصحاح" 4/ 1418.
(4)
الحديث السابق (4448).
(5)
الآتي (4450).
(فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلًا منا زنى بامرأة، فاحكم)(1) قال ابن عطية: الأمة مجمعة على أن حاكم المسلمين يحكم بينهم أي: إذا جاؤوا إليه في التظالم، وأما نوازل الأحكام التي لا تظالم فيها فهي التي يتخير فيها الحاكم (2).
(فوضعوا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وسادة) ليجلس عليها (فجلس عليها) فيه أن من أكرم بالوسادة لا يردها ولو كانت من كافر، وفي الحديث:"ثلاثة لا ترد: [الوسائد] (3) "(4)(ثم قال: ائتوا (5) بالتوراة) فيه الدليل على المطالبة بإقامة الحجج على الأحكام الشرعية (فأتي بها، فنزع الوسادة) قد يحتج به من لا يرى القيام بكتب اللَّه المنزلة [(من تحته فوضع التوراة عليها) فيه: تعظيم كتب اللَّه المنزلة](6).
(ثم قال: آمنت بك وبمن أنزلك) امتثالًا لأمر اللَّه تعالى في غير آية من الآيات الدالات على الإيمان باللَّه وملائكته وكتبه ورسله، لكن لمؤمن أهل الكتاب خصوصية، وذلك أنهم مؤمنون بما [في أيديهم](7)
(1) بعدها في (ل): بينهم. وفوقها: خـ.
(2)
"المحرر الوجيز" 4/ 451.
(3)
ساقطة من (م)، وموضعها في (ل) بياض، والمثبت من "سنن الترمذي".
(4)
رواه الترمذي (2790)، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" 12/ 88 (3173)، من حديث ابن عمر.
قال الحافظ في "الفتح" 5/ 209: إسناده حسن، إلا أنه ليس على شرط البخاري. وصححه الألباني في "الصحيحة"(619).
(5)
بعدها في (ل) وهامش (م): ائتوني، وفوقها: خـ.
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(7)
في (ل): بأيديهم.
مفصلًا، وأما غيرهم فإنما يحصل له الإيمان بما تقدم مجملًا كما جاء في "الصحيح":"لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بالذي أنزل إلينا، وأنزل إليكم"(1).
(ثم قال: ائتوني بأعلمكم) وفي الرواية الآتية: "ائتوني بأعلم رجلين منكم"(فأتي بفتى شاب) وفي رواية الطبراني: فأتي بشاب فصيح (2). كما سيأتي (ثم ذكر قصة الرجم) على (نحو حديث مالك، عن نافع).
[4450]
(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد اللَّه الذهلي شيخ البخاري (قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري قال: ثنا رجل من مزينة، وحدثنا أحمد بن صالح قال: ثنا عنبسة قال: ثنا يونس قال محمد بن مسلم: ) الزهري (سمعت رجلًا من مزينة ممن يتبع العلم) أي: أهل العلم فيحفظه (ويعيه) سبق في الأقضية في باب: كيف يحلف الذمي (3).
(ثم اتفقا و) قال كل منهما: (نحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه وهذا حديث معمر، وهو أتم، قال: زنى رجل من اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا (4) النبي) الذي بعث (فإنه نبي (5) بعث بالتخفيف) والتيسير؛ لقوله: "يسروا ولا تعسروا"(6).
(1) رواه البخاري (7362) من حديث أبي هريرة.
(2)
"المعجم الكبير" 11/ 321 (11875).
(3)
(3624، 3625).
(4)
ساقطة من (م).
(5)
ساقطة من (م).
(6)
رواه البخاري (69)، ومسلم (1734) من حديث أنس.
(فإن أفتانا بفتيا) يقال: فتوى وفتيا بالضم في الأولى، والفتح في الثانية (دون الرجم) الذي فيه إزهاق النفس (قبلناها واحتججنا بها عند اللَّه) فيه ذم من كانت بينه وبين شخص خصومة في مالٍ أو دم وذهب إلى العالم ليسأله؛ لعل أن يكون عنده حيلة يبطل بها حق من بينه وبينه الخصومة، فإن دله على حيلة أخذ منه فتواه بذلك؛ ليدفع بها خصمه عند الحاكم إذا ادعى عليه، ويقول: هذِه فتيا فلان العالم. كما في الحديث (قلنا: ) هذِه (فتيا (1) نبي من أنبيائك) الذي أرسلته إلينا.
(قال: فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد) فيه فضيلة ملازمة المساجد وكثرة الجلوس فيها والتردد إليها، وفيه الجلوس في المسجد للإفتاء والتعليم، وأما القضاء في المسجد فقال بعض أصحابنا: لا يكره الجلوس في المسجد له، كما لا يكره للإفتاء والتعليم. والصحيح أنه يكره اتخاذه مجلسًا للحكم؛ لأنه ينزه عن رفع الأصوات وحضور الحيَّض والكفار والمجانين.
(في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم) فيه جواز دخول الكفار المسجد إذا أذن له (ما ترى في رجل وامرأة) منهم (زنيا؟ فلم يكلمهم كلمة) في المسجد (حتى أتى بيت مدراسهم) بكسر الميم كما تقدم (فقام على الباب) ولم يدخل (فقال: أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين، أي: أسألكم (باللَّه الذي أنزل التوراة على موسى) وفي رواية أبي بكر عبد اللَّه بن الزبير الحميدي في "مسنده": "أنشدكم بالذي فلق البحر لبني
(1) ساقطة من (م)، (ل).
إسرائيل، وظلل علكيم الغمام، وأنجاكم من آل فرعون، وأنزل المن والسلوى على بني إسرائيل" (1)(ما تجدون في التوراة على من زنى إذا أحصن؟ ) بضم الهمزة وكسر الصاد، وبفتح الهمزة والصاد قراءتان، وهي قراءة أكثر القراء السبعة في قوله تعالى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ} (2) وفيه دلالة لمذهب الشافعي على الإحصان في الكفر خلافًا للمالكية كما تقدم.
(قالوا: يحمم) بضم الياء (ويجبه) بفتح الجيم وتشديد الباء المكسورة (ويجلد) بكسر اللام (والتجبيه أن يحمل الزانيان على حمار ويقابل) بضم الياء المثناة تحت أوله وفتح الموحدة قبل اللام (أقفيتهما) يوضحه رواية مسلم: ويخالف بين وجوههما (3).
(ويطاف بهما) وهيئة هذا الفعل إنما كان مما اخترعه اليهود وابتدعوه وجعلوه عوضًا عن حكم الرجم، وذلك لم يقل به أحد في أهل الإسلام في الزنا، وإنما عمل به بعض أهل العلم في شاهد الزور، فرأى أن يسود وجهه ويجلد ويحلق رأسه ويطاف به.
قال القرطبي: وروي ذلك عن عمر بن الخطاب (4)، وقد روي ذلك عن بعض قضاة البصرة، ولم يره مالك رحمه الله (5).
(قال: وسكت شاب منهم، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم) قد (سكت ألظَّ) بفتح
(1)"مسند الحميدي" 2/ 352 (1331).
(2)
انظر: "الحجة للقراء السبعة" 3/ 151.
(3)
"صحيح مسلم"(1699).
(4)
رواه عبد الرزاق 8/ 327 (15394)، وابن أبي شيبة 14/ 510 (29306).
(5)
"المفهم" 5/ 115.
الهمزة واللام وبالظاء المعجمة المشددة، أي: ألزمه القسم وألح عليه، ومنه الحديث:"ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام"(1) أي: الزموه وأكثروا من قوله، يقال: هو ملظ بفلان. أي: لا يفارقه. وقيل: الإلظاظ: الإلحاح (به النشدة) بكسر النون وسكون الشين المعجمة، أي: السؤال، من نشدته باللَّه أنشده إذا سألته باللَّه، كأنك ذكرته باللَّه ليرجع إليه، والنشدة بالكسر يراد به الهيئة التي أنشده عليها، فإن فِعلة يستعمل للهيئة والحال، بخلاف فَعلة بفتح الفاء، فإنه يراد بها المرة الواحدة. قال أبو حيان: فإن كان المصدر قد وضع على فِعلة بكسر الفاء، نحو: نشدتُ الضالة نشدة، بكسر النون إذا طلبتها، فإن فِعلة لا تدل على الهيئة منه بفعلة، بل يفهم ذلك من قرينة حال أو من نعت ينعت به.
(فقال: اللهم إذ نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم) فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمي لا يقرأ أخبار الأمم المتقدمة، ومع ذلك حاجهم على ما في كتابهم واعترفوا بما أخبر به.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فما أول ما ارتخصتم) بفتح الخاء المعجمة وإسكان الصاد المهملة (به) افتعلتم، من الرخصة، بمعنى: اتخذها، نحو: استوى: اتخذ سواء، ومنه: اطبخ واذبح واكتال واتزن، و (ما) الداخلة
(1) رواه الترمذي (3525)، والبزار في "البحر الزخار" 13/ 180 (6625)، وأبو يعلى في "المسند" 6/ 445 (3833)، والطبراني في "الدعاء"(93 - 94) من حديث أنس.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(1250)، وفي الباب عن ربيعة بن عامر.
على (ارتخصتم) يحتمل أن تكون زمانية أي: ما أول زمان اتخذتم فيه هذِه الرخصة التي تركتم فيها (أمر اللَّه تعالى قال: زنى ذو قرابة من ملك من ملوكنا فأخر) بفتح الهمزة والخاء الملك (عنه) أي: عن قرابته (الرجم، ثم زنى رجل في أسرة) بضم الهمزة، وسكون السين المهملة.
(من الناس) ليس له قرابة من الملك. قال ابن الأثير: أسرة الرجل: قومه الذي يتقوى بهم، من الأسر، وهو القوة (1). قال المبرد: الأسر: القوى كلها، وأصله عند العرب القد الذي يشد به الأقتاب. يقال: شد اللَّه أسيرة فلان أي: قوته، قال اللَّه تعالى:{وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} (2)(فأراد رجمه) لعدم قرابته منه (فحال قومه) الذين يتقوى بهم (دونه (3)، وقالوا: لا يرجم (4) صاحبنا حتى تجيء بصاحبك فترجمه، فاصلحوا على (5) هذِه العقوبة (6) بينهم) وهي: التحميم والتجبيه.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أحكم بما في التوراة) فيه دليل لما ذهب إليه مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بالرجم عملًا بالتوراة (7)(فأمر بهما فرجما) فيه أن الصلح الذي أحل حرامًا أو حرم حلالًا غير جائز، ولهذا أبطل النبي صلى الله عليه وسلم ما كانوا اصطلحوا، فأمر بهما فرجما الذكر والأنثى، فيه
(1)"جامع الأصول" 3/ 545.
(2)
الإنسان: 28.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
بعدها في (ل)، (م): لا ترجم، ولعله يعني أنها نسخة.
(5)
ساقطة من (م).
(6)
بعدها في (ل)، (م): فاصطلحوا على هذِه العقوبة، ولعله يعني أنها نسخة.
(7)
انظر: "الذخيرة" 12/ 71.
دليل على رجم الفاعل والمفعول.
(قال الزهري: فبلغنا أن هذِه الآية أنزلت (1) فيهم: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ} ) قال قتادة: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لما نزلت هذِه الآية: "نحن اليوم نحكم على اليهود، وعلى من سواهم من أهل الأديان"(2). وفي الآية ترغيب لليهود أن يكونوا كمتقدمتهم من مسلمي أحبارهم، وتنبيه للمنكرين لوجوب الرجم.
({فِيهَا هُدًى وَنُور}) قال جماعة: الهدى والنور سواء وكرر للتأكيد. وقال قوم: ليسا سواء، فالهدى محمول على بيان الأحكام، والنور بيان التوحيد والنبوة والمعاد ({يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ}) ظاهر قوله:({النَّبِيُّونَ}) الجمع. قالوا: وهم من لدن موسى إلى عيسى. وقال الحسن والسدي: هو محمد صلى الله عليه وسلم (3)، وذلك حين حكم على اليهود بالرجم، وذكره بلفظ الجمع كقوله تعالى:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ} (4)({الَّذِينَ أَسْلَمُوا}) ونبه بهذا الوصف على أن اليهود والنصارى بعداء من هذا الوصف الذي هو الإسلام، وإن كان دين الأنبياء كلهم قديمًا وحديثًا (كان النبي صلى الله عليه وسلم منهم) من هذِه الأنبياء الذين أسلموا.
(1) بعدها في (ل)، (م): نزلت. وفوقها (ح).
(2)
رواه الحارث بن أبي أسامة في "المسند" كما في "بغية الباحث"(709)، وكما في "إتحاف الخيرة المهرة" 6/ 205 (5687)، وكما في "المطالب العالية" 14/ 613 (2588)، والطبري في "جامع البيان" 8/ 450 (12012).
(3)
انظر: "تفسير الطبري" 8/ 449، 451.
(4)
النساء: 54.
[4451]
(ثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبع)(1) بالعين المهملة (الحراني) ثقة، توفي سنة (235) (قال: حدثني [محمد بن](2) سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: سمعت رجلًا من مزينة يحدث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: زنى رجل وامرأة من اليهود وقد أحصنا) بفتح الهمزة والصاد أي: وطئا في عقد صحيح عندهم.
(حين قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان الرجم مكتوبًا عليهم في التوراة فتركوه) لما تقدم (وأخذوا بالتجبية) يحتمل أن يكون أصله الهمز كما قال الخطابي (3)، من جبأته عن الأمر كععت، فانجبأ أي: كع عنه وانزجر، والتجبيه أن (يضرب مئة) ضربة (بحبل مطلي) أصله مطلوي، فالتقى الواو والياء في كلمة واحدة وسبقت إحداهما سكونًا عند عارض، فقلبت الواو ياءً، وأدغمت إحداهما في الأخرى، كما في هين وميت، الأصل: هيون وميوت (بقار) نوع من الزفت، قيل: هو القطران.
(ويحمل على حمار، ووجهه مما يلي دبر الحمار) تقدم أنَّ هذا مما اخترعته اليهود فيما بينهم (فاجتمع أحبار من أحبارهم) أي: علماء من علمائهم.
(فبعثوا قومًا آخرين) منهم (إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا: سلوه) واسألوه لغتان، والثانية هي الأصل (عن حد الزنا، وساق الحديث) المتقدم، وزاد
(1) في مصادر ترجمته: (الأصبغ) بالغين المعجمة.
(2)
ساقطة من الأصول، والمثبت من "سنن أبي داود".
(3)
"معالم السنن" 3/ 282.
فيه (قال فيه: وقال: ولم يكونوا من أهل دينه، فيحكم) بشريعته (بينهم، فخير في ذلك، وقال: {فَإِنْ جَاءُوكَ} أي: يتحاكمون إليك ({فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}){وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ} ، {فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} أي: فلا عليك أن لا تحكم بينهم؛ لأنهم لا يقصدون بتحاكمهم إليك اتباع الحق، بل ما وافق هواهم. قال ابن عباس وجماعة: هي منسوخة بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (1).
[4452]
(ثنا يحيى بن موسى البلخي) السختياني شيخ البخاري (قال: ثنا أبو أسامة، أنا مجالد) بن سعيد الهمداني (عن عامر) الشعبي (عن جابر بن عبد اللَّه قال: جاءت اليهود برجل منهم وامرأة زنيا) ذكر الطبري وغيره أنَّ الزانيين كانا من فدك وخيبر، وكانوا حربًا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واسم المرأة الزانية: بسرة، وكانوا بعثوا إلى يهود المدينة ليسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: سلوا. وكذا رواه أبو بكر عبد اللَّه بن الزبير الحميدي في "مسنده" عن جابر بن عبد اللَّه، ثم قالوا: سلوا محمدًا عن ذلك، فإن أمركم بالجلد فخذوا عنه، وإن أمركم بالرجم فلا تأخذوه عنه.
فسألوه (2)(فقال: ائتوني بأعلم رجلين منكم) فيه أن البلد إذا تعدد فيها المفتون (3) يسأل أعلمهم وأكثرهم صلاحًا وزهدًا.
(1) انظر: "تفسير البغوي" 3/ 59.
(2)
"المسند" 2/ 352 (1331).
(3)
في (ل): المفتيين. وفي (م): المفتيون. وهما خطأ، والصواب لغة ما أثبتناه.
(فأتوه بابن صوريا) رواية الحميدي: فجاؤوا برجل أعور يقال له: ابن صوريا (1). وفي رواية الطبراني عن ابن عباس: فأتوه برجلين أحدهما شاب فصيح والآخر شيخ قد سقط حاجباه على عينيه حتى يرفعهما بعصابة (2). (فنشدهما كيف يجدان أمر هذين في التوراة؟ ) رواية البزار: في توراة اللَّه تعالى (3).
(قالا: نجد في التوراة: إذا شهد أربعة) أي: أربعة رجال (أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة) كذا رواه البزار من طريق مجالد أيضًا (4)، وصححهما ابن عدي (رجما) رواية البزار: رجموه (5).
(قال: "فما يمنعكما أن ترجموهما؟ ". قالا: ذهب سلطاننا، فكرهنا القتل) لئلا تذهب قوتنا (فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالشهود) الأربعة (فجاؤوا أربعة فشهدوا أنهم رأوا ذكره في فرجها مثل الميل في المكحلة) بضم الميم والحاء، فيه دلالة لما قاله أصحابنا وغيرهم: إنه يشترط في شهود الزنا أن يذكروا مفسرًا، فيقولون: رأيناه أدخل ذكره أو قدر الحشفة في فرج فلانة على سبيل الزنا. ولا يكفي إطلاق الزنا، فقد يظنون المفاخذة زنا، وقد تكون الموطوءة جارية ابنه أو مشتركة بينه وبين غيره، بخلاف ما لو ادعت وطء شبهة وطلبت المهر، فإنه يكفي
(1) السابق.
(2)
"المعجم الكبير" 11/ 321 (11875).
(3)
"كشف الأستار" 2/ 219 (1558).
(4)
السابق.
(5)
"كشف الأستار" 2/ 219 (1558).
شهادتهم على الوطء، ولا يشترط قولهم: رأينا ذاك منه في ذاك منها؛ لأن المقصود هنا المال. وقد وقع في كلام الغزالي وغيره أنَّ الشاهد يقول: رأينا ذكره في فرجها كالميل في المكحلة (1). لهذا الحديث، وهذا التشبيه زيادة بيان وليس بشرط، صرح به القاضي أبو سعيد، كما نقله الرافعي (2) والنووي (3) وأقراه على ذلك.
(فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برجمهما) فيه أنه يجب على المرأة المحصنة الرجم، كما يجب على الرجل.
[4453]
(ثنا وهب بن بقية، عن هشيم) بن بشير، حافظ بغداد، متفق عليه (عن المغيرة) بن مسلم القسملي، صالح الحديث صدوق (عن إبراهيم) النخعي (والشعبي، عن النبي صلى الله عليه وسلم) مرسلًا؛ إذ لم يذكرا جابرًا (نحوه) و (لم يذكر) فيه (فدعا بالشهود فشهدوا).
[4454]
(ثنا وهب بن بقية، عن هشيم، عن ابن شبرمة، عن الشعبي بنحو منه).
* * *
(1) انظر: "الحاوي" 17/ 62.
(2)
"الشرح الكبير" 13/ 47.
(3)
"الروضة" 11/ 253.